حقيقة الموقف الإيراني.. بين مواجهة الإرهاب.. ودعمه!

الأربعاء 03/ديسمبر/2014 - 11:01 ص
طباعة حقيقة الموقف الإيراني..
 
علي خليفة تنظيم الحكومة الإيرانية الأخير من نوفمبر الماضي (2014) مؤتمراً دولياً تحت شعار مواجهة الإرهاب، شارك فيه شخصيات عامة وخبراء من أكثرمن 80 دولة سخر من تلك المبادرة الإيرانية الدكتور جلال كنجئي، مسئول لجنة المذاهب وحرية الأديان في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية "المعارضة الإيرانية في الخارج" ووجه انتقادات لاذعة للمراجع الدينية في قم الإيرانية والنظام الحاكم في طهران، متهمًا إياه بدعمه للإرهاب ونشر التعصب والتشدد في العالم.

إيران الداعم الأول للإرهاب

إيران الداعم الأول
وقال جلال كنجئي في بيان له: إن النظام الحاكم في إيران عن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في المنطقة، نتيجة لسياسته المتطرفة منذ 1979.
ولفت مؤتمر إلى تنظيم إيران حول الإرهاب في فترة ما بين 23 إلى 25 نوفمبر الماضي، برئاسة المرجع الديني آية الله ناصر مكارم شيرازي 90 عامًا، وبتعاون من آية الله جعفر سبحاني 85 عاما عدد آخر من أقدم خدام الحوزة في دار الخلافة للولي الفقيه، إلا أن الشعب الإيراني ومفكريه يعرفون وظلوا يذكرون العالم بأن:
‌أ- كان نظام الملالي الحاكم في إيران ومنذ بداية ظهوره قدم نفسه بتوسيع وتصدير التطرف المتشدد تحت لواء الإسلام، وأخضع مسلسلا من المؤسسات العسكرية والدعائية والدبلوماسية والمخابراتية والأمنية وخزانة الدولة وثروات الشعب الإيراني في خدمة هذه السياسة.
‌ب- أن هذه السياسة القديمة الجديدة والمشئومة امتد نطاقها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وعدد آخر من الدول إلى حد احتلال مباشر للأجزاء المفصلية والحياتية في هذه البلدان.
‌ج- أن جميع عمليات القتل والجريمة وهتك الأعراض والتشويه السياسي والإعلامي التي ينفذها مختلف القوى المتشددة خلال هذه الأيام بحق الشخصيات الشعبية والوجهاء، كانت قد نفذها الملالي الحاكمون أنفسهم في إيران في وقت سابق بأشد وأبشع حالاتها بحق الشعب الإيراني، بحيث أصبحت هذا الجرائم نماذج للمجموعات الدموية المسماة بـ الجهاديين الإسلاميين .
‌د- أن النهج التكفيري ضد أصحاب الرأي الآخر ونشطاء المسلمين كان قد استخدمها هذا النظام، بمن فيهم روح الله الخميني شخصيًا وعدد من القضاة ضد الشرع المعينين من قبله منذ زمن بعيد، وذلك بهدف قتل معارضي الديكتاتورية السوداء والقضاء عليهم وترسيخ دعائم الديكتاتورية، وأن وثائق هذه الفتاوى الشيطانية والأحكام الطغيانية المشئومة التي تستهدف منظمة "مجاهدي خلق" المسلمة أكثر من الآخرين هي في متناول يد الجميع.
وعلى هذا الأساس فإن المقاومة الإيرانية تلفت انتباه جميع المواطنين، وكافة القوى والنشطاء المدافعين عن الإنسانية ودعاة السلام ونشطاء حقوق الإنسان إلى ايصال هذه الحقائق إلى أسماع العالم والقيام بالمزيد من تعرية الأساليب المشئومة للملالي الحاكمين في إيران، الذين يلهمون داعش، وتحذير العالم المتحضر من هذه الأمواج الظلامية والخبيثة. 
وكانت إيران قد عقدت مؤتمرا حول الإرهاب بعنوان "المؤتمر العالمي للتيارات المتشددة والتكفيرية من وجهة نظر علماء الإسلام" بحضور كبار المراجع الدينية في العالم الإسلامي.

"داعش" تكشف المستور

داعش تكشف المستور
تعتبر العلاقة بين تنظيم القاعدة وإيران من أحدث العلاقات تعقيدًا في المنطقة، للاختلاف الأيديولوجي والعقائدي بين الجانبين، إلا أنه استمر لسنوات طويلة بصورة جيدة، وتصاعد الخلاف داخل شبكة القاعدة "المعولمة" وتمرد الفرع العراقي على القيادة المركزية كشف بعضًا من الغموض والالتباس، وحدد ماهية العلاقة التاريخية التي تؤكد في جوهرها على هشاشة الأيديولوجيا وجبروت السياسة.
وكشف تمرد الفرع العراقي عن صراع حاد حول تمثيل "القاعدة"؛ الأمر الذي دفعَ الفرع المتمرد إلى الإعلان عن طبيعة العلاقة مع إيران، فقد اتهم المتحدث الإعلامي لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أبو محمد العدناني في 11 مايو 2014 عبر رسالة صوتية بعنوان: “عذرا أمير القاعدة"، قيادة القاعدة المركزية بالانحراف عن المنهج ونسج علاقات مشبوهة مع إيران، إذ أقر بأن "للقاعدة دينًا ثمينًا في عنق إيران"، كما أن تنظيم الدولة (داعش) "لم تضرب في إيران تلبية لطلب القاعدة، للحفاظ على مصالحها-أي القاعدة– وخطوط إمدادها".
وكانت الاتهامات السابقة، نتاج رؤية مختلفة في تنظيم القاعدة حول التعامل مع إيران العلاقات بين إيران، حيث برز اتجاهان مختلفان:
الأول: تبنّاه القادة الكبار في تنظيم القاعدة، وعلى رأسهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وقام على أساس محاولة استمالة إيران للاستفادة من وجودها في العراق لمواجهة الاحتلال الأمريكي، باعتباره عدوًّا مشتركًا للطرفين، وتحاشى مواجهتها التي يمكن أن تنتج تداعيات سلبية على التنظيم.
والثاني: تبناه قادة "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" وعلى رأسهم أبو مصعب الزرقاوي، وقام على أن المشروع الإيراني في العراق لا يقل خطورة عن المشروع الأمريكي.
كشفت الوثائق التي حصلت عليها القوات الأمريكية من المجمع السكني في أبوت آباد حيث تم اغتيال "بن لادن" في الثاني من مايو 2011 عن توتر العلاقة بين القاعدة وإيران، ومنها رسائل من "بن لادن" لأفراد أسرته وقياداته في إيران، وهو ما يوضح أن طهران كانت الملاذ الآمن للتنظيمات الإرهابية.

العلاقة مع الجماعات الإرهابية

العلاقة مع الجماعات
وفي شهر سبتمبر وللفترة (20-23) 1997، نظمت المخابرات الإيرانية قمة قادة المنظمات الإسلامية الرئيسية في الشرق الأوسط، وكان من بين المشاركين "عماد مغنية وعبد الهادي حمادي (حزب الله)؛ أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة حاليا، أحمد جبريل (رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة)، أسامة أبو حمدان والمهندس عماد العلمي الملقب، أبو همام (حماس)؛ رمضان عبد الله شلح (رئيس لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية)، وثلاثة قادة يمثلون فروع حزب الله في دول الخليج العربي.. بحث المشاركون في القمة قدرة الإسلاميين على تصعيد العمليات ضد الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وقد صدرت الأوامر لقادة المنظمات لتكون جاهزة لإطلاق حملة غير مسبوقة من العمليات النوعية على صعيد الساحة الدولية.
ومن متابعة سجلات الهاتف التي حصل عليها المحققون الأمريكيون تبين أن تفجيرات عام 1998 والتي استهدفت السفارات الأمريكية في كينيا وتنزانيا تكشف عن أن 10 في المائة من المكالمات التي تمت من هواتف تعمل بالأقمار الصناعية والمستخدمة من قبل "أسامة بن لادن" وكبار مساعديه كانت صادرة من إيران. وفي لائحة الاتهام لعام 1998، قالت وزارة العدل الأمريكية: إن "بن لادن" يعمل من خلال تنظيم القاعدة وتحالفاته مع الحكوميين في إيران من جهة والجبهة الإسلامية القومية في السودان، وحزب الله من جهة أخرى.

11ستمبر .. إيران الملاذ الآمن للقاعدة

11ستمبر .. إيران
عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ودخول الولايات المتحدة وحلفائها من قوات الناتو والإيساف إلى أفغانستان ودحر حركة طالبان وتشتت تنظيم القاعدة، لجأ إلى إيران أكثر من (500) من قيادات وأفراد وعائلات القاعدة إلى إيران، والتي عملت على تصنيف اللاجئين في إطار سياسة بناء تحالفات واحتواءات.
ومن أبرز قيادات القاعدة الذين تم احتجازهم في إيران في بيوت آمنة: سيف العدل وهو القائد العسكري بعد مقتل أبي حفص المصري، وقد نال حريته منذ صيف 2010 في صفقة تبادل أسرى بين حكومة طهران وتنظيم طالبان باكستان بصحبة سعد بن لادن، مقابل الإفراج عن الدبلوماسي الإيراني حشمت الله زاده الذي اختطف في شمال باكستان في شتاء 2009 على أيدي طالبان. وأبو حفص الموريتاني محفوظ ولد الوالد وهو أول شرعي لتنظيم القاعدة، وكانت له تحفظات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر أُفرج عنه عام 2012 ورحّل إلى موريتانيا. وسليمان أبو غيث وهو كويتي الجنسية وكان أول ناطق رسمي لتنظيم القاعدة، أفرج عنه بداية 2013 واعتقلته الولايات المتحدة في مطار عمان أثناء رحلته قادمًا من تركيا.
وكشف تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية في مارس 2013 أن من اللاجئين إلى طهران لحماية أبناء مؤسس التنظيم فاطمة ابنة "بن لادن"، و4 من أولاده هم عثمان ومحمد وسعد.
وأوردت صحيفة "واشنطن بوست" في 13 مارس 2013، تقريرا يقول فيه محللون أمريكيون: إن قيام إيران بطرد كبير في تنظيم القاعدة يومئ بتصدع في هذه الجماعة "الإرهابية" التي طالما مُنحت ملاذا آمنا داخل حدودها.
وقالت الصحيفة: إن قيام إيران بطرد سليمان أبو غيث، وهو متحدث رسمي سابق للقاعدة وصهر أسامة بن لادن، ميّز المرة الثالثة على الأقل في العام الماضي التي غادرت فيها شخصية من القاعدة البلد بعد أن عاشت فيها لسنوات في حالة انتقالية بين الضيافة والاحتجاز.
وعن احتواء إيران لقيادات القاعدة يقول القيادي بالتنظيم أبو حفص الموريتاني: (نحن مررنا بمراحل في إيران، ليست إقامة جبرية، بل قل ضيافة فيها بعض القيود)، مضيفا: (كانوا يتعاملون – يعني الإيرانيين – مع ملفنا كورقة يستفيدون منها).

صفقة أمريكية

صفقة أمريكية
وكشف المستشار السابق لدى الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية ديفيد فيليبس، عن سر ترحيب إيران بقيادات القاعدة وهو استخدام هذه القيادات وفقا صفقات سياسية أو أمنية مع الدول الأخرى كما حدث مع باكستان، أو أوراق ضغط على دول أخرى.
وبحسب ديفيد فيليبس، الذي نشر كتابا عام 2006 بعنوان: "فقدان العراق: فشل إعادة الإعمار بعد الحرب"، ذكر أن سفير إيران لدى الأمم المتحدة جواد ظريف، ذكر له أن إيران رفضت تسليم أعضاء القاعدة إلى حكومة الولايات المتحدة أو غيرها من الحكومات، للضغط على الحكومة الأمريكية لتسليم أعضاء منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني لدى الولايات المتحدة. 
ووفقًا لمسئول أمريكي سابق في إدارة جورج بوش، فقد رفضت الولايات المتحدة في نهاية المطاف تسليم أعضاء مجاهدي خلق، وفي نهاية المطاف كانت نهاية هذه المحادثات السرية بين إيران والولايات المتحدة قد انتهت في مايو 2003، وانتهى هذا الفصل من المساومات بين الجانبين، وظلّ أعضاء القاعدة في إيران.

المشهد الآن

فيما يبدو أن هناك فصلا مهم يستوجب إعادة كتابة تاريخ القاعدة مع إيران؛ ليكشف حقيقة العلاقات السرية بين التنظيم، وما الذي قدمه التنظيم من معلومات عن بقية التنظيمات المسلحة الأخرى والجماعات الإسلامية للحرس الثوري الإيراني، وكيف استخدمت طهران تنظيم القاعدة في السيطرة علي العراق وأفغانستان، كأوراق قوية في اللعبة السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لتكمل ذلك بالصراع في سوريا والعراق واليمن.
ففي مواقع كثيرة، ساعدت عناصر متنفذة في القاعدة، عناصر ناشطة من الجمهورية الإسلامية في إيران على النفوذ إلى السعودية والبحرين واليمن، وذلك بشكل لا يمت إلى المنطق بصلة في ظل حرب السعودية الضروس على إيران وحوثييها في اليمن.
وهو ما يوضح بشكل كبير أن علاقة "القاعدة" و"إيران" هناك الكثير لم يكشف عنه، ويوضح أن إيران لا تحارب التطرف، بل تصنعه وتستخدمه في تحقيق أهدافها واستراتيجيتها بسيطرتها على موارد الشرق الأوسط والتحكم في مقاليد الأمور عبر جماعات وميليشيات إرهابية خارج سيطرة الدولة وهو ما يحدث في العراق واليمن وسوريا وغيرها من الدول العربية والإسلامية.

شارك