الانتخابات البحرينية.. حرب باردة بين السنة والشيعة!!
السبت 22/نوفمبر/2014 - 12:35 م
طباعة

بدأ الناخبون في البحرين التصويت اليوم السبت 22 نوفمبر 2014، في انتخابات تشريعية وبلدية هي الأولى منذ بدء الاحتجاجات التي تقودها المعارضة الشيعية التي تقاطع الاقتراع.
ويخوض الانتخابات 266 مرشحا يتنافسون على 40 مقعدا في مجلس النواب الذي تستمر ولايته لأربع سنوات، فيما قاطعت جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة هذه الانتخابات، ولم تقدم أي مرشح لخوضها، أعلنت بقية المجموعات السياسية- وأبرزها جمعية الأصالة التي تمثل التيار السلفي والمنبر الإسلامي وتجمع الوحدة الوطنية- أسماء مرشحيها إلى هذه الانتخابات.
وتعتبر الانتخابات البرلمانية التي تنظم بالتزامن مع الانتخابات البلدية هي أول استفتاء شعبي عام في المملكة منذ قيام السلطات بوضع حد بالقوة لاحتجاجات شعبية قادها الشيعة في 2011 ضد الحكم في خضم أحداث الربيع العربي، وستكون نسبة المشاركة المؤشر الرئيسي المنتظر من هذه الانتخابات.
وشهدت الانتخابات إقبالا كثيفا في اليوم الأول للاستفتاء الشعبي على تقرير المصير، فيما شهدت مراكز التصويت اشتباكات بين قوات الأمن وعدد من المعارضين الشيعة.
انقسامات طائفية

تشهد البحرين انقسامات طائفية زادت الحسابات الإقليمية من تعميقها، حيث تدعم إيران الطائفة الشيعية، فيما تدعم السعودية السنة وبالتالي نظام آل خليفة.
وعلى عكس الكثير من المجموعات السياسية السنية مثل "جمعية الأصالة" التي تمثل التيار السلفي و"المنبر الإسلامي" و"تجمع الوحدة الوطنية"- لم تقدم "جمعية الوفاق الإسلامية" التي تمثل أكبر التيارات الشيعية أي مرشح للانتخابات؛ ما يعني أن البرلمان المقبل لن يعكس كل أطياف المشهد السياسي في البحرين.
يذكر أن نشاط "الوفاق" قد جمد بموجب حكم قضائي؛ ما زاد من تصعيد الأزمة السياسية في البلاد.
واعتبرت الجمعية الشيعية أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة لتدمير البلاد سياسيًا واجتماعيًا عبر إلغاء الشعب والعمل بشكل منفرد عبر المؤسسات الصورية.
واشنطن حليفة البحرين

أثار هذا القرار أيضا حفيظة واشنطن، التي تحتفظ بعلاقات سياسية وعسكرية وثيقة بالبحرين، وقالت إنها تشعر بالقلق لتجميد أنشطة "الوفاق".
ولم تصدر الإدارة الأمريكية أية مواقف حتى الآن داعمة للعملية الانتخابية في البحرين، وهو ما اعتبره مراقبون موقفا مغايرًا عن المواقف السابقة التي كانت واشنطن تؤكّد فيها دعمها الانتخابات التشريعيّة والبلدية.
ويقوم دبلوماسيون بالسفارة الأمريكية في البحرين، بعقد لقاءات خاصة وزيارة مقار مترشحين للانتخابات النيابيّة المقبلة في عدد من الدوائر الانتخابية، لبحث قضايا سياسيّة بحتة- على حد تعبير صحيفة الوطن البحرنية.
وبالرغم من الانتقادات التي وجهتها واشنطن للبحرين في موضوع التعامل مع الاحتجاجات، إلا أن المملكة الخليجية الصغيرة التي يقطنها 1.3 ملايين نسمة تبقى حليفا رئيسيا لواشنطن، وهي تشارك في الحرب على تنظيم داعش.
مواجهة التظاهرات

طوقت قوات النظام البحريني كل المناطق التي يجري فيها التصويت، كما هاجمت المواطنين لتفريقهم ومنعهم من المشاركة في الاستفتاء.
وفي ظل توتر الأوضاع التي تشهدها البحرين في هذا التوقيت- قامت قوات الأمن باعتقال عدد من المحتجين؛ الأمر الذي أثار حفيظة البعض وتراجعا عن التصويت.
وشهدت المدن والبلدات البحرينية أمس الجمعة تظاهرات حاشدة رفضا للانتخابات الصورية التي يعتبرونها لا تؤتي بثمارها الفترة المقبلة، وتأكيدا على الموقف المتمثل بعدم المشاركة فيها.
وخرج البحرينيون في مدينة الدراز بتظاهرة حاشدة جابت شوارع المدينة داعين إلى مقاطعة واسعة للانتخابات، رافعين شارات المقاطعة وعدم مشاركتهم في هذه الانتخابات الصورية التي تكرس واقع الاستبداد والاستئثار بالسلطة على حد دعوتهم.
وشددوا على مطالب الثورة بإيجاد حل حقيقي يحقق مبدأ "الشعب مصدر السلطات"، وحكومة منتخبة ومجلس كامل الصلاحيات إضافة إلى استقلالية القضاء.
وقامت قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، فيما نفذت انتشارا واسعا لقطع الطريق أمام التظاهرة.
في سياق مواز دعت حركة أنصار ثورة 14 فبراير، الشعب البحريني إلى مواصلة المشاركة الواسعة في الاستفتاء الشعبي والاستمرار بالتظاهرات الرافضة للانتخابات النيابية.
واعتبرت الحركة المشاركة الواسعة في الاستفتاء إنجازا تاريخيا لجماهير الثورة المطالبة بإسقاط النظام، مشيرة إلى أن الهدف من الاستفتاء هو الحصول على أكبر نسبة للأغلبية الساحقة لأبناء الشعب تمهيدا لرفعها إلى الأمم المتحدة.
ودعت الحركة المجتمع الدولي إلى تحمل مسئوليته التاريخية وتبني نتائج الاستفتاء وفق المعايير الدولية.
الشيعة تهاجم

علي سلمان
زعيم المعارضة الشيعية في البحرين الشيخ علي سلمان، طالب بوضع حد لما قال إنه "استفراد بالسلطة" من قبل أسرة آل خليفة الحاكمة.
وتحركت القوى الشيعية للتأكد من نجاح المقاطعة التي أعلنتها جمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي، مع 4 جمعيات معارضة أخرى.
وتوقع زعيم المعارضة الشيعية ألا تتجاوز نسبة المشاركة 30%.
وقال: إن المقاطعة "تعبر عن موقف الشعب المطالب بإصلاحات.
وفي خطوة لتحدي السلطات، وضع ناشطون ملثمون ما يشبه الصندوق في أحد شوارع الدراز وقام عشرات المارة بوضع أوراق في الصندوق للمشاركة رمزيا في "استفتاء" دعت إليه مجموعة 14 فبراير المتشددة التي تعتبرها السلطات مجموعة إرهابية.
يذكر أن عدة جولات من الحوار الوطني فشلت في إخراج البلاد من المأزق، كما لم تؤد إلى نتيجة ورقة اقترحها مؤخرا ولي العهد تضمنت تقسيما انتخابيا جديدا ومنح البرلمان صلاحية استجواب رئيس الوزراء وإجبار رئيس الوزراء على استشارة النواب من أجل تسمية الوزراء غير المنتمين إلى أسرة آل خليفة الحاكمة، فضلا عن إصلاح القضاء بمساعدة خبراء دوليين.
حرب باردة بين السنة والشيعة

رأت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية أن مقاطعة المعارضة الشيعية للانتخابات البرلمانية والبلدية البحرينية، تبدد آمال إنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالدولة الخليجية الاستراتيجية منذ بداية الحملة المدعومة من جانب السعودية على المعارضة قبل ثلاثة أعوام ونصف العام.
وقال عبد الجليل خليل، القيادي في جمعية الوفاق الشيعية، التي تعتبر الائتلاف المعارض الأكبر في البحرين: لم تحاسب السلطات على حملتها الدموية ضد المعارضة، في ظل استمرار النهج الأمني للحكومة، هذه ليست بيئة انتخابات.
وتكافح البحرين من أجل إعادة إنعاش اقتصادها الخدماتي، وذلك بعدما قوضت الاحتجاجات العنيفة في المناطق الشيعية الاستقرار في البلاد.
وذكرت الصحيفة أن الاستقطاب في البحرين أصبح خط الأمام في الحرب الباردة بين السنة والشيعة، حيث تصطف دول الخليج السنية ضد إيران الشيعية في صراعات بالوكالة في المنطقة؛ ومن أجل ذلك قدمت دول الخليج الدعم المالي للحكومة المثقلة بالديون في المنامة، خشية أن يؤدي المزيد من الديمقراطية إلى انتصار سياسي آخر للعدو التقليدي إيران.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأسرة الحاكمة استغلت الجو الطائفي في أعقاب المظاهرات التي قادها الشيعة في عام 2011، معتمدة في الدعم السياسي على الجماعات السنية، لكن التهديد المحلي الذي يفرضه تنظيم الدولة الإسلامية داعش والتطرف السني الآخر يثير القلق حول التدخل الإيراني.
وتتألف البحرين من أربع محافظات بعد إلغاء المحافظة الوسطى: هي محافظة العاصمة التي تضم 10 دوائر انتخابية، ومحافظة المحرق التي تضم 8 دوائر انتخابية، والمحافظة الشمالية التي تضم 12 دائرة انتخابية، وأخيرا المحافظة الجنوبية التي تضم 10 دوائر انتخابية.
الخلاصة

يُعد الاضطراب الطائفي التي تشهده البحرين، نتيجة النفوذ الإيراني التي تفرضه على الشيعة في البلاد؛ ولذلك تنتهز إيران أي فرصة للتأثير على البحرين.
ومن المتوقع أن يستمر التوتر عقب الانتخابات حتى تتحق مطالب الشيعة، وسوف يدفع عملاء إيران المؤثرون حركة المعارضة إلى التطرف؛ من أجل الإطاحة بالنظام الملكي وطرد الأمريكيين من البلاد.
وتحتكر الأقلية السنية الحكم في أصغر بلد عربي، حيث تنتمي الأسر المالكة، وقوات الأمن، وجانب كبير من نخبة رجال الأعمال إلى السنة، بينما ينتمي أغلبية السكان إلى الشيعة؛ حتى إن البحرين تضم أعلى نسبة من السكان الشيعة مقارنة ببقية البلدان العربية، بما فيها العراق.