الولايات المتحدة.. المنتهك الأكبر لحقوق رعاياها من "الإرهابيين"
الخميس 11/ديسمبر/2014 - 08:39 م
طباعة


نشرت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي، أمس الأربعاء، تقريرًا حول استخدام وكالة الاستخبارات المركزية "سي أي أيه" وسائل التعذيب خلال استجواب المشتبهين بالإرهاب من تنظيم "القاعدة"، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.
جاء التقرير بعد حوالى 6 أعوام على رحيل جورج بوش عن البيت الأبيض، حيث نشر أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون من لجنة الاستخبارات، تقريرا استثنائيا يفصل البرنامج السري الذي أدارته الـ "سي آي إيه" لاعتقال واستجواب أشخاص يشتبه في علاقتهم بـ "القاعدة"، خارج إطار القضاء.
أمريكا المتناقضة

على الرغم من انتفاضة أمريكا المفاجئة ونشرها تقريرًا عن الانتهاكات التي ارتكبت في حق عناصر تنتمى إلى التنظيمات الجهادية ذات التوجه الإسلامي المتطرف،وقد ظلت على مدار السنوات الماضية تتابع بدم بارد سقوط الملايين قتلى برصاص وخناجر الإرهابيين في العديد من الدول العربية.
يأتي هذا التناقض في الموقف الأمريكى، هو أن الولايات المتحدة رأت في هذه التنظيمات المتطرفة في العديد من البلاد العربية الأداة المثلي لتحقيق المخطط "الصهيو أمريكي" الرامي إلي تمزيق المنطقة العربية وتحويل دولها على أسس مذهبية وطائفية وعرقية.
وعلى الرغم من انتهاء دور القاعدة وطالبان في أفغانستان عقب إخراج السوفيت، وتمكن أمريكا من الهيمنة علي أهم مواقع استراتيجية في وسط آسيا، إلا أن شن أمريكا لهذا الهجوم علي القاعدة وطالبان، لم يعفها من دورها الرئيسي في تمويل الإرهاب ودعمه، وتظل أمريكا بحاجة إلي استخدام قوي الإرهاب هذه لتحقيق خططها الاستراتيجية ، وهي تمزيق البلاد العربية ليسهل السيطرة عليها أمريكياً وإسرائيلياً.
أبرز ما جاء في التقرير

جاء التقرير في 6000 صفحة، إلا أنه تم نشر ملخص ضم 480 صفحة، حيث جاء في أبرز نقاطه، إن استخدام وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي.آي.إيه" لـ"تقنيات الاستجواب المتطورة" لم تكن فعالة في الحصول على معلومات استخباراتية أو تعاون من قبل المعتقلين.
كما ذكرت أن تعد التبريرات التي قدمتها حول استخدام "تقنيات الاستجواب المتطورة" غير دقيق، كما تعتبر طرق استجوابها للمعتقلين وحشية وأسوأ بكثير من مما أعلنت عنه لصناع القرار في البلاد والمشرعين، فضلا عن إن ظروف احتجاز المعتقلين من قبل "سي .آي.إيه" أقسى مما أقرت به الوكالة للمشرعين.
كما أبرز التقرير أن سي.آي إيه عمدت إلى تزويد وزارة العدل بمعلومات غير دقيقة بشكل مكرر، مما أعاق إجراء تحليل قانوني مناسب حول برنامج الوكالة المتعلق بتوقيف المعتقلين واستجوابهم.
وجاء في التقرير أن الـ "سي. آي. إيه" تجنبت أو أعاقت إطلاع مجلس الشيوخ على برنامج الوكالة لاستجواب المعتقلين لديها، كما أعاقت بفاعلية إشراف البيت الأبيض وصناع القرار على هذا البرنامج، كما أدى تطبيقها لبرنامج استجواب المعتقلين وإدارته الى تعقيد، وفي بعض الاحيان تهديد مهمات تتعلق بالأمن القومي تقوم بها وكالات اخرى، كما عرقلت الوكالة مراقبة مكتب المفتش العام فيها لأعمالها.
وذكر التقرير أن "سي آي إيه" نسقت تسريب معلومات معينة لوسائل الاعلام من بينها معلومات غير دقيقة تتعلق بفعالية استخدام التقنيات المشددة خلال استجواب المعتقلين، ولم تكن مستعدة عند تطبيقها برنامج الاعتقال والاستجواب بعد أكثر من 6 شهور من السماح لها باحتجاز اشخاص، كما طبقت برنامج الاعتقال والاستجواب بشكل سيء خلال عام 2002 ومطلع عام 2003.
وأوضح التقرير أن قام خبيران نفسيان بوضع تقنيات الاستجواب المشددة للوكالة ولعبا دورا محوريا في تطبيقها وادارة البرنامج، كما خضع المعتقلون لدى "سي آي ايه" لتقنيات استجواب قهرية لم توافق عليها وزارة العدل أو مدراء الوكالة، ولم تستطيع تحديد عدد المحتجزين لديها، كما أنها سجنت اشخاصا لا تنطبق عليهم المعايير، إضافة الى أن تأكيدات الوكالة بخصوص أعداد المعتقلين وأولئك الذين خضعوا لتقنيات الاستجواب المشددة كانت غير دقيقة، كما فشلت في إجراء تقييم لفاعلية تقنيات الاستجواب المشددة، كما لم موظفيها المسؤولين عن انتهاكات خطيرة والقيام بأنشطة غير مناسبة خلال تطبيق برنامج تقنيات الاستجواب المشددة إلا بشكل نادر، كما تجاهلت انتقادات عدة داخلية واعتراضات بخصوص تطبيق وادارة برنامجها للاعتقال والاستجواب.
كما جاء في التقرير أن برنامج "سى أى أيه" للاستجواب غير قابل للاستمرار، كما انتهى فعليا عام 2006 بعد تقارير صحفية وانخفاض وتيرة التعاون من قبل بعض البلدان.
واختتم أنه أضر بسمعة الولايات المتحدة في العالم أجمع، كما أسفر عن تكاليف إضافية مالية وغيرها.
إدانه مجلس الشيوخ

من جانبه أدان مجلس الشيوخ ، ممارسات التعذيب التي انتهجتها الوكالة منذ سنوات.
وطالبت منظمة العفو الدولية الولايات المتحدة الأمريكية بمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب "انتهاكات"، نفذت أثناء استجواب عدد من المشتبه بهم في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001.
وأضافت المنظمة في بيان لها أن تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي حول أساليب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي إيه" "في استجواب المعتقلين بمثابة رسالة تذكير بفشل الولايات المتحدة في إفلات المسؤولين، الذين صرحوا بالتعذيب ونفذوه، من العقاب إزاء العديد من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان التي ارتكبت باسم الأمن القومي.
وطالبت المنظمة الدولية، بمحاسبة المسؤولين عن استخدام "سي أي إيه" لبرنامج الاستجواب، الذي اتبع أساليب التعذيب أبرزها، الإيهام بالغرق، والصفع، والتهديد بالكهرباء، والحرمان من النوم، والتهديدات بالاعتداءات الجنسية، والإذلال.
وقالت إريكا غيفارا روساس مديرة برنامج الأمريكيتين في منظمة العفو، في بيان المنظمة، إن "هذا التقرير يقدم تفاصيل، لانتهاكات لحقوق الإنسان وافقت عليها أعلى السلطات فى الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر 2001.
وأضافت أنه بالرغم من وجود الكثير من الأدلة لسنوات بشأن تلك الانتهاكات، لم يتعرض أحد ممن سمحوا بها أو منفذيها للمحاسبة، لافتة إلى أن المعلومات السرية الواردة في الملخص، مع محدوديتها، هي تذكير للعالم بالفشل الكامل للولايات المتحدة لإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها الذين صرحوا بالتعذيب ونفذوه.
وطالبت روساس الولايات المتحدة بالكشف عن الحقيقة الكاملة لانتهاكات حقوق الإنسان، ومساءلة المخطئين، وتحقيق العدالة للضحايا، مشيرة إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية وسلطات أمريكية أخرى، لم تقم بممارسة هذه الانتهاكات وحدها، لكن حدث ذلك بمشاركة عدد من الشركاء في جميع أنحاء العالم، للمساعدة في تسهيل عمليات ترحيل المعتقلين والتعذيب والاعتقال القسري لهؤلاء الذين يشتبه بتورطهم في الإرهاب.
وقال بن ايمرسون المقرر الخاص للأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان ومكافحة الارهاب إن التقرير يكشف عن "سياسة واضحة نسقت على مستوى عال داخل إدارة بوش.
وطالب ايمرسون بـ"ملاحقة المسؤولين الكبار في ادارة بوش الذين خططوا وأجازوا ارتكاب جرائم وكذلك مسؤولي المخابرات المركزية الأمريكية ومسؤولين آخرين بالحكومة اقترفوا عمليات تعذيب مثل الحرمان من النوم والغمر بالماء.
وقال ايمرسون "فيما يتعلق بالقانون الدولي فإن الولايات المتحدة ملزمة قانونا بإحالة اولئك الاشخاص إلى نظام العدالة.
ووصفت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ديان فاينسيتاين سلوك السي اي ايه بأنه " وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة.
وقالت فاينسيتاين إن " الملخص الذي يتكون من قرابة 500 صفحة لن يستطيع محو تلك الوصمة ولكنه يقول للشعب الأمريكي والعالم أجمع أن الولايات المتحدة بلد عظيم يعترف بأخطائه إذا وقعت ويشعر بالثقة بأنه سيتعلم من تلك الأخطاء".
نفذت المخابرات المركزية الأمريكية سي اي ايه عمليات استجواب "وحشية" لمشتبهين بالإرهاب في السنوات التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، حسبما أفاد تقرير لمجلس الشيوخ.
تبرئة واضحة

وزارة العدل الأمريكية قالت إن التقرير لا يتضمن أدلة كافية لتوجيه اتهامات للمسؤولين عن تعذيب المعتقلين.
ودافع مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية سي اي ايه جون برينان عن سلوك أجهزة الاستخبارات قائلا إن المعلومات التي تم الحصول عليها من عمليات الاستجواب كانت هامة للتعرف على تنظيم القاعدة وتساعد حتى الآن في جهود مكافحة الإرهاب.
وأقر برينان بوقوع بعض الأخطاء في استخدام وسائل الاستجواب ولكنه شدد على أن تلك العمليات أنقذت أرواح الكثيرين.
إدانة المجتمع الدولي

أعرب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ووزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير، ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب بن ايمرسون، وأحد الباحثين بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية المصري عن إدانتهم ودهشتهم تجاه هذه الأعمال، حيث ندد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بممارسات التعذيب التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي إيه" واصفا تلك الممارسات بأنها "انتهاك خطير للقيم الديمقراطية، وقال شتاينماير اليوم الخميس: يجب ألا يتكرر هذا الانتهاك الخطير لقيمنا الديمقراطية والليبرالية.
من ناحيته أكد كاميرون عقب لقائه نظيره التركي أحمد داود أوغلو في أنقرة أن "التعذيب خاطئ، وسيبقى على الدوام أمرا مخالفا للصواب، مضيفًا أن التقرير يمس بالقيم الأخلاقية للولايات المتحدة وبحربها ضد الإرهاب.
وأدان وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، أساليب الاستخبارات الأمريكية، المتعلقة باستخدام التعذيب لاستجواب مشتبه بهم، ووصفها بـ”غير مقبولة“.
وقال جينتيلوني، في تصريحات إن الأساليب التي تمخضت عن تقرير وكالة الاستخبارات المركزية غير مقبولة، ولا تتوافق مع ديمقراطية وقيم الولايات المتحدة، لكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أغلق هذا الفصل.
واعتبر الوزير الإيطالي الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية أن التقرير المثالي من حيث الشفافية، ولكن ذلك لا يقلل من قوة إدانتنا.
وقال آية الله علي خامنئي الزعيم الإيراني الأعلى، إن التقرير أظهر الحكومة الأمريكية "كرمز للطغيان ضد الإنسانية"، مضيفًا: انظروا إلى الطريقة التي تعامل بها الإنسانية من قبل القوى المهيمنة بالدعاية البراقة وباسم حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية."
كما أعتبره الرئيس الافغاني أشرف غني، أنه انتهاك لجميع مبادئ حقوق الإنسان والقوانين الأمريكية.
كما كتب روبرت فيسك مقالا بعنوان "يجب أن يخشى القائمون على التعذيب سخطنا لا سخط العالم العربي. لقد اقترفوا ذلك باسمنا".
يفتتح فيسك مقاله بالقول "كانوا يريدون لذلك أن يبقى سرا، ويريدون الحماية لجلاوزة الشر الذين أشرفوا على مراكز التعذيب التابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية السي آي إيه باسمنا، بل يريدون لهم أن يحظوا بالإشادة نظير حفاظهم على سلامة حضارتنا".
ويتابع فيسك ساخرا "كانت أكاذيبهم في سبيل الحرية، لذلك لنتوقف عن الحديث عن مسلمين يقفون على أقدام مكسورة وأفواههم تزبد بعد 82 دورة من عمليات الإيهام بالغرق ".
ويقول فيسك إن أقطاب نظام الرئيس السابق جورج بوش الذين أحرجهم التقرير لا بد سيقدمون تبريرات شبيهة بالذرائع التي قدموها قبل غزو العراق عن أسلحة الدمار الشامل والصلة بين نظام صدام حسين وتنظيم القاعدة.
ويسخر فيسك من إعلان الحكومات خوفها من غضب العرب أو اعمال انتقامية وإغلاقها بعض السفارات هنا وهناك، فيقول إن العرب والمسلمين كانوا غاضبين طول سنين، فهم ضحايا عمليات التعذيب هذه، وقد عرفوا بعمليات التعذيب قبل نشر هذا التقرير بفترة طويلة.
الدول المتعاونة مع الـCIA

شاركت نحو 54 دولة، إلى جانب مؤسسات أمريكية أخرى مثل مكتب التحقيقات الفدرالي والجيش الأميركي والاستخبارات البريطانية، في عمليات التعذيب حسبما جاء في التقرير.
من خليج جوانتناموا بكوبا إلى معتقل سجن أبو غريب المركزي ببغداد وصولا إلى مقر الـ CIA بمقاطعة "لانجلي" في ولاية فيرجينيا الأمريكية مرورا بـ22 دولة شملها التقرير، تم رسم خريطة للدول التي تعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على تنظيم القاعدة.
بلغ عدد الدول التي استضافت سجونا سرية بالتعاون مع الـCIA، نحو 54 هي: أفغانستان، والبوسنة والهرسك، ومنتجع جوانتانامو، والعراق، وليتوانيا، والمغرب، وبولندا، ورومانيا، وتايلاند، فيما بلغ عدد الدول التي سهلت عمليات التعذيب 47 دولة، منها 10 دول عربية، هي: مصر، والجزائر وموريتانيا، والأردن، والسعودية، وليبيا، والصومال، وسوريا، والإمارات، واليمن. ومن أبرز الدول التي سهلت عمليات التعذيب لمعتقلى "سى.آى.إيه" حول العالم: النمسا وأستراليا وبلجيكا وكندا وقبرص وكرواتيا والدانمارك وفنلندا وجورجيا وألمانيا واليونان وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا والسويد وتركيا والمملكة المتحدة.
تعذيب المعتقلين حسبما جاء في التقرير

وزعمت مجلة التايم الأمريكية، إن مصر كانت وجهة لقضايا التسليم البارزة، موضحة أن قائمة المعتقلين الذين تم تسليمهم إلى مصر شملت حسن مصطفى أسامة نصر، والمعروف بـ "أبو عمر"، وهو مصرى كان مقيماً فى إيطاليا، وألقى القبض عليه فى أحد شوارع ميلانو عام 2003، ثم تم ترحيله إلى قاعدة رامشتاين الجوية الألمانية، ومنها إلى مصر، حيث اعتقِل سراً لمدة 14 شهراً وتعرض للتعذيب بالصدمات الكهربائية، وهناك حالة أخرى لمواطن أسترالى يدعى ممدوح حبيب، ألقى القبض عليه فى باكستان، واستجوبه عملاء أستراليون وأمريكيون، ثم تم ترحيله لمصر حيث تعرض للتعذيب.
وفى حالة أخرى، تم استجواب 2 مصريين، هما محمد الزيرى وأحمد عجيزة، اللذان طلبا اللجوء إلى السويد، وتم استجوابهما من قبل عملاء الـ"سى.آى.إيه"، حيث تعرض عجيزة للتعذيب عن طريق خلع ملابسه وتقييده بالأصفاد والسلاسل، ثم تم نقلهما جواً إلى مصر، على حد قولها.
فيما ذكر التقرير أنه تم نقل على محمد عبدالعزيز الفخيرى، ليبى الأصل إلى مصر، حيث تم استخدام تقنية استجواب تسمى "الإيهام بالدفن" أو "الدفن الوهمى"للحصول على معلومات منه.
ويؤكد تقرير لجنة الاستخبارات وفقاً لتايم - أن برنامج الترحيل السرى قوّض جهود إجبار الدول الأخرى على تغيير طريقة معاملتها للمعتقلين، حيث يسرد واقعة حدثت فى عام 2004، عندما أمر وزير الخارجية الأمريكى حينها سفير واشنطن فى دولة - تم حجب اسمها من التقرير - بحثّ هذا البلد على فتح سجونه للجنة الدولية للصليب الأحمر، وفى الوقت نفسه، كما جاء فى التقرير، فإن هذا البلد كان يحتجز المعتقلين سراً بناء على طلب وكالة الاستخبارات المركزية.
الرجل الوحيد الذي قهر تقنيات الاستجواب لدى CIA

هو العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، خالد شيخ محمد، أُخضع لعمليات الإيهام بالإغراق 183 مرة، وتمكن من تجاوزها بنجاح ليكون السجين الوحيد الذي تمكن من "إفشال نظام الاستجواب" بخلاف ما كان وكالة الاستخبارات المركزية CIA قد أعلنته في السابق.
التقارير المقدمة من CIA إلى المسؤولين كانت تشير إلى أن تقنيات "الاستجواب المشدد" التي تتضمن عمليات إيهام بالإغراق نجحت في انتزاع معلومات من شيخ محمد، ولكن المقابلة التي أجراها المفتش العام لـCIA مع المحققين المشرفين على الاستجواب أعطت صورة مغايرة تماما.
وورد في نص المقابلة مع المحققين أن شيخ محمد "كان يكره كثيرا تقنية الإيهام بالإغراق، ولكنه تمكن من إيجاد وسيلة للتغلب عليها والتعامل معها."
وتنقل المقابلة عن أحد المحققين قوله إن شيخ محمد "تغلب على نظام الاستجواب وقهره" مضيفا أن القيادي المتشدد في تنظيم القاعدة كان يتفاعل بشكل أفضل مع أساليب الاستجواب غير العدائية.
وعلى غرار سواه من السجناء، كان شيخ محمد يدلي بمعلومات عند تعذيبه، ولكنه سرعان ما يتراجع عنها بعد توقف التعذيب، كما كان يقدم معلومات مغلوطة، كتلك التي أدلى بها في إحدى المرات حول مخطط لاغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، والتي قالت CIA عنها إنها "مفبركة".
التقرير يوضح مكان "بن لادن"

فيما أكد تقرير لجنة الكونجرس أن استخدام التعذيب في التحقيقات لم يؤد إلى نتائج إيجابية ولم يوفر معلومات صحيحة ودقيقة للمحققين، مستدلا على ذلك بعشرين حالة من حالات الاستجواب التي زعمت CIA أنها وفرت من خلالها معلومات دقيقة باستخدام أساليب التحقيق القاسية، وقد اتضح عدم صحتها.
ويرد التقرير على إحدى أبرز النقاط التي تتمسك بها CIA، والتي تشير عبرها إلى أنها تمكنت من خلال استخدام تقنيات التحقيق القاسية من كشف مكان وجود زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، إذ يشير إلى أن المعلومات التي أدت لذلك الاكتشاف لم يكن لها صلة على الإطلاق بأعمال التعذيب.
وأضاف التقرير أن "المعلومات الأدق حول بن لادن،" والتي أدت إلى تحديد مكانه، قدمها سجين كان قد اعترف بها خلال التحقيقات معه وقبل الوصول إلى مرحلة التعذيب، مؤكدا أن اكتشاف مكان اختباء بن لادن كان يمكن أن يتم بشكل كامل دون وجود أي شكل من أشكال التعذيب أو إساءة المعاملة.
وذكر التقرير أن المعلومات حول بن لادن قدمها حسن غول، أحد عناصر تنظيم القاعدة، وقد جرى توقيفه في العراق عام 2004، وذلك من خلال "أساليب التحقيق والاستجواب التقليدية" قبل أن يخضع لاحقا لما تصفه CIA بـ"أساليب الاستجواب المشددة.
خلاصة القول أنه في الوقت الذى تؤكد فيه أمريكا على مواجهة ومحاربة الإرهاب، وبالأخص بعد تبنيها حملة تحت شعار "التحالف الدولي" لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، إلا أن هذا التقرير يكشف حقيقة أنها المنتهك الأول لحقوق رعاياها من الإرهابيين.