من دارفور إلى كردفان.. كيف يدير الإخوان حرب القبائل لإسقاط الحكومة الانتقالية في السودان؟

الأربعاء 13/مايو/2020 - 12:11 ص
طباعة من دارفور إلى كردفان.. علي رجب
 

فيما يبدو ان تنظيم الإخوان قرر احراق السودان ، في ظل سياسة الدولة السودانية والحكومة الانتقالية لتجفيف منابع التنظيم ومصادرة أمواله لصالح الدولة، فقد شهدت  ثلاث ولايات في السودان الأسبوع الجاري نزاعات قبلية راح ضحيها عشرات القتلى والمصابين.
وشهدت ولايات جنوب دارفور وولاية كسلا وجنوب كردفان،  نزاعات قبلية دامية ومهدوم مسلحين، خلف عشرات القتلى والمصابين.
وهذه الأحداث سبقتها أحداث مُماثلة في مدينة القضارف وحلفا الجديدة وبورتسودان والجنينة، وعشرات الأحداث المُماثلة في دارفور، وما هي إلاَّ انعاكس لمخطط الاخواني لتهديد استقرار الدولة السودانية وابتزا الحكمة الانتقالية.
واتهم  نشطاء سودانيين تنيم الاخوان  وأنصار الرئيس السابق عمر البشير باشعال الصراعات القبائلية لاسقاط المرحلة الانتقالية عبر اشاعة الفوضى ودم الاستقرار الامني وترهيب  مكونات الشعب السوداني.
وقال النشطاء إن الأحداث التي شهدتها ولايات السودان، جاءت بعد تحركات لانصار نظام البشير وتنظيم الاخوان، ويقف وراها التنظيم المسلح لحزب المؤتمر الوطني المنحل.
وانفجرت الثلاثاء 12 مايو2020،  مواجهة مسلحة جديدة في كادوقلي حاضرة جنوب كردفان السودان بين مسلحين من مجموعتين تطور إلى نزاع قَبَلي، سقط على إثره قتلى وجرحى من الطرفين ولا زالت المواجهات مشتعلة حتى ساعة.
كما اندلعت مواجهات مسلحة قبلية في مدينة كسلا، التي تبعد ٤٦٠ كليومتر جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، الخميس الماضية، وأسفرت عن صقوط ٣ قتلى على الأقل وإصابة 79 أخرين، فضلاً عن حرق مباني ومنازل بالمدينة.
بدأ الاشتباكات باحتكاكات بين أفراد من أبناء قبيلتي النوبة والبني عامر والتي تم احتوائها في وقتها بتدخل قوات المنظومة الأمنية بالولاية.
من جانبه أصدر والي ولاية كسلا المكلف اللواء ركن محمود بابكر محمد همد، بيانًا توضيحيًا حول الأحداث التي وقعت بدأت منذ الخميس ٧ مايو الجار، بين قبيلتي النوبة والبني عامر بمدينة كسلا والتى أدت الي وقوع ضحايا وخسائر في ممتلكات المواطنين.
وادانت الحركة الشعبية لتحرير السودان تدين وتتأسف للأحداث القبلية في كسلا بين البني عامر والنوبة وأحداث العنف بين منطقتي فداسي والعزازة بالجزيرة.
وناشدت الحركة الشعبية في بيان لها، الطرفين من البني عامر والنوبة بولاية كسلا بضرورة وقف الإقتتال والعنف واللجؤ الي الحكمة وصوت العقل وإشاعة روح المحبة والتسامح.
وقالت الحركة الشعبية علي حكومات ولايتي كسلا والجزيرة وأجهزتهم النظامية القيام بدورهم في حفظ الأمن والإستقرار والقبض علي الجناة المتسببين في الأحداث وتقديمهم للمساءلة القانونية.
وشددت الحركة الشعبية على ضرورة الإنتباه واليقظة لمخططات عناصر النظام البائد التي تؤجج الفتن القبلية والفوضى والإستثمار فيها بغرض خلق عدم الإستقرار وزعزعة الامن.

كما شهدت أعلنت الحكومة السودانية، مساء الأربعاء 6 مايو، مقتل 30 شخصاً في اشتباكات اندلعت بين قبيلتي الرزيقات والفلاتة  نتيجة لسرقة مواش، في ولاية جنوب دارفور جنوب غربي البلاد.
من ناحيته أكّد والي جنوب دارفور اللواء هاشم خالد للصحفيين إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة.
ويشهد إقليم دارفور، الذي تتجاوز مساحته مساحة فرنسا اضطرابات منذ 2003 حين حملت مجموعات تنتمي إلى أقليات أفريقية السلاح ضدّ حكومة الخرطوم، متّهمة إياها بتهميش المنطقة اقتصادياً وسياسياً.

واتهم عمار آمون دلدوم، السكرتير العام للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، نظام البشير بالوقوف وراء هذه الاشتباكات، قائلا :"هذه الأحداث تقف من خلفها عناصر من النظام البائد والدولة العميقة، التي تُغذِّيها وتُديرها، وكما ذكرنا من قبل أن هذه الأحداث يمكن أن تطال مُدن أُخرى مُستقبلاً في ظل إنتشار السِّلاح الذي ملَّكته الدولة لتلك المجموعات بهدف التفريق بين المُكوِّنات الإجتماعية لإضعافها وإشغالها بالحروبات والصراعات الدموية ممَّا يُمكِّنهم من الهيمنة والسيطرة والإنفراد بالسُلطة والإحتفاظ بها".
ودعا "آمون" في بيان له :جموع الشعب السوداني لتفويت الفُرصة على تمرير هذه المُخطَّطات التي تهدف إلى ضرب النسيج الإجتماعي وإشعال الفتنة بين مُكوِّنات الشعب السودان، والعمل سوياً من أجل تحقيق السلام المُجتمعي.
كما طالب السكرتير العام للحركة الشعبية لتحرير السودان، بإجراء تحقيق نزيه وشفَّاف حول هذه الأحداث وتقديم الذين تسبَّبوا فيها للعدالة، مشددا على قيام السُلطات بدورها في حفظ الأمن والإستقرار وعدم تسخير آلة الدولة، والإنحياز لأحد أطراف النزاع.
من جانيه قال حزب المؤتمر السوداني في بيان له:"موجة العنف في جنوب كردفان تبعت الأحداث المزلزلة التي ضربت جنوب دارفور وولاية كسلا ليتواصل اشتعال الحريق وإهراق الدماء على أساس قَبَلي .. يحدث كل هذا القتل والإجرام تحت سمع وبصر السلطات الأمنية التي تراخت كثيراً في إحتواء هذه النزاعات العنيفة، بل صارت في بعض تلك النزاعات جزءاً من الصراع ومصدر شكوى عديد من المكونات المحلية".

وقدم حزب المؤتمر السوداني "أصدق تعازينا لأسر الضحايا، نترحم على من قضوا نحبهم ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى وعودة الهدوء والسلم الأهلي إلى كافة أنحاء بلادنا، فاننا ندق ناقوس الخطر للتنبيه لما يحدق بالبلاد من مخاطر تقودها نحو نفق مظلم".

وأكد الحزب على تحمل جميع أطراف السلطة الانتقالية لقدرٍ كبير من المسؤولية ونحذر عناصر النظام البائد من التمادي في هذا المخطط الذي لن يعيدهم للسلطة، فقد طوى شعبنا صفحة حكمهم البغيض.

وطالب حزب المؤتمر بمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم وعدم استثناء كائن من كان من الخضوع لسلطة القانون، وإقالة قيادات الأجهزة الأمنية المتورطة في هذه الأحداث والإسراع في إعادة هيكلة وإصلاح القطاع الأمني في البلاد.

كما طالب حزب المؤتمر ارتفاع الحكومة الانتقالية لمستوى التحديات المطروحة ومراجعة الأداء التنفيذي بهدف معالجة أوجه القصور وتجاوز حالة الضعف والبطء فيه، والاسراع بإكمال هياكل السلطة المدنية في الولايات والمحليات عبر صيغة توافقية تعبر عن إرادة مواطني الولايات.

كذلك شدد على ضرورة الفراغ من ملفات التفاوض العالقة وتسريع وتيرته بغية الوصول لسلام شامل وعادل يسهم في إطفاء التوترات الاجتماعية في البلاد.
و عقد مؤتمر تداولي عاجل للكيانات المجتمعية المناطقية والادارات الأهلية والمثقفين والمفكرين وأجهزة الدولة والمراكز البحثية من أجل تبني استراتيجية شاملة للسلام الاجتماعي.

واكد حزب المؤتمر أنه سيعمل مع جميع الأطراف ذات المصلحة في استقرار البلاد لايقاف نزيف الدم هذا والعبور ببلادنا من مخاض الانتقال العسير إلى تحقيق كامل أهداف ثورة ديسمبر المجيدة كاملة غير منقوصة.
كما علق رئيس الوزراء السودانى الدكتور عبد الله حمدوك،على الاشتباكات القبائلية قائلا: "نؤكد أن الصراع القبلى الذى يدور فى بعض المناطق من بلادنا العزيزة يتطلب معالجة جذرية، من خلال نهج وأضح وكُلى للسلام الشامل بجانب تسريع اختيار الولاة المدنيين وإنشاء آليات للمساءلة عن مثل هذا الأحداث".
وأضاف حمدوك في تصريحات صحيفة: "كما أُؤكد أيضًا أن البلاد تمر بمرحلة مفصلية تتطلب من الجميع التحلى بالروح الوطنية الصادقة والتكاتف والترابط ونبذ الفرقة والجهوية والقبلية وإشاعة روح السلام والتسامح، الرحمة والمغفرة للضحايا الذين سقطوا جراء تلك الأحداث المؤسفة وعاجل الشفاء للجرحى والمصابين".



شارك