انسحابات "تحالف الشرعية".. خطوات إلى الوراء أم إعادة ترتيب الأوراق؟

الجمعة 05/ديسمبر/2014 - 02:47 م
طباعة انسحابات تحالف الشرعية..
 
حين الإعلان عن تأسيسه يوم 27 يونيو 2013 بالقاهرة، كان التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الإنقلاب" يضم في صفوفه 12 حزباً وكياناً سياسيا مصريا.
ووفى أغسطس 2014، أعلن حزبا "الوسط" و"الوطن" ولقه بهم العديد من الكيانات داخل التحالف، وامس أعلنت الجبهة السلفية بمصر وحزب الاستقلال "تحت التاسيس"، انسحابهما من ما يسمي بـ"التحالف الوطني  لدعم الشريعة" وهو التحالف الداعم للرئيس المعزول محمد مرسي، ليترك علامات استفهام حول الانسحابات المتتالية داخل التكتل  المحسوب علي جماعة الإخوان الإرهابية.

انسحاب الجبهة السلفية

خالد سعيد
خالد سعيد
قالت الجبهة السلفية في بيان لها، إنها ترى أن عملها خارج إطار التحالف "سوف يعطي مساحة أوسع من الحرية والعمل الثوري المختلف والفاعل، والذي يحقق رؤيتنا ويتسق مع خياراتنا التي نرى أنها أوسع أفقا وأكثر شمولا".
وأشارت الجبهة في بيانها إلى أنها "انضمت للتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، منذ ما يقارب العام ونصف العام، في ظل حالة الرهبة والرعب من الآلة العسكرية.. تحمل خلالها التحالف المسئولية السياسية".
وأضافت أن النظام الحالي عمد إلى "تفريغ التحالف من قياداته الواعية واعتقل جل رموزه ولفق لهم التهم الكاذبة. كما انسحبت مكونات أساسية من مكوناته لخيارات سياسية مختلفة مع عدم انحيازها للمعسكر الآخر أو استجابة لضغوط معتبرة".
وتابعت: "رغم كل هذه الصعوبات ورغم العمل في أخطر وأسوأ بيئة سياسية، إلا أن التحالف قام بواجبه الوطني رغم بعض القصور الذي شاب حركته، وردود أفعاله وتجاوبه مع المتغيرات والمستجدات لعوامل يطول شرحها".
وأوضح الكيان أنه رغم انسحابه، الإ أنه يرى "وجوب العمل من خلال أفق سياسي أرحب، يقوم على مد الجسور والاصطفاف، ويؤسس على الاجتماع، لكن بشرط ألا يتجاوز الثوابت الشرعية والوطنية، وإنما يضيف عليها ترسيخ قضية الهوية التي يراد تغييبها لصالح ما يسمى بالتوافق".

من هي الجبهة السلفية؟

من هي الجبهة السلفية؟
كان الظهور الأول للجبهة السلفية على الساحة السياسية المصرية عبر بيانها الأول بعنوان "كلمة حق" في يوم 27 يناير 2011 والتي أقرت في البند الخامس منه بأن مجرد سقوط بعض الضحايا في المظاهرات لا يعني بالضرورة غلبة المفسدة، ولم يكن لها أي تواجد فردي أو جماعي قبل ذلك التاريخ، ولم توجد أي مشاركة فعلية من جانب الجبهة السلفية بأعداد كبيرة بشكل ملحوظ في الثورة سوى بعض الصور لعشرات يحملون اسمها على لافتة.
وفي 29 يوليو، جاء البيان الثالث رافضاً كل المحاولات لزعزعة الاستقرار أو خلخلة المنظومة العسكرية المصرية؛ بدعوى الفصل بين المجلس العسكري والقوات المسلحة، إلا أنه سرعات ما تغيرت الأمور بعد إصدار المجلس العسكري الإعلان المكمل للدستور، ودعت الجبهة إلى مليونية لإلغائه في 20 يونيو 2011.
كما رفضت «الجبهة السلفية» المشاركة في دعوات الثورة الثانية ووصفتها بالانقلاب على مكتسبات ثورة 25 يناير، وأعلنت المشاركة في جمعة تطهير القضاء في أبريل 2013، ومليونيات "29 يوليو، و22 نوفمبر، و16 سبتمبر، و27 سبتمبر"، وغيرها من الفعاليات التي دعت إليها جماعة الإخوان وبعض القوى السياسية.
وعن علاقة الجبهة بالفكر القطبي، أكدت "السلفية" عبر موقعها الرسمي أنها جزء من التيار القطبي، ووصف مؤسس الجبهة الدكتور خالد سعيد، بأنه عنوان الحق في زمن الباطل وأيقونة الحرية في زمن العبيد.
ومن ضمن فتاواها المثيرة للجدل ما جاء على لسان خالد المصري، عضو المكتب السياسي، الذي أفتى بعدم جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم الدينية، بل لم يكتف بذلك، لكن وصف كل مسلم يذهب إلى الكنيسة بـ"الآثم"، كما أفتى المتحدث الرسمي باسم الجبهة عن وفاة عمر سليمان، بعدم جواز حضور جنازته أو حتى الصلاة عليه.
وعلى مستوى الجهاد، رأت الجبهة السلفية أن جمهور التيار الجهادي منذ نشأته كان سلفيا، لكنه اختار أن ينحاز إلى التغيير المسلح ضد الحكومات العلمانية المعادية للشريعة، حسب وصف الجبهة، كما أشادت بالدور التاريخي للتيار الجهادي ونشر العقيدة السلفية، في مواجهة الفكر التكفيري المنحرف، وضربت مثلًا بما حدث على يديها في أفغانستان والبوسنة.
أما عن مسألة التمويل وكيف تصرف الجبهة على نفسها، يقول وليد البرش، مؤسس جبهة الإصلاح للجماعة الإسلامية: إن الجبهة السلفية صنيعة الإخوان وبالتحديد خيرت الشاطر.
وأوضح أن "الشاطر" كان يرغب فى وجود كيان آخر يوازي ويضاهي الدعوة السلفية التي لم يكن له عليها كلمة أو رأي، وذلك عن طريق إنشاء ذلك التيار لمجابهة الدعوة على غرار ما فعله مع الجماعة الإسلامية؛ لتكون بمثابة الجناح المسلح لجماعة الإخوان.
وتنحصر المرجعية الدينية للجبهة السلفية إلى أربع شخصيات هم رفاعي سرور، وحازم أبو إسماعيل، ومحمد عبد المقصود، وهشام عقدة، الذين أقروا بأن الخروج على الحاكم ليس حراما، وجائزا شرعًا في 25 يناير ضد مبارك، وعندما دعت بعض القوى السياسية للخروج في 30 يونيو ضد محمد مرسي، سرعان ما تبدل موقف الجبهة، وحرموا الخروج على "مرسي".

انسحاب حزب مجدي حسين

مجدي حسين
مجدي حسين
لم يتوقف سيل الانسحابات عند الجبهة السلفية فقد انسحب حزب الاستقلال، والجبهة السلفية، من "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، حيث اتخذت الأمانة العامة للحزب قرارًا بالانسحاب منه.
وحيى مجدي حسين، رئيس حزب الاستقلال، قرار الأمانة العامة للحزب بتجميد وضعها داخل التحالف، مع الاستمرار في مقاومة النظام سلميًّا.
وقال في بيان للحزب: "لقد ظللنا لمدة عام كامل نناقش مرارًا وتكرارًا إعلان موقف الانسحاب من التحالف مع استمرار موقفنا المعارض".
وذكر أن السبب الوحيد لذلك أن استمرارهم في التحالف يعني العمل تحت راية الإخوان المسلمين؛ لأنهم هم التنظيم الأكبر ولهم الدور الأكبر في الفعاليات وهم يفعلون ما يريدون، ولا يستجيبون لأي من مطالبهم الأساسية.
 وأشار إلى أن الإخوان يفسرون "دعم الشرعية" في نقطة واحدة ألا وهي عودة "مرسي"، وهم غير مشغولين بأي قضية أخرى إلا استعادة أوضاعهم في الحكم، وفق نفس السياسات، ووفق نفس التفاهمات مع أمريكا، خاصة أن الجماعة غير مشغولة بقضية الاستقلال، ولا العدالة الاجتماعية.
 وأردف: "مشكلة مصر هي أمريكا، وأن تجاهل العسكر والإخوان، وتجاهل العلمانيين والإسلاميين لذلك هو سبب استمرار ضياع مصر والثورة".

مقدمات الانسحاب

مقدمات الانسحاب
انسحاب الجبهة السلفية وحزب الاستقلال من التحالف الإرهابي والمحظور قانونيا يضع العديد من التساؤلات حول جدية الانسحاب من دعم الإخوان.
فقد قررت الحكومة المصرية حظر نشاط «تحالف دعم الشرعية»، الموالي لتنظيم الجماعة الإرهابية، إلى جانب التحفظ على أموال 48 قياديًّا إخوانيًّا ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية، وعلى رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع، ومفتيها عبد الرحمن البر.
وأصدرت "لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان"، برئاسة المستشار عزت خميس، مساعد أول وزير العدل، قرارًا يقضي بحظر نشاط التحالف الداعم لتنظيم الإخوان، وذلك بناء على تكليفات من رئيس الوزراء إبراهيم محلب باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، القاضي بحظر نشاط التحالف.
وقبيل موعد الثورة الإسلامية يوم 28 نوفمبر الماضي والتي دعت إليها الجبهة السلفية باسم "ثورة الشباب المسلم" ألقت قوات الأمن القبض على 7 من قيادات الجبهة السلفية بتهمة التحريض على العنف واقتحام منشآت الدولة في 28 نوفمبر.
واعتقلت قوات الأمن أحمد مولانا القيادي بالجبهة السلفية وعضو المكتب السياسي، والدكتور محمد جلال القصاص، كما اقتحمت منزل الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة والقيادي بـ "التحالف الوطني لدعم الشرعية" لاعتقاله. وقال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية: إن الوزارة ستتعامل بجدية مع دعوات إثارة الشغب من قبل الجبهة السلفية وجماعة الإخوان في 28 نوفمبر.

ثلاثة احتمالات في الانسحابات

ثلاثة احتمالات في
يترك انسحاب الكيانات المنطوية تحت راية تحالف دعم الشرعية، العديد من التساؤلات والاحتمالات المختلفة:
الاحتمال الأول:
أن هذه الأحزاب والجماعات التي أعلنت انسحابها تعيد قراءة المشهد من جديد، في ظل ما تواجه جماعة الإخوان من تفكك وتشرذم، بالإضافة إلى الأوضاع القانونية ومحاكمة قادتها أمام المحاكم المصرية بتهمة القتل وإثارة العنف.
قرار حظر التحالف وتجميد أموال 48 قيادة بالإخوان، أدى إلى أن تعيد الأحزاب والكيانات المنطوية تحت راية التحالف دعم الشرعية؛ لرؤيتها السياسية في التعامل مع الدولة في الوقت الحاضر، البعض رأى أن يتخذ أسلوب المهادنة والتراجع خطوات إلى الوراء أفضل من السقوط، كما فعل حزب حركة النهضة الذراع السياسي لجماعة الإخوان بتونس، وقسم أخر رأى أن يعيد التفكير في مواجهة الدولة عبر طرق أخرى ربما يعلن عنها في الأيام المقبلة.
الاحتمال الثاني:
جزء من تكتيك سياسي من قبل قيادات الإخوان والتيارات المتحالفة معه، عبر تحرك كل تنظيم باسمه، ومهاجمة النظام الحاكم ليبدوا أمام الرأي العام المحلي والدولي أن الاخوان ليسوا وحدهم من يرفضون النظام القائم، بل أن هناك عشرات من الجماعات والأحزاب التي ترفض النظام الحالي وما بعد ثورة 30 يونيو.
الاحتمال الثالث:
أن الجماعات المتحالفة مع الإخوان ضاقت ذراعا بطريقة وأسلوب معالجة الجماعة للأزمة التي يشيها بشكل خاص تيار الإسلامي السياسي في مصر، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان، في ظل وجود جزء من التيار الإسلامي قائم، وتتعامل معه الدولة بشكل رسمي ودون مضايقات أمنية لأنه التزم السلمية ودافع عن كيان الدولة ولم يكن مثيرا للفتن والاضطرابات أو تكفير الآخر، مما يعيد التفكير في أسلوب التيارات المتعاملة مع الإخوان في التعامل مع الدولة.

المشهد الآن

السياسة فن الممكن، وقد يكون هذا مدخل الجماعات والأحزاب المنسحبة من  تحالف دعم الشرعية المحظور قانونيا، ولكن إلى أي اتجاه ستذهب هذه الجماعات والأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي السياسي، مع  إصرار جماعة الإخوان على رفع شعار عودة مرسي، والعودة إلى ما قبل 30 يونيو 2013، فهل ستنجح الأحزاب وجماعات التيار السياسي في الانتخابات والهدوء، أم أنها ستسلك مسلكا آخر يزيد من تراجع هذه الجماعات في الشارع المصري بشكل عام والشارع السياسي بشكل خاص.

شارك