يشكل إقليم كردستان العراق، محورا مهما في استقرار المنطقة، وزيادة التعاون والتقارب بين الدول العربية والعراق، نظرا لما يعلبه الاقليم في نزع ألغام التوتر بين العراق ودول الجوار، وكذلك قدرة القيادة السياسية في كردستان العراق على الانفتاح على جميع الدول في المنطقة.
ورحب رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني بإنعقاد ونجاح "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة" مؤكداً أن العراق كان وسيظل وسيطاً بين دول مختلفة في المنطقة، ويلعب دوراً دبلوماسياً مهماً.
وشاركت مصر والسعودية والإمارات والكويت وقطر والأردن وتركيا وإيران وفرنسا، إضافة إلى الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي، في مؤتمر بغداد.
وقال "بارزاني" عبر تغريدة له على حسابه الشخصي بموقع "تويتر":" نرحب بمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بحضوره الإقليمي والدولي، مثمنین مبادرة دولة رئيس الوزراء للمؤتمر غالیاً؛ آملين أن یخرج بنتائج تخدم الاستقرار والسلام في عموم المنطقة، ویضمن دوراً ریادیاً لعراق اتحادي مستقر، یلبي حقوق وتطلعات كافة مكوناته ومرتقیاً بعلاقاته علی الصعیدين الإقليمي والدولي".
تغريدة نيجيرفان بارزاني، تعبر عن استكمال دوره المنشود لنجاح الدبلوماسية الكردية والانفتاح على الدول العربية. خطة محكمة، وضعها الرئيس نيجيرفان لتوطيد علاقاته مع الدول العربية، حيث ينادى في كافة محافله الدولية والمحلية، بأن اللغة العربية مهمة جداً للمواطن الكردي لكي يتواصل مع أخيه العربي، ويقول بصريح العبارة "أدعو أولادي وكل الكرد إلى تعلم اللغة العربية، وأنا أولهم".
مضيفاً "تربينا على نهج التسامح على يد جدى ملا مصطفى، والرئيس مسعود بارزانى، لذا فإن إيماننا راسخ بالأخوة الكردية - العربية ونريد أن يكون العراق وطناً للجميع؛ تتعايش فيه كل مكوناته، وهذا كفيل بوحدة وقوة العراق". وباعتبار العلاقات الكردية العربية هي أساس واضح لاستقرار كردستان العراق، اهتم الرئيس نيجيرفان بتوطيد العلاقات بين العراق والمنطقة العربية كاملة؛ لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، وكذلك الاجتماعية.
إن العلاقات الكردية العربية تعود إلى عقود من الزمن، خصوصاً مع مصر، ويعتبر الزعيم (جمال عبد الناصر) الأقرب من بين الزعماء العرب إلى كردستان وشعبها، حيث أطلقوا اسمه على شارع في اربيل، وسمي الكثيرون من أبناء الكرد باسم الزعيم تيمناً، فهو أول زعيم عربي استقبل في مسكنه الزعيم الكردي ملا مصطفى بارزاني ودعم القضية الكردية.
وتسمو الإشادة المصرية بالحقوق القومية للشعب الكردي مع المواقف الثابتة لمصر في الوقت الراهن، من خلال دعم وتوجهات الرئيس عبد الفتاح السيسي وتأكيده على عدالة الحقوق الدستورية للشعب الكردي، واهتمام مصر بوجود سفير لها في كردستان آخرهم القنصل (محمد وجيه حجازي)، وهو ما يدعمه نيجيرفان بشكل واضح، خصوصاً وأن مصر وكردستان تربطهما علاقات اقتصادية مهمة؛ لاسيما في مجال النفط.
وفي وقت سابق قال رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، إن إقليم كردستان، إدارة وحكومة وشعبا، لديه رغبة شديدة في توطيد وتعزيز علاقاته مع مصر، مؤكدا اعتزاز شعب كردستان بعلاقاته التاريخية مع مصر واحترامه لمكانتها في المنطقة.
وأضاف نيجيرفان، خلال استقباله، نوفمبر 2020، القنصل الجديد لجمهورية مصر العربية في إقليم كردستان، محمد وجيه حجازي، أن زيادة الرحلات الجوية المباشرة بين أربيل والقاهرة، وفرص الدراسة للطلبة الكرد في الجامعات المصرية، أمر مهم، مشيدا بدور الأزهر في تعميق ثقافة التعايش وقبول الآخر.
وشهد اللقاء تبادل وجهات النظر حول فرص العمل والاستثمار المتوفرة للقطاع الخاص المصري في العراق وإقليم كردستان، وتهديدات الإرهاب وسبل مواجهته، والأوضاع في المنطقة عموماً.
وأبدى القنصل المصري الجديد الامتنان لشعب وقيادة إقليم كردستان على استقبالهم ودعمهم للقنصلية المصرية وأعمالها، وعبر عن تقدير مصر وتثمينها لعلاقاتها مع إقليم كردستان ودور قوات البيشمركة في الحرب على الإرهاب وهزيمة داعش، مؤكداً رغبة القاهرة في تطوير علاقاتها مع أربيل خاصة في المجالات الاقتصادية والثقافية.
وقال شيركو حبيب، مسئول مكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني في القاهرة، إن العلاقات بين كردستان ومصر تاريخية، ومصر من الدول الداعمة للشعب الكردي الذي ينظر للمصريين بعين الاحترام والتقدير، مذكرا بصدور أول صحيفة باللغة الكردية من القاهرة وبث برامج باللغة الكردية منها، واستقبال الزعيم الكردي الخالد مصطفى بارزاني من قبل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
كما تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وإقليم كردستان تطورا ملحوظا، فعلى، فإن الشركات والتجار المصريين يواصلون إقبالهم على السوق الكردستاني، ويبلغ نسبة التبادل التجاري بين مصر وإقليم كردستان 100 مليون دولار.
أما في مجال العلاقات الكردية - الإماراتية، فتظهر في الأفق دبلوماسية نيجيرفان واهتمامه بزيارة أبو ظبى بشكل دائم، وهي امتداد للعلاقات الطيبة التي تجمع بين الإمارات والعراق وبالأخص إقليم كردستان.
وتعتبر الإمارات هي من أوائل الدول التي استثمرت في إقليم كردستان وخاصة في مجال النفط والغاز والسياحة والفندقة ومجالات أخرى، وزيارة نيجيرفان إلى الامارات في الشهر الماضي، تأتي ضمن جهود إقليم كردستان لتوسيع خريطة انفتاحه نحو العالم العربي والغربي لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات والتعاون، وسبقتها زيارة في سنة 2019، وجرى استقباله في المطار من قِبَل عدد من المسؤولين بمراسيم رسمية.
لقد كانت نتائج زيارة نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان إلى الدول العربية إيجابية لبحث سبل التعاون والعمل المشترك وإحلال السلام الدائم في المنطقة وبناء عراق تعددى فيدرالي مستقر، وستكون العلاقات الكردية - العربية أكثر تطوراً عما نشهده الآن، بما يحمله الجميع من آمال وطموحات مشتركة.
على صعيد العلاقات الكردية - الأردنية، نراها دخلت مرحلة جديدة في ضوء ما شهدته الأيام الماضية من تطورات إيجابية بزيارة نيجيرفان بدعوة رسمية من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني) إلى العاصمة عَمّان، وهو ما يعبر عن دلالة كبيرة على إدراك أهمية دور إقليم كردستان ليس فقط في العراق ولكن في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وشكلت الزيارة قفزة نوعية من العلاقات، في أطر تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين كردستان والأردن، واستعراض أوجه التعاون الوثيق والمتميز في مختلف مجالاتها الحيوية والهامة، والأمور المتعلقة بتطوير المنظومة الصحية وتعزيز الاقتصاد والتجارة وتنمية القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وسبل تطوير آفاقها المستقبلية دعماً للمصالح المشتركة بين الإقليم والمملكة وشعبيهما الصديقين، وتمت مناقشة آليات تعزيز التعاون المشترك في سياق مواجهة تداعيات جائحة كردونا، كما تمت مناقشة المستجدات الأخيرة على الساحتين الإقليمية والدولية والتطورات التي تشهدها المنطقة.
وشهدت العلاقات بين كردستان والأردن في السنوات الماضية تطوراً ملحوظاً على جميع المستويات، فعلى المستوى السياسي نشهد الحوار قائماً بشكل دائم، واللقاءات وزيارات كثيرة ومستمرة من الجانبين، وتعددت زيارات الوفود السياسية والتجارية والاجتماعية، ونشأت اتصالات على أعلى المستويات بين أربيل وعمان بشكل سريع وتلقائي وطبيعي؛ ما يجسد الاهتمام الذي توليه الأردن كما إقليم كردستان؛ لتطوير العلاقات الثنائية.
وفي المجال الاقتصادي، تعد المملكة مصدراً تجارياً هاماً بالنسبة إلى كردستان، حيث يوجد في أربيل ما يزيد عن أربعمائة شركة أردنية من الشركات المتوسطة التي تقدم صورة إيجابية عن الأردن في المجالات التجارية والصحية.
أيضا لدى اقليم كردستان العراق، علاقات قوية مع دول العالم، نظرا لدورها في استقرار المنطقة، واستقبل رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، الاحد 29 أغسطس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق في زيارة رسمية.
وكتب بارزاني على حسابه في تويتر: "يسعدني أن أرحب بصديقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أربيل. إنني أتطلع إلى مناقشة العلاقات الثنائية والانتخابات العراقية وغيرها من القضايا الملحة مع الرئيس ماكرون. ولا زلت ممتنا لدعم فرنسا المستمر لإقليم كوردستان والعراق".