مع عودة طالبان.. مستقبل قاتم ينتظر نساء أفغانستان
الجمعة 20/أغسطس/2021 - 07:20 ص
طباعة
فاطمة عبدالغني
مستقبل قاتم ينتظر نساء أفغانستان رغم تصريحات المتحدث باسم الحركة أن طالبان "لا تخطط لفرض العزلة على النساء، وإنها ستسمح لهن بالتعليم والعمل مقابل الالتزام بالحجاب".
فخلال السنوات العشرين الأخيرة، انتعش المجتمع المدني في أفغانستان بشكل كبير، وتولت النساء مناصب عامة في كابل والمدن الصغيرة، وانتشرت الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت موجود في كل مكان تقريبا.
وتطورت أحوال النساء الأفغانيات خلال السنوات الماضية، حيث انخفضت نسبة جرائم الشرف والعنف ضدهن إلى قرابة 250 حادثة في العام الواحد، بعدما كانت تزيد عن خمسة آلاف حالة في العام الواحد، كذلك صارت نسبة النساء في سوق العمل الأفغانية تتراوح بين 15-20 %، والمثير للاستغراب إن نسبتهن في القطاع الخاص كانت تتجاوز نسبتهن في القطاع العام.
وتشهد الكثير من الأفلام الوثائقية والأرقام الحكومية على نمو دور النساء في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في أفغانستان خلال العقود اللاحقة، حتى أن نسبة الأمية في أوساطهن قلت إلى ما دون النصف مما كانت عليه.
ولكن مع عودة طالبان للسلطة، أصبح مستقبل الأفغانيات على المحك، فتحت حكم الحركة، قبل الإطاحة بها في 2001، مُنعت الفتيات من الذهاب إلى المدارس والعمل والظهور في الأماكن العامة دون أغطية للجسم ومرافقة الرجال، والمخالِفات لتلك التعليمات كن يتعرضن للجلد علنا والإعدام، وُسمح بتزويجهن في سنٍ مبكرة، وخضعن بشكل كامل لسلطة الأبناء والأزواج، وفرض عليهن أنواع من الأزياء، مثل ارتداء البرقع، إلى جانب ممارسات التعنيف الشديدة في حال تجاوزهن لأوامر الحركة.
ومع سيطرت حركة طالبان مؤخرًا على أجزاء واسعة من مناطق أفغانستان، وثقت اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان مئات الحالات التي تعرضت فيه النساء لتعنيف ومعاقبة وإعادتهم بالقوة إلى بيوت أزواجهن، بما في ذلك أثني عشر حالة على الأقل لتزويج القاصرات، وطبعاً إغلاق المئات من المراكز التعليمية والإنتاجية التي كانت تنشط بها النساء.
هذا فضلاً عن ارتفاع أسعار "البرقع" في العاصمة كابل بأكثر من عشرة أضعاف، حيث تسابقت النساء لشراء هذا الزي قبل وصول مسلحي الحركة، وفق امرأة في المدينة لم يتم الكشف عن اسمها لأسباب أمنية.
وسارعت محال صالونات التجميل إلى إزالة صورة العرائس التي كانت تزين واجهات تلك المحال، كما رصدت عدسات المصورين في العاصمة الأفغانية كابل.
من ناحية أخرى قالت سفيرة أفغانستان السابقة لدى الولايات المتحدة رويا رحماني إنها تتوقع أن تختفي حقوق المرأة في ظل حكم طالبان لأفغانستان.
وعبّرت رحماني -الموجودة حاليا بالولايات المتحدة- عن قلقها من أن الحروب الأهلية التي دمرت أفغانستان سوف تستمر مع سيطرة طالبان.
وأضافت رحماني - أنها لم تفاجأ بسرعة تحرك طالبان للسيطرة على كثير من الأراضي الأفغانية، مشيرة إلى أنه كانت هناك انقسامات في الطوائف السياسية في أفغانستان، وما حدث يمثل فشلا للديمقراطية الأفغانية وفشلا للدبلوماسية، بعد أن ضربت طالبان عرض الحائط بكل ما قدمه المجتمع الدولي على مدار العشرين عاما الماضية، لافتة إلى أن سحب القوات الدولية من أفغانستان عجل باستيلاء طالبان على الأمور.
وعبّرت رحماني -التي كانت أول سفيرة لأفغانستان لدى الولايات المتحدة، وشغلت هذا المنصب منذ 2018 حتى الشهر الماضي- عن اعتقادها أن حكومة تسيطر عليها طالبان لن تعين سفيرات في المستقبل.
ومن جانبها، عبرت الناشطة المدنية الأفغانية سهرداد مغلوب، عن المخاوف الشديدة لملايين النساء الأفغانية من مستقبلهن المنظور، وشرحت ذلك في حديث مع سكاي نيوز عربية "مهما كانت وعود قيادات الحركة، ففي المحصلة يعرف الجميع إن الحركة تستمد قوتها الداخلية والتصاق أعضاءها من طاقة الذكورة والعنف التي تحملها في جنباتها، وهي لا تستطيع أن تتخلى عن ذلك، خشية الانحلال وفقدان الجاذبية بالنسبة لأعضائها. النساء هُن المادة الأكثر يُسراً وسهولة لتطبيق ذلك، ويبدو أنه أمر محتوم".
وتابعت مغلوب حديثها لسكاي نيوز "المشكلة أن الحركة ستتمكن خلال شهور قليلة من القضاء على إرث ونضال مديد للنساء الأفغانية، يمتد لأكثر من قرن كامل، من أيام مشاريع الملكة ثريا، زوجة الملك الأفغاني المتنور أمان الله (1919-1929)، حيث افتتحت المدارس والمشاغل والمنظمات والمجلات النسوية في أفغانستان، ثم تم إقرار قانون إلغاء الفصل بين الجنسين، إلى أن وصلنا لمرحلة الزعيم السياسي الحداثوي داوود خان، في أوائل الخمسينات من القرن المنصرم، وكما كانت الحركة قادرة في تسعينيات القرن المنصرم من اقتلاع كل ذلك خلال شهور قليلة، ستفعل ذلك في الشهور المقبلة".
ومع سيطرة طالبان على البلاد، يخشى الكثير ضياع حقوق النساء مع إلغاء الحركة أغلب تلك الحريات التي انتزعنها خلال 20 عاما، خاصة مع إفادة تقارير عديدة بقيام طالبان بتفقد منازل المواطنين لإعداد قوائم للنساء والفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 12 و 45 عاما، بغرض تزويجهن قسرا من المقاتلين الإسلاميين.
وفي الوقت نفسه أخطرت الحركة النساء بوجوب عدم مغادرة المنزل إلا في حال رافقهن الرجال، وأنه لم يعد بإمكانهن العمل أو الدراسة أو اختيار الملابس التي يرغبن في ارتدائها بحرية، وأقفلت المدارس أيضا، لكن طالبان تنفي العودة لتلك الممارسات.