بعد خطاب الظواهري.. تنظيم " القاعدة" يُعلن الحرب على "داعش"
الأربعاء 16/سبتمبر/2015 - 11:40 ص
طباعة
عاد تنظيم القاعدة إلى الوجود في العراق، عقب سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على النفوذ في بلاد الرافدين، وجاء هجوم زعيم القاعدة أيمن الظواهري، على "داعش" وزعيمه أبو بكر البغدادي الذي اعتبره أنه "غير أهل للخلافة"، ليشير إلى مدى الصراع على مناطق النفوذ في العراق وسوريا، والتي أصبحت مناطق حرب بين الجانبين.
تنظيم الجهاد في بلاد الرافدين
وذكرت تقارير إعلامية إلى أن عن تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، عاد إلى الظهور مرة أخرى، عبر نشر بيانات إعلامية وتوزيعها في مناطق نفوذ "داعش"، يدعو إلى "تصحيح المنهج الجهادي في العراق وتنقيته ورفع الظلم عن أهل السنة والجماعة في البلاد"، وفقاً لما جاء في المنشورات.
وتضمنت منشورات "تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، التي وزعت على العراق، دعوات لإصلاح العمل الجهادي في العراق وترك تكفير عوام المسلمين والغلو في استباحة الدماء والتوسع بها، في إشارة إلى تنظيم "داعش".
كما دعت المنشورات إلى "الرحمة التي ما دخلت في شيء إلا زانته في التعامل مع السُّنة والأكراد وأهل الكتاب غير أولي الحرب" فضلاً عن الدعوة إلى "ترك الفصائل السنية المسلحة لحالها وعدم إجبارها على بيعة الإكراه".
وفي أول هجوم على "داعش"، اعتبر تنظيم القاعدة في المنشورات التي بدت نسخة متطابقة مما عثر عليه في الأنبار ومناطق في صلاح الدين، أنه "لولا فتح الجبهات وسوء التقدير وحصر الجهاد بفئة من دون أخرى وتكفير المعارضين من أهل التوحيد لما هاجر أهل السُّنة من ديارهم يسكنون بين ظهراني بلاد الكفار والفجار والمشركين في الخيام، وهو ما لا يرضاه الله ولا رسوله".
وتجنبت المنشورات ذكر اسم "داعش" صراحة، لكنها أشارت إليه من خلال الأفعال وما وصفتها بـ"الأخطاء".
وبحسب مضمون المنشورات، فإنّ "تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ماضٍ على نهجه براية جهاد ناصعة بيضاء، وإن الأمر منه ما سترونه لا ما ستسمعونه من عمليات تقض مضاجع الخونة والمرتدين والصليبيين".
ومن غير المعلوم ما إذا كان بيان تنظيم القاعدة، الذي وزع عبر المنشورات، تقف خلفه مجموعة من القيادات أو العناصر السابقة في تنظيم القاعدة، والتي تحتل مناصب حالياً في "داعش". ويشغل من يعرفون بـ"الجيل الثاني لتنظيم القاعدة" مناصب مهمة في الهيكل العام في تنظيم "داعش"، وغالبيتهم من القيادات العسكرية.
كما أنه من غير الواضح ما إذا كان من رفضوا تسمية إبراهيم عود البدري السامرائي، المعروف بأبو بكر البغدادي زعيماً لـ"داعش" في منتصف عام 2010 خلفاً لأميرها السابق أبو عمر البغدادي (الشيخ حامد الزاوي)، هم من يقفون خلف المنشورات. ويقدر عدد هؤلاء بالعشرات، وكانوا قد فضلوا الانفصال عن التنظيم. ويعتقد أنهم ظلوا عبارة عن خلايا نائمة تنتشر في مناطق عدة وتنفذ هجمات نوعية ضد أهداف محددة، وقسم منهم انضم إلى فصائل أخرى كجيش المجاهدين وجيش النقشبندية وكتائب صورة العشرين وغيرها.
الصراع بين القاعدة و"داعش"
الخلافات بين القاعدة في العراق وشتى التنظيمات الأخرى لها خلفية تاريخية بعيدة عن الصراع في سوريا، فهي تعود إلى العام 2004 بعد انضمام أبي مصعب الزرقاوي إلى تنظيم القاعدة ومبايعته أسامة بن لادن، وهو رجل صاحب خط غير متسق مع سياسة القاعدة كلية، حيث أضفى الزرقاوي على المشهد القاعدي في العراق تشددًا وتصلبًا، وكان ذلك محل خلاف مع قيادة التنظيم الأم.
بعد مقتل الزرقاوي، بقيت الدولة الإسلامية معها حالة عدم الرضا من قيادة التنظيم المركزية بزعامة أسامة بن لادن على توجهات التنظيم في العراق، إلا أن حيلة التنظيم المركزي كانت قليلة في توجيه أتباع الزرقاوي الجدد، وظل هذا الخلاف مكتومًا إلى أن تم تسليح الثورة السورية.
وعقب إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، انفصاله عن التنظيم الأم تنظيم القاعدة، في نهاية 2011 عندما أجبر أبو بكر البغدادي، الجناح الرسمي للقاعدة في سورية ممثلاً بجبهة النصرة على مبايعته والانضمام إليه أو القتال، قبل أن تدور معارك مستمرة بين الطرفين.
وبعد الانتصارات السريعة التي حققها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي عُرف إعلاميًا بعد ذلك بداعش، أغرت العديد من الجماعات الجهادية حول العالم في الأقطارالمختلفة حتى أعلنت البيعة للبغدادي وخلعت عباءة الظواهري والقاعدة، تصاعد هذا الأمر عقب إعلان دولة الخلافة المزعومة في الرقة السورية والموصل العراقية، مع قدرات تسويقية هائلة لتنظيم الدولة نجحت في دعوة العديد من الجماعات الجهادية إلى اللحاق بركاب البغدادي إما بتصدير المقاتلين أو بإنشاء فرع لتنظيم الدولة في كل قطر كما حدث في مصر وليبيا ونيجيريا على سبيل المثال لا الحصر.
المبيعات أدت إلى تطور الخلاف بين التنظيمين أكثر عمقاً في عام 2014 عندما هاجم تنظيم "داعش" الظواهري وباتت المعارك بين الطرفين أكثر وضوحاً.
وتبرز أهم الخلافات بين التنظيمين في أمور شرعية، أهمها إنكار القاعدة خلافة البغدادي ومشروعه في العراق وسوريا، فضلاً عن فقه الحرب، بما في ذلك إنكار تنظيم القاعدة على "داعش" تعريض "عوام المسلمين للخطر من خلال التمترس بهم في الحروب والتوسع في الدماء المعصومة، وقتل المخالفين وتعطيل الأحكام". ويضاف إلى ذلك مآخذ شرعية أخرى، لكن يقول "داعش": إن الأحكام تتطور مع تطورات الموقف على الأرض.
كما بايعت جماعات زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، في مناطق نفوذ "القاعدة" أو جماعات انشقت عن أيمن الظواهري، وبايعت البغدادي، وهو ما هدد نفوذ "القاعدة في مناطق كثيرة منها المغرب العربي والتي تشهد صراعًا بين التنظيمين، مع إعلان تنظيم "جند الخلافة" الخروج عن طاعة زعيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" عبد المالك دروكدال واتهامه بالتقاعس عما يعتبرونه "جهاداً"، واتهامه أيضاً بالخروج عن الخط والانحراف، وصولاً إلى مبايعة "جند الخلافة" لتنظيم "داعش" وزعيمه أبو بكر البغدادي. وظهر هذا الصراع أيضاً من خلال سعي "جند الخلافة" إلى استمالة مجموعات وكتائب صغيرة كانت تنشط ضمن "القاعدة"، بينها مجموعة سكيكدة شرقي الجزائر التي أعلنت قبل أسبوعين مبايعتها تنظيم "داعش".
كما أن هناك صراع نفوذ في أفغانستان وباكستان ودول القوقاز وإفريقيا، وهو صراع نفوذ يمثل تهديدًا لتنظيم القاعدة، والتي أصبحت تغير من أساليبها للبقاء أمام سطوة "داعش".
مستقبل الصراع
يبدو أن الصراع سوف يشتعل بين التنظيمين الأكثر تشددًا والأكثر تنظيمًا ونفوذًا في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، مع توقف تمدد "داعش"، وتصاعد العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة، فيما أصبح الترويج لجبهة النصرة "فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام" كمعارضة معتدلة لمحاربة "داعش" وهو ما يشير إلى أن لقاء الإعلامي بقناة الجزيرة أحمد منصور مع أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، ثم اقتراح ضم "جبهة النصرة" إلى التحالف الدولي لمحاربة الدولة الإسلامية باعتبارها من المعارضة المعتدلة، ثم هجوم الظواهري، ليؤشر إلى دور جديد لتنظيم القاعدة وفروعها عبر محاربة "داعش" كهدف أولي وتغيير استراتيجيتها رغم دعوات زعيم التنظيم لتنفيذ هجمات ضد أمريكا، فهل باتت القاعدة ذراعًا أمريكية لمحاربة "داعش"؟