جبهة " مورو" الإسلامية.. التحرر الوطني على الطريقة الإخوانية
الأحد 18/أكتوبر/2015 - 10:53 م
طباعة
مصطفى أمين
تمثل جبهة تحرير مورو الإسلامية الامتداد الإخواني في الفلبين الذي دعا إلى تحرير شعب مورو المسلم على يد الشيخ سلامات هاشم، التي اعتبرها مؤسسة دعوية، تربوية، جهادية، إصلاحية، فكرية، سياسية، أسست لتكون ممثلة لفكرة الحركة الإسلامية العالمية وهو ما دفع منظمة المؤتمر الإسلامي للاعتراف بها كممثل لمسلمي الفلبين باعتبارها امتدادًا للأيديولوجية الديمقراطية الإسلامية .
النشأة
" مورو" هو الاسم الذي أطلقه المحتلون الإسبان على مسلمي الفلبين الذين ظلوا منذ ذلك الحين يستخدمونه للتعريف بأنفسهم، وكان تركزهم الأساسي في جنوب الفلبين وتحديدا في جزر ميندناو وسولو، وقد ساعد الاحتلال الإسباني في عملية الانحسار التدريجي للحكم الإسلامي هناك ، وعندما قام الاستعمار الأمريكي بضم الجنوب المسلم إلى الشمال قبل أن يمنح الفلبين استقلالها عام 1946م قامت الحكومة الفلبينية بتوطين الآلاف من المسيحيين في الجنوب؛ ما أدى إلى تحول المسلمين فيه إلى أقلية تمثل حوالي 20% من السكان بعد أن كانوا يمثلون 98% في بداية القرن العشرين، هذا بالإضافة إلى فقدان عدد كبير من المسلمين لأراضيهم نتيجة لقانون صدر عام 1936 تملكت الدولة بموجبه أراضي المسلمين ثم وزعتها على المستوطنين، وهكذا بعد أن كان المسلمون يمتلكون كل أراضي ميندناو أصبحوا اليوم ينتشرون على 17% فقط من أراضي أجدادهم ولم تكتفِ الحكومة بذلك بل ساعدت على تكوين المستوطنين المسيحيين في الجنوب تنظيمات مسلحة بدأت باستهداف المسلمين؛ ويمكن اعتبار عام 1962م بداية النواة الأولى لجبهة تحرير مورو
عندما بدأ عدد من الطلاب المسلمين من مسلمي إقليم مورو بالفلبين في التحرك المنظم أثناء دراستهم في الخارج وتحديدا في جامع وجامعة الأزهر وبعض الجامعات والمعاهد الإسلامية في الشرق الأوسط ولكن البداية المنظمة كانت في عام 1968م عندما تم تأسيس المقاومة الموروية للمطالبة باستقلال شعب مورو عن الفلبين
كانت جبهة تحرير مورو الإسلامية في البداية جزء من تيارًا وطنيًّا كان يهدف الى تحرير الإقليم وكان التيار ذ و التوجه الإسلامي برئاسة سلامات هاشم خريج كلية أصول الدين بجامعة الأزهر وكان يتكون من 3 توجهات رئيسية :
1- عدد من خريجي الأزهر الشريف الذين تأثروا بأدبيات الإخوان وكتابات سيد قطب وأبو الأعلى المودودي
2- عدد ممن تأثروا بالفكر السلفي الوهابي أثناء دراستهم في المملكة العربية السعودية
3- عدد ممن سافروا الى أفغانستان وشاركوا في الجهاد الأفغاني مما أدى إلى تأثرهم بالفكر السلفي الجهادي.
ومنذ عام 1968م بدأت عدة موجات من العنف بين المورويين المسلمين والمسيحيين المستوطنين بعد أحداث عنف كانت بدايتها بما أطلق عليها "مذبحة المائتي مسلم"
المرتكزات الفكرية
قامت حركة تحرير مورو الإسلامية على عدد من المرتكزات الفكرية تمثلت فيما يلي:
1- بناء وتكوين الفرد المسلم، والأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم، والدولة المسلمة
2- الإسهام في العمل على تضامن الأمة الإسلامية، وتوحيد صفوفها
3- تمهيد الطريق إلى عودة الخلافة الإسلامية المفقودة
4- التمكين لدين الله في الأرض
5- العمل على تحرير منطقة مورو الإسلامية المحتلة وإعادة استقلالها المسلوب، لتمهيد الطريق لقيام حكم الإسلام في المنطقة، والتمكين لدين الله.
1- الالتزام بالعقيدة السلفية على درب أهل السنة والجماعة
2- محاربة البدع والخرافات
مناطق انتشارها
3- تتركز الجبهة في مناطق بانجسامورو وجزيرة مينداناو ثاني أكبر جزر أرخبيل الفليبين ، وأرخبيل صولو، وجزيرة بالأوان، باسيلان، وعدد من الجزر يبلغ عددها 7100 جزيرة وبذلك تكون مساحة مناطق مورو ما يقارب الـ 117 ألف كم2 أي أكثر من ثلث مساحة الفليبين الكلية.
4- ومن أهم السلطنات الإسلامية في جزر جنوب الفليبين: سلطنة صولو التي ضمت جزر صولو، وطاوي - طاوي، وبالأوان، والجزر المجاورة، وسلطنة ماجوانداناو التي يعيش معظم المسلمين في أراضيها اليوم.
الحركة المورية والكفاح المسلح
يمكن إرجاع أسباب العنف المسلح بين الجيش الفلبيني وجبهة مورو الإسلامية لما يلي :
1- استمرار الحكومات المتتابعة في الفليبين في طريق تهجير المسلمين بالقوة وإحلال المسيحيين بدلا منهم
2- الترسيخ لإقامة الحكم المسيحي في المحافظات الفلبينية ذات الأغلبية المسلمة
3- مصادرة ممتلكات المسلمين
4- تولى المسيحيين المناصب العسكرية والاستراتيجية والوظائف الحكومية
ولذلك فقد بدأت الحركة عمليات كفاح مسلح واسعة مستهدفه الجيش الفلبيني في مناطق مينداناو، وتعددت أطراف الصراع ما بين الميليشيات المسلمة والمسيحية والجيش وميليشيات أصحاب المصالح التجارية كتجار أخشاب الغابات، وبدأ المورويون الخروج إلى دول أخرى مسلمة للتدريب العسكري في الوقت الذي كانت ولاية 'صباح' الماليزية مَعْبَرهم ومركزهم الأقرب إلى ساحة النزال.
ولكن الحكومة الفلبينية وجهت اتهاماتها الى جبهة مورو بالوقوف وراء هجمات استهدفت المدنيين ولكن الجبهة أنكرت مسئوليتها عن مثل هذه الهجمات، و أعلنت أن منشقين عنها هم من قاموا بها؛ بدعم من الحكومة الفلبينية من أجل إضعافها
وفى عام 1971م سيطرت الشرطة العسكرية الفلبينية على كبير من المدن مما أدى الى اتساع دائرة أحداث العنف، وأغلقت المدارس والمصانع، وحدثت مواجهات عنيفة بين ميليشيات 'إلاجا' المسيحية والحركة مما أدى الى حدوث مذبحة في مسجد قتل فيها 65 من الرجال والنساء والأطفال مما دفع زعماء جبهة مورو الى توجيه التوَقَّيع على نداء طالبوا فيه الحكومة بوقف العنف، في 21 يوليو عام 1971م لكن حكومة الرئيس ماركوس اعتبرته تهديدًا لها مما أدى إلى قتل بعض تجار الأخشاب من المسيحيين ، وردت الحكومة على ذلك بقصف على مناطق ومواقع الجبهة ادى الى سقوط المئات من المقاتلين المسلمين والجيش في أكتوبر ونوفمبر من نفس العام .
ومع بداية يناير من عام 1972م بدأت الحكومة تحركات من كلا الطرفين لمواجهة الاتهامات الموجهة لهم بارتكاب مذابح في حق المدنيين ونظمت الحكومة زيارة لثمانية من سفراء الدول الإسلامية في مينداناو لإقناعهم بأن اتهام الحكومة بارتكاب مذابح غير صحيح، لكن وزراء خارجية الدول الإسلامية، طالبوا الفليبين بصون حياة وحقوق وممتلكات المسلمين في اجتماعهم الثالث في جدة، وقام وفد دبلوماسي مصري وليبي بجولة داخل البلاد قالوا على إثرها: 'إنه ليست هناك أدلة قوية على وقوع مذابح، ولكن الواضح أن حربًا بدأت رحاها تدور بين المسلمين والمسيحيين'!
و في سبتمبر عام 1972م، كان التطور السلبي الأخطر للصراع عندما أعلن الرئيس الفليبيني ماركوس الأحكام العُرْفية في الجنوب ودفع الرئيس الفليبيني بربع مليون جندي الى الاقاليم الجنوبية ، مما ادى الى حدوث جرائم عدة لتعلن الجبهة مع التيار الوطني في أكتوبر عام 1972 عن تكوين تحالف أُطلق عليه الجبهة الوطنية لتحرير مورو برئاسة نور ميسواري الذي وافق على مطلب التيار الإسلامي بتطبيق مبادئ الإسلام والانفصال بأقاليم المسلمين عن الفليبين، وتولى سلامات هاشم شؤون العلاقات الدولية، وصمدت الجبهة في مواجهة الجيش الفليبيني بالغابات والجبال، وحصل العديد من أعضائها على التدريب في معسكرات خارج البلاد في ماليزيا وأفغانستان ، وهنا تضاربت الأرقام حول عدد مقاتلي الحركة والجبهة فأكدت بعض المصادر أن عددهم بلغت نحو 30 ألف مقاتل بينما تقول الجبهة إن عدد أعضائها 120 ألفا 60% منهم مسلحون، في حين تقول مصادر أخرى إن عددهم أكثر بقليل من 12 ألف مسلح، وقد أدت الصدامات المستمرة بين الجبهة الإسلامية لتحرير مورو والجيش الفلبيني إلى مقتل حوالي 120 ألفا، وتهجير قرابة مليوني مسلم فلبيني إلى ولاية صباح الماليزية المجاورة.
الجبهة ومفاوضات السلام
في عام 1974م بدأت المفاوضات بين الجبهة والحكومة وكان عبد الباقي أبو بكر الأمين العام للعلاقات الخارجية لجبهة مورو الإسلامية ممثلا للجبهة في جميع المفاوضات والمؤتمرات الإسلامية منذ انضمام الجبهة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي كعضو مراقب دائم سنة 1394هـ - 1974م، على الرغم من أن الجيش الفليبيني تضاعف أعداده داخل المناطق الإسلامية وعلى الرغم من ذلك بدأت أول جولة تفاوضية في يناير عام 1975م، وهو أول تفاوض من نوعه بين نور ميسواري وسلامات هاشم من جهة، والحكومة الفليبينية من جهة أخرى في مدينة جدة السعودية ، وهنا بدأ الخلاف يظهر بين زعماء الجبهة حول أهداف وأرضية الحوار مع الحكومة، وكانت النتيجة قبول نور ميسواري؛ لجعل الحكم الذاتي مطلبًا لهم في اجتماع وزراء الخارجية السادس، وتكونت لجنة عمل لإعداد خطة هذا المشروع من قبل ممثلين عن ليبيا والسنغال والسعودية والصومال، واعترفوا وميسواري بسيادة الدولة الفليبينية على مناطق المسلمين وشرعية حكمها.
وفي عام 1976م بدأت هدنة في الساحة العسكرية، ، ووقعت 'اتفاقية طرابلس' وهو أول أتفاق بين ميسواري ووزير الدفاع الفليبيني كارم يلو باربيلو، وتضمن تأسيس حكمًا ذاتيًّا لـ13 إقليمًا و9 مدن في جنوب الفليبين، يكون لهم حكومة، ومجلس نيابي، ومدارس، ومحاكم شرعية، ويجري استفتاء عام ولكن ماركوس أضاف عبارة تقول أن 'من حق حكومة الفليبين أن تتخذ الخطوات والإجراءات الدستورية اللازمة من أجل تطبيق جميع بنود الاتفاقية'! وهو ما كان يعني استمرار الحضور العسكري الكثيف في الجنوب، وتهجير الملايين من المسحيين من شمال الفليبين إلى مناطق المسلمين لتغيير التركيبة الجغرافية للسكان، وبالتالي، تعقيد عملية تنفيذ أي حل يهدف إلى حكم ذاتي بمعنى الكلمة في زمنه أو في المستقبل.
وما بين يناير وإبريل من عام 1977م نظمت هدنة عامة، وبدأت مفاوضات حول تفاصيل الاتفاقية، وهنا تلاعب ماركوس برفضه منح الحكم الذاتي لميسوري في الأقاليم الـ13 بحجة لزوم ترتيب إجراءات دستورية، ووجود أعداد كبيرة من غير المسلمين، وبالتالي ضرورة إجراء استفتاء شعبي ليصدر القانون رقم 1628 للحكم الذاتي في الأقاليم الـ13، ونظم استفتاء كانت نتيجته أن 10 أقاليم من الـ 13 إقليمًا صوت غالبية سكانها للحكم الذاتي، فقسم ماركوس الأقاليم بطريقته، مما أدى إلى توقف المفاوضات
وهنا ظهر الخلاف الرئيسي مع الجبهة الوطنية لتحرير مورو من جانب الإسلاميين وانقسمت القيادات، وفي 26/12/1977م تحرك سلامات هاشم والقيادات الإسلامية التوجه مثل رشيد لقمان ودوماكاو ألونتو ساليبادا بينداوتون، لإحكام السيطرة على الجبهة والإصرار على الاتجاه الجهادي، وتم فصل ميسواري لاتهامهم إياه بالخيانة، وانقسموا داخليا فقد أيد وفد مصر سلامات هاشم وأيد وفد ليبيا نور ميسواري، "سلامات" إلى مصر؛ ويعلن منها تأسيس جبهة جديدة، " جبهة تحرير مورو الإسلامية' في يوليو عام 1978م مع 57 من أعضاء الجبهة وكانت الجماعة تعرف في البداية باسم "القيادة الجديدة ثم أنتقل الى لاهور، في باكستان،
وتأسست الجبهة رسميا في عام 1984 باسم الجبهة مورو الإسلامية للتحرير وكان من أبرز أسباب الانفصال ما يلي:
1- تراجع ميسواري عن تبني الدعوة لتطبيق الإسلام
2- تخلي الجبهة الوطنية عن مطلب الاستقلال
3- الاكتفاء بالمطالبة بالحكم الذاتي.
4- توقيع الجبهة الوطنية اتفاقا مع الحكومة الفلبينية عام 1976 نص على حكم ذاتي للمسلمين في 13 منطقة تصبح 15 منطقة، إلا أنه لم يتم تنفيذ هذه الاتفاقية
5- استمرار الجبهة الوطنية بعد ذلك في نهج التفاوض مع الحكومة للوصول إلى اتفاقية حكم ذاتي مرضية.
6- رفض عددا كبيرا من المورويين وعلى رأسهم الجبهة الإسلامية؛ عدم شمول الاتفاق لجميع المقاطعات الإسلامية والذي جاء نتيجة للتغيرات الديموجرافية التي أدت إلى جعل الأغلبية العددية في معظم هذه المقاطعات للمسيحيين.
وهنا اهتزت الجبهة الوطنية داخليًّا وتم أستأنف المحادثات في 1978م وطالبت الحكومة باللقاء مع سلامات هاشم بدلاً من ميسواري، لكن وزراء الخارجية المسلمين في اجتماعهم التاسع في داكار اعترفوا بميسواري كرئيس ومتحدث رسمي باسم الجبهة تأييدًا لموقف ليبيا، ولم ترد القاهرة مما جعل ذلك نقطة خلاف معها، فمنعت مصر سلامات من السفر من مصر لحضور الاجتماع، واستمرت المواجهات العنيفة بين الجبهة والحكومة الفلبينية التي أسفرت عن العديد من الخسائر تمثلت فيما يلي ما بين عامي 1972 – 1984م.
1- 30 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.
2- استرقاق ستة آلاف مسلمة على أيدي الجنود الفليبينيين.
3- تشريد أكثر من مليوني مسلم.
4- فرار ما يقارب الـ300 ألف نسمة واضطرارهم إلى الهجرة إلى البلاد المجاورة منها ولاية صباح التابعة لماليزيا.
5- إحراق 300 ألف منزل من بيوت المسلمين.
6- تدمير مائة قرية ومدينة إسلامية.
7- اغتصاب معظم أراضي المسلمين الخصبة.
8- تدمير أكثر من 500 مسجد للمسلمين.
وتمت مباحثات بإشراف أمين عام رابطة العالم الإسلامي بين وفد جبهة تحرير مورو الإسلامية ووفد حكومة الفليبين في 20/9/1986م في مقر الرابطة بجدة دون مشاركة الجبهة الإسلامية لتحرير مورو التي دخلت في صراع مسلح مع الحكومة تلقى خلالها عدد من العلماء والأساتذة والدعاة في مورو الإسلامية رسائل بتوقيعات مستعارة بالتهديد بالقتل أو الاغتيال أو الخطف ونفذت بعض التهديدات بالفعل، من قبل عملاء شبكة المخابرات الفليبينية.
وفي يناير 1987م بدأ الحوار بين حكومة الفلبين وميسواري وأقر في عام 1989م، الكونجرس الفلبيني القانون رقم 6734 الذي يمنح مينداناو الحكم الذاتي لما سمي بـ 'منطقة الحكم الذاتي لمسلمي مينداناو'، لكن جبهتي مورو الإسلامية والوطنية قاطعتاه، مما جعل النتيجة لصالح الحكومة، حيث صوت سكان أربعة أقاليم فقط من مجموع 13 لصالح الحكم الذاتي، تمهيدًا لانتخابات محلية في هذه الأقاليم عام 1990م.
وفى عام 1991م انشقت جماعة أبو سياف ذات التوجه السلفي الجهادي عن جبهة التحرير الوطنية (مورو) بزعامة عبد الرزاق جان جيلاني المشهور بكنيته أبو سياف المتخرج من جامعة أم القرى بمكة المكرمة وقد قُتل أبو سياف عام 1998 فتولى القيادة بعده أخوه الأصغر قذافي الزنكلاني وفي عهده انقسمت الجماعة مرات وتعد هذه الجماعة من أصغر وأكثر الجماعات الإسلامية تشددا، وهي تناضل من أجل إنشاء دولة إسلامية سلفية غربي جزيرة مندناو الواقعة جنوبي الفلبين، وتصنفها حكومة مانيلا وكذلك أميركا أنها حركة إرهابية.
الجبهة الإسلامية ومفاوضات السلام
منذ بداية عام 1997م حدث تغير في توجهات جبهة مورو الإسلامية ودخلت في مفاوضات سرية مع الحكومة الفلبينية، إلا أن هذه المفاوضات لم تسفر عن شيء في فترة حكم "جوزيف استرادا" وانتهت بحملة عسكرية واسعة شنها الجيش الفلبيني عام 2000 م على معاقل الجبهة التي بلغت 46 معسكرا ضم أحدها أكاديمية عسكرية للتدرب على الأسلحة والفنيات الحربية عام 2000 م وبلغ عدد أعضائها 120 ألف متدرب 60% منهم مسلحون، إضافة إلى أكثر من 200 ألف مؤيد آخر، وعلى الرغم من ذلك حدثت مفاوضات في 30/5/2000م، ورفض الرئيس استرادا مقترح هدنة لمدة 40 يومًا ولكن تم عرض اتفاقًا ضم أربع نقاط 'قابلة للنقاش' تمثلت فيما يلى :
1- ضرورة اعتراف الجبهة الإسلامية بمبدأ 'بلد واحد ودستور واحد' وهو بمعنى آخر الاعتراف بشرعية الحكم الفليبيني لمناطق المسلمين
2- الاعتراف بحق الدولة في الحفاظ على 'وحدة البلاد الجغرافية كبلد واحد وتثبيت النظام والقانون'، وهو ما يعني إيقاف الجبهة لكل العمليات العسكرية ضد الحكومة، واعتبار ذلك عملاً إجراميًّا تحاكم عليه الجبهة أو أفراد منها
3- تُقبل الجبهة الخطط التنموية والاقتصادية الحكومية لتطبق في مناطق المسلمين.
4- التزام الحكومة بتطبيق اتفاقية الحكم الذاتي للجبهة الوطنية، وهو ما يعني عدم التعامل مع الجبهة الإسلامية كبديل، ولكن كطرف آخر في منطقة أخرى، وهو ما يؤدي إلى تعميق انقسام المسلمين إلى شبه دويلتين! أو من ناحية أخرى، توسيع حكم ميسواري الذاتي على أساس قانون البرلمان رقم 7883، والذي بموجبه تسلم ميسواري حكم 4 أقاليم عام 1996م. إلى 14 إقليمًا و10 مدن في مينداناو وبالاوان،، وهو ما قد يعني أنها محاولة ليس لتأسيس دويلتين للمسلمين ولكن لاحتواء الجبهة الإسلامية في ظل الجبهة الوطنية مع أن الثانية أضعف منها.
وعلى الرغم من أن الجبهة وقَّعت على 'بلاغًا رسميًّا ' مشتركًا، فإن وفد الجبهة الإسلامية برئاسة البروفيسور منير باجنيد قال: إنهم سيدرسون عرض الحكومة ولكن لا يَعِدُون بالموافقة عليه، ولم يوافق على ما قاله أحد الصحفيين من أن الاجتماع كان 'تطورًا هامًّا'، بل إن أحد المتحدثين باسم الجبهة قال في اليوم التالي 2/6/2000م : 'إن الجبهة الإسلامية لن توافق بالتأكيد على عرض الحكومة هذا ليس هزلاً ولا يمكن حل صراع طويل بإملاء حلولهم وتعيين نتيجة معينة للمفاوضات، فنحن نريد التفاوض حول حل معين وإلا لانْفَجر الخلاف من جديد وبعد كل هذا الزمن الطويل لم يعطونا إلا هذا العرض.
وفي عام 2003 م فقدت الجبهة مؤسسها التاريخي سلامات هاشم ى الذى أصدر بيان قبل وفاته أكد فيه على التزام الجبهة الإسلامية بالوصول إلى تسوية سلمية، وعقب تولى الحاج مراد إبراهيم قيادة الجبهة دعم هذا التوجه بدأت الجبهة تركز على الخطاب الدبلوماسي السياسي بعد أن كان التركيز منصبا في السابق على التعبوية الجهادية و بدأت في التخلي عن المطالبة بالاستقلال التام عن الفلبين، وأخذت في طرح خيارات أخرى منها كما جاء على لسان غزالي جعفر أحد قيادات الجبهة النظام الفيدرالي، أو حكم ذاتي قوي على خلاف الحكم الذاتي الحالي، أو الدعوة لاستفتاء ينظم بإشراف الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
واتفق توجه الجبهة الإسلامية هذا مع سعي رئيسة الفلبين جلوريا أرويو التي تولت الرئاسة عام 2001 للتوصل لحل نهائي لمشكلة المورو، وقامت منظمة التعاون الإسلامي، منذ تولي إحسان أوغلو منصب أمينها عام 2005، بالبدء فيما سمى بـ "عملية ثلاثية الأطراف"، للتغلب على كل الصعوبات التي تواجه تنفيذ اتفاق السلام النهائي وأدى هذا إلى إطلاق عملية تفاوض جادة بداية من عام 2005 بوساطة من منظمة المؤتمر الإسلامي التي تعترف بالجبهة الإسلامية ممثلا لمسلمي الفلبين ومن عدد من الدول الإسلامية على رأسها ماليزيا وانتهت المفاوضات إلى التوقيع بالأحرف الأولى عام 2008 على اتفاقية تمثل تطورا كبيرا في الحكم الذاتي الممنوح للمسلمين ليرقى إلى مرتبة قريبة من الفيدرالية؛ حيث نصت الاتفاقية على ما يلي:
1- توسيع المناطق التي يحكمها المسلمون
2- منح القادة السياسيين المسلمين الحق في الحصول على الريع المستفاد من الموارد الغنية للمنطقة
3- حق جباية الضرائب
4- حق التمثيل الخارجي في القضايا التي تخص المسلمين
5- تبقى الأمور السيادية الأخرى بيد الحكومة المركزية
6- مقابل إعلان الجبهة عن استعدادها للتخلي عن مطالبتها بدولة إسلامية مستقلة.
وكان من المقرر التوقيع على الاتفاقية في كوالالمبور في الخامس من أغسطس 2008، إلا أن عددًا من السياسيين المسيحيين من جنوب الفلبين قدموا اعتراضا على الاتفاق لدى المحكمة العليا؛ تضمن :
1- توقيف الاتفاق لأنه لم يتم الكشف علنا عن تفاصيله
2- أن توسيع منطقة الحكم الذاتي الإسلامي قد يجدد العنف الطائفي في المناطق الجنوبية
3- أن الاتفاقية غير دستورية؛ لأنها تدخل في نطاق الحكم الفيدرالي الذي لا يقره دستور الفلبين
وقبل يوم واحد فقط من التاريخ المزمع لتوقيع الاتفاق أصدرت المحكمة العليا قرار بوقف الاتفاقية بشكل مؤقت ثم أصدرت حكما في أكتوبر 2008 يقضي بأن الاتفاق غير دستوري بدعوى أنه يؤدي لاستقلال نهائي للأقلية المسلمة في جنوب البلاد في حين أن الرئيسة الفلبينية جلوريا أرويو كانت قد وعدت في وقت سابق بتعديل الدستور بشكل يسمح بتطبيق الاتفاقية، وهوما أدى الى تجدد المواجهات بين الجبهة والجيش الفلبيني؛ وإعلان الحكومة الفلبينية وقف محادثات السلام مع جبهة تحرير مورو الإسلامية، واشترطت الحكومة للعودة للعملية السلمية ما يلي:
1- أن تقوم الجبهة الإسلامية بإلقاء سلاحها
2- إعادة التفاوض حول عدد من القضايا التي سبق أن تم الاتفاق عليها.
وردت الجبهة بما يلي:
1- أن الاتفاق نهائي وغير قابل لإعادة التفاوض
2- أنه لا يمكن لمنظمة ثورية أن تلقي سلاحها قبل التوصل إلى حل سياسي متفق عليه
3- أن الجبهة ستواصل الضغط على الحكومة سياسيا وعسكريا لحملها على احترام الاتفاق
4- في حالة العودة للتفاوض لابد أن تكون هناك ضمانات دولية لتطبيق الاتفاق من قبل الحكومة
5- أن الجبهة ستقوم بتدويل القضية من خلال نقلها إلى الأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومحكمة العدل الدولية.
وفي 24 يناير 2014، وقع كبير مفاوضي الحكومة الفلبينية ميريام كورونل فرر وكبير مفاوضي جبهة تحرير مورو مهاجر إقبال اتفاقية سلام في كوالا لمپور ستفتح الاتفاقية الطريق لتأسيس كيان جديد للحكم الذاتي الإسلامي يسمى "باڠسامورو" بموجب قانون يصدق عليه الكونگرس الفلپيني و تهدف الحكومة إلى تأسيس المنطقة بحلول 2016 م وتضمنت الاتفاقية :
1- حكم ذاتي إسلامي في منطق جنوب الفلبين مقابل وقف نشاط قوات جبهة تحرير مورو
2- يسلم مقاتلو مورو أسلحتهم لطرف ثالث تختاره الجبهة والحكومة الفلبينية
3- تؤسس قوات شرطة محلية
4- يقلل جيش الفلبين من تواجد قواته ويساعد في تفكيك الجيوش الخاصة في المنطقة.
وأبدت الجبهة في12- 2 -2015 م تعهدها بمساعدة الحكومة الفلبينية في تتبع أحد المتشددين المطلوبين سعيا لإنقاذ عملية السلام في البلاد وأعلن مهاجر إقبال كبير مفاوضي الجبهة ، أن الجبهة الإسلامية على استعداد للقبض على عبد الباسط عثمان وهو خبير في صناعة العبوات الناسفة وعناصر أخرى يختبئون في مناطق يسيطرون عليها و إن جماعته سبق وأن وافقت على مساعدة السلطات في مطاردة عصابات الخطف والابتزاز.
وفى 16 يونيو 2015 ألقت جبهة تحرير مورو الإسلامية، ، أسلحتها رسميا خلال احتفالية أقيمت في منطقة “مينداناو” جنوبي الفلبين، شارك فيها رئيس البلاد، بنيغنو آكينو، وزعيم الجبهة، الحاج مراد إبراهيم، ليسدل بذلك الستار على صراع امتد منذ سبعينيات القرن الماضي.
وقال “آكينو” في كلمة له خلال المراسم “إننا نعيش لحظات تاريخية، فالحديث عن إلقاء مجموعة كانت تتصارع مع الحكومة، أسلحتها، كان قبل سنوات ضرباً من الخيال، إلا إن إخوتنا في جبهة مورو تعهدوا بالتخلي عن السلاح طواعيةً”.
وتم تسليم أسلحة جبهة مورو الإسلامية إلى هيئة مستقلة يترأسها حيدر بيرك سفير تركيا، في العاصمة الفلبينية، مانيلا، وتعهدت الجبهة في 27 مارس 2014، بموجب اتفاق مع الحكومة، بإلقاء السلاح مقابل إقامة منطقة حكم ذاتي، في جزيرة مينداناو ذات الغالبية المسلمة، جنوبي الفلبين ، ومن المتوقع أن يجري بموجب الاتفاق تغيير اسم الجزيرة إلى “بانغسامورو”، وإعلانها منطقة حكم ذاتي بحلول عام 2016.
المظاهر الإسلامية في الفلبين
تنوعت المظاهر الإسلامية في الفلبين كجزء من الحراك الإسلامي للحفاظ على الهوية الدينية للمسلمين هناك ومن أبرز هذه المظاهر :
1- تقديم المساعدات التعليمية للمسلمين هناك من قبل الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية حيث يتواجد العشرات من معلمي الأزهر الشريف، وعدد كبير من المدرسين من المملكة العربية السعودية ، وتساهم رابطة العالم الإسلامي ايضا في ذلك.
2- تواجد مئات المدارس الابتدائية والمتوسطة وعشر مدارس ثانوية في المناطق الإسلامية ، بالإضافة الى جامعة إسلامية تضم ست كليات تدار بالجهود الذاتية، ومن المؤسسات التعليمية: (معهد مندناو العربي الإسلامي) وتتبعه 316 مدرسة، و(معهد ماداواي الإسلامي) وتتبعه 52 مدرسة، و(كلية فكاسم) في مدينة مداراوي ويتبعها عدد من المعاهد وتقدم تعليما باللغة العربية، ويضاف إليها (جامعة الفلبين الإسلامية) وكانت تسمى معهد كامل الإسلامي، ولها فروع في عدة مدن و (مركز الملك فيصل للدراسات العربية الإسلامية)، ويوجد ضمن (جامعة مندناو)، وهناك (المدرسة التجريبية لتعليم اللغة العربية) التي تتبع مركز الملك فيصل.
3- يوجد في مدينة دراكا - 30 ألف مسلم - و14 مدرسة إسلامية و 25 مسجداً ويقدر عدد مساجد الفلبين بحوالي 2500 مسجد.
علاقة الجبهة بالقاعدة
1- يعتقد عدد من المسئولين الحكوميين الفلبينيين والأمريكان بوجود روابط بين جبهة تحرير مورو الإسلامية وبين تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية في إندونيسيا، ويستندون على مشاركة عدد من أعضاء الجبهة في الجهاد الأفغاني، وبعد ذلك في معسكرات تدريب للقاعدة في أفغانستان، ويقولون إن الجبهة قامت بتدريب عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية في معسكراتها، منهم 600 من المتطوعين كانوا في معسكرات تدريب القاعدة في أفغانستان وان ت أسامة بن لادن أرسل أموال إلى لهم إلا أن الجبهة تنفي أي علاقة تنظيمية مع القاعدة أو الجماعة الإسلامية، كما تؤكد على محلية نطاق نضالها واقتصاره على الفلبين، ويصور قادة الجبهة نضالهم على أنه يسعى لتحقيق مطالب المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويتجنبون اعتباره صراعا دينيا بين المسلمين والمسيحيين.
أهم العمليات للجبهة
لا تعتبر الجبهة ما تقوم به أعمال إرهابية وانما هي كفاح مسلح ضد الحكومة الفلبينية من أجل الاستقلال ومن أهم عملياتها ما يلي:
2- الهجوم على القوات الحكومية في ماجوينداناو مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 23 شخص في يناير 2005.
3- حادث التفجير في مطار دافاو في عام 2003 والتي اتهمت الحكومة الفلبينية فيه أعضاء الجبهة
4- الهجوم على موكب حاكم مقاطعة ماجوينداناو اندال امباتوان مما أسفر عن مقتل خمسة من مرافقيه ولكن الجبهة نفت مسؤوليتها عن الحادث.
5- مقتل 14 من مشاة البحرية الفلبينية في يوليو 2007 م وقطع رؤوس 11 منهم ، في جنوب الفلبين بعد محاولة لتحرير القس الإيطالي المختطف جيانكارلو بوسي، وأكد أحد الجنود أن أعضاء من الجبهة شاركوا في المعارك ضدهم وعلى الرغم من أن مهاجر إقبال، كبير المفاوضين لجبهة تحرير مورو الإسلامية، نفى الا أن الجبهة اعترفت بالحادث وأعلنت مسؤوليتها عن وفاتهم وذلك بسبب تعدي الحكومة على أراضيها في باسيلان.
أهم الشخصيات
سلامات هاشم
أسد ميندناو وأسد الجهاد الفلبيني، والأب الروحي للتيار الإسلامي في المقاومة الموروية، جميعها ألقاب لسلامات عاصم هاشم المولود في 7 يوليو 1942 م بإقليم «كوتاباتو» الذي يُسمَّى اليوم إقليم «ماجينداناو» بجزيرة ميندناو جنوب الفليبين
حياته وتعليمه
نشأ في عائلة متدينة، وتعلم على يد والدته؛ وحفظ العديد السور في القرآن الكريم، وهو في سن السادسة ثم التحق بالتعليم الأساسي الرسمي، وفى عام 1954م، التحق بالتعليم الثانوي وفي عام 1958 قرر السفر للحج في السعودية والتحق هناك بمدرسة العلوم الإسلامية، وتعلم على يد الشيخ الزواوي في حلقاته بالحرم الشريف لعدة أشهر، ثم انتقل إلى القاهرة عام 1959 لإتمام تعليمه في الأزهر الشريف فدرس في معهد البعوث الإسلامية، وتخرج منه عام 1963، ثم التحق بكلية أصول الدين؛ حيث درس العقيدة الإسلامية والفلسفة، وتخرج منها عام 1967م ومن أبرز مشايخه الشيخ محمد الغزالي، والدكتور عبد الواحد وافي، والشيخ السيد سابق، والشيخ أحمد حسن الباقوري ثم ألتحق بالدراسات العليا وحصل على درجة الماجستير عام 1969م ، والتحق ببرنامج الدكتوراة، وكانت عن انتشار الإسلام في جنوب شرق آسيا، لكنه لم يكملها ، واضطر للعودة إلى الفليبين عام 1970 للمشاركة في تنظيم ثورة مسلمي المورو ضد الحكومة الفليبينية.
انضمامه للتنظيم الإخواني
انضم أثناء دراسته في القاهرة لجماعة الإخوان المسلمين روحيّاً وأسس معهم "جمعية الطلاب الفلبينيين المسلمين " من أعضاء من الإخوان المسلمين من «إندونيسيا»، و«ماليزيا»، و«تايلاند»، و«سنغافورة»، وتولى رئاستها، وعلى إثر ذلك استدعته السلطات المصرية ، وأغلقت مقر الجمعية، ثم سُمح له بعد ذلك بتسجيلها بشكل رسمي ثم أنضم الى "مجلس التضامن لجمعيّات الطلاب جنوب شرق آسيا" ، وتقلّد فيها منصب السكرتير العام وكانت تتكون من الطلاب القادمين من «بورما»، و«ماليزيا»، و«إندونيسيا»، و«اليابان»، و«تايلاند»، و«فيتنام»، و«كمبوديا»، وغيرها.
زعامة جبهة مورو الإسلامية
عاش خارج الفلبين 21 عاماً ما بين مصر وليبيا وباكستان والسعودية وفى عام 1968م أسس مع نور ميسواري "جبهة مورو للتحرير الوطني" لمواجهة اضطهاد المسلمين في الفلبين من الحكومة وكان شديد التمسك بإقامة دولة مستقلة أو حكم ذاتي لمسلمي الفلبين في الجنوب، وساهم في إقامة المعسكرات التربويَّة والجهاديَّة للمسلمين هناك إلى أن وُقِّعَت اتفاقيّة «طرابلس» بين «ميسواري» والحكومة الفلبينية في ديسمبر عام 1976م، وهو ما اعتبره خدعة وخيانة.
وانفجر الخلاف بين الجانبين، ودعا القادة الميدانيون «ميسواري» إلى التنازل لـ«هاشم» عن قيادة الحركة، وإثر ذلك انشقّت «جبهة تحرير مورو الإسلامية» في عام 1978م بقيادة «سلامات هاشم» عن جبهة ميسوارية وأعلنت أنَّ هدفها الاستقلال بجنوب الفلبين، فيما كانت «جبهة ميسواري» تطالب فقط بالحكم الذاتي وواصل قتاله ضد الحكومة، واحتل مناطق واسعة في وسط "مينداناو " ولكنه سرعان ما قام بإجراء محادثات سلام مع الحكومة الفلبينية ووافق على المشاركة شخصياً فيها ولكنه كان دائم التأكيد على أن اتّفاق الهُدنة الذي وقّعته الجبهة مع حكومة «مانيلا» في «ماليزيا» لا يعني أن مسلمي الفلبين تخلّوا عن مطالبهم بالاستقلال الكامل، غير أنّه قال" إننا قد نقبل إجراءً يؤدّي إلى الاستقلال الكامل، بشرط ألاّ يمسّ هذا الإجراء شيئاً من تنظيمنا الإداري والعسكري والشعبي"
وكان يرفض التفكير في قبول الحكم الذاتي أو الفيدرالية، حتّى لا تقع حركته فيما وقع فيه «نور ميسواري» رئيس «جبهة مورو» الوطنيّة بعد فشل صيغة الحكم الذاتي التي قبل بها «ميسواري» في الوصول إلى طموحات وآمال شعب «مورو» المسلم.
ن أقواله
"جبهة تحرير مورو الإسلامية، هي مؤسسة دعويّة، تربويّة، جهاديّة، إصلاحيّة، فكريّة، سياسيّة، أُسست لتكون ممثلة لفكرة الحركة الإسلاميّة العالميّة في عقيدتها، ومنهاجها، ونظامها، وهدفها"
" إن شعبنا المسلم مازال أسيراً، وحلَّ مشكلته يكمن في إطلاق سراحه، ليكون حراً في تقرير مصيره، وهذا ما لا يدركه الكثيرون من المهتمين بقضيته، هذا الشعب يجاهد لإعلاء كلمة الله، ولا يتم هذا الأمر إلاَّ بعد التحرير" .
" إذا رفضت الرئاسة الفلبينية الاستقلال الكامل لشعب «مورو» المسلم، فسنستمر في جهادنا، وإن استمرار الحرب لمئات السنين أمر معروف عندنا، فقد حارب أجدادنا الاستعمار الأجنبي لفترة تزيد على أربعمائة سنة، وإذا كان أجدادنا قد استطاعوا أن يخوضوا أطول حرب في القرون السابقة، فالأجيال المسلمة التي خلفتهم تستطيع أيضاً أن تخوض أطول حرب في القرون المتأخِّرة ـ إن شاء الله ـ إذا دعت الحاجة" .
وفاته
توفى يوم 13 يوليو 2003م بسبب أزمة قلبية ولم يعلن عن وفاته إلا بعد أسبوعين حتى لا يؤثر الإعلان على المحادثات بين الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير مورو الإسلامية ، ودفن في اليوم التالي بإحدى مقاطعات جنوب الفلبين.
مراد إبراهيم
لعب «الحاج مراد إبراهيم»، زعيم «جبهة تحرير مورو الإسلامية»، دورًا في اتفاق السلام مع الحكومة الفلبينية، بالحصول على حكم ذاتي للمسلمين في جنوب الفلبين، بعد تصديق البرلمان الفلبيني على قانون «بانجسامورو الأساسي».
ولد «الحاج» في 2 مايو 1948، وتربى يتيمًا، حيث توفي والديه في عامِ واحد سنة 1954، وتولت عشيرته «البيسيجان» تربيته وتعليمه، ودرس القرآن في المدرسة التي تديرها العائلة (مدرسة إسلامية) في «بارانغاي» التابعة لمقاطعة «كوتاباتو» في إقليم «مينداناو» جنوب الفلبين.
وبدعم من عشيرته، التحق بإحدى المدارس الحكومية؛ ليحظى بتعليم حكومي إلى جانب تعليمه في المدرسة الدينية، ثم تمكن من الالتحاق بكلية الهندسة، في جامعة «نوتردام» (جامعة كاثوليكية بحثية غير حكومية تقع في بلدة «نوتر دام دو لاك» بمدينة «ساوث بند»، شمال ولاية إنديانا الأمريكية).
الانضمام إلى «مورو»
وفي مطلع العشرينيات من عمره، وبينما كان يدرس في كلية الهندسة، التحق «الحاج» بـ«جبهة تحرير مورو الإسلامية» (جماعة كانت تناضل ضد الحكومة الفلبينية من أجل حقوق مسلمي مورو)، عقب لقائه بمؤسسها وزعيمها الراحل «سلامات هاشم»، حيث أصبح جنديًّا في الجبهة تحت قيادة «سلامات».
وفي عام 1962 ظهر تنظيم «ثوار مسلمي مورو» (تأسس على أيدي الطلاب الذين كانوا يدرسون بالأزهر، إبان وصول موجات الهجرة من سكان شمال الفلبين ووسطها إلى مينداناو).
وتطور نضال مسلمي جنوب الفلبين، فتأسست «الجبهة الوطنية لتحرير مورو» في 1972 بقيادة نور ميسواري، ومعه «سلامات عاصم هاشم»، ولكن عقب اتفاق سلام عقد بين «نور ميسواري» والحكومة الفلبينية، انشق «سلامات» ومعه بعض العناصر عن الجبهة الوطنية، في 1981، وأسسوا «جبهة تحرير مورو الإسلامية»، والتي تشكل امتدادًا لفكر جماعة الإخوان (أسسها حسن البنّا في مصر عام 1928)، حيث تأثر «هاشم» بفكر حسن البنّا، وسيد قطب، منظر الجماعة.
الجنرال الشيخ
في صيف 1984 تدرب «الحاج» في معسكرات القاعدة وطالبان بدولة أفغانستان، والتقى زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، ضمن 100 مقاتل من «جبهة تحرير مورو»، ليتولى بعد ذلك قيادة الجناح العسكري لـ«جبهة تحرير مورو الإسلامية»، وترأس قوات «بانجسامورو»، الذراع العسكرية للجبهة وصاحبة التأثير القوي في القرار داخلها.
وكان لقبه «الجنرال الشيخ»، حيث يتمتع بثقافة عسكرية ودينية؛ نظرًا لتعلمه في المدارس الدينية، وقيادة الجناح العسكري لـ«جبهة تحرير مورو» أو «جيش مورو»، حيث تضم نحو 12 ألف مقاتل، وخاضت حربًا ضد الحكومة الفلبينية لأكثر من 30 عامًا.
وعقب وفاة مؤسس «جبهة تحرير مورو الإسلامية»، سلامات هاشم، في 13 يوليو سنة 2003، تولى «الحاج مراد»، الذي كان نائبه، قيادة «مورو»، ليواصل مباحثات السلام مع الحكومة الفلبينية، والتي كان بدأها قائده من أجل حكم ذاتي للمسلمين في «مينداناو».
وبعد 32 لقاء تفاوضيًّا بين الجبهة بقيادة «الحاج مراد»، والحكومة الفلبينية، توصل لتوقيع «اتفاق إطار» يوم 15 أكتوبر 2012، ينص على إقامة منطقة حكم ذاتي للمسلمين جنوبي الفلبين بحلول عام 2016 تسمى «بانجسامورو».
الحكم الذاتي
قبل أيام قليلة نجح «الحاج مراد»، في تحقيق هدف «جبهة تحرير مورو الإسلامية» بمنح حكم ذاتي للمسلمين في «مينداناو» جنوبي الفلبين، حيث صدق مجلس النواب الفلبيني، يوم الثلاثاء الماضي، الموافق 24 يوليو الحالي -بعد أيام من مصادقة مجلس الشيوخ- على قانون «بانجسامورو الأساسي»، وبهذا ينتظر الإعلان الرسمي عن إقامة الحكم الذاتي، تصديق الرئيس «رودريجو دوتيرتي» على القانون، في خطوة أخيرة كي يدخل حيز التنفيذ.
وقانون «بانجسامورو الأساسي»، جاء تتويجًا لاتفاق سلام وقع بين الحكومة الفلبينية و«جبهة مورو الإسلامية» قبل 4 سنوات، خلال فترة ولاية الرئيس السابق بينينو آكينو الثالث.
وأعرب «الحاج مراد»، عن شكره وامتنانه لمصادقة البرلمان الفلبيني على قانون يمنح الحكم الذاتي لمنطقة «مينداناو»، التي يعيش بها شعب مورو المسلم، جنوبي البلاد.
وقال: «إن جبهة تحرير مورو الإسلامية هي في الحقيقة قوية جدًّا كتنظيم سياسي وعسكري، ولكننا نعتقد أنه لابد من حلٍّ سياسي لهذه المشكلة، يقوم على الاعتراف بالهوية المستقلة لشعب مورو كأول شعب وُجد في هذه المنطقة، قبل وصول المستعمرين إلى البلاد، وكانت لديه حكومة تسمى سلطنة ماغندناو».
وأضاف «الحاج مراد»، أن «قيام هذه الحكومة سيمنحنا فرصة تطوير وتنمية وطننا وشعبنا، وسيمكننا من العيش كشعب منفصل تحت سلطة الحكومة الفلبينية في علاقة ثنائية متوازية، فهذه ليست دولة منفصلة، بل هما شعبان منفصلان في دولة واحدة».
النتائج
من خلال ما سبق نستطيع أن نستخلص مجموعة من النتائج حول جبهة تحرير مورو الإسلامية تتمثل فيما يلى :
1- تمثل جبهة تحرير مورو الإسلامية الامتداد الإخواني في الفلبين ولكن بمسحة تحررية .
2- تخلط ما بين أنها مؤسسة دعوية، تربوية، جهادية، إصلاحية، فكرية، وسياسية، جهادية في الوقت ذاته
3- تحاول دائما إظهار نفسها على أنها نواة لفكرة إسلامية العالمية بالرغم من أنها محلية الواقع الى حد كبير .
4- تحاول الحركة دائما إظهار نفسها على أنها الممثل الرسمي لمسلمي الفلبين على الرغم من الانشقاقات الواضحة بها والتنوع في توجهات المسلمين هناك
5- يمكن اعتبار الجبهة امتداد للأيديولوجية الديمقراطية الإسلامية على الرغم من أنها لم تمارسها بشكلها العملي الواسع حتى الان
6- عانت الحركة من العديد من أمراض الحركات الإسلامية السياسية في العالم وعلى رأسها الانشقاقات داخل الحركة والاختلاف حول الزعامة .