5 عناصر.. لماذا سقط الجيش الافغاني وسيطرة طالبان؟
شكل عملية سقوط المدن الافغانية وكابل بشكل سريع في يد مقاتلي عناصر طالبان المتشددة، صدمة للمراقبون في ظل تسليح الجيش الافغاني من الولايات المتحدة الامريكية، وبات التساؤل لماذا فشل الجيش الافغاني وظهر بهذه الصورة الضعيفة أمام مقاتلي الحركة.
الجيش الافغاني وطالبان
وقدر إجمالي عدد الأفراد العسكريين في قوات الأمن
الوطني الأفغانية - بما في ذلك الجيش والقوات الخاصة والقوات الجوية والشرطة والاستخبارات
- إلى 307 آلاف بحلول وفقا لتقرير المفتش الأمريكي العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان.
ومنذ سقوط نظام طالبان
السابق في عام 2001 ، أنفقت الولايات المتحدة عشرات المليارات من الدولارات لإعادة
بناء وتجهيز الجيش الأفغاني.
وتقدر القوة القتالية بنحو 180 ألفًا ، وفقًا لجوناثان
شرودر ، من مركز البحوث العسكرية الامريكية، فيما قدر مراقبو مجلس الأمن عدد قوات
طالبان بنحو 88 ألاف مقاتل، وهو ما يكشف تفوق الجيش الافغاني على الحركة في القوة
البشرية، لكن ذلك لم يسمح لهم يسمح لهم بمواجهة الحركة بل وتسليم المدن لها دون
قتال.
القوة المالية لحركة طالبان وميزانيتها غير واضحين
، لكن مراقبي الأمم المتحدة قدروا الرقم بين 300 مليون دولار و 1.5 مليار دولار في
السنة.
ويأتي مصدر هذا الدخل بشكل أساسي من زراعة الخشخاش
وبيع الأفيون ومشتقاته ، فضلاً عن الأنشطة غير القانونية الأخرى ، فضلاً عن تحصيل الضرائب
في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
تسليح الجيش الافغاني
ورغم تمتع القوات الأفغانية بميزة تكنولوجية على
طالبان في استخدام الأسلحة الغربية الصنع من بين المعدات المتاحة للجيش الأفغاني أسلحة
الحرب الحديثة وكاميرات الرؤية الليلية والمركبات الواقية من الرصاص والمدفعية ومعدات
المراقبة والطائرات بدون طيار، الا أن الفساد وعدم التخطيط
ادى لسيطرة طالبان على كابل.
فكان الجيش الافغاني لديه أكثر من 600 ناقلة جند
مدرعة من طراز M1117
، وحوالي 8500 عربة همفي (مركبات عسكرية على الطرق الوعرة)، وحوالي
1000 مركبة قتال مشاة ودبابة وعربة مدرعة من المخزونات السوفيتية ، و68 طائرة هليكوبتر، و 19 طائرة قتالية و16 مروحية
من طراز Blackhawk،
وهناك أيضًا أربع طائرات نقل ثقيل من سلسلة C-130 "Hercules"
وأكثر من 100 مروحية نقل وهليكوبتر هجومية روسية وسوفيتية .
تسليح طالبان
من ناحية أخرى ، تستخدم طالبان بشكل أساسي الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة.
يذكرنا العديد من هذه الأسلحة بالعقود السابقة من الحرب في البلاد ، بما في ذلك الكلاشينكوف (AK-47) والأسلحة الأخرى التي تم شراؤها من السوق
السوداء الإقليمية.
بالإضافة إلى بنادق القنص والرشاشات ، تمتلك طالبان
عددًا من قذائف آر بي جي والقنابل اليدوية والصواريخ الصغيرة والأسلحة المضادة للدبابات
والمدفعية المضادة للطائرات.
كما أن المفجرين الانتحاريين والقنابل المزروعة
على جوانب الطرق من بين الأسلحة الفتاكة التي استخدمتها طالبان في قتال القوات الأفغانية
والأجنبية.
واتهمت حكومة الرئيس الفار أشرف غني، باكستان وإيران
وروسيا بتقديم موارد لطالبان بالإضافة إلى دعم استشاري. وتنفي الدول الثلاث هذه المزاعم.
فساد الحكومة
لقد عانت القوات الأفغانية من خسائر فادحة وفساد
وفرار منذ سنوات، ففقد عاني الجيش الافغاني من غياب التخطيط العسكري، وأيضا انتشار
الفساد والولاءات داخل الجيش، في ظل تحكم امراء الحرب في قدرات الجيش وعمليات
التسليح والتدريب.
من ناحية أخرى ، أظهرت طالبان تماسكًا أفضل. على
الرغم من الخلافات الداخلية ، فإن مقاتلي طالبان يقاتلون من أجل دوافع دينية بالإضافة
إلى الوعد بتحقيق مكاسب مادية.
و يقول الخبراء
لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، فإن أسباب هذه الهزيمة الكبيرة تأتي من حكومة
الرئيس الأفغاني أشرف وفساد وزارتا
الدفاع والداخلية في حكومة غني، وانتشار عدم الكفاءة والافتقار إلى القيادة
والمصلحة الذاتية في البلاد.
كذلك اشارت تقارير افغانية، إلى أن قوات الجيش
الافغاني عانت من سرقت خطوط الإمداد وبيعت أسلحة وذخائر ومعدات أخرى في السوق السوداء
ومعظمها يذهب إلى حركة طالبان.
وذكر مركز مكافحة الإرهاب التابع لجامعة جامعة ويست
بوينت "الاكاديمية العسكرية الامريكية" في تقرير عام 2020 أن 18 ألف فرد
فقط من القوات المسلحة الأفغانية كانوا تحت إشراف وزارة الدفاع والباقي يعملون للشرطة
أو غيرها.
الهروب من الجيش
كما اشار تقرير استخباراتي أفغاني إلى انه مع
انتشار الفساد وغياب رعاية أفراد الجيش الافغاني، ارتفعت عمليات الهروب من الخدمة
والأجهزة الامنية في ظل اغتيالات مارستها حركةطالبان ضد افراد الجيش والعناصر
الامنية، وقدر الذين غادرو الأجهزة الأمنية
بنحو 5000 شخص شهريًان وهو ما ادى إلى خلل
كبير في عمليات المعلومات وأيضا دعم الجيش والاجهزة الامنية بقدرات لوجستية مهمة
في مواجهة الحركة، نتيجة لفساد حكومة غني.
في تقرير مفصل
، وصف تشاس دانر، الصحفي المعروف في نيويورك ، أنه منذ مايو ، عندما أعلن بايدن انسحاب
القوات الأمريكية بحلول نهاية الصيف، اتصلت طالبان بقادة الجيش المحليين والمسؤولين
المحليين والريفيين وهددت بالسلاح.
على مدى السنوات العشرين
الماضية ، قُتل ما يقرب من 110 آلاف من أفراد القوات العسكرية والأمنية، وهو ما
يكشف غياب التنسيق والحماية لأفراد الجيش الافغاني من السلطة الحاكمة في كابل قبل
وصول طالبان، وايضا قتل الروح المعنوية لأفراد وعناصر الجيش الافغاني في
مواجهة مقاتلي طالبان.
كذلك حاولت
الحركة أيضا مغازلتهم وضمهم إلى صفوفها أو على الاقل ترك الخدمة في الجيش
الافغاني، قابله اهمال من حكومة غني في دعم القوات العسكرية والامنية.
سياسة طالبان
بـ"التهديد" أو "السلم"، جاءت بنتائجها سريعا، فقد استسلمت الوحدات العسكرية في المناطق النائية
منذ أواخر يوليو بسبب استحالة تلقي دعم حكومة ني والتي كانت تزيف انتصارات وهمية ضد
طالبان.
ولجات حكومة غني وقيادات الجيش الفسادة لإلى تزوير الانتصار ضد
طالبان، ويقول جون سوبكو ، مدير المفتش العام الأمريكي الخاص لإعادة إعمار
أفغانستان (SIGAR): "عندما حان وقت تقييم الجيش الأفغاني قاموا بتصنيف معلومات الفشل بشكل
سري لمنع إفشاءها وتحويل الهزئام لانتصارات".
عنصر العشائر
أيضا استندت التخيلات حول فشل الجيش الأفغاني إلى عدم قدرة حكومة غني استقطاب القبائل
والعشائر الافغانية وتعيين السكان الملحيين في الجيش والشرطة إلا نادرًا فافتقر الجيش الافغاني لعنصر المعرفة بالطبيعة
البشرية والجغرافية للمناطق التي يواجه فيها طالبان فكانت خسائر الجيش الافغاني
كبيرة، فيما استطاعت الحركة نسج علاقات قوية مع زعماء العشائر الافغانية، وايضا
اظهار الاحترام لهم بعكس حكومة غني.
الناس
في هذه المناطق لديهم قيم وأعراف محافظة إلى حد، وكانوا سئموا الحرب وانعدام الأمن
وكذلك الفساد وعدم الكفاءة في حكومة غني، وهو ما استثمرته حركة طالبان لصالحها مما
أدى الى ضغط عشائر القبائل على ابناءها في الجيش الأفغاني والأجهزة الأمنية بترك
الجيش وعدم مواجهة طالبان.
يُعرف الرئيس أشرف غني
وأقرب مستشاريه ، بمن فيهم حمد الله محب ، مستشاره للأمن القومي ، وفضل محمود فضلي،
رئيس الإدارة الرئاسية ، بالجمهورية المكونة من ثلاثة أشخاص. لقد أمضوا فترات طويلة
في الخارج ، ومثل العديد من كبار البيروقراطيين ، لديهم جواز سفر ثان. بعض المرافقين
للرئيس لا يجيدون أيًا من اللغتين الرسميتين في أفغانستان ، الداري والباشتو.
الصراع على
السلطة
من ضم اسباب
هزيمة الجيش الافغانين كان الصراع على السلطة في كابل، فقد خلقت الانتخابات الرئاسية
الافغانية صراعا على السلكة بين أشرف غني وعبد الله عبد الله ، وكلاهما اعلن فوزهما
وأدى اليمين الدستورية بين المؤيدين.
أيضا
ابقاء الولايات المتحدة على أمراء الحرب من المقاتلين القدماء، كعبدالله عبدالله،
وعبد الرب رسول سياف كان قائد المقاومة السابق ضد الاتحاد السوفياتي، و محمد محقق أبرز سياسي من اقلية الهزارة الشيعية، و عبد الرشيد دوستم، القائد الواسع
النفوذ من الاوزبك، وأصبح أول نائب للرئيس في افغانستان عام 2014.
هذا الصراع
انعكس بقوة على اداء الجيش الافغاني، وغياب القرار السياسي في مواجهة حركة طالبان،
والتي اتسمت بصلابة الموقف ووحدة القيادة بعكس السلطة ف في افغانستان.