مصر في مواجهة الإرهاب في ٧ سنوات

الأربعاء 30/يونيو/2021 - 11:21 م
طباعة مصر في مواجهة الإرهاب حسام الحداد
 
  منذ ثورة 30 يونيو عام 2013، وتواجه مصر والمنطقة تحديًا كبيرًا يتمثل في الجماعات المتطرفة التي تهدف إلى إسقاط الدول، وبسط نفوذها واستقطاب العديد من الشباب إلى صفوفها؛ لتحقيق مقاصدها الخبيثة وأجنداتها المشبوهة. ومنذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد في يونيو عام 2014، واتخذت مصر خطوات مهمة في مواجهة التطرف والإرهاب على الصعيدين المحلي والإقليمي، الأمر الذي أخرج مصر من قائمة أكثر (10) دول عُرضة للتطرف والإرهاب، بحسب التقرير السنوي لمنظمة الاقتصاد والسلام (IEP) والذي يتضمن مؤشر الإرهاب العالمي (Global Terrorism Index). 
وفي هذا التقرير يسلط مرصد الأزهر لمكافحة الفكر المتطرف الضوء على أهم المحطات التي واجهت بها مصر التطرف والإرهاب خلال السبع سنوات الأخيرة؛ حيث اتخذت هذه المواجهات صورًا مختلفة وأشكالًا متعددة، ومن أهم مساهمات الإدارة المصرية في مواجهة التطرف والإرهاب على الصعيد الداخلي ما يلي:
1-    فرضت الدولة قوتها عن طريق بسط الأمن والأمان في مدة وجيزة، ما أدى إلى القبض على العديد من أصحاب الفكر المتطرف سواء من جماعة الإخوان الإرهابية أو غيرهم ممن لهم انتماءات لجماعات متطرفة أخرى، وتقديمهم إلى أيدي العدالة؛ لينالوا جزاءهم في محاكمات تضمن الشفافية والعدالة، يقودها القضاء المصري.
2-    المواجهة العسكرية المباشرة مع العناصر التكفيرية والتي اتخذت أشكالًا متعددة، كان أبرزها العملية الشاملة (سيناء 2018) التي أدت إلى العديد من النتائج الإيجابية، كان من بينها مقتل العديد من قادة العناصر التكفيرية والعناصر شديدة الخطورة، كما استهدفت تدمير البؤر الإرهابية المكتشفة، إضافة إلى القبض على عدد كبير من العناصر الإرهابية والإجرامية المطلوبة جنائيًّا والمشتبه في دعمها للعناصر التكفيرية، كما تمَّ تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية من مخازن الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة، والاحتياجات الإدارية والمراكز الإعلامية ومراكز الإرسال، إضافة لاكتشاف وضبط وتدمير عدد من الدراجات النارية والعربات الخاصة بالعناصر الإرهابية، حسبما صرّح المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية.
3-    التنمية المستدامة والتعمير المتواصل والمشروعات الكبيرة التي تنفذها مصر؛ حيث أدركت الإدارة المصرية أن مواجهة الإرهاب لا تقتصر فقط على المواجهة العسكرية والفكرية، وإنما هناك محور ثالث لا يقل أهمية عن هذين المحورين، وهي المواجهة من خلال التنمية والتقدم؛ لأن الإرهاب لا ينصب شباكه إلا في الأماكن المتوارية الخالية من التنمية والتطوير، فشرعت الإدارة المصرية في العديد من المشاريع العملاقة، مثل: العاصمة الإدارية، وتطوير الريف، وإنشاء شبكة عملاقة من الطرق والكباري، إضافة إلى المشروعات الزراعية والصناعية والتجارية المختلفة، والتي بلغت (14762) مشروعًا في مختلف القطاعات، جرى الانتهاء منها بتكلفة تقديرية (٢207.3) مليار، حسبما نشرت جريدة أخبار اليوم بتاريخ 4 يونيو 2021 في تقرير لها بعنوان: "7 سنوات خلال عهد الرئيس".
كل هذا يقطع على الإرهاب الدعاية إليه تحت ستار ظروف الناس ومصاعب الحياة والوعود المزيفة بالمدينة الفاضلة؛ لذا فإن مصر قطعت الطريق على جماعات الإرهاب والتطرف؛ ببذل كل ما من شأنه أن يجعل حياة المواطن سهلة وميسورة. وقد كان لمرصد الأزهر بعض المتابعات والأنشطة التي أكّد من خلالها أن التنمية يمكن أن تواجه التطرف، حيث أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، تقريرًا مصورًا باثنتي عشرة لغة تحت عنوان: «التنمية في مواجهة التطرف... مصر 2030 نموذجًا»، فى إطار سلسلة الإصدارت المرئية التي ينشرها المرصد باللغة العربية واللغات الأجنبية.
وأكد المرصد في هذا التقرير المصور أن جهود مصر في مكافحة التطرف تعكس عزم الدولة -في أجندتها الوطنية المستدامة- على اجتثات جذور الإرهاب وتجفيف منابعه من خلال تبنِّي إستراتيجية شاملة. وأشار المرصد إلى أن مكافحة التطرف والإرهاب أحد أهم العوامل التي تساعد على تنفيذ رؤية مصر 2030؛ باعتبارها نموذجًا يُحتذى به في تمكين الشباب وتحصينهم من مخاطر الاستقطاب، بما يُسهم في خلق بيئة طاردة للتطرف والإرهاب.
4-    اهتمت مصر بالتعليم الجامعي وما قبل الجامعي، وذلك من خلال أنظمة تعليم جديدة ومتطورة، وبإنشاء العديد من الجامعات والكليات التي تواكب التقدم التكنولوجي، ما يعني تخريج أجيال واعية بالتحديات التي تواجه أوطانهم.
وفي هذا الصدد أيضًا، عقد السيد الرئيس العديد من مؤتمرات الشباب، وكان حريصًا على إجراء حوار بنَّاء مع الشباب يبصرهم بواقعهم، ويفتح لهم أفاق المستقبل، كما اتخذت الدولة خطوات واضحة في تمكين الشباب ومنحهم العديد المناصب القيادية، وخريجي الأكاديمية الوطنية للتدريب خير شاهد على ذلك.
كل هذا يجعل الشباب الذين هم أكثر عرضة للاستهداف من قبل جماعات الظلام والتطرف يتطلعون لمستقبلٍ مشرق، ويبصرون أمامهم آمالًا وطموحات قابلة للتنفيذ، فيزاد إيمانهم بوطنهم، ويزداد حرصهم على تقدم بلادهم وازدهارها.
5-     أولت مصر خلال السبع سنوات الماضية اهتمامًا بالغًا بسوق العمل وتوفير السلع والاحتياجات للمواطنين، عن طريق العديد من المبادرات والإجراءات، ولا شك أن هذا يقطع الطريق على من يروجون للتطرف والإرهاب تحت بند البطالة والفقر. وفي هذا الصدد أعلنت وزارة التخطيط في تقرير لها، أن خطة العام الجديد تهدف إلى خفض مُعدّل البطالة إلى نحو 7.3٪، مع تقليص مُعدّل الفقر إلى 28.5٪، وخفض نسبة الأمية إلى نحو 17.5٪، وهذه الأمور من شأنها قطع روافد التطرف والإرهاب.
6-    باعتبار الأزهر الشريف جزءًا أصيلًا من أجزاء الدولة المصرية، فقد اتخذ الأزهر الشريف إجراءات شديدة الأهمية لمواجهة التطرف والإرهاب، فعلاوة على أن المنهج الأزهري الوسطي الذي يحمي من التطرف والإرهاب، تمَّ إنشاء مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، إضافة إلى العديد من المراكز التي تهتم بقضايا التراث وتجديد الخطاب الديني.
كما تم إنشاء أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ وأمناء الفتوى، إضافة إلى العديد من المؤتمرات واللقاءات التي أشرف عليها فضيلة الإمام الأكبر وحضرها بنفسه، كان آخرها "مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي"، والذي تمَّ برعاية كريمة من السيد رئيس الجمهورية.
هذا فضلًا عن الكتب والإصدارات التي فنَّد فيها الأزهر الشريف بهيئاته المختلفة كل مطعن ورد على كل شبهة تستغلها الجماعات المتطرفة في ترويجها لأفكارها الإرهابية، ويكفي في هذا الصدد مطالعة الكُتاب الذي تضمن أعمال مؤتمر الأزهر العالمي لمواجهة التطرف والإرهاب الذي عقد خلال ديسمبر عام 2014، وكذلك كتاب مؤتمر الأزهر العالمي للسلام الذي عُقد في المدة ما بين 27 / 28 أبريل 2017.
وعلى الصعيد العالمي والإقليمي باتت مصر دولة محورية في مواجهة العديد من قوى الإرهاب العابر للحدود؛ حيث أعلنت الإدارة المصرية عن دعمها لكل الشعوب من أجل أن تحيا حياة كريمة. كما لعبت مصر دورًا محوريًّا في العديد من قضايا المنطقة التي تتعلق بشكل أو بآخر بقضايا التطرف، ومن القضايا الإقليمية والدولية التي اهتمت بها مصر اهتمامًا كبيرًا: 
1-    القضية الفلسطينية: فقد عبَّر الرئيس السيسي عن الموقف التاريخي الثابت من القضية الفلسطينية، والإيمان بحل عادل وشامل لهذه القضية، ولا يخفى كيف أن الجماعات المتطرفة تستغل القضية الفلسطينية؛ لاستقطاب المزيد من الشباب العربي الغاضب من الانتهاكات الصهيونية بحق الفلسطينيين العزل. ولقد ظهر في الأيام الأخيرة كيف أن مصر أسهمت في وقف الاقتتال في الأراضي المحتلة، كما أن مصر الآن تقوم بإعادة إعمار غزة بتوجيهات من الرئيس السيسي.
جدير بالذكر أن الأزهر الشريف عقد مؤتمرًا دوليًّا بشأن القضية الفلسطينية بحضور فضيلة الإمام الأكبر، وقد شارك فيه العديد من العلماء والشخصيات العامة من (٨٦) دولة، على رأسهم الرئيس "محمود عباس"، رئيس دولة فلسطين، والدكتور "يوسف بن أحمد العثيمين"، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي،  ووزير الخارجية الأسبق السيد "أحمد أبو الغيط"، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتور "أولاف فيكس تافيت"، الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، والدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وغيرهم.
2-    القضية الليبية: وقد كان الموقف المصري في هذه القضية واضحًا، حيث عملت مصر على مد سبل التعاون والمساندة للشعب الليبي؛ وذلك للوصول لتسوية سياسية تلبي متطلبات الشعب الليبي وطموحاته. ولمَّا كان هناك تدخل أجنبي من بعض الدول في الشأن الليبي أدانته الأمم المتحدة والعديد من الدول الكبرى في العالم؛ إذ تسبَّب هذا التدخل في جلب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والإرهابين إلى الأراضي الليبية، ما يشكل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي المصري والعربي، هنا كان الموقف القوي للإدارة المصرية لحفظ أمنها القومي، ودعم الشعب الليبي في الحفاظ على وحدة أراضيه، وقد شكل ذلك حائط صد منيع لمنع تدفق المرتزقة وتكوين الخلايا الإرهابية على الاتجاه الإستراتيجي الغربي لمصر، مما يهدد العديد من دول القارة، لا سيّما مع النشاط الإرهابي الملحوظ في وسط وغرب إفريقيا.
جدير بالذكر أن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أيدت هذه الخطوات التي تتخذها الإدارة المصرية للحفاظ على أمنها القومي بشأن تطور الأحداث في ليبيا.
3-    سعت مصر مع العديد من الدول العربية لرأب صدع الصف العربي، ومد يد الصلح، وإنهاء بعض الخلافات العربية، ما يعني تكوين وجهات نظر عربية موحدة، ومواقف متناسقة ومتوافقة في مواجهة الأفكار الإرهابية، وقطع الطرق على الجماعات الإرهابية التي تستغل أية نقطة خلاف؛ لإيجاد موطئ قدم لها بعد أن لفظتها المجتمعات وكرهت وجهها المظلم.
4-    استعادت مصر عمقها الإفريقي ومكانتها العالمية وتأثيرها الكبير، الأمر الذي يجعل منها دولة قوية تؤثر سياسيًّا في مجريات الأحداث، وتسهم بآرائها ووجهات نظرها في مواجهة التطرف والإرهاب. وقد شارك السيد الرئيس والعديد من المسئولين في مختلف المحافل الدولية، وقدموا رؤى متقدمة جدًّا من خلال التجربة المصرية، تسهم في مواجهة التطرف والإرهاب وتقلل من مخاطره.
وختاما فإن مصر قدمت خلال السبع سنوات الأخيرة العديد من المواقف المضيئة، التي ستظل شاهدة في جبين التاريخ من أجل مواجهة التطرف والإرهاب، الأمر الذي يراه مرصد الأزهر قوة دفع كبيرة للأمة العربية نحو التقدم والتنمية. كما يؤكد المرصد أن هذه الخطوات تسهم بشكل فاعل في الحفاظ على الهوية المصرية، وتبرئة الساحة الإسلامية من كل ما يلصق بها من افتراءات وأكاذيب، وتحافظ على الوحدة العربية والأخوة الإنسانية.

شارك