أفغانستان.. سيناريوهات الصراع بين طالبان وداعش
تصريحات قادة طالبان بعدم السماح للجماعات الإرهابية في أفغانستان، ليس كرها
لهذه الجماعات أو الحصول على تأشيرة الاعتراف الدولي، ولكن خوفا من سقوطها في مأزق
"صراع التنظيمات".
وخرجت قادة طالبان في تصريحات تؤكد على احترام حقوق الرأي والتعبير
والمرأة، والاقليات، وهو خطاب اعتبر بانه محاولة من الحركة المتشددة لمغازلة
الشارع الأفغاني والمجتمع الدولي من أجل كسب شرعية السلطة، وتفادي تكرار جربة
الحكم الاولى "1996-2001".
وشهد مطار طابل تفجير انتحاري نفذه تنظيم "داعش" التنظيم
الأبرز لمنافسة "طالبان" على
الخطاب الجهادي وتأسيس دولة اسلامية وفقا لمنظور الجماعات الارهابية.
صراع الفصائل
فالحركة لا تريد تكرار صراع فصائل المجاهدين
بعد خروج السوفييت على السلطة، ووجود أكثر
من "رأس" في الدولة بما يهدد بتآكل مكانتها في السلطة.
وخلال
"1989-1996" اندلعت حرب بين الفصائل الافغانية التي حارب السوفييت على
السلطة في كابل، وشهد أفغانستان حرب اغتيالات وصراع دموي، أدي في النهاية إلى
سيطرة طالبان على كابل في سبتمبر 1996.
انشقاقات طالبان
طالبان تخشى أيضا من استقبال جماعات إرهابية بمختلف ولاءاتهم من التأثير على
بنيته الحركة والتي تتشكل من 3 تيارات رئيسية،
تيار مجلس شورى "كويتا" بزعامة الملا هيبة الله أخوند زاده، وتيار
"الاعتدال- اللاعنف" بزعامة الملا
معتصم أغاخان، وتيار "شبكة حقاني" بزعامة سراج الدين حقاني -نجل جلال الدين
حقاني، أحد أبرز زعماء طالبان التاريخيين- وتُشكل الشبكة المكون الأكثر تشددًا في طالبان،
بما يؤثر هؤلاء القادمين من الخارج على "لعبة التوازنات" داخل الحركة ، وانفجار
الصراع بين تياراتها.
وجود جماعات
إرهابية قد يغذي عملية انشقاقات داخل الحركة، ويؤدي إلى صراع بين هذه التيارات
المتحكمة في طالبان، بما يهدد تماسك الحركة والتي تسعى لحكم طالبان بخطاب جديد.
النموذج السوري
طالبان تخشى أيضا من "النموذج السوري"، بأن يؤدي وجود
جماعات إرهابية بمختلف جنسياتها وتوجهاتها إلى تحول أفغانستان لصراع جديد بين هذه الجماعات
كما حدث في سوريا.
وشهدت سوريا خلال
الـ10 أعوام الماضية صراع بين الفصائل المسلحة والجماعات الجهادية بمختلف ولائتها،
وذلك في مناطق سطرة هذه الجماعات وكان أبرزها صراع بين جبهة النصرة الارهابية
"هيئة تحرير الشام لاحقا" بزعامة أبو محمد الجولاني، وتنظيم داعش
الارهابي، او أهيئة تحرير الشام والفصائل المتشددة الموالية للقاعدة او التي تعمل
بشكل مستقل وفقا لاجنداتها الخاصة.
قوة داعش
طالبان أيضا تخشى من تصاعد قوة "داعش" في أفغانستان، واستقطاب تنظيم
البغدادي لـعناصر الحركة المتشددين الرافضين للخطاب الجديد لقادة طالبان، بما يؤثر
على قدرة الحركة بفرض سيطرتها على أفغانستان.
ولاية
"خراسان " التي أسسها حافظ
سعيد خان أوركزاي- قتل في غارة يناير
2016- في 2015، أعلنت مسؤوليته عن تفجير مطار كابل، بما يزيد من الصراع
"الارهابي" بينن طالبان وداعش.
وتشير تقديرات استخباراتية عدة إلى أن "ولاية خراسان " الداعشية
تنشط في 25 ولاية أفغانية من أصل 34؛ الأمر الذي أصبح يشكل تهديدًا مباشرًا لحركة طالبان.
كذلك اشار تقرير استخباراتي ألماني، إلى ان عناصر "داعش" بدأو في
التسلل إلى أفغانستان من اجل الانضمام إلى ولاية خراسانن كدعم للتنظيم الإرهابي في
استغلال "الفراغ الأمني" وخطاب طالبان الجديد في "الامساك"
بنقة ارتكاز داخل أفغانستان واعلانها مقرا للخلافة بديلا للعراق وسوريا.
وتذهب التقديرات أن حوالي 10% من حركة طالبان باتوا يؤيدون تنظيم داعش، والمؤشرات
ترجح انضمام جزء من عناصر طالبان إلى
ولاية خراسان.
تدخل دولي
تواجد جماعات إرهابية يعنى تحول أفغانستان إلى ساحة صراع دولي، وتدخل دول الجوار
بشكل عسكري في أفغانستان، بما يسقط الحركة بطريقة غير مباشرة ويجعلها عاجزة عن فرض
سلطتها بما يهدد بنيتها.
فخطاب طالبان بمنع استخدام الأراضي
الافغانية قاعدة لهجوم الجماعات الإرهابية على دول أخرى، هو خطاب حتى الأن ينظر
اليه بعين الشك والريبة من قبل دول الجوار، في ظل التعاون والارتباط بين طالبان وتنظيم
"قاعدة الجهاد" الإرهابي.
دول جوار أفغانستان
لديها تجوس وعدم "ثقة" فيخطاب طالبان حول منع "افغانستان" بان
تكون قاعدة للجماعات الارهابية لاستهدافه امنها واستقرارها، فهناك جماعات كحزب النهضة
الإسلامية في طاجكستان، وحركة أوزبكستان الإسلامية وكانت باعت زعيم طالبان السابق الملا
عمر، الحزب الإسلامي التركستاني وهو من اقلية الأيغور في إقيلم شينجيانغ
الصيني "تركستان الشرقية".
كذلك ظهرت مقاطع فيديو من في "كشمير" الباكستانية، تظهر كوادر من
الجماعات الإرهابية "جيش محمد" و"عسكر
طيبة" يحتفلون بانتصار حركة طالبان، والتنظيمان مرتبطان بحركة طالبان،
ويستهدفان بكل أساس الهند.
وقال السفير الهندي
إندرا ماني باندي ، في خطابه في جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
بشأن الوضع في أفغانستان، إن الاستقرار في أفغانستان مرتبط بسلام وأمن المنطقة
"نأمل ألا يشكل الوضع في أفغانستان تحديًا لجيرانها وأن لا يتم استخدام أراضيها
من قبل الجماعات الإرهابية مثل عسكر طيبة (عسكر طيبة) وجيش محمد (جيش محمد) لتهديد
أي دولة أخرى ".
مسلحو الاقليات
إلى جانب
الجماعات الارهابية فأن طالبان امام اختبار صعب جدا فيما يتعلق بحقوق الاقليات،
ووجود ميليشيات مسلحة لهذه الجماعات ، كالطاجيك في وادي بنجشير، والهزارة
الشيعة، والأوزبك والتركمان وغيرهم، كل هذه الاقليات، حتى الان ليس لديها ثقة في
خطاب قادة طالبان، وهو ما يضع الحركة في مهمة بناء "ثقة" مع هذه
الاقليات من أجل تثبيت شرعيتها في الحكم.
يبدو أنه تلوح في الآفق حرب تنظيمات بين طالبان وداعش والقاعدة، والتحرك الخفي
لميليشيات الإخوان "صلاح برهاني-قلب الدين حكمتيار" في أفغانستان، يجعل الحركة
في عملية استنفار دائم.
الأن طالبان تسقط في مأزق السلطة بكل التزاماتها الداخلية والخارجية، وايضا
ترجمة "خطاب الاعتدال" الجديد إلى أرض الواقع ، بما يضعها في امتحان صعب
أمام اتباعها أولا وأمام الشعب الأفغاني ثانيا، والمجتمع الدولي ثالثا، فهل ستنهار الحركة وتسقط أمام تعقيدات
المشهد الأفغاني، أم انها ستعود لسياسة العنف لفرض قبضتها علي السلطة؟