المؤتمر العالمي السادس لدار الإفتاء يختتم فعالياته بمجموعةٍ مِنَ التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ من خلال اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ
اُختتم المؤتمرِ العالميِّ السادسِ للأمانةِ العامَّةِ لِدُورِ وهيئاتِ الإفتاءِ في العالمِ فعالياته تحتَ عُنوانِ: «مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي.. تحديات التطوير وآليات التعاون»، الَّذي انعقدَ فِي مدينةِ القاهرةِ، يومي الثاني والثالث مِنْ شَهْرِ أغسطس لِسَنةِ أَلْفَيْنِ وواحد وعشرين مِنَ الميلادِ، الموافقِ الثالث والعشرين والرابع والعشرين مِنْ شهرِ ذي الحجة لِسَنةِ أَلْفٍ وأَرْبَعِمِائِةٍ واثنين وأربعينَ مِنَ الهجرةِ، برعايةٍ كريمةٍ مِنْ فخامةِ السيدِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسي -رئيسِ جمهوريةِ مصرَ العربيةِ- وبحضورٍ كريمٍ مِنَ السادةِ الوزراءِ، والمُفْتِينَ والسُّفراءِ، والعلماءِ، ورجالِ الدولةِ، ورجالِ الصحافةِ والإعلامِ.
وقدْ شاركَ في أعمالِ المؤتمرِ وجلساتِه نُخبةٌ مِنَ السادةِ العلماءِ والمُفتينَ والباحثِينَ المتخصصينِ مِنْ مُخْتَلِفِ بُلْدانِ العالم، حيثُ أُثرِيَتْ جَلَسَاتُ المؤتمرِ وَوِرَشُ عَمَلِهِ وَمَشْرُوعَاتُه بأبحاثِهمْ ومَا دارَ حولَها مِنْ مناقشاتٍ مهمَّةٍ ومُداخلاتٍ مفيدةٍ.
وَعَرَضَ المؤتمرُ في جلساتِه وأبحاثِه ونقاشاتِه وَوِرَشِ عَمَلِهِ قضيةَ التحول الرقمي في المؤسسات الإفتائية وأهميته مناقشًا ومحللًا قضايا إدخال المؤسسات الإفتائية في العصر الرقمي وتحديات تطبيق الرقمنة فيها، وكيفية الاستفادة بالتقنيات الحديثة في إقامة جسور التعاون بين هذه المؤسسات، خاصةً في سياق استخدام الاجتهاد الجماعي ووضع طرائق وآليات للفتوى الجماعية بجميع صورها الوطنية والعالمية، وبيان مدى استخدام المؤسسات الإفتائية للتطور الرقمي في عبور الأزمات ومواجهة الجوائح، مثل جائحة "كورونا"، وتفعيل الإفتاء الجماعي في التعامل مع هذه الأزمة.
وعَلى هامشِ جلساتِ المؤتمرِ انْعَقَدَتْ مجموعةٌ مِنْ وِرَشِ العملِ للتدريب والتفاعل فكانت الورشة الأولى: الفتوى والعصر الرقمي.. كيف نقتحم الميدان؟ وقد ناقشت هذه الورشة كيفية استفادة مؤسسات الفتوى من تكنولوجيا المعلومات، ووقفت على أهم البرمجيات اللازمة للمؤسسات الإفتائية لتنفيذ التحول الرقمي، وعرضت لبعض المؤسسات الإفتائية التي نجحت في التحول الرقمي وكيفية إفادتها من هذا التطور في الفتوى وإدارة العملية الإفتائية داخلها.
وأما الورشة الثانية فكانت لعرض نتائج حصاد المؤشر العالمي للفتوى في 2020/2021م، وفي هذه الورشة تم استعراض نتائج التحليل المقارن للسنوات الأربع الماضية من خلال دراسات مقارِنة لقضايا الفتوى، وتقديم رؤى استشرافية تنهض بالخطاب الإفتائي، كما تمت مناقشة المرحلة الثانية من عمل محرك البحث الإلكتروني للمؤشر وقاعدة بياناته، وخرجت الورشة بمجموعة من النتائج والتوصيات التي تسهم حال تطبيقها في تحسين وتطوير العمل في المنظومة الإفتائية.
وجاءت الورشة الثالثة تحت عنوان: تدريب المفتين عن بُعد.. طريقٌ للتأهيل الإفتائي باستخدام التقنية الرقمية، وقد تم في هذه الورشة عرض تجربة موقع "إعداد المفتين عن بُعد" التابع لدار الإفتاء المصرية كأول مؤسسة مهنية متخصصة تعمل على إعداد وتأهيل المفتين من خلال الجمع بين التكوين العلمي المتخصص والتدريب العملي على الفتوى ومهاراتها.
وقال المفتي في البيان الختامي للمؤتمر: قدْ رَجَوْنَا مِنَ اللهِ العليِّ القديرِ فِي مُؤْتَمَرِنَا هذا التوفيقَ لِتَحْقِيقِ أَهدافِنَا التي كانَ مِنْ بَيْنِهَا زيادة الوعي بأهمية الرقمنة وما يعود من تفعيلها في المؤسسات الإفتائية على حالة الإفتاء وتفعيل دوره في المجتمعات، وكذلك توضيح متطلبات تطوير المؤسسات الإفتائية تقنيًّا لإدخالها في عصر الرقمنة، مع توضيح مدى استفادة المؤسسات الإفتائية من التطور الرقمي في مواجهة جائحة "كورونا"، فضلًا عن مناقشة كيفية تفعيل الإفتاء الجماعي في المؤسسات الإفتائية في مواجهة الجوائح وعبور الأزمات، وأيضًا وضع تصور دقيق لما يعوق التعاون والتكامل بين مؤسسات الإفتاء يشمل: المظاهر، والأسباب، وطرق الحل.
وأضاف المفتي الأستاذ الدكتور شوقي علام أن الله عز وجل قد وفقنا في مؤتمرنا هذا إلى إطلاق عدد من المبادرات المهمة التي تُعد نُقلة نوعية في سياق التحول الرقمي داخل المؤسسات الإفتائية وتفعيله في ظل تطوير آليات التعاون والتكامل بينها، وخاصة في مواجهة الجوائح والأزمات، منها إعلان وثيقة "التعاون والتكامل الإفتائي" لتكون أول وثيقة تقرر قيم ومبادئ وضوابط وآليات التعاون والتكامل بين مؤسسات الفتوى، وكذلك إنشاء مكاتب تمثيل للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء حول العالم، فضلًا عن وضع تصور لبرنامج سلام الأكاديمي، وهو أول برنامج أكاديمي من نوعه في العالم يُتيح المعرفة الأكاديمية بتاريخ الجماعات المتطرفة وسيكولوجيا وسُسيولوجيا التطرف وأهم مصادره، ومصفوفة المغالطات الفكرية التي تستند إليها التنظيمات المتطرفة، والتعرف على منهجيات البحث الحديثة في دراسات التطرف، وأبرز الاستراتيجيات الوطنية في مكافحته.
ولفت النظر إلى الإعداد لإنشاء "الذاكرة الرصدية والمكتبة الإلكترونية لدراسات التطرف"، وهي ذاكرة متعددة اللغات تضم كافة إصدارات التنظيمات التكفيرية والإرهابية المرئية والمقروءة والسمعية، وكذلك كافة الدراسات والكتب والأبحاث والتقارير المتعلقة بظاهرة التطرف والإرهاب؛ مع اتخاذ كافة الإجراءات لعرض محتوى الذاكرة بأحدث طرق العرض التكنولوجية.
وأشار إلى أنه تم الإعداد لعقد مؤتمر دولي منتصف ديسمبر حول "التطرف الديني.. المنطلقات الفكرية واستراتيجية المواجهة"، مؤكدًا على أن هذا كله في إطار تفعيل مركز سلام لدراسات التطرف الذي سبق إطلاقه في العام الماضي، وهو مركز يعمل على تحقيق شمولية مواجهة التطرف والإرهاب عبر تناول الأبعاد الدينية والإنسانية والاجتماعية والفكرية في عملية المكافحة وتقديم توصيات وبرامج عمل لكيفية مواجهة تلك الظاهرة وصولًا إلى اعتبار "سلام" مرجعية أكاديمية وفكرية عالمية في هذا الشأن.
كما لفت المفتي إلى إصدار العديد من التطبيقات والإصدارات منها إطلاق التطبيق الإلكتروني العالمي للفتاوى (FatwaPro)، وهو تطبيق بالإنجليزية والفرنسية يهدف إلى ضبط الخطاب الإفتائي وتلبية حاجات المجتمعات المسلمة من فتاوى بهاتين اللغتين، وكذلك إصدار طائفة من الكتب والموسوعات الإفتائية المطبوعة والحاسوبية التي تدعم مجال الإفتاء بصفة عامة، ودوره في مواجهة التطرف بصفة خاصة؛ ومنها: المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية، وجمهرة أعلام المفتين، والدليل المرجعي لمواجهة التطرف، وموسوعة الانحرافات الفقهية للجماعات المتطرفة؛ إلى غيرها من الإصدارات المهمة، كما تم اعتماد الخطة الخمسية للأمانة العامة ووضع مذكرتها التفصيلية الشارحة في إطار العناية بنُظُم الحوكمة والتخطيط الاستراتيجي.
واختتم البيان الختامي بمجموعةٍ مِنَ التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ التي خَلَصَ إليها من خلال اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ.