مؤتمر باريس.. وفشل مخططات إخوان ليبيا
الأحد 14/نوفمبر/2021 - 12:54 م
طباعة
حسام الحداد
لا تخفي جماعة الإخوان في ليبيا سعيها لإفشال المسار السياسي في البلاد، فبعد فترة من تقديم نفسه أمام العالم بأنه حريص على إتمام الانتخابات الليبية، دعت قيادات تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي صراحة بمقاطعتها، والخروج في مظاهرات لإجبار الحكومة على وقفها، إلا أنه صُدم بفشل جديد.
فلم تخرج الأربعاء الماضي الحشود التي دعاها الإخواني خالد المشري، رئيس ما يُسمى بالمجلس الأعلى للدولة بليبيا، للتجمع والاحتجاج أمام مقر المفوضية العليا للانتخابات ومجلس النواب وكافة المقرات الحكومية، للاحتجاج على قوانين الانتخابات وبعض الأسماء المتوقع ترشحها للرئاسة، وخاصة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وسيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي.
مؤتمر باريس ورسائله:
أكد مؤتمر باريس وحدة المجتمع الدولي تجاه ليبيا، ورسم سيناريوهات للانتخابات وعقوبات ضد معرقليها، في رسائل حاسمة للإخوان وداعميهم.
رسائل استبطنتها مخرجات مؤتمر باريس المنعقد الجمعة الماضية حول ليبيا، وجاءت صريحة بكشفها عن جدية المجتمع الدولي لرسم نقاط الطريق أمام ليبيا "الضالة" منذ عشر سنوات، والدفع نحو الحسم بشأن خطوة سحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة من البلد الأفريقي الغني بالنفط.
إلا أن التلويح بالعقوبات ضد المعرقلين كان رسالة تحذيرية لتنظيم الإخوان في ليبيا وداعميهم بأن أي محاولة ستقابل برد قوي، ما يضع البلاد والمجتمع الدولي أمام اختبار حاسم؛ فإما انتخابات بسلاسة، أو استمرار عرقلة الإخوان للاستحقاق الدستوري، ما قد يتطلب تدخلا دوليًا لتنفيذ التعهدات التي قطعها المشاركون بمؤتمر باريس على أنفسهم.
دور الإخوان
وحول إمكانية التزام الإخوان بعدم عرقلة الانتخابات، قال المحلل الليبي حسين المسلاتي لشبكة عين الإخبارية إن "التنظيم عودنا على إصراره على عرقلة أي عملية سياسية تكشف ضآلة حجمهم الشعبي"، مشيرًا إلى أن التنظيم سيستمر في عملية العرقلة بحجج مختلفة، ولن يستكين بسهولة إلا في حالة وجد أن المجتمع الدولي جاد في معاقبته.
أما عن الرابح من مخرجات مؤتمر باريس، فأكد المسلاتي أن الشعب الليبي هو الرابح أولا؛ لأنه يريد أن يرى سلطة جديدة هو من يختارها وتمثله وتعبر عنه وتنهي الانقسام السياسي والمؤسساتي، فيما أن تيار الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان ومن يدور في فلكهم من تيار الفوضى والدول الداعمة لهم هو الخاسر الوحيد.
وأشار إلى أن إخراج المرتزقة قبل الانتخابات أمر صعب جدا، لكن الخطوات التي تقوم بها اللجنة العسكرية المشتركة إيجابية ويمكن البناء عليها.
من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي أن تنظيم الإخوان معروف بوقوفه ضد إرادة الشعوب، لأنه حريص على تحقيق مصالحه الخاصة، وبالتالي لن يتوقفوا عن عرقلة الانتخابات والتشويش عليها، لكن المجتمع الدولي كان حاسما وجادًا هذه المرة بتهديده بمعاقبة كل المعرقلين.
وأكد أهمية ضغط المجتمع الدولي للمساعدة في إبعاد المعرقلين للانتخابات، مشيرًا إلى أهمية فرض عقوبات دولية وخاصة تلك التي تتعلق بتجميد الأرصدة، لمنع الأطراف من استخدام المال الفاسد في إفشال الانتخابات.
وفي هذا السياق قالت ماريا معلوف في تقرير لها على بوابة العين الإخبارية: هذا الزخم، الذي رأيناه عبر حضور عشرات الرؤساء في المؤتمر، يعتبر دعما استثنائيا لليبيا وشعبها من أجل استعادة السيادة الوطنية ووحدة الأراضي والانسحاب النهائي للقوات الأجنبية، وهذا أمر يشترط فيه أن تجري الانتخابات بسلاسة، وأيضا قبول نتائج الانتخابات من قبل الفاعلين الرئيسيين، حيث يجب في رأيي على الوسطاء الدوليين أن يوضحوا للمشاركين أن تطور البلاد بطريقة شفافة بعد الانتخابات، سيصب في صالح كل الأطراف، وستعود الفائدة على ليبيا والدول الأوروبية وكل دول الجوار، ذلك أن الاستقرار السياسي يعني ارتفاع فرص استثمارات الشركات الأجنبية في ليبيا، والذي يدفع لتعزيز الاقتصاد، كما أن استقرار ليبيا وقوتها يعني قدرتها على مكافحة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان، وبكل تأكيد سيدفع ذلك إلى إيجاد حلول لمشكلة المهاجرين واللاجئين، وهو ما يهم أوروبا.
واضافت ماريا أن مؤتمر باريس شكّل رادعا معنويا هائلا لإخوان ليبيا، ذلك أن تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية لم يترك طريقا إلا وسلكه من أجل عرقلة المسار السياسي والحل السلمي في ليبيا، وإفشال الاستحقاق الانتخابي، حيث تسعى عناصره لعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية المباشرة، ما يعكس مخاوفهم من الفشل الذريع في الانتخابات من جراء تضاؤل شعبيتهم وتآكل رصيدهم عند الناخبين، كما أن الليبيين واجهوا في السنوات الماضية مخطط تنظيم الإخوان لزرع عناصرهم في مختلف مؤسسات الدولة، بسبب الوعي الشعبي بمخططاتهم، ما جعل التنظيم يراهن على ملف آخر، وهو التمسّك ببقاء المرتزقة والمسلحين الأجانب في البلاد.
وأيضا، فإن جماعة الإخوان الإرهابية في ليبيا حاليا تعمل بكل قوة على زرع الفتنة بين الجيش الليبي وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي، وتشويه الجيش الليبي في الخارج، كوسيلة جديدة لتحقيق حلمها بتعطيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، حتى يتسنّى لها إعادة ترتيب أوراقها لكسب أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، والانقضاض على منصب الرئيس، وهو ما نراه في تسخير الجماعة أذرعها الإعلامية لتشويه القوات المسلحة ونعتها بألفاظ مجحفة لتعطيل إعادة بناء المؤسسة العسكرية، وكل ذلك يأتي في ظل خطة طويلة الأمد تتضمن أيضا تشويه صورة الشخصيات الوطنية، كما أن تمسك التنظيم ببقاء المرتزقة والمليشيات المسلحة يُظهر بشكل لا لَبْس فيه تحدي التنظيم للقرارات الدولية.
متابعات:
في واشنطن، تابعت الصحافة مؤتمر باريس لحظة بلحظة، حيث قالت "واشنطن بوست" "إنه من المتوقع أن يسفر مؤتمر باريس عن دعم دولي لإجراء الانتخابات، على الرغم من المشكلات الإجرائية والخلافات السياسية التي تعتري إجراء أول انتخابات وطنية منذ سبع سنوات في ليبيا، وإن واشنطن تأمل مثل الدول الأوروبية أن يسفر الاقتراع الرئاسي والبرلماني المخطط له عن توحيد ليبيا تحت سلطة واحدة والبدء في تضميد جراحها"، لكن الأهم فيما قالته الصحيفة أن إدارة "بايدن" "تقيم المخاطر المرتبطة بتأجيل الانتخابات بأنها تفوق مخاطر إجرائها في ظل الظروف الحالية"، وأن ليبيا "تمتعت بفترة من الهدوء النسبي مع مضي الاستعدادات للانتخابات قدما".
أخيرا، فإن مسودة نتائج المؤتمر ذكرت أن القوى العالمية ستضغط في اتجاه فرض عقوبات على أي شخص يعطل العملية الانتخابية والانتقال السياسي في ليبيا، وأكدت المسودة أن "الأفراد أو الكيانات، سواء داخل ليبيا أو خارجها، الذين قد يحاولون عرقلة العملية الانتخابية والانتقال السياسي أو تقويضهما أو التلاعب بهما أو تزييفهما قد يواجهون عقوبات"، وكأن المؤتمر يدرك مسبقا تلك المخططات الإخوانية، والتهديد بالعودة إلى الحرب في حال الخسارة، وهو الأمر الذي ورد على لسان قادة تنظيم الإخوان في ليبيا، التي عادت اليوم إلى المجتمع الدولي المطالب بحمايتها من الوقوع في براثن إرهاب الإخوان.