الإخوان المسلمون في فرنسا.. "اتحاد المنظمات" ذراع الجماعة الدعوي
الأحد 16/نوفمبر/2014 - 07:54 م
طباعة
مدخل
يمثل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا واحدًا من أكبر الجمعيات الإسلامية هناك، حيث يستمد التنظيم الذي أُنشئ سنة 1983، قوته من ضمه أكثر من 200 جمعية تغطي مختلف ميادين الحياة الاجتماعية، الدعوية والخدمية والإرشادية وفقاً لفكر ومبادئ جماعة الإخوان.
واللافت للنظر أن اتحاد المنظمات الإسلامي بدأ يواجه حملات تضييق بعد ثورة 30 يونيه وجهود الدبلوماسية المصرية لإثبات خطورة فكر الإخوان، والضغط على الدول التي تأوي تلك العناصر إلى فتح تحقيق في أنشطة الإخوان.
كما أن اتحاد المنظمات الإسلامية لا يلعب أية دور في مجال العمل السياسي، فقط يركز أنشطته على مجال الدعوة وتثقيف المسلمين هناك والحفاظ على هويتهم الإسلامية، لذلك برز أول دور للاتحاد في أعقاب قرار الرئيس الفرنسي منع ارتداء الفتيات للحجاب الشرعي.
النشأة والتأسيس:
يقول نيكولا بو في كتابه "باريس عاصمة عربية" إن الاتحاد الإسلامي في فرنسا أُنشئ سنة 1983 في "مورثاي موزال"، على يد طالبان أحدهما تونسي ويدعى عبدالله بن منصور والآخر عراقي ويدعى محمود زهير.
كانت بداية الاتحاد مجرد تجمع عائلي لأربع جمعيات ذات تنظيم سري، وظل على سريته حتى أُثير قضية الخمار الإسلامي، التي دفعت به إلى الظهور في أكتوبر 1989.
حيث قام الرئيس والسكرتير العام للاتحاد بزيارة مدير متوسطة "كراي" "أرنست شنيير" بقصد إقناعه بإعادة إدماج الفتيات الثلاث المبعدات عن مزاولة دروسهن لارتدائهن الحجاب، كما قاموا بتوجيه رسالة مفتوحة للوزير الأول ميشال روكار يشرحون له فيها أن القرآن يفرض على المرأة ارتداء الخمار، ومن هنا جاءت الشهرة الإعلامية للاتحاد.
الأمر أصبح أكثر بيانًا بعد عام 1990، حيث قام وزير الداخلية بيار جوكس بإدخال عضوين من الاتحاد (عبد الله منصور وعمار لصفر) إلى مجلس التفكير حول الإسلام في فرنسا الذي أنشأه (CORIF).
تحت إشراف أمينها العام عبدالله بن منصور، انخرط الاتحاد ضمن استراتيجية وحدوية مع باقي التنظيمات الإسلامية، ففي عام 1985 شارك الاتحاد في تأسيس الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا التي هي في الأصل مبادرة لأحد الفرنسيين الذين اعتنقوا الإسلام ويدعى (دانيال لوكليرك).
بدأ اقتراب الاتحاد من المساجد، وفي سنة 1993 استقال عبدالله بن منصور من منصب الأمين العام للاتحاد، بسبب الانتقادات التي وجهت له عن الخط الانفرادي الدي سار فيه، وتم تعويضه بجماعة "بوردو"، في وقت أصبح فيه تهامي براز رئيسًا للاتحاد وهو (حاصل على دبلوم الدراسات المعمقة في العلوم السياسية)، وفؤاد العلوي الأمين العام الجديد وهو (دكتور في طب الأعصاب وعلم النفس)، وهما مغربيان الأصل، التقيا في بوردو.
وتشير بعض التقارير الصحفية أن أغلب قادة الاتحاد ليسوا متخصصين في الدراسات الدينية باستثناء أحمد جاب الله الذي كان يدرس في الزيتونة (الجامعة الإسلامية بتونس)، أما باقي المراجع الدينية للجمعية فموجودة في خارج فرنسا، وهي شخصيات مرتبطة من قريب أو بعيد بالتنظيم الدولي للاخوان المسلمين، مثل الداعية الإخواني المثير للجدل يوسف القرضاوي.
الهيكل التنظيمي لاتحاد المنظمات الإسلامية
ويوجد مقر الاتحاد في المنطقة الصناعية بـ"كورناف" في فرنسا، وهو الفرع الفرنسي من اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.
ينقسم اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا إلى 8 جهات إدارية وهي:
1- على حسب درجة الولاء والالتزام:
- العاملون يتكونون من 50 فردًا والأصدقاء يتكونون من 50 فرداً، والمتعاطفون يتكونون من 100 فرداً.
- القطاعات الخاصة، والتي يعمل بها عدد من الشباب المنتمي للتيار الإسلامي الفرنسي، أو إلى الطلبة المسلمين الفرنسيين.
- الجمعيات الخاصة بالنساء وتسمى (الرابطة الفرنسية للمرأة المسلمة).
- في المجال الإنساني هناك اللجنة الخيرية ودعم فلسطين.
- في مجال الطب فهناك جمعية ابن سينا التي تضم الأطباء.
- الإطارات الدينية تنتمي لجمعية أئمة فرنسا، كما يوجد المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية الكائن في "سان ليجي دوفوجري" في "نياقر"، ومن مهامه تكوين الأئمة والإطارت الدينية، وفق أيديولوجية "الإخوان المسلمون".
ولم يتم رصد أية تقارير تشير إلى اتجاه الاتحاد الإسلامي في فرنسا إلى العمل السياسي، أو حتى فتح قيامه بفتح أية قنوات اتصال مع المرشحين الفرنسيين للرئاسة أوقات الانتخابات الرئاسية أو في أوقات الانتخابات البرلمانية.
إذاً يمكن القول أن الاتحاد الإسلامي الفرنسي القائم على المرتكزات الفكرية لتنظيم الإخوان لم يتم رصد له أية تحركات في مجال السياسية، حيث اكتفى بالعمل الدعوي وتجنب العمل في السياسية، خاصة أنه لاقى تضييقات عديدة بعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا، إلى جانب التضييقات التي واجهت الاتحاد بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي.
المرتكزات الفكرية لاتحاد الجمعيات الإسلامية:
ويمكن رصد المرتكزات الفكرية التي قام عليها اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا، في العمل الدعوي والبعد عن الأوضاع السياسية، ومن بين هذه المرتكزات:
- الاهتمام بقضايا المسلمين في فرنسا بصفة عامة
- إيجاد منهج موحد للتنظيم الإسلامي.
- الإشراف الدقيق على الطعام الحلال.
- تعليم الإسلام واللغة العربية لأبناء المسلمين في المدارس الرسمية.
- الدفاع عن الدين الإسلامي من الاتهامات بالإرهاب.
- وضع خطة لتنظيم العمل الإسلامي في فرنسا.
- العمل على الاستقلال المادي للاتحاد.
- تشجيع الاستثمار الإسلامي.
- فتح المدارس الإسلامية، وإقامة المخيمات الشبابية، وعقد المؤتمرات، والدعوة في المساجد.
- محاولة حل مشكلات المسلمين في فرنسا.
- تنشيط العمل النسائي الإسلامي.
– محاولة تمثيل جميع المسلمين في فرنسا.
تقديرات بأعداد المسلمين في فرنسا:
وينتشر المسلمون في معظم المدن الفرنسية وفي الريف الفرنسي، ففي منطقة باريس وضواحيها أكثر من مليون ونصف مليون مسلم، وفي مرسيليا أكثر من 150 ألف مسلم، كذلك في ليون، وهناك أعداد كبيرة في نيس، وبوردو، وناست، وليزفلين، كما تنتشر الجالية المسلمة في جنوب فرنسا.
جريدة لوموند الفرنسية قالت إن عدد المسلمين في فرنسا حسب تقديرات المصادر الإسلامية يُقدر بحوالي 4 ملايين مسلم، كما أشارت إلى أن فرنسا بلد الألف مسجد، فيما أشارت بعض المصادر إلى أن عدد المسلمين في فرنسا حوالي 3 ملايين، وليس هناك إحصاء دقيق عن عدد المسلمين.
وأن أغلب المسلمين في فرنسا من بلاد المغرب العربي، فمن الجزائر حوالي مليون نسمة، ومن المملكة المغربية قرابة نصف مليون نسمة، ومن تونس حوالي ربع مليون نسمة، ثم هناك مسلمون من البلاد الإسلامية التي استعمرتها فرنسا مثل مالي، والسنغال، وساحل العاج، وهناك جالية مسلمة من بعض البلدان العربية الأخرى مثل: سوريا والعراق وفلسطين، كما يوجد مسلمون أتراك هذا إلى جانب المسلمين الفرنسيين.
خريطة الهيئات الإسلامية في فرنسا:
أشارت العديد من التقارير أن عدد الجمعيات والهيئات الإسلامية في فرنسا تجاوز 250 جمعية، وفرنسا بها ثلاثة تنظيمات إسلامية استقطب كل منها عددًا كبيرًا من الجمعيات، ورغم كثرة الجمعيات الإسلامية في فرنسا إلا أنه لم ترصد أية تقارير وجود هيئة تمثل المسلمين أمام السلطات الفرنسية.
وفيما يلي أهم الجمعيات الإسلامية في فرنسا:
1 - مسجد باريس الكبير (المعهد الإسلامي):
رصدت عدد من التقارير الصحفية أن مسجد باريس شُيد في 1926م، وتم البناء في سنة 1930م، ويشمل المبنى مركزًا إسلاميًا، ومدرسة، وقاعات للاجتماعات والمحاضرات، ومكتبات، ومطاعم، ومسكنًا للإمام، وله أوقاف تغطي نفقته، ويعتبر مسجد باريس من أكبر مساجد أوروبا.
المشروع في بدايته كان ترضية للمسلمين بعد الحرب العالمية الأولى، وكان يعتبر قبل استقلال الجزائر المرجع الإسلامي الوحيد للحكومة الفرنسية، كما كانت الحكومة الفرنسية تعين إماما للمسجد وهو عميد المعهد الإسلامي بالمسجد، ثم تغير الوضع بعد استقلال الجزائر، وأشرفت الجزائر على مسجد باريس.
2 - اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا:
مر هذا التنظيم الإسلامي بمرحلتين:
الأولى: بين سنتي (1979م – 1985م):
واهتم الاتحاد في هذه المرحلة بمحاولة توحيد الجمعيات الإسلامية، وطبع خطة لتنظيم العمل الإسلامي في فرنسا، والعمل على الاستقلال المادي، وتشجيع الاستثمار الإسلامي، وأنشأ الاتحاد عدة مشاريع اقتصادية لتحقيق أهدافه، كما حرص على فتح المدارس الإسلامية، وإقامة المخيمات الشبابية، وعقد المؤتمرات، والدعوة في المساجد، ويشرف الاتحاد على أكثر من 10 مساجد في باريس، كما يقيم معرضًا سنويًا للكتاب الإسلامي، ونشر الكتب الإسلامية بعدة لغات، وأصبح للاتحاد فروع في أكثر من 20 مدينة فرنسية.
المرحلة الثانية (1985 – 1991م):
في هذه المرحلة حاول الاتحاد إنجاز بعض الأهداف، ومنها:
1 - إيجاد مركز إسلامي في باريس، ومن أهدافه القيام بالواجبات الإسلامية.
2 - محاولة حل مشكلات المسلمين في فرنسا.
3 - تنشيط العمل النسائي الإسلامي، وأصبح الاتحاد هيئة إسلامية معترفا بها.
4 – محاولة تمثيل جميع المسلمين في فرنسا.
3 - الجامعة العامة لمسلمي فرنسا:
أسست الجامعة العامة لمسلمي فرنسا في 1985م، وكان الهدف منها هو محاولة توحيد المسلمين في فرنسا ويطلق عليها اسم (الفيدرالية)، استطاعت أن تضم إلى عضويتها حوالي 150 جمعية، تمثل المسلمين العرب، والأفارقة، والأتراك، والفرنسيين إلخ.
وتمثل الجامعة حوالي 12 جنسية مسلمة في فرنسا، وهناك تعاون بين الجامعة العامة لمسلمي فرنسا، واتحاد المنظمات الإسلامية، بحيث أصبح من الممكن انضمام الجمعيات إلى المنظمتين، ولذلك أخذ مسجد باريس موقفا من الهيئتين.
ويتركز نشاط الفيدرالية في التنسيق بين الجمعيات المنضمة إليها دون التدخل في شئونها، وتهتم بقضايا المسلمين في فرنسا بصفة عامة، كما أنها تحاول إيجاد منهج موحد للتنظيم الإسلامي، والإشراف الدقيق على الطعام الحلال، وتعليم الإسلام واللغة العربية لأبناء المسلمين في المدارس الرسمية، والدفاع عن الدين الإسلامي، ولكن لا تزال الجامعة العامة لمسلمي فرنسا في حاجة إلى دعمها ماديا ومعنويا وعلميا.
أنشطة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا:
كثف اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا من أنشطته حيث سعى إلى:
1 - الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية:
قام بالمشروع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، 1992 وأقيم في مدينة شاتو شنون في فرنسا، وتتبنى الكلية العلوم الإسلامية، والعلوم العصرية، وتضم الكلية قسم أصول الدين، وقسم الشريعة الإسلامية، وتضم مبنى يحتوي على 12 غرفة: مكتبة، وقاعتين للمطالعة، و9 قاعات للفصول، ومبنى للإدارة وعددٍ من المرافق.
2- ترجمة معاني القرآن الكريم:
اعتنى اتحاد المنظمات الإسلامية بترجمة معاني القرآن الكريم، وأصدر العديد من كتب الترجمة لمعاني القرآن، لنشر الثقافة الدينية في فرنسا بين المسلمين هناك.
الاتحاد الإسلامي ومناهضة القرار الفرنسي بمنع ارتداء الحجاب:
كان القرار الفرنسي الصادر في 2003 بمنع ارتداء الفتيات للحجاب الشرعي نقطة انطلاق لظهور الدور الفعال للاتحاد الإسلامي، حيث لعب الاتحاد دورًا هامًا في هذا المجال، وكان بداية ظهور حقيقية له، حيث دشن الاتحاد حملات عديدة للتنديد بالقرار، فضلاً عن تنظيم لقاءات مع عدد من المسئولين.
اللافت للنظر أن الاتحاد اعتمد على رؤية الإخوان في رفضهم للقرار الفرنسي وخاصة حجج الداعية الإخواني يوسف القرضاوي للدفاع عن الحجاب في محاولة لإقناع النظام الفرنسي العدول عن القرار، حيث تشير بعض التقارير أن الاتحاد عمم بشكل كبير رؤية الإخوان في رفضهم القرار الفرنسي، من خلال طبع العديد من الكتيبات التي تنقل هذه الكتب.
كان تنظيم الإخوان قد أعرب عن اعتراضها بقوة على قرار الرئيس الفرنسي جاك شيراك، بتأييد مشروع قانون يحظر ارتداء الحجاب في المدارس، داعية إياه العدول عنه، معتبرين القرار تدخلاً في الحرية الشخصية والدينية للمسلمين وبخاصة من يقيم منهم في فرنسا.
توصيات الشيخ القرضاوي في قضية الحجاب:
أشار عدد من التقارير الإعلامية أن الداعية الإخواني يوسف القرضاوي أعرب عن استيائه الشديد من موقف الحكومة الفرنسية من الحجاب، والذي وصفه بـ"المتشدد"، داعيًا المسلمين أفرادًا وجمعيات ومؤسسات إلى توجيه رسائل للرئيس الفرنسي جاك شيراك يعبرون فيها عن أسفهم لهذا السلوك.
وأوضح القرضاوي أن الموقف يخالف مبدأين أساسيين من مبادئ الحرية المدنية وهما: الحرية الشخصية والحرية الدينية، وأكّد أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تترك الحجاب، لأن الله أمر به.
وفرق القرضاوي بين نوعين من العلمانية:
1 - العلمانية المعتدلة: وهي التي تقف من الدين موقف الحياد، لا تؤيد الدين ولا تعاديه، لا تقبله ولا ترفضه، ليس لها علاقة بالدين بل تترك للناس حريتهم، هذه هي العلمانية الحقيقية.
2 - العلمانية المتطرفة: هي الموجودة عند الماركسيين، الذين يقولون: لا إله والحياة مادة، والدين أفيون الشعوب، ولا يسمحون بأي دين أو فلسفة مخالفة، متعجباً من تبني الغربيين اليوم لهذه العلمانية المتطرفة.
وتزعم بعض التقارير أن القرار الفرنسي بمنع الحجاب جاء مع بداية الصحوة الإسلامية في ثمانينات القرن الماضي، في فرنسا، حيث تزامن ذلك التوقيت أيضاً اندلاع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
بدء التضييق على الإخوان في فرنسا:
جاءت ثورة 30 يونيه في مصر، والتي أطاحت بحكم الرئيس الإخواني محمد مرسي، لتغير في خريطة التحالفات الدولية والإقليمية، ففي أعقاب عزل مرسي، والإطاحة بنظام الإخوان في مصر، بدأت العديد من الدول تنتهج سياسات تضيق على الإخوان.
رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، قال وقتما كان وزيرا للداخلية: "لن أتردّد في طرد الذين يعلنون انتماءهم إلى الإسلاميين الذين يشكّلون خطرًا كبيرا على النظام العام"، ويبدو أن فرنسا، بدأت تستجيب لدعوة وسائل الإعلام الفرنسية بفتح تحقيق حول أنشطة الإخوان، كما فعل لرئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون، حيث أثنت عدد من كبرى الصحف والمواقع الإخبارية الفرنسية على قرار رئيس الوزراء البريطاني، داعين فالس إلى تنفيذ وعده بـ"طرد الإسلاميين المتشدّدين".
مراقبون فرنسيون قالوا إنّ القرار البريطاني بالتحقيق في علاقة الإخوان بالإرهاب يشكّل دعما للتوصيات الصادرة الشهر الماضي في العاصمة الفرنسية باريس عن مؤتمر "الإعلام بين المهنية وتسييس الدين"، وفي مقدّمتها تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، ودعوة الحكومة الفرنسية إلى التواصل مع المجموعة الأوروبية لتفعيل هذا القرار.
وقال موقع "جي فروم" الفرنسي إنّ الفرنسيين يتطلّعون إلى "سياسة لا هوادة فيها من قبل الحكومة الجديدة"، وذلك في إشارة إلى محاربة المتشدّدين الإسلاميين في فرنسا، علة حسب وصفهم، وحذّر الموقع وقتذاك من وجود الإخوان في باريس، وأكدوا أنه يشكّل خطرًا على الفرنسيين، مطالبين الحكومة الفرنسية اتخاذ قرارًا مماثلًا للقرار البريطاني، كخطوة أولى نحو إتباع مصر والسعودية بحظر الإخوان وإعلانها جماعة إرهابية.
مطالب بحظر أنشطة الاتحاد الإسلامي التابع للإخوان
وفي خطوة توضح مدى دعوة وسائل الإعلام الفرنسية الحكومة الفرنسية حظر أنشطة الجمعيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان، طالب موقع "جي فروم" حظر جماعة "الإخوان" في فرنسا الذين باتوا يشكّلون تحالفات استراتيجية عدّة مع قوى سياسية أخرى تناهض الدولة، وانتقد تقرقر "جي فروم" العلاقة الوثيقة بين اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، المدعوم من قبل الدولة، وجماعة الإخوان المسلمين وعلاقة الاتحاد الفرنسي المذكور بالشيخ يوسف القرضاوي.
الصحف الفرنسية اهتمت بالزيارة الرسمية لولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى فرنسا، مطلع سبتمبر 2014، وأشارت إلى أن كثرة الملفات الشائكة وأهميتها تجعل الزيارة تاريخية على كافة الأصعدة.
صحيفة "لوفيجارو" قالت إن هناك اتفاقًا كاملًا بين الرياض وباريس في جميع الملفات، وعلى رأسها سبل مواجهة الإرهاب الذي سطع خطره بقوة في الآونة الأخيرة بسبب الظروف التي تمر بها المنطقة، وخاصة سوريا والعراق وليبيا، في إشارة إلى خطورة المنظمات "الجهادية المتطرفة"، وعلى رأسها "الدولة الإسلامية".
وأشار تقرير الصحيفة الفرنسية إلى أن نقطة الخلاف الوحيدة بين باريس والرياض في طريقها إلى الذوبان، في إشارة إلى عدم رضا فرنسا عن سياسة الإقصاء التام للإخوان المسلمين، فيما تصر الرياض وأبوظبي ومعهما القاهرة على التخلص من الوجود الإخواني في المنطقة على المستوى السياسي على الأقل.
تحركات الإخوان في فرنسا بعد 30 يونيه
إلى ذلك، لعب التنظيم الدولي لجماعة الإخوان دورًا في تحريك العناصر الإخوانية في أوربا وخاصة في فرنسا، للتنديد بما يعتبرونه انقلابًا عسكريًا ضد الرئيس الإخواني محمد مرسي في 30 يونيه.
وفي تحرك جديد يكشف تحركات عناصر الإخوان في الخارج، قال الأديب علاء الأسواني إن أنصار جماعة الإخوان المسلمين قاموا بالاعتداء عليه أثناء نقاشه لروايته الأخيرة "نادي السيارات"، وكان انتقامًا منه على ما قاله في ندوة أخرى كان الحضور فيها مقتصرًا على السياسيين.
وقال الأسواني "المثقفون الفرنسيون الذين رأيتهم، أبدوا استياءهم بشدة، ويرون أن هناك شيئًا محزنًا حدث في فرنسا، ورئيس الإذاعة الفرنسية قال لي أن منع روائي بالقوة من الكلام شيء لم يحدث في تاريخ فرنسا".
وفي الوقت الذي اتهمت فيه عدد من وسائل الإعلام عددًا من الدبلوماسيين المصريين في الخارج بانتمائهم لتنظيم "الإخوان" بينهم سفير مصر في فرنسا محمد مصطفى كمال، ومندوب مصر في الأمم المتحدة معتز أحمدين، وسفير مصر في ألمانيا مصطفى حجازي، فضلاً عن سفير مصر في الصومال محمود عوف على وجه التحديد، رفضت الخارجية المصرية الاتهامات، وجددت في بيان لها رفض تلك الاتهامات، وأكدت مواصلة العمل كمؤسسة وطنية عريقة لإعلاء مصلحة الوطن وصيانة أمنه القومي، بعيدًا عن أية انتماءات سياسية أو حزبية.
وقالت: "جميع العاملين في الوزارة من الدبلوماسيين يلتحقون للعمل في الوزارة بعد اجتياز سلسلة من الامتحانات التحريرية والشفهية والقدرات النفسية ضماناً لتوافر عناصر الكفاءة والمهنية دونما اعتبار للانتماءات السياسية، وأن السبيل الوحيد للالتحاق بالسلك الدبلوماسي غير ذلك هو صدور قرار جمهوري بالتعيين المباشر وهو أمر لم يتبع على الإطلاق خلال الأعوام الخمسة الماضية.
صعوبات في طريق اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا:
ورصد عدد من المراقبين عدة ملاحظات على تاريخ الدعوة في فرنسا، فضلاً عن تلك التي تنشأ من المسلمين أنفسهم مثل:
- الزواج المختلط
- الخلافات التي تنشب بين الجمعيات والجماعات المسلمة، والتي تضعف من شوكته.
- عدم توحيد كلمة المسلمين وإجماع الرأي على من يمثلهم أمام الحكومة الفرنسية.
- الجهل بقواعد الإسلام وشريعته.
- تعليم أطفال المسلمين على أساس منهج موحد.
- النعرات القومية والعنصرية عند بعض القوميات الإسلامية.
- المقابر الإسلامية، حيث لا توجد في فرنسا مقابر سوى مقبرة إسلامية واحدة في باريس.
أهداف اتحاد الجمعيات الإسلامية:
ويتهدف اتحاد الجمعيات الإسلامية إلى:
- تشييد المدارس الإسلامية النظامية في مناطق تجمع المسلمين.
- إقامة المقابر الإسلامية في بعض المدن الكبرى.
- حل مشكلة اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية.
- نشر الثقافة الإسلامية وتنمية الوعي الديني.
- حل مشكلات الخلافات بين بعض الهيئات الإسلامية.
- المحافظة على الهوية الإسلامية.
- تكثيف نشاط الدعوة بين الشباب، وإقامة المخيمات وعقد الندوات.
- إنشاء مركز إسلامي جديد في منطقة باريس.