ديتيب وميللي جورش.. أذرع أردوغان لنشر التطرف في ألمانيا
الجمعة 08/مايو/2020 - 12:00 ص
طباعة
أميرة الشريف
طالت حكومة ولاية راينلاند بفالتس الألمانية، جنوب غرب، انتقادات عدة عقب تعاونها مع الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب" "ذراع أنقرة لنشر التطرف"؛ لتدريس مادة الدين في مدارسها.
وكانت أبرمت حكومة راينلاند بفالتس، "اتفاقية هدف" مع "ديتيب"، وهي خطوة تسبق توقيع العقد الأساسي، من أجل تدريس الدين الإسلامي في مدارس الولاية.
ويتضمن اتفاق النوايا إدخال حصص في مراحل التعليم قبل الجامعي، لتدريس الدين الإسلامي، تحت إشراف "ديتيب" التي تعد ذراع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لنشر أفكاره المتطرفة.
وقالت صحيفة "إين بليك" الألمانية إن ديتيب تخضع لسيطرة مباشرة من أردوغان، وتنفذ أوامره، وتعد عنصرا أساسيا في تحقيق أهدافه الخارجية.
وأضافت: "السماح للمنظمة التركية بالولوج لمدارسنا، هو في حد ذاته مباركة لاختراق أردوغان للمجتمع الألماني".
وتواجه السلطات الألمانية، ضغوطا صارمة لاتخاذ موقف ضد الدور المشبوه للتنظيمات الإسلامية التركية المدعومة مباشرة من أنقرة على أراضيها.
وتتعرض ولاية راينلاند بفالتس لانتقادات كبيرة بسبب دور الاتحاد نفسه وغيرها من المنظمات الإسلامية التركية، المشبوه في الأراضي الألمانية، ما يعكس إدراكا واسعا في البلاد لخطورة هذا التنظيم.
يأتي ذلك في الوقت الذي لاقت ولاية هيسن إشادة وترحيب على موقفها من "ديتيب"، أكبر تنظيم تركي في ألمانيا.
وكانت، قررت حكومة ولاية هيسن، وسط ألمانيا، طرد الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب"، المشرف على حصص تدريس الدين، من مدارسها، بسبب خضوعه لأردوغان وعلاقته بالإخوان.
وتعد حكومة هيسن، أكثر الولايات الألمانية تعاونا مع ديتيب، وتسند للاتحاد التركي تولي مهمة تدريس مادة الدين في 56 مدرسة ابتدائية و12 مدرسة ثانوية على أراضيها منذ 2012 رغم الانتقادات الكبيرة لهذه التعاون.
ورفض اتحاد ديتيب قرار ولاية هيسن وقرر اللجوء للقضاء، مدعياً أن "إنهاء التعاون يضرب جهود اندماج المسلمين في البلاد في مقتل".
ويملك "ديتيب" وجودا ملحوظاً في هيسن، وبخلاف توليه تدريس الدين الإسلامي، يملك الاتحاد المثير للجدل ٨٦ مؤسسة ثقافية ومسجدا في الولاية.
وسلطت صحيفة نويه زوريشر تسايتونغ السويسرية الناطقة بالألمانية في تقرير نشرته اليوم، الضوء علي أن "معظم التنظيمات الإسلامية في ألمانيا، وفي مقدمتها "ديتيب" والتنظيمات الإسلامية التركية الأخرى، كيانات سياسية بالأساس لا تعبر عن المسلمين".
وقالت، إنه في ٢٠٠٦، طالبت السلطات الألمانية من التنظيمات الإسلامية الالتزام بالدستور ومبادئ الديمقراطية، والانفصال عن أي أطراف ثالثة (دول أو تنظيمات خارجية)".
لكن اتحاد "ديتيب"، وفق صحيفة نويه زوريشر تسايتونغ، لم يفعل ذلك، وظن لسنوات طويلة أنه فوق القانون، ويوفر أردوغان له الحماية.
وأشارت الصحيفة إلى أن أردوغان نفسه يستغل التنظيم لإعاقة اندماج نحو ٤ ملايين تركي في ألمانيا، ويعتبر كل فرد فيهم سفريا لسياساته وأفكاره المتطرفة.
وفي وقت سابق من فبراير عام 2019 ذكرت وثيقة للبرلمان الألماني أن "خضوع "ديتيب" بشكل كامل لمؤسسة الشؤون الدينية التركية في أنقرة "ديانيت"، معروف للسلطات الألمانية"، مضيفة: "ديانيت تخضع مباشرة لأردوغان".
وبدورها، قالت الصحيفة السويسرية إن ميزانية "ديانيت" السنوية تصل إلى مليار يورو، وتوظف حوالي ٩٠ ألف شخص، مضيفة أن "إمكانيات (ديانيت) البشرية والمالية الكبيرة مكنتها من احتضان ديتيب بشكل كامل، وإمدادها بالأموال والأئمة".
وأوضحت أن "الأئمة الأتراك العاملين في ألمانيا مدربون جيدا ولا يعرفون اللغة الألمانية، وينكبون على تحقيق الأهداف التي رسمتها أنقرة".
وجاء في الوثيقة البرلمانية نفسها أنه "منذ صعود أردوغان لسدة السلطة، تعمل أنقرة على تأسيس منظمات وهياكل في الأراضي الألمانية لتحقيق هدف أساسي هو محاربة معارضيه من الأتراك المقيمين في ألمانيا، وفرض رؤية النظام التركي المتطرفة على المجتمع".
وأضافت أنه منذ محاولة الانقلاب المزعومة في تركيا في يوليو 2016، ترصد السلطات الألمانية محاولات مكثفة من (ديتيب) لممارسة نفوذ على المجتمع التركي في ألمانيا وكذلك الألمان من أصل تركي.
ولفتت الوثيقة إلى أن "الأئمة الذين ترسلهم (ديانيت) إلى مساجد (ديتيب) في ألمانيا يتجسسون على الأتراك".
ووفق صحيفة نويه زوريشر السويسرية، فإن السلطات الألمانية وجهت منذ 2016، تهم التجسس إلى 19 إماماً تابعين للاتحاد بعد أن قاموا بالتجسس وكتابة تقارير موجهة للحكومة التركية عن أعضاء في حركة الداعية غولن.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، حيث يدير اتحاد "ديتيب" في ألمانيا مجموعة من الدبلوماسيين الأتراك يصل عددهم إلى ١٥ شخصا يقودهم الملحق الديني التركي السابق في برلين كاظم تركمان.
ويستغل هؤلاء الحصانة الدبلوماسية في التحرك بحرية وتنفيذ سياسات أردوغان، ورصد المعارضين للنظام التركي والتجسس عليهم، ووضع خطط نشر الأفكار المتطرفة في ألمانيا، وفق الصحيفة السويسرية.
وتطرقت الصحيفة إلى أن "ديتيب" لا تتحرك منفردة لتنفيذ سياسات أنقرة في ألمانيا، حيث تلعب أيضا جماعة ميللي جورش الرؤية الوطنية المقربة من الإخوان المسلمين، نفس الدور.
وأوضحت أن ديتيب وميللي جورش، متقاربان من الناحية الأيديولوجية بشكل كبير، ويجمعهما التطرف".
ويشرف اتحاد "ديتيب" على 860 مسجدا منتشرة في 16 ولاية ألمانية، ويضم 200 ألف عضو. فيما تشرف ميللي جورش على ٣٢٣ مسجدا في عموم ألمانيا.
ووفق مركز الدراسات التابع للبرلمان الألماني، فإن ارتباط ديتيب بالنظام التركي ليس محل شك.
وذكر المركز في تقرير سابق له، أن ديتيب مرتبط بشكل مباشر بمديرية الشؤون الدينية التي تخضع لإشراف مباشر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
ويري مراقبون، أنه حان الوقت لاتخاذ إجراءات صارمة ضد التدخلات التركية تحت ستار التنظيمات الإسلامية.