لمزيد من الصراع علي الهويات.. إسرائيل تُحيي القومية الأرامية في الأوراق الرسمية
الخميس 04/ديسمبر/2014 - 08:32 م
طباعة


اثار ارامية
مفاجأة جديدة لمزيد من تفتيت المنطقة بتوليد قوميات وهويات لأقليات تزيد من الصراع المتأجج في المشرق العربي، قرر جدعون ساعر وزير الداخلية الإسرائيلي بالاتفاق مع الاب جبرائيل الندّاف، وهو كاهن أرثوذكسي ينتمى إلى كنيسة يافا السريانية بالناصرة، إحياء القومية الارامية بكتابة ارامي علي الاوراق وفى ملفات التجنيد وكانت اسرائيل من قبل في تحويل الهوية الدرزية إلى هوية قومية في إسرائيل. وبذلك استنبطت للمسيحيين هوية قومية جديدة، باعتبار الاراميون ليسوا فلسطينيين أو عرباً بل هم آراميون! وتعليقا على ذلك قال الكاتب إلياس خوري لا أدري لماذا قرر مستشرق يعمل في المخابرات الإسرائيلية إحياء قومية آرامية لا أساس لها سوى في المتخيّل الإسرائيلي الذي يسعى إلى تفتيت ما تبقى من الشعب الفلسطيني في وطنه المحتل إلى قوميات مختلفة! فبعد فشل الكاهن الندّاف في إقناع المسيحيين بالالتحاق بالجيش الإسرائيلي، من أجل خدمة دولة سرقت أرضهم واحتلت بيوتهم ونهبت ممتلكاتهم، تفتّق ذهنه أو ذهن مشغليه عن فكرة «عبقرية»، هي استنباط قومية خاصة بالمسيحيين، لا يستطيع الندّاف أو مشغّله التحدث عن قومية مسيحية تمتد من الفاتيكان إلى أمريكا، لأنه لا وجود لها، عدا عن أنها تزعج الإسرائيليين، لذا كان لا بد من العودة إلى الماضي وإخراج هوية ما من مقبرة التاريخ.
وأضاف إلياس مستنكرًا كمية الجهل في الاقتراح الآرامي تثير الشفقة، فالسيد الندّاف، عدا عن جهله بتاريخ العائلات المسيحية الفلسطينية التي تنتسب في غالبيتها إلى حوران، حيث مهد المسيحيين العرب، لا يجهل تاريخ العلاقة بين اللغة الآرامية والأرض التي انطلقت منها، والتحولات التي طرأت على الناطقين به، من يعرف ألف باء التاريخ السرياني يعرف أن دخول المسيحية إلى بلاد الشام، ونشوء الكنيسة الأنطاكية، قادت الناطقين المسيحيين بالآرامية إلى تمييز أنفسهم عبر تبني تسمية السريان. فالسرياني هو الآرامي المسيحي.

استخدام السريانية في الخدمة الكنسية لم يكن مقتصراً على اليعاقبة أو على الموارنة، بل كانت كل الكنائس المسيحية تستخدم السريانية في الصلوات، إلى أن بدأ التعريب، فتعربت الكنيسة، لكنها لم تتخلَّ عن استخدام السريانية بشكل جزئي، وهذا ينطبق على الكنيسة الأرثوذكسية التي يدّعي السيد ندّاف الانتماء إليها، أما استخدام اليونانية في الكنيسة الأرثوذكسية، فقد تم بعد نهاية الحروب الإفرنجية، حيث تعرضت الكنيسة الشرقية إلى أبشع أنواع الاضطهاد خلال الحكم الصليبي، فهاجرت إلى القسطنطينية، وحين عادت بعد قرنين رجعت بالطقس البيزنطي.
المسيحيون ككل الشعب في البلاد الشامية، كان قبل الفتح العربي يستخدم لغتين: اليونانية البيزنطية والسريانية، ومع التعريب تلاشت اليونانية واندثرت، أما السريانية فتغلغلت في اللغة العربية ولم تختفِ إلا لتصير جزءا عضوياً من لغة الضاد، ولم تتم المحافظة على السريانية إلا بشكل جزئي في جبل لبنان الشمالي، وفي أوساط طائفة السريان أو السوريين الأرثوذكس التي عاشت في الجزيرة الفراتية. سريانية الموارنة اندثرت مع الليتنة، أي الاندماج بكنيسة روما، أما سريانية السريان فقد تعرضت لمحن كثيرة، كان أخطرها المذبحة التي طاولت قراهم في تركيا خلال المجزرة الأرمنية يمكن أن ننسب مسيحيي فلسطين كغيرهم من أبناء الشعب الفلسطيني إلى مزيج يمتد من الكنعانيين إلى العرب، ففلسطين سميت في التوراة أرض كنعان، وبعد نشوء الدولة العبرية تأسس ما عُرف باسم «الكنعانيين»، وهي حركة أدبية ثقافية كانت تدعو إلى الانتماء إلى الأرض وليس الى الهوية الدينية اليهودية، واعتبرت الفلاحين الفلسطينيين من مسلمين ومسيحيين بقايا الشعب اليهودي الذي عاش في أرض كنعان. لكن هذه الحركة، التي كان الكاتب بنيامين تموز أحد روادها، سرعان ما اندثرت في ظل هيمنة الأيديولوجيا الصهيونية العنصرية.واكد الياس ان حفلة التهريج التي اسمها القومية الآرامية فمصيرها إلى النسيان.في ظل جنون الموت المذهبي والهوياتي الذي يقود المشرق العربي إلى جحيم القتال.
الاراميون:

الآراميون هم أحد الشعوب السامية موطنهم وسط وشمالي سوريا والجزء الشمالي الغربي من (بلاد ما بين النهرين)،وأصلهم من بدو الجزيرة العربية. .. استعمل الآراميون لغتهم الخاصة وهي اللغة الآرامية بلهجاتها المتعددة. وقد استطاعت هذه المجموعات الآرامية ما بين القرنين الثاني عشر والثامن قبل الميلاد أن تكون دويلات عديدة سيطرت على بلاد واسعة في الجزيرة الفراتية في سوريا (بين دجلة والفرات)، وأن تؤسس مجموعات زراعية مستقرة. وقد أُطلق اسم الآراميين على البلاد التي سكنوها، فدُعيت باسم بلاد آرام قرونًا عدة قبل أن تعرف منذ العصر الهلنستي السلوقي باسم سوريا وكان ذلك في (القرن الرابع قبل الميلاد ).
إن أقدم ذكر للآراميين هو من قبل الآشوريين، حيث ذكروهم على هيئة قبائل تسمى "الأخلامو". ويمكن تتبع تحركات المجموعات الآرامية منذ القرن الرابع عشر ق.م. عندما كانوا يتجولون على ضفاف الفرات. وبعد أن تمكن هؤلاء من الاستيطان والاستقرار على ضفاف نهر الخابور وعند مجرى الفرات الأوسط في سوريا وهي المنطقة التي عرفت باسم آرام النهرين منطقة الجزيرة السورية اليوم، ومن هناك قاموا بتأسيس ممالك وإِمارات ودول هي الممالك الأرامية .
أماأهم دولة آرامية فهي الدولة البابلية الثانية الكلدانية، والحد الأقصى للتوسع الآرامي في الشمال فهو صور (أي الجبل)، والمقصود هنا هضاب طور عبدين. أمّا في غربي الفرات، فقد تبسط الآراميون بالتدريج غربًا حتى جبال الأمانوس على الساحل السوري واستوطنوا في سمآل (زنجرلي في تركيا). كثر عددهم حول أرفاد قرب أعزاز شمالي حلب حيث تأسست مملكة بيت أجوشي التي امتدت على منطقة حلب كلّها. كما انتشروا في حوض العاصي في سوريا، وصارت حماة في أيدي حكام آراميين. وفي سهل البقاع وعلى سفوح الجبال غرب دمشق قامت مملكة صوبة التي ضمّت أراضي البقاع الجنوبي وجزءً من وادي بردى في دمشق وعين جر (عنجر اليوم)، ويمكن أن تكون قد أقامت اتحادًا مع مملكة بيت رحوب على نهر الليطاني، وبيت معكة على سفوح حرمون السورية، وجشور شرق بحيرة طبريا ومملكة دمشق في حوضي بردى والأعوج وسفوح قاسيون وغوطة دمشق.
اللغة الآرامية:

تنتمي اللغة الآرامية وهي إحدى لغات سورية القديمة إِلى أسرة لغوية كبيرة عرفت في أوساط الباحثين باسم اللغات السامية وأقرب اللغات القديمة إِليها هي اللغات الكنعانية،- وهى اللغة التي كان يتكلم بها السيد المسيح - وكباقي اللغات بينها وبين اللغات السامية عناصر مشتركة كثيرة في النطق والمفردات والتصريف وعرف المشرق القديم في أيامهم وحدة ثقافية لغوية واقتصادية قامت على أكتاف الآراميين لم يشهد لها المشرق مثيل من قبل بهذا الاتساع وبهذه القوة، وحتى بعد دخول الإسكندر المقدوني وقيام الممالك الهلنستية (السلوقيين والبطالمة) انتشرت الثقافة الهلينية في بلاد المشرق، رغم ذلك بقيت اللغة الآرامية برغم التأثيرات الجديدة ظلت منتشرة، وكان ذلك من أهم عوامل وحدة المشرق القديم واستمرت اللغة الآرامية بقوتها حتى فتح المسلمين لبلاد الشام.