ليبيا :حلف "أنصار الشريعة" في مواجهة الدولة المدنية ومؤسساتها
الأحد 07/ديسمبر/2014 - 08:22 م
طباعة


أبوالمنذر التشقيطي
كنا قد عرضنا في تقارير سابقة منهج وفكر التنظيم المرتبط بالقاعدة الأم، وأن تنظيم أنصار الشريعة ظهر أولاً في اليمن منذ عام 2008 عقب دعوة الجهادي أبوالمنذر التشقيطي والذي حمل تنظيم القاعدة تبني نفس الاسم. ويعتبر وجه من أوجه تنظيم القاعدة غير أنه تميز بشكل ما بالوجه الخدمي في ظل غياب الدولة ومؤسساتها الخدمية.
أما في مصر فنشأ التنظيم تحت قيادة السلفي الجهادي سيد أبو خضرة، أما الجانب المسلح فكان تحت اشراف أحمد عشوش وأطلق اسم «أنصار الشريعة الطليعة المقاتلة" والذي أنشأ في بداية 2011 وظل فترة طويلة في مرحلة الإعداد والحصول على تدريبات في غزة ثم بعد ذلك في ليبيا وسوريا وقد عكف التنظيم على تهريب الارهابيين والسلاح إلى سيناء. حيث أتخذ من بعض المحافظات كالشرقية والدقهلية ودمياط والبحيرة والاسكندرية أماكن تمركز له وتعمل في مجموعات عنقودية لاغتيال رجال الشرطة والجيش وقد كانت أكثر الجماعات الموجودة في سيناء غموضاً، وظهر التنظيم فيما بعد في ليبيا وتونس بشكل أكبر خاصة من ناحية ضخامة الاعداد المنتسبة للتنظيم وحجم ممارسة العنف. والحقيقة أن تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا وتنظيم أنصار الشريعة في تونس تنظيم واحد من حيث الأفكار الجهادية والتنسيق والدعم المالي واللوجستي والتنظيم يقوده إقليميًا المصري «أحمد عشوش» والذي سبق اتهامه في قضايا نقل السلاح والإرهابيين لسيناء بعد تدريبهم في ليبيا. التي تتخذ من «بنغازي» مركزًا لها، حيث يوجد لها فرع في تونس تحت قيادة أبو عياض وثلاثة أفرع في ليبيا (بنغازي – سرت – واجدبا ودرنه)

سرايا راف الله السحاتي
بعد الظهور الإعلامي الأول للتنظيم في بنغازي – مايو 2012 – وذلك عقب انشقاق وخروج عدد من الكوادر من «سرايا راف الله السحاتي» حيث تجمعت مليشيات التنظيم في احدى ضواحي بنغازي والدخول معا بمسلحيها وسياراتها التي تحمل اسلحة شبه ثقيلة، رافعة علم تنظيم القاعدة الأسود. مما أثار حينها استياء من مواطني المدينة. وأنصار الشريعة، هي مليشيات مسلحة تهدف كما تدعو إلى تحكيم الشريعة الإسلامية في ليبيا. تحمل الجماعة فكراً جهادياً تكفيرياً يقترب من فكر القاعدة. وهي جماعة ترفض العملية الديمقراطية والانتخابات، ولا تعترف بالدولة وتدعو إلى إقامة دولة الخلافة، وترى أن كل من لا يحكم بالشريعة فهو كافر، ولابد من إزاحته بأي شكل. أحد أعضاء التنظيم ليسوا جميعا من الليبين. فقد انخرط في صفوف التنظيم جهاديين من كل من مصر وتونس وجنسيات أخرى. وترفع المليشيات علم القاعدة الأسود بدلاً من العلم الوطني.
ولا يزال حتى الآن المسئول العام عن التنظيم ما يعرف الشيخ محمد الزهاوي وهو من السجناء السابقين في سجن أبو سليم الشهير في العاصمة الليبية طرابلس.. ويحظى التنظيم بلجنة شرعية يرأسها ناصر الطرشاني تهتم بأمور الشريعة التكفيرية الجهادية. وفي ظل غياب مؤسسات الدولة الليبية يمتلك التنظيم جناح دعوي وخيري يهتم بعقد الملتقيات الدعوية وتوزيع المساعدات على اسر محتاجه وبعض المشاريع الخيرية منها عيادة متخصصة لفك السحر والشعوذة، أما تمويل التنظيم فيأتي – كما يدعون – من تبرعات الأعضاء، إلا أن بعض التجار في مدينة بنغازي جهروا علناً بدعم التنظيم مالياً، وتوجد ثلاثة أفرع لأنصار الشريعة بنفس المسمى خارج مدينة بنغازي هم.. الفرع الأكبر حجماً في مدينة درنة تحت قيادة سفيان بن قمر وهو السائق السابق لابن لادن مؤسس تنظيم القاعدة. أما انصار الشريعة في سمات فقد تأسس منذ 28 مايو 201. أما فرع أجدابيا فقد تأسس في 14 أغسطس 2013 ومنذ نوفمبر 2013 حيث بدأت المواجهات بين التنظيم وعدد من الفصائل خاصة التي التحقت بالجيش الليبي في مدينة بنغازي كما توردت في بعض الهجمات وعمليات الاغتيال خاصة الهجوم على البعثة الدبلوماسية الامريكية في بنغازي وقتل السفير وثلاثة أعضاء أخرين في البعثة. وعقب تصنيف الولايات المتحدة في 20 يناير 2014 التنظيم كمنظمة ارهابية بفرعيها في درنة وبنغازي. بدأ انصار الشريعة في تطوير وتركيز على النشاط الدعوي والخدماتي في مناطق تواجدهم ببعض الأنشطة مثل تنظيم الشوارع ومساعدة المحتاجين والفقراء وتنظيم المرور في الشوارع وذلك لاكتساب شعبية وتحسين صورتهم أمام الشعب الليبي، إلا أن التعليمات الصادرة من تنظيم القاعدة بالمبادرة للتحرك لإقامة دولة إسلامية في ليبيا وفي اسرع وقت ممكن مع استغلال فرصة ضعف النظام الليبي وقبل أن يصله الدعم الخارجي من قوى دولية تناهض النشاطات الارهابية في بلد من شمال أفريقيا ومحاكاة لتجربة داعش في العراق والسيطرة على الحكم في ليبيا وخاصة أنه يمكن القيام بذلك بسهولة لا سيما أن قدرات الدولة الليبية أضافت الكثير من مما تحتكم إليه الدولة العراقية سواء عتاد ومسلحين ودعم خارجي. وقد جاءت هذه التحركات بالتعاون مع جماعات اسلامية متشددة ومتطرفة لقطع الطريق على مجلس النواب في مدينة بنغازي مما أجبر نواب المجلس من القرب الليبي على حضور جلسات المجلس خارج بنغازي. كما سعت الجماعات المتطرفة إلى دحر القوى الموازية والمواجهة لها في العاصمة طرابلس (كتائب الزنتان) وتدمير المطار الدولي لمنع التنقل بين طرابلس وبنغازي لأعضاء الحكومة حتى لا يكتمل النصاب القانوني ومن ثم تسقط شرعية المجلس.

تنظيم «أنصار الشريعة»
ولقد سعى التنظيم لتوسيع نفوذ دولته المزعمة جغرافياً خارج درنة إلى باقي أنحاء ليبيا وحيث أقام تحالف عرف باسم (مجلس شورى بنغازي). وهو تحالف ما بين انصار الشريعة ودرع ليبيا وقاموا باقتحام المدينة واستولوا على كميات كبيرة نم الاسلحة من معسكر 319 التابع لرئاسة الاركان العامة ومعسكرا 3 صاعقة التابع لاحد معسكرات القوات الخاصة في مدينة بنغازي اضافة إلى اقتحام مديرية امن بنغازي حيث اعقبه اعلان محمد الزهاوي في 30/7/2014 أن بنغازي إمارة اسلامية مطالب سكان المدينة الأعتراف بذلك وقد أعلن الزهاوي في بيان عبر إذاعة راديو التوحيد في 30 يونيو «بنغازي من الأن إمارة اسلامية» وعلى الكفار التوبة والرجوع إلى الله. لأن شرع الله سوف يطبق على الجميع.
ومنذ هذا التاريخ خرجت بنغازي إلى جانب درنة عن سيطرة الدولة وأعلنت التنظيمات الإرهابية حربها في مناطق شرق ليبيا وأحياء بنغازي وسرت ودرنة ومصراته والزنتان. ضد قوات الشرطة والجيش ويحاول تنظيم «أنصار الشريعة» إلى اكتساب دعم من مكونات الحكومة خاصة من تنظيم ومليشيات رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام المنتهية ولايته نوري أبو سهمين.
عموماً جاءت معركة الكرامة التي يقوم بها منذ 16 مايو الماضي اللواء خليفة حفتر والتي تحظى بمساندة شعبية كبيرة أهمية خاصة لإعادة مؤسسات الدولة والحفاظ على هوية وكيان الشعب الليبي والقضاء على التنظيمات الجهادية على الأراضي الليبية. إن الدعم الخارجي لكتائب اللواء خليفة حفتر سواء من الداخل (مشايخ القبائل والعشائر) إلى جانب القوى المدنية الرافضة للتيارات الجهادية أو الخارج (خاصة دول الجوار مصر وتونس والجزائر) إلى جانب الدعم من دول الخليج (السعودية والامارات والكويت). حتماً سيعيد للشعب الليبي فرصة جديدة لإعادة بناء دولة مدنية حديثة بعيداً عن القوى التكفيرية الظلامية.