اعتقال «بني أرشيد».. أزمة عابرة لإخوان الأردن أم بداية للحظر؟
الأحد 23/نوفمبر/2014 - 11:11 ص
طباعة

جاء اعتقال الشيخ زكي بني أرشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن لتترك علامات استفهام حول علاقة الجماعة بالدولة، في ظل تصريحات من مسئولين حكوميين خلال الأشهر التي تلت إسقاط حكم الجماعة الأم في مصر في 30 يونيو من العام الماضي، وليضع مستقبل الجماعة الأردنية على المحك في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها الفروع «الإخوانية» في المنطقة وخارجها، وتصنيفها كجماعات إرهابية في مصر والإمارات والسعودية وبنجلاديش وغيرها من الفروع والتي تتعرض للحظر بشكل أو بآخر من قبل حكومات الدول العربية.
اعتقال بني أرشيد

لتعكير العلاقات مع دولة شقيقة اعتقلت السلطات الأردنية «زكي بني أرشيد» نائب مراقب جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، ومن ثم تم تسليمه إلى المخابرات الأردنية، وبعدها تم إيقافه في سجن الجويدة في العاصمة الأردنية عمان.
اعتقل «بني أرشيد» وهو في طريقه باتجاه المطار للمشاركة في حوار في مدينة زيورخ الأوروبية وبعد انتقاده للقرار الإماراتي باعتبار 83 مؤسسة وجمعية من ضمنها جمعيات إغاثة إنسانية بأنها حركات إرهابية.
وهددت الحكومة الأردنية جماعة الإخوان اعتبارها جماعة غير قانونية، ووضعها على قوائم الجماعات الإرهابية، حال استمرار تصريحات قادة وأعضاء التنظيم التي تضر المصالح الخارجية للمملكة.
وقال مصدر رسمي بالحكومة الأردنية: إن ما نشره نائب المراقب العام لجماعة الإخوان زكي بني أرشيد، يعكر صفو العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ويعرض الأردنيين فيها للخطر، فيما اعتبر أن من باب أولى على جماعة الإخوان أن تحترم استمرار تعامل الدولة معها كجمعية مشروعة رغم كل الضغوط.
وأوضح المصدر في تصريحات لصحيفة «الغد»، الجمعة، تعليقا على اعتقال بني أرشيد، الخميس، وإحالته إلى محكمة أمن الدولة- أن التصريح من شأنه أن يعرض مصالح المملكة والأردنيين في الإمارات للخطر، لا سيما وأن 225 ألف أردني يقيمون فيها.
وأضاف: «التصريح يضر بالأردن لمصالح حزبية ضيقة، القضية ليست ضد حزب أو جماعة لكن الأردن ضد التجاوز السافر على القانون وكان أولى بالجماعة أن تحترم أن الدولة مستمرة بالتعامل مع الإخوان كجمعية مشروعة رغم كل الضغوط لا أن يسيئوا لمصالح البلاد وينهشوا برزق أبنائه».
سبب الاعتقال

جاءت تعليقات بني أرشيد في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) على قائمة الـ83 للمنظمات الإرهابية التي وضعتها حكومة الإمارات العربية المتحدة- لتدخل إخوان الأردن في طريق جديد، فقد وصف بني أرشيد حكومة الإمارات بأنها «الراعي الأول للإرهاب».
وقال: إن «الإمارات تقوم بدور شرطي أمريكي في المنطقة وبأقذر الأدوار الوظيفية خدمة للمشروع الصهيوني الماسوني وتقف خلف كل أعمال التخريب والتدمير لمشروع الأمة، وتتآمر على قضايا الأمة وضد حركات التحرر الوطني وتدعم الانقلابات وتتبنى تمويل حركات التجسس والاغتراب، فهذه القيادة هي الخلايا السرطانية في جسم الأمة العربية».
وأضاف أن «الأجندة الإماراتية تتناقض مع أهداف الأمة العربية، ويجب طردها من مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ووضع حد لاستنزاف الأمة وخيراتها».
ونشرت الإمارات قائمة تضم 83 مجموعة صنفتها على أنها إرهابية، ومن ضمنها تنظيم «الدولة الإسلامية» المتطرف، والإخوان المسلمون وتنظيم القاعدة والحوثيون في اليمن.
وأدان حزب جبهة العمل الإسلامي- الذراع السياسية للإخوان المسلمين وأبرز أحزاب المعارضة في الأردن- الثلاثاء، قرار الإمارات وضع تيار الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب.
واعتبر أن الكثير من المنظمات المستهدفة هي «منظمات معتدلة ولم يثبت في تاريخها أنها مارست العنف والإرهاب».
سيناريو استفزازي

بدأت في وقت مبكر ضمن خلايا ومفاصل جماعة الإخوان المسلمين الأردنية حملة خاطفة لترشيح الشيخ زكي بني أرشيد، الموقوف منذ الخميس الماضي، لموقع المراقب العام.
ردة فعل الكوادر القيادية الشابة في مؤسسات الإخوان المسلمين على اعتقال نائب المراقب العام برزت بسرعة على شكل ضمان موقع المراقب العام للشيخ أرشيد في الانتخابات المبكرة المقبلة، التي تقترحها مبادرة كان يناقشها مجلس الشورى.
فيما اعتبر المسئول الإعلامي للإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة، في تصريحات صحفية، حملة الاعتقالات من قبل الحكومة الأردنية، بأنها رسالة بائسة، لافتا إلى أن اعتقال أرشيد لم يكن له علاقة بملف دولة الإمارات، كما أعلن بقدر ما له علاقة بسيناريو استفزاز الإخوان المسلمين والتحرش بهم دون أي مبرر.
ولفت إلى أنه لن يتم الاتصال رسميا بين الحكومة الأردنية وشخصيات إسلامية للإفراج عن قيادات الجماعة المعتقلة، كما كان يتم في الماضي، لافتا إلى أن هذا جاء بأمر من بني أرشيد ورفاقه.
مستقبل الجماعة

من الملاحظات الأخرى التي سجلها ناشطون وباحثون أن الخطوة اتخذتها الحكومة الأردنية في هذا التوقيت تأتي ظل انقسام وخلافات تعيشها جماعة الإخوان في الأردن من حيث طبيعة وشكل التعامل مع النظام في الأردن، وقد بدا هذا في التشكيك في اعتقال «بني أرشيد» أو إبداء الشماتة باعتقاله من قبل هؤلاء، وفي حال كان هذا الخلاف كبيرا وجذريا فإن هذا الأمر لا يبشر بخير في مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ما لم يتم حل الخلافات سريعا. وخصوصا أن السلطات ربما تراهن على انقسام الجماعة وهو ما يخفف عليها تبعات حظرها أو ملاحقتها.
كما يرى مراقبون أن النبرة الأردنية الجديدة في خطابها مع الجماعة، تأتي ردا على مزايدات قياداتها على الموقف الرسمي الأردني إزاء عدد من الملفات الداخلية والخارجية.
ويؤكد المراقبون على أن الاعتقالات تأتي، أيضا، في سياق الرد على استغلال الجماعة لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى، و"مزايداتها المكشوفة على موقف القيادة الأردنية واتهامها بالتهاون في الحق التاريخي برعاية المقدسات والشئون الإسلامية في القدس".
ويشيرون إلى أن اعتقالات الإخوان حمل العديد من الرسائل:
الأولى: أن لحظة الاشتباك تقررت عمليا في الساحة الأردنية مع التنظيم الأكثر أهمية وحضورا شعبيا، وأن البوصلة الأمنية- السياسية توجه رسالتها لجماعة الإخوان باعتقال الرأس الأبرز والأكثر نفوذا على الإطلاق في الجماعة.
تقرر الاشتباك واختارت السلطة الرمز الأكثر تأثيرا في صفوف شباب وكوادر الإخوان المسلمين، كما اختارت التوقيت، لكن ما لا تستطيع اختياره هو بصورة محددة ترسيم ردود الفعل عند الطرف الآخر.
والرسالة الثانية لا علاقة لها بالاستجابة لضغط من دول مثل الإمارات أساء لها الرجل علنا، بقدر ما لها علاقة بالإشارة إلى أن سيناريو «إضعاف الإخوان» وإيصالهم في الأردن إلى أقل مستوى تأثير محتمل قد دخل حيز التنفيذ؛ لأن اعتقال بني أرشيد تحديدا يعني استفزاز التيار الشاب ومربع القياديين النافذ جدا في دوائر الإخوان المسلمين.
والرسالة الثالثة أنها جاءت في ظل حالة التشتت والانقسام داخل جماعة الإخوان، وإنهاء لنفوذ ودور صقور الإخوان الأردن، كما ترتبط بالتغير الشعبي والرسمي للإخوان في عدد من الدول العرية وفي مقدمتها الجماعة الأم في مصر والتي تم حظرها واعتبارها جماعة غير قانونية، وإرهابية، كما صار على نفس الطريق كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، كما تواجه الجماعة مأزقا قويا في الكويت واليمن وليبيا، وتراجع نفوذ الجماعة في تونس والمغرب، وهناك حملة اعتقالات وإعدامات في عدد من الدول الإسلامية في مقدمتها بنجلاديش.
اعتقال «بني أرشيد» رسالة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن على أن عملية الاعتقال تشكل نقطة فاصلة في شكل التعامل من قبل السلطات، وبهذا يكون الأردن حاليا في مرحلة رسم الخطوط الحمراء من خلال عملية الاعتقال والتي لن تتوقف عند هذا الأمر إذا صح سيناريو الرسالة.
المشهد الآن

ولكن باختصار نقول: إن الأردن لم يبدأ مواجهته مع الإخوان اليوم أو أمس إنما بدأت المواجهة من سنوات بعيدة، لكنه حافظ على إدارة متوازنة للعلاقات، ولكن حظر الجماعة في مصر واعتبارها إرهابية من الخليج الداعم بالتأكيد سيغير في شكل إدارة التوازن الأردنية للتعامل مع الإخوان، فهل اعتقال «عمان» لـ«بني أرشيد».. أزمة عابرة لإخوان الأردن أم بداية للحظر؟
للمزيد حول بني أرشيد اضغط هنا