مفكر مغربي: رفض "طالبان" سيأتي من داخل افغانستان

الإثنين 23/أغسطس/2021 - 01:18 م
طباعة مفكر مغربي: رفض طالبان روبير الفارس
 
أعلنت حركة "طالبان" بأنها لا تنوي إقامة نظام ديمقراطي في أفغانستان، وأنها بالمقابل ستعمل على إقامة الشريعة الإسلامية، فماذا يعني ذلك ؟ يجيب المفكر المغربي قائلا 
ـ يعني أن هذه الحركة تعتقد بأن قوة السلاح كافية لفرض شرعية سياسية دون احترام السيادة الشعبية.
ـ يعني أيضا أنها تعتبر نفسها اختيارا إلهيا تجعل شرعيتها آتية من السماء وليس من الأرض. ما يفسر استخفافها برأي وإرادة الشعب الأفغاني.
ـ وأنها لا تؤمن بمبدأ التداول على السلطة، لأنها تعتبر نفسها قدرا نهائيا لا بديل عنه. ولهذا تفضل مجلس تسيير معين  تحت وصاية زعيم التنظيم على إجراء أية انتخابات.
ـ أنها لا تؤمن بالحق في الاختلاف والنقد اللذين تعتبرهما جريمة، فما دامت طالبان تمثل القرار الإلهي فإن مخالفتها تستوجب العقاب.
ـ أنها لا تقبل بالتعددية ووجود أحزاب سياسية حتى تتمكن من فرض رأيها الوحيد الأوحد.
ـ أنها لا تؤمن بالمساواة في إطار المواطنة فهي تفضل المؤمن بدينها ومذهبها على غيره، كما تفضل الرجال على النساء في التعليم وكل مرافق الحياة العامة.
ـ أنها لا تقبل بالحريات لأنها تفرض نظاما قاسيا للوصاية يحدد للناس كيف يأكلون ويلبسون ويجلسون ويتكلمون ويفكرون، بل حتى كيف يدخلون المرحاض.
ـ أنها لا تؤمن بسموّ القانون لأنها تعتبر القانون ما نزل من السماء وليس ما يُشرّعه البشر لأنفسهم وفق مصالحهم المتغيرة. ولهذا يظل قانون طالبان ثابتا ويُجمّد معه المجتمع بكامله.
ـ أنها تعتبر الدين وسيلة للسياسة من أجل السيطرة وشرعنة الاستعباد ولهذا ترفض الفصل بينهما.
هذا النظام الذي أعلنته حركة طالبان بديلا للديمقراطية هو نفسه الذي عاش به المسلمون على مدى قرون طويلة ، إلى أن استيقظوا على دوي مدافع الأزمنة الحديثة وهم في غاية الضعف والتأخر.
والغريب أن طالبان تتحدث عن "إقامة الشريعة" في زمن سقط فيه جميع من رفع ذلك الشعار من أنظمة اللاهوت والوصاية الدينية، سقطت "داعش" و"القاعدة" و"جبهة النصرة" و"ّأنصار الشريعة" و"بوكو حرام" وسقط "الإخوان المسلمون" في مصر والسودان وفشلوا في تونس والمغرب وليبيا، بل إن السعودية نفسها تغيرت بإعلان طلاقها مع الوهابية والتشدّد الديني. في هذا السياق الذي يعرف نهاية مرحلة، يأتي "طالبان" ليعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، وليصطدموا بكل عوامل السياق الراهن.
هروب طالبان من الديمقراطية هو تهريب للسلطة، بهدف إقامة نظام مغلق، لكنهم يعلمون بأن للشعب الأفغاني رأي آخر، إذا لم يتمكن اليوم من التعبير عنه بسبب الخوف فإنه سيكون قادرا على التعبير عنه غدا في سياق مغاير سيأتي بقوة الأشياء
واضاف عصيد قائلا قد لا تعتبر عبارة "التاريخ يعيد نفسه" فكرة صحيحة، لكنها بالنسبة للشعب الأفغاني قد تعني الكثير، مع عودة دورة الرعب الطالباني مرة أخرى، أمام لا مبالاة العالم، طوال عشرين سنة اعتبر الكثيرون أن الطالبان كابوس من الماضي، لكنهم يعودون حاملين نفس ثقافتهم القديمة، نصب المشانق والمقاصل، تفجير المدارس والمعامل والتعاونيات النسوية، إعادة المحاكم الشرعية بعقوباتها الوحشية.
يحتاج الطالبان لكل هذا العنف لأن مشروعهم غير واقعي ومخالف للطبيعة الإنسانية، ولا يمكن فرضه إلا بالعنف، وهم لا يستفيدون أبدا من أخطائهم، ويظلون يعتقدون بأن بلدا مخربا عن آخره ولكن "يطبق الشريعة" هو غاية الغايات.
لم تستطع عشرون سنة من التواجد الأجنبي ضمان بناء دولة مستقرة في أفغانستان، وهو درس بليغ معناه بوضوح: لن تقوم أفغانستان حديثة وديمقراطية إلا بناء على سواعد أبناء البلد، ولا مستقبل لهذا البلد إلا مع الشعب الأفغاني الذي سيكون عليه هو نفسه تخطي الطالبان، وتجاوز الكابوس لبناء دولة القانون والمواطنة في بلد ما فتئ منذ عقود يلملم جراحه في سلسلة حروب لا تنتهي.
إن رفض الطالبان سيأتي من الداخل، بعد مسلسل من التحولات المجتمعية رغم الاضطهاد والقهر، فكل عملية تحرير حقيقية إنما تتم قبل كل شيء في أذهان الناس.  ولهذا حتى ولو كان التاريخ يعيد نفسه في أفغانستان، إلا أن ذلك ليس نهاية التاريخ.
 الجدير بالذكر ان وسائل إعلام افادت  بأن مسلحي حركة "طالبان" قتلوا قيوم رحيمي، حاكم ولاية لوكر السابق في وسط أفغانستان.
 ونقلا عن مصادر محلية، تم التأكد من خبر مقتل الحاكم السابق، مشيرة إلى أن المسلحين اقتحموا منزله وأخرجوه إلى الشارع عنوة وقتلوه بالرصاص.
وذكر بعض النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي أن شقيق الحاكم السابق، سلام رحيمي، قتل أيضا.
ويأتي ذلك بعد أقل من أسبوع من استسلام رحيمي إلى "طالبان".
وكانت "طالبان" قد تعهدت بعد سيطرة مسلحيها على العاصمة كابل بأنها لن تعاقب خصومها السابقين، وأعلنت العفو العام عن المسؤولين في الحكومة المنهارة.

شارك