توصيات مصر بشأن مكافحة الإرهاب.. ضمان مُحاسبة الدول التي تحتضن عناصره
الثلاثاء 03/أغسطس/2021 - 03:10 ص
طباعة
أميرة الشريف
أصدرت وزارة الخارجية المصرية التقرير الوطني لجمهورية مصر العربية حول مكافحة الإرهاب لعام 2021 الذي يستعرض جهود الدولة المصرية ومقاربتها الشاملة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والذي تم إعداده بالتنسيق مع الوزارات وأجهزة الدولة المختلفة المعنية بما يبرز جهود تلك الجهات في مجابهة التهديدات الإرهابية، ويعرض للسياسات والممارسات الوطنية المتبعة ذات الصلة.
وفي هذا الصدد، صرح الوزير المفوض محمد فؤاد، مدير وحدة مكافحة الإرهاب الدولي، بأن التقرير يعرض للإنجازات التى تحققت على المستوى الوطني اتصالاً بتنفيذ المقاربة المصرية الشاملة للتعامل مع الأبعاد المختلفة لظاهرة الإرهاب، حيث يتطرق إلى المنظومة التشريعية لمكافحة الإرهاب بما في ذلك التشريعات الوطنية وتعديلاتها التي تتسق مع التزامات مصر الدولية ذات الصلة، كما يعرض للتجربة المصرية الرائدة في مجال التوعية والوقاية من الفكر المتطرف والتحريضي، والتي تستند إلى المبادرة التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية في عام 2014 لتصويب الخطاب الديني، انطلاقا من الاقتناع بضرورة إيلاء المواجهة الفكرية الاهتمام اللازم لتحصين فئات المجتمع، خاصة الشباب، من مخاطر الاستقطاب الفكري.
كما أضاف أن التقرير يتناول كذلك الجهود الأمنية المبذولة لملاحقة التنظيمات الإرهابية وتقويض قدرتها على تنفيذ العمليات التي تمس أمن واستقرار الوطن، وكذا جهود مكافحة تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه، حيث حصلت مصر على إشادة واسعة فى هذا الصدد من جانب مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالنظر لفعالية النظم المصرية المُطبقة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. كما أشار إلى أن التقرير يوضح كذلك الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المواطنين، أخذاً بعين الاعتبار أهمية البعد التنموى فى الوقاية من الإرهاب والتطرف، وهي الجهود التي شملت كافة محافظات الجمهورية، وساهمت في تطوير قطاعات مختلفة، في مقدمتها تطوير المناطق العشوائية، والخدمات العامة، والصحة، والتعليم، والنقل، وذلك بالإضافة إلى توفير سبل المساندة والرعاية لأسر شهداء ومصابي العمليات الإرهابية.
ونوه الوزير المفوض محمد فؤاد بأن مصر أولت قضية مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف أهمية متقدمة على أجندة سياستها الخارجية، حيث تشارك بشكل فعال في صياغة التوجهات الدولية ذات الصلة على مستوى المحافل متعددة الأطراف، وفي مقدمتها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، كما تحرص على تناول الجوانب المختلفة لتلك القضية فى اتصالاتها مع مختلف دول العالم من خلال الأطر الثنائية، وتؤكد دوماً على أهمية تبنى مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب والوقاية منه، وضرورة مواجهة كافة التنظيمات الإرهابية دون استثناء باعتبارها تمثل تهديدا مشتركا للسلم والأمن الدوليين، وتدفع بأهمية عدم التمييز بين العمل الإرهابي المادي من ناحية والفكر أو الخطاب المتطرف التحريضي المؤدي إلى الإرهاب من ناحية أخرى، كما تدعو لتعزيز التنسيق بين دول العالم لمواجهة تلك الآفة بأبعادها المختلفة بالنظر إلى تنامى التهديدات الإرهابية التي لم تعد أية دولة فى مأمن منها.
ووفقاً لما ذكره التقرير، ترى مصر أن تلك المُقاربة التي تستهدف مُعالجة الجذور المُسَبِّبة للإرهاب تتطلب الآتي:
1. مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون استثناء بالنظر إلى انبثاقها عن ذات المصدر الأيديولوجي، وهو تنظيم الإخوان الإرهابي القائم على الفِكر التكفيري المُتطرف الذي أرساه سيد قطب وحسن البنا، ويستند إلى تفسيرات دينية مُنحرفة لتحقيق مآرب سياسية.
2. التوصل إلى اتفاق حول تعريف للإرهاب وعدم استبداله بأي توصيف آخر أو ترسيخ مُصطلحات مغلوطة من شأنها التمييز غير المُبرَّر بين مُختلف التنظيمات الإرهابية بتصنيف بعضها بأنها إرهابية والبعض الآخر بأنها مُتطرفة أقل عُنفًا أو غير العنيفة، مثل مُصطلح التطرف العنيف أو جماعات التطرف العنيف بدلاً من الجماعات الإرهابية، بما يُسهم في التخفيف من وطأة جرائمها أو تبريرها.
كما حث التقرير، المجتمع الدولي، على التوقف عن الترويج لبعض المصطلحات الأخرى المضللة مثل «الجهاد/ الجهاديين والمعارضين والمتمردين» لدى وصف العناصر أو الأعمال الإرهابية، إذ إن من شأنها أيضاً إضفاء الشرعية وتبرير الجرائم المُرتكبة من جانب هؤلاء الإرهابيين.
3. ضمان مُحاسبة الدول التي ترعى الإرهاب وتحتضن عناصره، بما في ذلك «المُقاتلين الإرهابيين الأجانب»، وتوفر لهم الملاذ الآمن أو تقوم بتسليحهم وتدريبهم وتيسير انتقالهم عبر أراضيها إلى مناطق أخرى لزعزعة استقرارها، أو تُقدِّم لهم الدعم المالي واللوجستي أو السياسي والإعلامي، في خرقٍ واضحٍ لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبما يُهدد السلمَ والأمن الدوليين.
4. عدم الفصل أو التمييز بين العمل الإرهابي المادي وبين الفِكر أو الخطاب المُتطرف التحريضي المُؤدي إلى الإرهاب.
5. تعزيز التعاون الدولي لتقويض قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد عناصر إرهابية جديدة، بما في ذلك المُقاتلين الإرهابيين الأجانب، خاصةً من الشباب.
وأوصى تقرير وزارة الخارجية بمنع التنظيمات الإرهابية وداعميها من استخدام وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر الفِكر المُتطرف وخطاب الكراهية؛ سواء كان نابعًا من أيديولوجية تكفيرية للتنظيمات الإرهابية، والداعمين لها، أو العنصرية وكراهية الأجانب، مع إلزام الشركات المُوَفِّرة لخدمات التواصل الاجتماعي بحذف المحتوى المتطرف التحريضي من على مواقعها.
وطالبت مصر، في تقريرها، بضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2354 لعام 2017 الخاص بمُكافحة الخطاب الإرهابي، الذي سَبَقَ وأن تقدمت به إبان عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن، بما يكفل ضمان فاعلية الجهود الدولية لمُكافحة الإرهاب.
كما دعا تقرير الوزارة إلى تعزيز الجهود الدولية لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، سواء من خلال الأفراد أو شبكات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، أو الدول والكيانات الإرهابية التي تتخذُ من بعضِ المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية والإغاثية والدعوية "ستارًا" لها لجمع التبرعات لتمويل أنشطة إرهابية، فضلاً عن منع حصول الإرهابيين على السلاح إعمالاً لقرار مجلس الأمن رقم 2370 لعام 2017 الذي سبق، وأن تقدمت به مصر إبان عضويتها بمجلس الأمن.
وشدد التقرير على ضرورة التصدي للروابط القائمة بين التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، سواء تلك التي تعمل في تهريب المُخدرات، أو البشر، أو الاتجار في الأسلحة، وهو ما يعتبر أحد العناصر الرئيسية لتعزيز فعالية جهود مُكافحة الإرهاب.
ودعت وزارة الخارجية إلى تنفيذ تدابير فعَّالة للتصدي للطرق المُستحدثة الخاصة بتمويل الإرهاب، وذلك لمُواكبة التطور النوعي الذي طرأ فى هذا الصدد، وذلك على ضوء ما تم رصده مُؤخرًا من تزايد لجوء التنظيمات الإرهابية إلى استخدام العُملات الافتراضية أو المُشفرة في التحويلات المالية بغرض غسل الأموال وتمويل أنشطتها الإرهابية.
يُذكر أن مصر كانت من الدول التي ذاقت مرارة غدر الإرهاب قبل عقود، لذا عملت منذ الستينيات لمكافحة هذه الظاهرة، وبدأت لاتفاقية طوكيو بشأن الجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات المبرمة في طوكيو في سبتمبر 1963.
وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 51 لسنة 2017 بشأن الموافقة على انضمام مصر لبروتوكول مونتريال بتعديل اتفاقية طوكيو المُشار إليها أعلاه والمُصَدَّق عليها من مصر عام 1975، حيث وسَّع هذا البروتوكول من الولاية القضائية للدول الأطراف في مُكافحتها للجرائم التي تقع على وسائل النقل الجوي.
ووقعت مصر على العديد من الاتفاقيات الإقليمية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، أبرزها:
1. الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، المُبرمة في القاهرة في 22 أبريل 1998، والتي وقعت عليها كافة الدول العربية خلال مؤتمر وزراء الداخلية والعدل العرب الذي عقدته مصر بجامعة الدول العربية بالقاهرة في أبريل 1998. "والتي استندت فيها جامعة الدول العربية بالتعريف الوارد بقانون العقوبات المصري عندما وضعت تعريفا للإرهاب بأحكام الاتفاقية العربية لمكافحـة الإرهاب".
2. اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لمنع ومكافحة الإرهاب، المُبرمة في الجزائر في 14 يوليو 1999، وانضمت لها مصر عام 2000.
3. الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، المُوقعة بالقاهرة في 21 ديسمبر 2010.
4. الاتفاقية العربية لمُكافحة الجريمة المُنظمة عبر الوطنية، المُوقعة بالقاهرة في 19 أغسطس 2014.
5. الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، المُوقعة في القاهرة في 12 ديسمبر 2010.
6. معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمُكافحة الإرهاب الدولي، المُوقعة بواجادوجو في 28 يونيو1992.
7. اتفاقية الرياض للتعاون القضائي، المُبرمة في إطار الجامعة العربية في 4 أبريل 1983.