"داعش" والأكراد" و الأزمة السورية.. ثلاث ملفات لرئيس وزراء تركيا في العراق

الجمعة 21/نوفمبر/2014 - 04:27 م
طباعة داعش والأكراد و الأزمة
 
يبدو أن تركيا رجب طيب أردوغان لم تجد مفرًا من العودة إلى بغداد والتعاون معها لإبعاد الشبهات حول علاقتها بتنظيم الدولة الاسلامية "داعش" في سوريا والعراق،  ولكن يبقي الأهم هل يكون هذا التعاون  بداية للتراجع التركي عن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، في ظل العلاقات القوية بين بغداد ودمشق ومن ورائهم طهران؟

تحسين العلاقات:

تحسين العلاقات:
تأتي زيارة رئيس الوزراء التركي  أحمد داود أغلو، مصطحباً معه رئيس استخباراته حقان فيدان، بزيارة إلى العاصمة العراقية بغداد، اشبه بالاعتذار عن ما اقترفته تركيا خلال المرحلة الماضية فيما يتعلق بالشأن العراقي، وبدا ذلك واضحا من خلال لقاء "اغلو" مع عددا من المسؤولين العراقيين  على رأسهم الرئيس العراقي فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وهي تعني لقائه بمكونات السلطة الثلاث في العراق  الاكراد والشيعة والسنة.
وكانت هناك العديد من الاتهامات للمسئولين العراقيين لتركيا بدعهما وتسهيل انتقال الجماعات الارهابية والمسلحين إلى العراق، بالإضافة إلى دعمهم بالأسلحة.
الزيارة التركية جاءت بهدف تحسين العلاقات مع بغداد، وأيضا محاولة لكسر الطوق حول أي مقاطعة للعلاقة مع أنقرة في ظل السياسة التي تتبعها حكومة أردوغان مع دمشق والنظام السوري برئاسة بشار الأسد.
كما تأتي الزيارة كسعي إلى إعادة العلاقات التي سادها التوتر خلال الأعوام الماضية، وفي خضم المعارك التي تخوضها القوات العراقية والكردية، مدعومة بضربات جوية لتحالف دولي تقوده واشنطن، ضد ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية".
وشهدت علاقات البلدين فتوراً خلال الأعوام الماضية، على خلفيات سياسية واقتصادية، منها قرار انقرة تسهيل تصدير نفط إقليم كردستان في شكل مستقل عن الحكومة الاتحادية، ما أثار غضب حكومة بغداد.
وتعود آخر زيارة لداود أوغلو إلى بغداد الى العام 2013، حينما كان يشغل منصب وزير الخارجية، أما آخر زيارة لرئيس وزراء تركي فقام بها رئيس الحكومة السابق (والرئيس الحإلى) رجب طيب أردوغان في 2009.
واختلف الطرفان خلال عهد المالكي حول مسائل عدة، أبرزها النزاع في سورية المجاورة، حيث تعد تركيا من أبرز الداعمين للمعارضة، في حين كانت حكومة المالكي مؤيدة لنظام الرئيس بشار الأسد.

التعاون الأمني:

التعاون الأمني:
كان التعاون الأمني على رأس الملفات التي تم طرحها خلال اللقاءات الثلاث، والتأكيد على محاربة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسهم تنظيم الدولة الاسلامية،  ما يعني أن تركيا بدأت تراجع سياستها، أو على الأقل التوقف عن الاستمرار في سياسة إضعاف سلطة بغداد، تارة باللعب على وتر الخلافات الداخلية، والورقة المذهبية، وتارة باستغلال التناقضات الكردية وتوتر علاقات أربيل مع الحكم المركزي، واختارت أن تعود إلى التفاوض مع حكومة حيدر العبادي من بوابة "التعاون الأمني"، مقدمة لتعاون اقتصادي وسياسي كبير بين البلدين، وتُنتظر نتيجة هذه المساعي خلال الأيام المقبلة.
وفيما بدا جليًا أن توسع تنظيم "داعش"، وما تبعه من إنشاء "تحالف دولي" لمواجهته من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، فرضا على العراق وحكومته الجديدة كما على الدول المحيطة به سياسة تواصل أكبر ترتكز على الجوانب الأمنية والاستخباراتية. 
وخلال مؤتمر صحفي بين رئيس الوزراء التركي ورئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، أعلن الأخير في مؤتمر صحفي مشترك مع داود أوغلو أن "الطرفين ناقشا الملف الاقتصادي والعلاقات بين البلدين والتهديد الأمني للعراق والمنطقة"، موضحا أنه تم عقد اتفاق جوهري ينص على تبادل المعلومات بين البلدين والتعاون الأمني الكامل، وأضاف أن داود أوغلو عرض التعاون العسكري في مواجهة داعش وعدّ تهديد التنظيم ليس للعراق والمنطقة فقط، بل هو تهديد لتركيا.
ركزت الزيارة واللقاء مع المسئولين العراقيين على التعاون الأمني في مواجهة الإرهاب، وكان اصطحاب "أوغلو" لرئيس  المخابرات التركي حقان فيدان معه إلى بغداد، ليكون  إشارة واضحة إلى مسعى أنقرة وحكومة رجب طيب أردوغان، بإرسال رسالة مفادها تغيير سياستها نحو العراق، و ليعلن من بغداد أن أنقرة لم تقدم تسهيلات للإرهابيين أو تدعمهم بالأسلحة .
وأكد رئيس الوزراء التركي، أنه دأب على عقد لقاءات مع النواب التركمان، كلما زار العراق، مؤكدًا أن الحكومة التركية تولي أهمية كبيرة لحل المشاكل التي يعاني منها التركمان بالعراق، مضيفًا: "وأية طلبات سيطلبونها ستتم تلبيتها". 
واستعرض رئيس الحكومة التركية، المعاناة التي تعرض لها التركمان، خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها العراق، مشيرًا إلى أن "التركمان من أكثر الجماعات التي تأثرت من هجمات تنظيم داعش الإرهابي".  
وأشاد "داود أوغلو" بالعلاقات الثنائية التي تربط بين بلاده والعراق، مشيرا إلى أن "تلك العلاقات قديمة، وموغلة في القدم، وواحدة من النماذج التي يمكن أن يُحتذى بها من قبل بقية الدول في المنطقة".
وعقد الجانبان التركي والعراقي جلسة مباحثات مشتركة بحضور أعضاء الوفدين، حيث تم الاتفاق على «ضرورة تفعيل عمل مجلس التعاون الاستراتيجي عالي المستوى»، بحسب بيان صدر عن مكتب العبادي، حيث أبدى الوفد التركي استعداده لـ"دعم العراق أمنيا واستخباريا وعسكريا".
وكان داود أوغلو قد أكد في تصريحات قبيل توجهه إلى العراق أن «الخطوات التي تتخذ في المجال الأمني في العراق مرتبطة بالخطوات التي تتخذ في نفس المجال في سوريا»، وأشار إلى أنه «سيبحث ذلك خلال الزيارة مع المسؤولين الذين سيلتقيهم»، وأكد أهمية التوصل إلى «رؤية مشتركة» حول تلك المسألة، مضيفًا أن «اللقاءات التي يعقدها المسئولون الأتراك مع نظرائهم من الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى ودول المنطقة، تشكل أرضية في سبيل التوصل لتلك الرؤية المشتركة في ما يخص الوضع السوري".

الملف السوري:

الملف السوري:
بدا التباين واضحًا بين بغداد وأنقرة، في ما يتعلق بالأزمة السورية وكيفية تسويتها، ففي حين ترى العراق أن الحل السياسي هو الطريق الأفضل للأزمة، ترى تركيا ألا بديل عن الإطاحة بنظام بشار الأسد.
فقد أكد رئيس الوزراء العراقي أن القضية السورية «يجب حلها سياسيًا»، ووضع حد «لهذه المأساة في دولة تستوعب جميع أبناء الشعب السوري»، مؤكداً أن تركيا والعراق يواجهان «خطراً إرهابياً آتياً من أراضي الجارة سوريا، ودفعا ثمناً باهظاً نتيجة هذا التهديد».
فيما شدد  داود أوغلو، على «ضرورة العمل من أجل الوقوف في وجه مخاطر الإرهاب التي تهدد المنطقة بأسرها وليس سوريا والعراق فقط، لكن عندما يتعلق الموضوع بسوريا، فإن أي تطور تشهده يعود تأثيره على العراق وتركيا لكونهما بلدين جارين لسوريا»، معتبراً أن «فراغ القوة هناك يؤثر فينا".
وشدد داود أوغلو على أن أبواب بلاده مفتوحة للراغبين في اللجوء إلىيا «سواء من أي تهديد إرهابي، أو من نظام يقصف شعبه بصواريخ سكود، ويشن غارات عليه، ويرتكب جرائم حرب»، في اشارة إلى النظام السوري، وأكد أن بلاده «لم تسهل العبور لأية تنظيمات أو مجموعات إرهابية، وأنها كانت من أكثر البلدان التي عانت من الإرهاب».

زيارة لكردستان:

زيارة لكردستان:
لم تتوقف طائرة داود أغلو في بغداد بل اتجهت شمالا حيث اقليم كردستان وهبطت بعاصمته اربيل، والتقي داود أغلو عددا من قيادات الإقليم على رأسهم  رئيس الإقليم مسعود برزاني، كما التقى رئيس وزراء إقليم شمال العراق نجيروان بارزاني، في عاصمة الإقليم أربيل، صباح اليوم.
وتم بحث العلاقات بين الإقليم وأنقرة إلى جانب القضية الكردية التي تسعى تركيا إلى حلها، ولبحث أطر التعاون في مختلف المجالات، ومواجهة تنظيم "داعش".

المشهد الآن:

يتضح أن تركيا لم تجد مفرًا من العودة إلى بغداد والتعاون معها، من أجل إبعاد الشبهات حول علاقتها بما يسمى بـ(تنظيم الدولة الاسلامية "داعش") في سوريا والعراق،  فهل سيكون هذا التعاون بداية للتراجع التركي عن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، في ظل العلاقات القوية بين بغداد ودمشق وطهران؟

شارك