تقرير.. يونيو يرسم ملامح حرب الوكلاء بين واشنطن وطهران في سوريا

الجمعة 02/يوليو/2021 - 02:56 م
طباعة تقرير.. يونيو يرسم علي رجب
 

كشف تقرير سوري، عن الصراع المحتدم بين القوات الأمريكية واسرائيل وميليشيات إيران في سوريا خلال شهر يونيو الماضي، لافتا إلى تصاعد وتيرة الصراع بين الطرفين بما يؤشر على تصاعد وتيرة حرب الوكالة في سوريا.

وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن طائرات إسرائيلية استهدفت في 9 يونيو الجاري، مركزاً للبحوث العلمية في منطقة خربة التينة ومواقع ونقاط عسكرية أخرى في المنطقة هناك والواقعة بريف حمص الغربي، ما أدى لمقتل 11 شخص من الجنسية السورية من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني، بينهم ضابط برتبة عقيد، فيما طال القصف الإسرائيلي إيضاً مستودع ذخيرة تابع لحزب الله اللبناني جنوب مدينة حمص، كما دوت انفجارات في محيط مطار دمشق الدولي وكتيبة للدفاع الجوي في منطقة الضمير وقرب مطار الضبعة العسكري.

وفي 28 يونيو، قامت طائرة أمريكية باستهداف مواقع لميليشيا “الحشد الشعبي العراقي” بريف البوكمال قرب الحدود السورية-العراقية شرقي دير الزور، الأمر الذي أدى إلى مقتل 9 من الميليشيا وإصابة 4 آخرين بجراح متفاوتة، بالإضافة إلى تدمير مستودع للذخيرة والسلاح بالإضافة لتدمير نقطة عسكرية أخرى للميليشيات، لتقوم الميليشيات الإيرانية بذات اليوم بإطلاق عدة قذائف مدفعية، سقطت في “حقل العمر” النفطي ومساكن الحقل بريف دير الزور الشرقي، حيث تتخذه القوات الأمريكية قاعدة عسكرية لها، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية واحتراق سيارات كانت في الموقع المستهدف، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.

وفي سياق ذلك، استهدفت مدفعية “التحالف الدولي” المتمركزة في المدينة السكنية العمالية بحقل العمر النفطي مواقع المليشيات الإيرانية في مدينة الميادين بريف دير الزور.

 

وفي 30يونيو الماضي، رصد نشطاء المرصد السوري قصفًا بالمدفعية الثقيلة من قاعدة “حقل العمر” بريف دير الزور الشرقي، أكبر قاعدة للتحالف الدولي، باتجاه مناطق الميليشيات الإيرانية في بادية الميادين غربي الفرات بريف دير الزور، دون تحديد مواقع سقوط تلك القذائف بشكل دقيق.

 

حرب الميليشيات

و بدأت كل من ميليشيا الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي العراقي في شهر بداية شهر يونيو، بعمليات تصنيع راجمات صواريخ فردية، لإطلاق صواريخ إيرانية الصنع عبرها وذلك ضمن الميادين عاصمة الإيرانيين في منطقة غرب الفرات، حيث تتم عمليات التصنيع في الرحبة العسكرية الواقعة في منطقة المزارع أكبر تجمع للإيرانيين وميليشياتها بأطراف مدينة الميادين، ويقوم بذلك خبراء من الجنسية الإيرانية وسط تشديد كبير للحراسة على المنطقة هناك وتحصينها بشكل كبير تخوفاً من أي استهداف محتمل لإسرائيل أو التحالف الدولي، إذ جرى تصنيع العشرات من الراجمات الفردية المخصصة لإطلاق صواريخ أرض-أرض إيرانية الصنع، وفي 23 حزيران عمدت تلك الميليشيات إلى إجراء تجارب واختبارات حية للراجمات التي بدأت بتصنيعها محلياً في المنطقة هناك بإشراف خبراء إيرانيين، ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإن الميليشيات نصبت الراجمات المحلية في باديتي الميادين والبوكمال وأطلقت عدد من الصواريخ الإيرانية المحلية بشكل عشوائي باتجاه عمق البادية في إطار التجارب.

 

وفي 11 يونيو، عمدت ميليشيا الحشد الشعبي العراقي إلى استقدام شحنة أسلحة جديدة إلى المنطقة قادمة من العراق عبر المعابر التي تديرها الميليشيات الموالية لإيران، ووفقاً للمصادر فإن الشحنة تضم صواريخ أرض-أرض متوسطة المدى، سرعان ما جرى نقلها إلى مستودعات ضمن منطقة آثار الشبلي وقلعة الرحبة الآثرية في أطراف مدينة الميادين شرقي دير الزور، وهي ليست المرة الاولى الذي يتم تخزين سلاح ضمن مناطق آثرية، لتواصل إيران اللعب التراث السوري دون رقيب وحسيب، على صعيد متصل قامت ميليشيا أبو الفضل العباس بنقل أسلحة وذخائر عبر شاحنة مموهة بالخضار والفاكهة من أطراف البوكمال شرقي دير الزور إلى بادية الرقة دون معلومات عن الأسباب حتى اللحظة.

وتيرة التجنيد

في الوقت ذاته تواصل الميليشيات الموالية لإيران عمليات تجنيد الشبان والرجال في منطقة غرب الفرات، متسلحة بسلاحي “المال والتشيع”، ولا يقتصر الأمر على الذكور، بل يشمل الإناث فقد أشار المرصد السوري مؤخراً بأن ميليشيا “أبو الفضل العباس” قام بتكليف نحو 25 امرأة من نساء وعوائل عناصر الميليشيا، بالتواصل مع الفتيات والنساء في الميادين وإقناعهن باعتناق المذهب الشيعي والخضوع لدورات “عقائدية وتعريفية” حول المذهب ضمن المراكز الثقافية، وسط تقديم مساعدات غذائية لهم في إطار سياسة الترغيب التي تقوم بها الميليشيات الإيرانية لاستقطاب أهالي وسكان المنطقة، والأمر ذاته ينطبق على الأطفال من تنظيم رحلات دورية برعاية المركز الثقافي الإيراني ونشر الثقافة والتعاليم الإيرانية.

وفي اليوم ذاته، أي في الـ 11 من يونيو ، بدأت الميليشيات الموالية لإيران بسحب البطاقات التعريفية العسكرية الخاصة بعناصرها المتواجدين في بادية دير الزور، وذلك بعد انتشار ظاهرة تأجيرها للمهربين وامتلاكها من قِبل خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” المنتشرين في بادية دير الزور وتنقلهم بين حواجز النظام بالزي العسكري وهم يحملون ذات البطاقات التعريفية الخاصة بالميليشيات الموالية لإيران المنتشرة في البادية السورية، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري، فقد أبلغت الميليشيات جميع حواجزها بضرورة سحب البطاقات من العناصر عند عبورهم بالإضافة لإبلاغ إدارة المقرات والدوريات والمعسكرات بالمباشرة بسحب مئات البطاقات من العناصر حيث تعمل الميليشيا على إعادة مطابقتها مع البيانات الموجودة لديها والعمل على آلية جديدة تضمن عدم استغلالها، وعملت الميليشيات الموالية لإيران على منح عناصرها ورقة مؤقتة طبعت عليها صورة المقاتل في صفوفها، صالحة لمدة 48 ساعة فقط.

 

وفي أواخر يونيو، قامت ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني”، بتخريج دفعة جديدة من المنتسبين الجدد إليها في المدينة، وضمت الدفعة الجديدة نحو 85 شخص خضعوا لدورة عسكرية لمدة شهر تقريباً في منطقة “المزارع” أكبر تجمع للميليشيات الإيرانية والواقعة في أطراف مدينة الميادين، ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإن 40 من المنتسبين جرى تدريبهم على استخدام الرشاشات الثقيلة باختلاف أنواعها، والبقية -أي 45 عنصراً- جرى تدريبهم على استخدامات الرشاشات المتوسطة والخفيفة، وأضافت المصادر بأن المنتسبين سيتقاضون راتب شهري قدره 120 ألف ليرة سورية بالإضافة لامتيازات أخرى كمساعدات غذائية شهرية وطبابة مجانية في النقاط الطبية التابعة للحرس الثوري.

 

 

 

تمدد متواصل في الحسكة

وبالانتقال إلى منطقة شمال شرق سورية، وبعد الخسارة التي منيت بها إيران وميليشياتها في مدينة القامشلي، عقب إنهاء تواجد قوات الدفاع الوطني وطردهم منها، في الوقت الذي كانت فيها فيه الميليشيات الموالية الإيرانية متثملة بميليشيا لواء فاطميون الأفغانية تصعد من عمليات التجنيد في كل من مدينة الحسكة والقامشلي، وتمكنت من تجنيد 710 شخص في القامشلي والحسكة، 315 منهم من عناصر وقيادات في الدفاع الوطني، بينما 395 من المدنيين وأبناء العشائر كعشائر “العبيد ويسار وحريث وبني سبعة والشرايين”، وذلك منذ منتصف شهر كانون الثاني وحتى أحداث القامشلي أواخر شهر أبريل الفائت، لتقوم الميليشيا قبلها بنقل المجندين في صفوفها إلى خارج القامشلي وغالبيتهم تم سحبهم إلى منطقة غرب الفرات “المحمية الإيرانية” في سورية.

تعزيزات عسكرية في شرقي حلب

لاتزال الميليشيات الموالية لإيران تدفع بالتعزيزات العسكرية واللوجستية نحو قاعدتها التي أنشأتها مطلع أيار 2021 شرقي حلب، مقابل مناطق نفوذ قسد والتحالف على الضفة الأخرى لنهر الفرات، حيث استقدمت في 13 حزيران تعزيزات عسكرية جديدة إلى القاعدة الواقعة على تلة في قرية حبوبة بين الخفسة ومسكنة، وضمت التعزيزات وفقاً للمصارد، أسلحة وذخائر جرى نقلها من غرب الفرات ويتواجد فيها صواريخ أرض-أرض متوسطة المدى بشكل لافت، يذكر أن هذه هي المرة الثانية التي تستقدم فيها الميليشيات تعزيزات خلال 20 يوم، دون معلومات مؤكدة حتى الآن عن الأهداف من وراء ذلك.

وفي الحديث عن ريف حلب الشرقي، تتواصل عمليات التجنيد هناك بوتيرة ثابتة لصالح الميليشيات الموالية لإيران بقيادة ميليشيا “لواء فاطميون” الأفغاني مقابل إغراءات مالية وتقديم امتيازات لهم، ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن تعداد المجندين لصالح تلك الميليشيات ارتفع إلى نحو 985 منذ تصاعد عمليات التجنيد مطلع شهر شباط/فبراير 2021 وحتى يومنا هذا، وتتركز عمليات التجنيد في مناطق مسكنة والسفيرة ودير حافر وبلدات وقرى أخرى شرقي حلب، والتي تتم عبر عرابين ومكاتب تقدم سخاء مادي.

شارك