مركز الإمارات للسياسات يحذر من عودة داعش بالعراق
الأربعاء 30/يونيو/2021 - 12:31 م
طباعة
روبير الفارس
بعد أربع سنوات على هزيمة تنظيم "داعش" في العراق، عادت الأوضاع الأمنية في عدة محافظات إلى التدهور ثانية، جراء التناقض الجيوسياسي بين حكومتي بغداد وأربيل (وهو تناقض مردُّه إلى قيام القوات الاتحادية باسترجاع هيمنتها الكلية على المحافظة، وذلك ضمن خطة فرض القانون في أكتوبر 2017، التي جاءت كرد فعل على إجراء السلطات الكردية لاستفتاء استقلال كردستان عن البلاد).وحذرت ورقة بحثية لمركز الامارات للسياسات من هذا التدهور ومخاطرة عودة نشاط تنظيم داعش الارهابي وقدمت الورقة البحثية عدة مناطق رخوة تشهد نشاطا مكثف لداعش من ذلك جنوب وغرب كركوك، تنطلق عمليات التنظيم الإرهابي. إذ تعاني القوات الاتحادية من ضعف في معلوماتها الاستخبارية وتنسيقاتها الإدارية بين مختلف صنوفها المتكونة من وزارتَي الداخلية والدفاع، لذا يتمتع "داعش" بمساحة من الحركة في المناطق التي تتمركز فيها خلاياه النائمة، والواقعة تحديداً في "قضاء الحويجة" و"ناحية الرياض" و"ناحية الرشاد"، سيما أن الغالبية السكانية لتلك المناطق هم من "العرب السُنَّة" المناكفين قومياً للوجود الكردي في المحافظة، وطائفياً للإدارة الاتحادية ذات الصبغة الشيعية.
وقال مركز الامارات يُعزى نجاح العمليات الداعشية خلال الأشهر الماضية في محافظة كركوك، إلى التضارب القائم داخل الإدارة الأمنية المشتركة في المحافظة، وتمكُّن التنظيم من استثماره عبر تنفيذ عدة عمليات استهدفت مقاراً حكومية (كتفجير مكتب الأمن الوطني في نهاية أبريل الماضي)، وآباراً نفطية (كتفجير بئرين نفطيين في حقل باي حسن في 17 أبريل الماضي)، فضلاً عن زرع العبوات الناسفة التي استهدفت الأرتال العسكرية لغرفة العمليات المشتركة.
وقامت القوات الاتحادية بعدة عمليات استباقية بحثاً عن الخلايا النائمة في كركوك، لكن تلك العمليات لم تصل إلى نتائج كبيرة، واقتصرت على اعتقال عدة أفراد من التنظيم، مع ضبط أوكار وأسلحة تابعة له في وديان كركوك الوعرة يُتيح التداخل الجغرافي بين محافظتي كركوك وصلاح الدين للجماعات الإرهابية الانتقال من بلدة لأخرى، وبخاصة في ظل ضعف الأداء الأمني للقوات المرابطة في المناطق المتداخلة بين المحافظتين، إذ يسعى تنظيم "داعش" إلى توسيع نفوذه وحواضنه وإثبات وجوده من جديد في المناطق الرخوة، والتي منها:قضاء طوز خورماتو: مدينة تتبعها أربع مناطق هي "آمرلي"، و"بسطاملي"، و"سليمان بيك"، و"قادر كرم". ويسكن القضاء أغلبية تركمانية شيعية، وأقلية يتشاطرها العرب السنة والأكراد.
جزيرة الثرثار: منطقة صحراوية شاسعة تقع في شمال غربي صلاح الدين، وتحد محافظة الأنبار من الشمال، وتفصلها عن محافظة نينوى من الغرب. ويعد هذا المثلث المطل على المحافظات الثلاث من أبرز المعاقل الاستراتيجية لتنظيم "داعش"تُعتبر الأودية والجبال والتلال الممتدة من محافظة ديالى إلى صلاح الدين وكركوك وصولاً إلى محافظة نينوى، من القواعد الأساسية لتنظيم "داعش". وهو يعزز وجوده في تلك الأماكن الوعرة لصعوبة الملاحقة الأمنية للتنظيم من القوات العراقية. كما تمتاز محافظة ديالى بالنسبة لتنظيم "داعش" في كونها المحافظة الواسعة التي تعطيه حرية التنقل وسهولة الحركة، لجهة كثرة بساتينها فضلاً عن الكهوف والوديان والجبال الممتدة إلى محافظة كركوك.
ويشهد العراقايضا تدفقاً ملحوظاً للإرهابيين عبر مناطق التسلل الحدودي مع محافظتي نينوى والأنبار وقال المركز من المتوقع أن يستمر التوتر الأمني في مناطق صلاح الدين وكركوك وديالى ونينوى مع تصاعُد نشاط "داعش" في تلك المناطق، وضعف الجهود الحكومية لمحاصرة التنظيم المتطرف، بسبب تراجع الإسناد من قبل قوات التحالف الدولي للقوات العراقية، وتشتت الجهود الأمنية الناجم عن تقاسم المناطق بين القوى السياسية، وصعوبة ترتيب الخطط العسكرية وإعادة تموضع قوات "الحشد الشعبي" بعيداً عن مناطق التماس الطائفي كما في محافظة ديالى، وضعف فاعلية الحشد العشائري السني لجهة ارتباطه بهيئة "الحشد الشعبي" وعدم حل مشاكله الإدارية والمالية.وحتى يمكن استعادة الاستقرار في المناطق المحررة والقضاء على "داعش"، قدمت الورقة البحثية التوصيات التالية اولا تحييد القوات المتنافرة قومياً وسياسياً في المناطق المتوترة أمنياً، عبر تفاهمات بين مرجعيات القرار السياسي في أربيل وبغداد، بحيث تتم إناطة إدارة المناطق الشيعية المحضة بالحشد الشعبي، وترك المناطق المشتركة للقوات الاتحادية، فيما يتم التنسيق الفعلي بين الجيش والبيشمركة في المناطق المتنازع عليها، والتنسيق مع الحشود السنية في مناطقها الحاضنة للخلايا الفاعلة والنائمة لـ "داعش".
ثانيا إقامة مصالحة وطنية حقيقية في المدن المتداخلة مذهبياً وعشائرياً، وإصدار العفو عن المغرَّر بهم من قبل التنظيمات الإرهابية، وهاتان الخطوتان تسهمان بشكل كبير في التضييق على نشاط "داعش".
ثالثا إعادة النظر في ملف إعمار الموصل، والشروع نحو تفعيله لكي تستعيد المدينة حيويتها، والقضاء على البطالة فيها، وعدم جعل أبنائها مصيدة لتنظيم "داعش"، الذي بات يستعيد نشاطه في المدينة المحررة عبر نافذة المال.