انتقادات لدوائر المخابرات الأوروبية بسبب فشل توقع سقوط كابول
الجمعة 20/أغسطس/2021 - 05:13 م
طباعة
هاني دانيال
برلين – هانى دانيال
تسببت سيطرة طالبان على الحكم فى أفغانستان حالة من القلق والتوتر لدى الأوساط الألمانية والأوروبية عامة، فى ضوء الانتقادات التى وجهها سياسيين وبرلمانيين إلى أجهزة الاستخبارات والحكومة الألمانية بسبب التباطؤ فى قراءة المشهد، وعدم القيام بخطوات جادة نحو إعادة الجنود الألمان والموظفين والمواطنين الأفغان الذين عملوا مع الجيش الألمانى خلال السنوات الماضية، خاصة وأن كل التقارير الاستخباراتية أشارت إلى إمكانية سيطرة طالبان على العاصمة كابول فى سبتمبر المقبل، بل وتحديد موعد 11 سبتمبر، وهو اليوم الذى كان من المقرر فيه سحب القوات الأمريكية، وكذلك الجنود الألمان.
وزيرة الدفاع الألمانية
الآن هناك حالة من القلق نتيجة عدم القدرة على عودة كل الموظفين الألمان والدبلوماسيين، ويتم نقلهم من العاصمة كابول إلى بلدان قريبة، على أن يتم نقلهم فيما بعد إلى برلين، بينما تظل إشكالية كيفية الحفاظ على الوعود التى قدمتها برلين من قبل والعواصم الأوروبية بشأن الحفاظ على سلامة المواطنين الأفغان الذين خدموا مع الجنود الألمان والأوروبيين، وهو ما اعتبرته الصحافة الألمانية خداع للأفغان.
الأزمة السياسية فى برلين الآن على صفيح ساخن، خاصة وأن سيطرة طالبان تأتى قبل أسابيع قليلة من الانتخابات البرلمانية المقررة فى سبتمبر المقبل، واختيار خليفة للمستشارة أنجيلا ميركل، وعلى الرغم من التصريحات المقتضبة التى أدلى بها زعيم الاتحاد المسيحي الديمقراطي ورئيس وزراء ولاية شمال الراين بشأن خطورة الوضع فى أفغانستان، وتعهده إذا فاز بمنصب المستشار سيعمل على جلب أكثر من ألف أفغانى من الذين عملوا مع الجيش الألمانى خلال الفترة المقبلة، ومنح الفرصة لمزيد من النساء أيضا للقدوم إلى ألمانيا، إلا أن نتائج استطلاعات الرأى ليست فى صالحه، والمؤشرات تكشف عن انخفاض شعبيته داخل الألمان، وهو ما يقلق قادة الاتحاد الحاكم، وتداعيات ذلك على قدرة الاحتفاظ بتشطيل الحكومة بعد الانتخابات القادمة، وظهرت دعوة ماركوس سودر رئيس وزراء ولاية بافاريا وزعيم الاتحاد المسيحي الاجتماعى -الشريك فى التحالف الحاكم- إلى قادة التحالف من أجل اجتماع عاجل الجمعة من لمناقشة تداعيات تأثير أزمة طالبان، وتاثيرها على الانتخابات المقبلة.
من ناحية آخري دخل الجيش الألماني علي خط الأزمة في أفغانستان، منتقدا الساسة والأحزاب الألمانية وعدم قدرتهم علي إدارة الأزمة بشكل جيد، وهو ما ترتب عليه تفاقم الوضع في العاصمة كابول، والتخبط في عملية إجلاء الدبلوماسيين الألمان والمواطنين الأفغان، والتحذير من صعوبة الموقف خلال الفترة المقبلة.
الانتقادات جاءت علي لسان رئيس رابطة الجيش الألماني أندريه فوستنر، والذي أكد علي أن الوضع في أفغانستان "مخجل"، وأن هذه الأخطاء تسببت في "غضب هائل" بين المحاربين القدامى، متهما السياسيين في ألمانيا بالفشل لدورهم السلبي الأزمة الأفغانية، معتقرا أن ما يحدث كارثة سياسية ومأساة.
واتفق فوستنر مع تصريحات الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي أكد منذ يومان إنه أمر مخزٍ ما نراه هناك في أفغانستان.
ويري عسكريون ألمان أن الجيش الألماني سبق وأن وضع خطط إخلاء قبل شهور، لكن الأمر يتعلق دائمًا بالتقييم السياسي للوضع والقرار السياسي وجاء متأخرا جدا ".
وأشار فوستنر إلى رد الفعل المرير للعديد من قدامى المحاربين في أفغانستان، حيث أصيب من قبل العديد من الجنود أثناء المهمة في أفغانستان أو رأوا رفاقهم يموتون، وهناك علاقات زواج انهارت خلال هذا الوقت من التوتر، ومع ذلك لم يتم وضع كل هذا في الحسبان خلال معالجة الموقف، لذا يتزايد الغضب الهائل بين المحاربين القدامى والأعضاء في الجيش الألماني.
يأتي ذلك بعد ان انتقد وزير الداخلية الالماني هورست زيهور فشل مهمة الجيش في أفغانستان خلال الـ ٢٠ عامل الماضية، كما تعرضت وزير الدفاع انجريت كرامب كارنباور لانتقادات شديدة داخل جلسة خاصة للبرلمان الألماني لمتابعة الأزمة، وعدم قدرتها علي إدارة عملية الانسحاب بشكل سليم، إلي جانب سوء تقدير أجهزة المخابرات والجيش في توقع استيلاء حركة طالبان علي الحكم، حيث كانت كل التقارير تشير إلس سبتمبر المقبل، حتي جاءت المفاجأة وسقوط كابول في أيام قليلة دون مقاومة من الجيش الأفغاني.
يذكر أن المانيا تعد ثاني أكبر دولة لها جنود في أفغانستان بعد الولايات المتحدة الامريكية.
من جانبها كثفت الخارجية الألمانية من محاولتها في اجلاء أكبر عدد من الجنود الألمان، والمواطنين الأفغان، إلس جانب التنسيق علي جذب نشطاء حقوق الإنسان والنساء، والتنسيق مع شركات الطيران والدول الأوروبية من أجل استئجار طائرات للمساهمة في عملية الاجلاء.
على صعيد آخر بدأت ألمانيا والدول الأوروبية فى الاستعداد لقدوم عدد كبير من اللاجئين الأفغان، حيث قررت ألمانيا وقف ترحيل الأفغان المرفوضة طلبات لجؤهم بسبب الوضع الأمنى فى بلادهم، بينما علقت سويسرا تنفيذ أوامر الطرد التي دخلت حيز التنفيذ حتى إشعار آخر.
وتري سويسرا أنها لا يمكن أن تقرر بمفردها إنشاء برنامج لإعادة إذا لزم الأمر، والإشارة إلى أن الدول المجاورة مثل ايران أو باكستان يمكنها أن تستوعب تدفقات الهجرة
وأكدت الخارجية السويسرية أنها لا تقف مكتوفة الأيدي أبدًا، وأن الدول المجاورة مثل إيران أو باكستان هي التي ستستوعب الجزء الأكبر من تدفقات الهجرة، فالاحتياجات الإنسانية ستكون مهمة هناك وسويسرا ستكون هناك، والتأكيد على أنه لا يتم استبعاد استقبال إضافي للاجئين واللاجئين الأفغان لاحقًا ، ولكن فقط بعد طلب من وكالة الأمم المتحدة المسؤولة.
وحسب الخطوات المتبعة أكد الدكتور عوض شفيق أستاذ القانون الدولى بجنيف على انه سيتعين على استقبال الأفغان الآخرين اتباع الإجراءات المعتادة، بحيث يمكن تقديم طلب التأشيرة شخصيًا إلى التمثيل السويسري في الخارج، ولن يتم منح تأشيرة إنسانية إلا إذا أبلغ الشخص عن تهديد مباشر وخطير ضده. وفقًا للممارسة المستمرة ، يجب أيضًا أن تكون قادرة على الاعتماد على صلة وثيقة وحالية مع سويسرا، كما سيتم أيضًا فحص طلبات لم شمل الأسرة أو اللجوء المقدمة في سويسرا وفقًا للأحكام العادية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى دعت فيه المفوضية الأوربية كل دول الاتحاد الأوروبي إلى استقبال اللاجئين الأفغان المعرضين للأخطار، كما تضغط المنظمات الإنسانية واليسار على سويسرا لاستقبال المزيد من اللاجئين، ومع ذلك ، فإن برن ليست مستعدة لاتخاذ هذه الخطوة، وسط مخاوف من تدفق عدد من الإرهابين والمسلحين كما حدث من قبل فى أزمة اللاجئين السوريين.