انتهاك حرمات الموتى.. الاحتلال التركي ينبش مقبرة للشهداء في عفرين
دمرت القوات التركية والفصائل الموالية لتركيا،
مقبرة جماعية في مدينة عفرين بالقرب من مبنى المجلس المحلي في عفرين، حيث استقدمت القوات
العسكرية جرافات وآليات ثقيلة لتدمير المقبرة والتي تحوي رفات أكثر من 40 جثة لمدنيين
وعسكريين قتلوا واستشهدوا إبان حصارعفرين مطلع العام 2018.
ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أهالي
عفرين دفنوا جثث قتلى المحمودية الذين قتلوا في قصف جوي تركي على الحي، في آذار
2018.
على صعيد متصل، أغلقت الفصائل الموالية لتركيا كافة
الشوارع المؤدية إلى المقبرة، اليوم، ووفقًا لمصادر أهلية، فإن القوات التركية انتهكت
حرمات الموتى، حيث استخرجت عظام وأكفان أثناء عمليات الحفر.
أفاد شبكة "عفرين بوست" أنّ أعمال الحفر
والنبش لا تزال مستمرة في موقع المقبرة القريبة من جامعة عفرين، وتم إخراج جثامين ستة
شهداء صباح اليوم، ليصبحَ المجموع الكلي لعدد الجثامين المستخرجة 41، وقد تم نقل الجثامين
إلى مكانٍ مجهولٍ.
وأضافت نّ عمليات الحفر والنبش سبقها تهديدُ الأهالي
بالجوار من مغبةِ التصويرِ أثناء عملية الحفر والنبش، من أجل أن تبقى الرواية التركية
فقط هي مصدر الخبر، وتروّج لكذبة أنَّ الجثامين تعود لمقاتلين جرى تصفيتهم، وليسوا
ضحايا مجازر القصف التركيّ خلال العدوان على إقليم عفرين.
بعد أكثر من ثلاث سنوات من الاحتلال التركيّ والميليشيات
الإخوانيّة، خرج الإعلام التركيّ يوم أمس الأربعاء، بفرقعة إعلاميّة، وقال إنّه عُثر
على مقبرةٍ تضم 35 جثماناً في عفرين الجديدة، وأن السلطات الأمنيّة تلقت بلاغاً، وأسفرت
أعمال الحفر عن العثور على 35 جثة ملفوفة بأكياس ومدفونة على عمق 15 – 20 متراً.
استندت الرواية التركيّة بشكلٍ أساسيّ على أكذوبة
المقبرة السريّة، وزعمت الوكالة أنّ التحقيقات الأولية أظهرت أنَّ الجثث مجهولة الهوية
أعدمت قبل فترة قصيرة من العملية المسماة غصن الزيتون”.
والحقيقة الثابتة أنّ المقبرة كانت معروفة، وكانت
للقبور شواهد واضحة تُعرف بالشهداء، وتتم زيارتها من قبل ذوي الشهداء في أول عامين
من الاحتلال أيام الأعياد، والشهداء المدفونين فيها مدنيون وعسكريون قضوا في القصف
التركيّ وبينهم أطفال، وكانت أول التعديات على المقبرةِ التي تعرضت لإخفاء المعالم
بعد الاحتلال التركي لعفرين، هي قيام المستوطنين بإلقاء الركام الناجم عن أعمال البناء
في المقبرة.
الرواية التي نشرتها الوكالة وتهافت على تداولها
الإعلام التركي والإخواني التابع له، تجاوزت كل حدود الخيال، بل إنّ الوكالة نفسها
كذّبت نفسها بنشر الصورة، فهي لا تشير أبداً إلى تلك الأعماقِ السحيقة للدفن كما قالت،
كما أن مكان العثور على المقبرة في حي سكنيّ محاطٍ مباشرةً بالأبنية السكنيّة، ينفي
مطلقاً قصة المقبرة السريّة، وخلافاً لرواية الوكالة لم تظهر الأكياس، بل كانت الجثامين
ملفوفة بالأكفان.
لم يتداول الأهالي يوماً حكاية الإعدام في عفرين
لمن يرفض حمل السلاح، ومن السطحيّة بمكانٍ تصديق إمكانية إخفاء حدثٍ بهذا الحجم من
الخطورة يتم في حي سكنيّ مفتوح أمام الأهالي، وفي مدينة تضاعف عدد سكانها، وأن تبقى
طي الكتمان أكثر من ثلاث سنوات مع وجود عددٍ من المتعاملين مع سلطات الاحتلال.
كما أن الوكالة كذّبت نفسها بصيغة الخبر أيضاً،
إذ قالت إنّ القبورَ حديثة وأنّ عملية “الإعدام المفترضة” حصلت قبل العدوان بفترة قصيرة،
أي أن آثار القبور لم تُعفَ مع احتلال المدينة، ويفترض أن تكون واضحة، وبخاصة مع افتراض
الحفر على أعماقٍ كبيرة، فلماذا لم يُكشف عنها فوراً، وبقيت حتى اليوم؟، وفقا
لشبكة "عفرين بوست".
في 21 مارس 2018 نشرت وكالة الأناضول التركية خبر
العثور على مقبرة وجاء الخبر تحت عنوان “الجيش التركي يعثر على مقبرة للإرهابيين في
عفرين… تلك المقابر حديثة، دفن فيها إرهابيون لقوا مصرعهم في عملية غصن الزيتون”. ونشرت
صوراً لجنود أتراك يقفون في المقبرة، وكان المقصود مزار الشهيدة آفيستا خابور الذي
يضم جثامين عشرات الشهداء ممن قضوا خلال مقاومة العدوان التركيّ والميلشيات الإخوانيّة
التابعة له، ورغم أن الصور التي نشرتها الوكالة تُظهر بوضوح أنها موقع على أطراف المدينة
وفي مكانٍ مكشوفٍ فقد أوردت الخبر بصيغة الكشف عن مكان سريّ، وبعد فترة من الاحتلال
قامت بتجريف تلك المقبرة وحوّلتها إلى سوقِ للمواشي.
واستهدفت مزارات الشهداء خلال العدوان مرات عديدة، ولما كانت أنقرة تفاخر
باستخدام أسلحة عالية الدقة فإنّ ذلك دليلٌ على الاستهداف المتعمد لمزارات الشهداء
(مزار الشهيد رفيق في متينا، ومزار الشهيد سيدو في جبل قازقلي بقرية كفر صفرة)، وقد
قامت بتدنيس حرمة المقابر بالدبابات. ليس هذا وحسب، بل إنّ الاحتلال ومسلحو الميليشيات
لم يراعوا حرمة للمقابر في الكثير من القرى، وتم نبش القديمة منها، والتعدي على أضرحة
وكسر الشواهد التي كُتب عليها باللغة الكرديّة، كما تم الاعتداء على القبور في القرى
الإيزيديّة، حتى المزارات الدينيّة لم تسلم من أعمال الحفر والنبش.
والجدير بالذكر أن القوات التركية دمرت مقابر متينا
وقازقلي وافستا على طريق كفرشيل وحولتها إلى سوق لبيع الأغنام، إضافة لمقبرة سنارة
الأثرية.