لوقف الحرب الأفغانية.. أفغانستان تستسلم أمام طالبان وتطالبها بتقاسم السلطة
الجمعة 13/أغسطس/2021 - 02:14 ص
طباعة
أميرة الشريف
في ظل الحرب التي تشهدها أفغانستان، ومحاولة حركة طالبان في السيطرة علي البلاد وفرض نفوذها هناك، صرح مصدر في فريق مفاوضي الحكومة الأفغانية لوكالة "فرانس برس"، أن المفاوضين المجتمعين في قطر عرضوا على حركة طالبان اتفاقاً لتقاسم السلطة مقابل وقف العنف الذي يجتاح البلاد.
وذكر تقرير لوكالة فرانس برس : أن الحكومة قدّمت عرضاً عبر الوسيط القطري، الاقتراح يسمح لطالبان بتقاسم السلطة مقابل وقف العنف في البلاد".
وشنّت طالبان هجوماً شاملاً على القوات الأفغانية أوائل مايو، مستغلةً بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي من المقرر أن يكتمل بحلول نهاية أغسطس. وقد سيطرت الحركة على مناطق ريفية شاسعة، خصوصاً في شمال أفغانستان وغربها، بعيداً من معاقلها التقليدية في الجنوب.
واقتربت أكثر فأكثر من العاصمة كابول بعدما سيطرت على مدينة غزنة الاستراتيجية الواقعة على بعد 150 كلم في جنوب غربي كابل، في أعقاب اجتياحها معظم النصف الشمالي من البلاد، وغزنة هي أقرب عاصمة ولاية من كابول يحتلها المتمردون منذ أن شنوا هجومهم.
وتقدّمت طالبان بوتيرة سريعة في الأيام الأخيرة وفي أسبوع واحد، سيطرت على عشرة من أصل 34 عاصمة ولاية أفغانية، سبع منها في شمال البلاد، وهي منطقة كانت دائماً تتصدى للحركة في الماضي.
وسيطرت طالبان على عاصمة إقليمية بالقرب من كابول، وهي العاصمة العاشرة التي يسيطر عليها المتمردون خلال أسبوع كامل في جميع أنحاء أفغانستان، فيما تستعد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لسحب قواتهما بالكامل من البلاد بعد عقود من الحرب.
وتعقد الحكومة وحركة طالبان محادثات متقطعة منذ أشهر في العاصمة القطرية لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن المفاوضات تتراجع مع تقدم طالبان في ساحة المعركة.
وتنتشر القوات الأجنبية في أفغانستان منذ نحو 20 عاماً، بعد دخول الولايات المتحدة للبلاد في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 لكن هذه القوات بدأت الانسحاب في الأشهر الأخيرة.
وتسود مخاوف من أن يؤدي انسحاب هذه القوات إلى إضعاف القوات الأفغانية، لاسيما في غياب المؤازرة الجوية لعملياتها الميدانية.
من جانبها قالت الولايات المتحدة وبريطانيا، إنهما سترسلان آلاف الجنود إلى أفغانستان للمساعدة في إجلاء المدنيين وحمايتهم، بينما تحقق طالبان تقدما في عدد من المدن الأفغانية منذ بدأت هجوما موسعا في مايو.
وبعد تقدم سريع وعنيف لطالبان، قالت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، إنها سترسل ثلاثة آلاف جندي إضافي في مهمة مؤقتة إلى أفغانستان، من أجل المساهمة في تأمين سحب أعضاء البعثة الدبلوماسية من السفارة في كابول.
وأضاف المتحدث باسم الوزارة جون كيربي، أن أول دفعة من القوات ستصل في غضون ما بين 24 و48 ساعة، مشيرا إلى أن الجيش الأميركي سينقل الأفراد من السفارة إلى مطار كابول جوا.
من جانبه، قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، إن بلاده سترسل نحو 600 جندي إلى أفغانستان لمساعدة الرعايا البريطانيين والمترجمين المحليين على مغادرة البلاد في ظل تدهور الوضع الأمني.
وقال والاس في بيان: "فوضت بنشر عسكريين إضافيين لدعم الوجود الدبلوماسي في كابول، ومساعدة المواطنين البريطانيين على مغادرة البلاد، وتقديم الدعم في نقل الموظفين الأفغان السابقين الذين خاطروا بحياتهم بالخدمة إلى جانبنا".
وعلى الرغم من أن إجراء إرسال جنود من الجيش الأميركي لإجلاء الأفراد من مناطق المعارك هو إجراء شائع، فإن التعزيزات ستصل قبل أسابيع فحسب من رحيل القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة، والتي كانت تقوم بدور أساسي في الحفاظ على الأمن في البلاد.
فيما قال مسؤولون في البنتاغون في تصريحات لشبكة "إن بي سي نيوز" NBC News، إن سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، سيسمح لتنظيم القاعدة بإعادة التوطين والبناء.
وكان قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال كينيث ماكينزي، قد أشار في وقت سابق إلى أنه لا يعتقد أن طالبان ستمنع القاعدة من إعادة التوطين لو فرضت سيطرتها على أفغانستان.
ورفع المسلحون أعلام الحركة فوق مدينة غزنة الواقعة على بعد 130 كيلومترا جنوب غربي كابول. وقال مسؤولان محليان لوكالة "أسوشييتد برس" إن القتال المتقطع استمر في قاعدة استخباراتية ومنشأة للجيش خارج المدينة.
ونشرت طالبان مقاطع مصورة وصورا على الإنترنت تظهر عناصرها في مدينة غزنة، عاصمة ولاية غزنة.
ومع ذلك، يحاول الرئيس أشرف غني حشد هجوم مضاد بالاعتماد على القوات الخاصة لبلاده وميليشيات أمراء الحرب والقوات الجوية الأميركية قبل انسحاب الولايات المتحدة وحلف الناتو نهاية الشهر الحالي.
من جانبه حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، من أن ألمانيا، أحد المانحين الرئيسيين لأفغانستان، لن تدفع "فلساً واحداً" من مساعدات التنمية إذا سيطرت طالبان على البلاد.
وقال الوزير في مقابلة مع محطة "زي. دي. اف" العامة: "لن نعطي أفغانستان فلساً واحداً بعد الآن إذا سيطرت طالبان بالكامل على السلطة". وشدد على أن أفغانستان "لا يمكن أن تستمر دون مساعدات دولية".
وتساهم ألمانيا بنحو 430 مليون يورو (505 ملايين دولار) سنوياً، وهي من بين أكبر عشرة مانحين للمساعدات التنموية لأفغانستان.
ويتوقع أن يستكمل الانسحاب في 31 أغسطس، بعد عشرين عاماً من تدخلها للإطاحة بطالبان من السلطة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
وشدد ماس على أن انسحاب القوات الدولية كان بمبادرة من الولايات المتحدة، قائلا: إن القرار "يعني أن جميع قوات حلف شمال الأطلسي اضطرت إلى مغادرة البلاد لأنه لا يمكن لأي دولة إرسال قوات إلى هناك" دون حماية عسكرية أميركية.
في سياق متصل، وافق المشرعون الدنماركيون على إجلاء 45 مواطناً أفغانياً عملوا لصالح حكومة الدنمارك في أفغانستان، ومنحهم الإقامة في الدولة الأوروبية لمدة عامين.
وتنطبق الخطة التي تمت الموافقة عليها يوم الأربعاء على الأشخاص الذين عملوا في السفارة الدنماركية في كابل، وكمترجمين فوريين للقوات الدنماركية.
وقامت الدنمارك، مثل دول غربية أخرى، مؤخراً بسحب قواتها المتبقية من أفغانستان.
وكانت الدنمارك قد افتتحت سفارتها في كابل في عام 2006. وموظفو السفارة الحاليون والسابقون خلال العامين الماضيين مؤهلون للإجلاء مع أزواجهم وأطفالهم.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية، يجب أن تبدأ جهود إخراجهم من أفغانستان في أقرب وقت ممكن، لكن يجب أن يتم تنفيذها بشكل تدريجي "حتى تظل السفارة قادرة على العمل".
وقالت وزارة الخارجية الدنماركية بعد أن لاقت خطة الإجلاء دعماً سياسياً واسع النطاق، إن "الوضع الأمني في أفغانستان خطير. طالبان تتقدم والتطورات تتسارع أكثر مما كان يخشى الكثيرون".
وتابعت الوزارة: "لدينا مسؤولية مشتركة لمساعدة الأفغان الذين يتعرضون للتهديد الآن بسبب ارتباطهم ومساهمتهم بمشاركة الدنمارك في أفغانستان".
ولم تعلن الحكومة الدنماركية بعد عن خططها لتعليق ترحيل المهاجرين الأفغان بسبب عدم الاستقرار في بلادهم.
هذا وقد دعت السفارة الأمريكية في العاصمة الأفغانية كابول، مواطنيها إلى ضرورة مغادرة أفغانستان فورا، وذلك بحسب بيان صحفى صادر عنها.
وحسب موقع العربية، قال رئيس مجلس الولاية ناصر أحمد فقيري "سيطرت طالبان على مناطق المدينة الرئيسية مكتب الحاكم ومقر الشرطة والسجن".
وأوضح أن معارك لا تزال دائرة في بعض مناطق المدينة، وأن طالبان "سيطرت على القسم الأكبر منها". كما أعلنت الحركة سيطرتها عليها.
وغزنة هي أقرب عاصمة ولاية من كابول يحتلها المتمردون منذ أن شنوا هجومهم في مايو مع بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي من المقرر أن يستكمل بحلول نهاية الشهر الحالي.
وقام الرئيس غني بزيارة خاطفة إلى مزار الشريف في شمال البلاد، الأربعاء، في وقت بات مقاتلو طالبان يسيطرون على أكثر من ربع عواصم ولايات البلاد في غضون أقل من أسبوع.
وفي مزار شريف، أجرى الرئيس الأفغاني محادثات مع قادة عسكريين محليين بشأن الدفاع عن المدينة، بينما اقترب مقاتلو طالبان من أطرافها.
وستشكل خسارة مزار شريف في حال وقوعها ضربة كارثية لحكومة كابول، وستعني انهيارا كاملا لسيطرتها على شمال البلاد المعروف بأنه معقل للمسلحين المناهضين لطالبان.
فيما ذكر مصدر في فريق مفاوضي الحكومة الأفغانية، أن المفاوضين عرضوا على حركة طالبان اتفاقا لتقاسم السلطة مقابل وقف العنف الذي يجتاح البلاد.
ويري مراقبون بأن العاصمة كابول لم تتعرض لتهديد مباشر من طالبان، وأن السرعة المذهلة للهجوم تثير تساؤلات حول المدة التي يمكن للحكومة الأفغانية أن تحافظ فيها على الأجزاء الأخرى من البلاد التي في حوزتها.
وقد تضطر الحكومة في نهاية المطاف للانسحاب من أجل الدفاع عن العاصمة، وعدد قليل من المدن الأخرى، حيث فر آلاف النازحين بسبب القتال إلى كابول، ويعيشون الآن في الحقول والحدائق المفتوحة.