مركز الإمارات :تنافس ايطاليا وفرنسا في حرب داعش بإفريقيا
الثلاثاء 13/يوليو/2021 - 01:03 م
طباعة
روبير الفارس
تسعى إيطاليا إلى تعزيز حضورها الأمني وقيادة الجهود الدولية والأوروبية والأفريقية لمكافحة تنظيم "داعش" في منطقة الساحل الأفريقي، وتستفيد من تنامي المشاعر المعادية للسياسة الفرنسية في تعزيز دورها. وينصب الجهد الأمريكي والأوروبي على توحيد الجهود الأمريكية والأوروبية في مواجهة الصين وروسيا في منطقة الساحل الأفريقي، لأن البديل عن توحيد الجهود هو استمرار التنافس بين هذه القوى ما يسمح بالتمدد الروسي في المنطقة، ولا ترغب واشنطن في تشتيت جهود حلفائها، وتعمل على تجنُّب المواجهة مع روسيا والصين. لذلك، يبدو أن السيناريو المرجح هو التعاون الإيطالي-الفرنسي في إطار صفقة سياسية واقتصادية برعاية أمريكية تضمن اعتراف إيطاليا بالمصالح الفرنسية في ليبيا، لاسيما في قطاع النفط والغاز، مقابل اعتراف فرنسي بدور أمني إيطالي في منطقة الساحل يضمن تعاون الجانبين لحماية مصالحهما، ويضمن لإيطاليا حضورها الأمني من أجل حماية مصالحها في ليبيا والساحل.هذا ما توصل اليه تقرير لمركز الامارات للسياسات ناقش دوافع ايطاليا وفرنسا لمحاربة داعش في افريقيا .حيث طرح وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، مبادرة تشكيل قوة مهام دولية جديدة في ظرف حرج تمر به منطقة الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا، لاسيما بعد إعلان فرنسا إنهاء مهام العملية الفرنسية "برخان" في المنطقة، في يونيو الماضي، وهو الأمر الذي ترك فراغاً أمنياً تسعى قوى دولية أخرى إلى ملئه، لاسيما روسيا التي تنافس بقوة على تعزيز حضورها الأمني والعسكري بالمنطقة، وهو ما يزعج قوى دولية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا التي تخشى على مصالحها في المنطقة. ومن ثمَّ، وجدت إيطاليا في تلك التطورات التوقيت المناسب لطرح مبادرة جديدة لتعزيز دورها وحضورها في المنطقة، وتقديم نفسها بديلاً لفرنسا، وقيادة الجهود الأوروبية لمكافحة الارهاب في المنطقة. كثيراً ما وجهت إيطاليا انتقادات للسياسة الفرنسية في منطقة الساحل لذلك كشفت مبادرتها الأخيرة عن تطلعها للعب دور أكبر في جهود مكافحة الإرهاب والخروج من العباءة الفرنسية، ما يعزز من حضورها الأمني والعسكري في المنطقة لحماية مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية.واكد تقرير مركز الامارات وجود سيناريوهان أساسيان لمستقبل التعاون بين روما وباريس في منطقة الساحل الأفريقي، وهما:
اولا سيناريو التنافس؛ فبرغم أن فرنسا لم تُبدِ أيَّ تحفظاتٍ على المبادرة الإيطالية، التي لم تتضح معالمها وتفاصيلها بعد، لكن يبدو أنها ستكون تحت مظلة التحالف الدولي لمكافحة "داعش"، وقد تعمل إيطاليا على إقناع الدول الأوروبية على إعادة هيكلة قوة العمل الدولية "تاكوبا"، وهو ما يمنح روما دوراً أوسع في قيادة الجهود الأوروبية والأفريقية، الأمر الذي قد يضعها في منافسة ومواجهة مع فرنسا التي لا تزال تنظر إلى المنطقة، برغم قرار إنهاء مهام العملية الفرنسية "برخان"، بوصفها ساحة نفوذ تاريخي لها. وقد أعلنت باريس في بداية يوليو الجاري، وبعد أيام قليلة من الكشف عن المبادرة الايطالية، عن استئناف عملياتها العسكرية في مالي، في إشارةٍ واضحةٍ إلى أن الجهود الفرنسية في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل مستمرة.
والسيناريو الثاني سيناريو التعاون؛ برغم الرؤى الإيطالية والفرنسية المتنافسة حيال العديد من الملفات، لاسيما في ليبيا والساحل، لكن التوجهات الإيطالية الجديدة والتوافق الأورووبي حول ضرورة مواجهة تمدد النفوذ الروسي، وأيضاً النفوذ التركي، في كلٍّ من ليبيا والساحل، ربما تدفع إلى تعزيز نهج براغماتي في السياسة الإيطالية تجاه فرنسا لحماية المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة في مواجهة روسيا وتركيا. كما أن تصاعُد القلق الإيطالي من خطر تنامي النفوذ الاقتصادي التركي، لاسيما في قطاع النفط والغاز في ليبيا، قد يُعزز من التفاهمات بين الدولتين، ناهيك عن أن التحديات التي تواجه السياسة الفرنسية في الساحل ربما تدفع فرنسا للانحناء للتوجهات الإيطالية والأمريكية، وخاصة أن فرنسا تستعد لاجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل 2022، ويتجنَّب الرئيس إيمانويل ماكرون إثارة الانتقادات الداخلية لسياسته في منطقة الساحل، كما أن الإدارة الأمريكية تبدو غير مستعدة لتوسيع عملياتها العسكرية في الخارج في إطار سياسة بايدن "انهاء حروب أمريكا الأبدية"، ومن ثمَّ فهي مستعدة لتفويض قوى دولية أخرى، مثل إيطاليا، لتولي ملف مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.