بعد استبعاد روسيا لها من الحوار.. مستقبل غامض ينتظر "إخوان سوريا"
الخميس 11/ديسمبر/2014 - 09:52 م
طباعة

تواجه جماعة الإخوان في المنطقة العربية، حصارًا وتراجعًا كبيرًا في ظل الأزمات المتوالية التي سببتها في العديد من البلدان، ومع سقوط حكم الجماعة الأم في مصر وتصنيفها كجماعة إرهابية، وكذلك الامر في السعودية والإمارات وعدد من الدول، ذكرت تقارير إعلامية أن روسيا الوسيط في المصالحة السورية وإنهاء الصراع، استبعدت جماعة الإخوان من الحوار الذي يضم فصائل سورية معارضة لم تلوث أيديها بدماء السوريين.
استبعاد روسي:

في ظل المساعي الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع" السوري- السوري"، عبر الحل السياسي الذي يضمن مرحلة انتقالية للحل، وقد خلف الصراع أكثر من 200 الف قتيل بخلاف ما يزيد على 1.7 مليون لاجئ سوري، مع دمار شمل أغلب البنى التحتية، استبعدت روسيا من جدول أعمالها للمصالحة بين أطراف النزاع متمثلة في الدولة برئاسة بشار الاسد والمعارضة المعتدلة، جماعة الإخوان السورية من الحوار والمفاوضات.
استبعاد جماعة الاخوان جاء لأن اغلب اطراف الحل للأزمة السورية يصنفون الاخوان كجماعة ارهابية، بالإضافة الي ان الحكومة السورية منذ الثمانينيات تصنف جماعة الاخوان كجماعة ارهابية وهو ما يشير الي انها ستكون خارج حسابات الحل في سوريا.
الموقف الروسي يأتي مع موقف سوري مماثل، فقد رفضت هيئة الإشراف على الحوار الوطني التي يترأسها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، توجيه دعوة حركة «الإخوان المسلمين» للمشاركة في لقاء تشاوري عقد في العاشر من يوليو 2011، نظرًا لتاريخها الأسود.
والتقى وفد من الائتلاف الوطني السوري، برئاسة هادي البحرة، أمس مع ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية والوفد المرافق له.
ووفقاً لموقع الائتلاف، فقد تناول الحوار حسبما أكّد رئيس الائتلاف الوضع الحالي في سورية وضرورة الإسراع بإيجاد الطرق للدفع نحو عملية سياسية تفاوضية تؤدي إلى تحقيق تطلعات الشعب السوري. واتّفق الطرفان على أن يشكّل بيان "جنيف 1" الإطار التفاوضي المقبول والذي تبنى عليه أي عملية تفاوضية مستقبلية.
ثقل الإخوان في سوريا:

البعض يعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين السورية لها ثقل في المسألة السورية، لكنها ليست قوية كما يُعتَقَد عموماً، فقد ساعد التركيز المستمر لنظام الأسد والدول الغربية والمجموعات المعارضة المنافِسة على جماعة الإخوان، هذه الأخيرةَ في بناء سمعة مخيفة، لكن قدرتها السياسية والتنظيمية الفعلية تبدو أكثر تواضعاً بكثير.
في أوائل ثمانينيات القرن المنصرم، تم التخلّص من جماعة الإخوان بالكامل تقريباً في سورية، و قضت الجماعة الثلاثين عاما الماضية في المنفى، بينما وصلت جماعة حماس في فلسطين إلى السلطة، كما أن جماعة الإخوان بمصر أصبحت حركة قوية معارضة للحكومة حتي وصولها للحكم عقب يناير 2011 وبالمثل تم احتواء جبهة العمل الإسلامي الأردنية باعتبارها "معارضة موالية".
وخلال هذه الفترة، فشلت الجماعة في تجديد صفوفها بجيل جديد من الأعضاء، أو إعادة تأسيس نفسها داخل سورية، ولم يتمّ حلّ صراعاتها الداخلية تماماً، ويبدو أن زعيم الجماعة الحالي، محمد رياض الشقفة، غير قادر على السيطرة تماماً على أتباع سلفه علي صدر الدين البيانوني.
جماعة الإخوان تعتبر نفسها صانعة ملوك لمعارضة المنفى طوال الانتفاضة السورية، وقد جعلت نفوذها أمراً محسوساً من خلال المجلس الوطني السوري الذي تأسس في أكتوبر 2011 في أهم المدن التركية إسطنبول، وبقي المجلس الوطني السوري أهم مجموعة معارضة في المنفى حتى نوفمبر 2012، عندما انضم إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
رغم نفي جماعة الإخوان وجود أذرع مسلحة لها في سوريا مع بداية الأزمة، إلا هناك عددًا من المجموعات المسلحة المرتبطة بالجماعة يقاتل في سوريا، ترفض قيادة الجماعة أن تقرّ بأنها تمتلك فصيلاً مسلحاً، إلى أن منفيّيها يموّلون المجموعات المسلحة منذ أواخر العام 2011. والمنظمة اليوم إما تسيطر على عشرات الوحدات شبه العسكرية الصغيرة داخل سورية، وإما ترعاها.
مع ذلك، فإن الجماعة أضعف من ذلك بكثير داخل سورية. فقد عرقلتها شيخوخة قياداتها وأصولها التي تعود إلى الطبقة المتوسطة، وواجه هذا التراجع والضعف في الساحة السورية بالتواصل نحو الجماعات السلفية المسلحة التي أنشئت حديثاً، والتي برزت بوصفها من العناصر الفاعلة القوية في الصراع. وتسعى جماعة الإخوان جاهدة إلى مواكبة تحوّلات وتأرجح الصراع على الأرض والتكيّف مع الصعود السريع للسلفيّة في البلاد.
الإخوان جماعة إرهابية:

المعضلة الاهم في استعاد جماعة الاخوان السورية، يتمثل في الوضع القانوني للجماعة، يأتي فالحكومة السورية في الثمانينات، وعلي خلفية الصراع بين الجماعة والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، صنفت الإخوان كجماعة إرهابية.
كما أعلنت القيادة المشتركة "للجيش السوري الحر" و"قوى الحراك الثوري في سوريا"، عن تصنيف الإخوان المسلمين في سوريا كـ " جماعة وتنظيم إرهابي.
وقالت القيادة المشتركة – في بيان صحفي وزعته إدارتها للإعلام ومقرها باريس – إنه تم استنفاذ كافة الوسائل والأساليب والطرق السلمية لردع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عن ممارساتها البعيدة كل البعد عن قيم ومبادئ الدين الإسلامي والعمل الوطني وانسياقهم الكامل خارج الأجندة الوطنية، وبث روح الفتنة والوهن والتخابر مع قوى وأجهزة معادية لسوريا الدولة والشعب، والتآمر على القوى السياسية والثورية بهدف السيطرة على مفاصل المعارضة السياسية والهيمنة على مقدرات وإمكانيات الثورة وسرقة أموال الإغاثة وتحويلها لمال سياسين متهمين "إخوان" سوريا بـ "تخزين السلاح والذخائر ومنعه عن الجيش السوري الحر للقيام بواجبه في الدفاع عن المدنيين العزل، والإسهام بتأخير انتصار الثورة، لذلك قررت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر وقوى الحراك الثوري إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيما إرهابيا"، وحل جميع الأذرع العسكرية والأمنية التابعة للجماعة على الأراضي السورية، ومصادرة جميع مستودعات ومخازن الأسلحة والذخائر التي تمتلكها الجماعة في سوريا، ومنح الضباط والعسكريين والمدنيين الذين التحقوا بالأذرع العسكرية للجماعة نتيجة ظروفهم الاقتصادية مهلة أسبوع واحد للانشقاق عنها والالتحاق بكتائب الجيش السوري الحر".
كما يأتي تصنيف أطراف الراعية للحوار الاخوان كجماعة ارهابية، فحكومات روسيا ومصر والسعودية والامارات وغيرها من الدول تعتبر جماعة الاخوان جماعة ارهابية، لذلك ليس مرحب بها في الحوار "السوري/السوري".
مواصفات جماعات التصالح:

خلال جلسة بين المعارض والناشط الحقوقي السوري هيثم المناع والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، اتفقا على ضرورة فتح الحوار المباشر بين النظام والمعارضة الوطنية السورية وقد تم تعريف المعارضة الوطنية السورية بين الطرفين ووضعت المعايير والأسس لتعريف هذه المعارضة وأهمها:
أولاً: عدم المشاركة بالأعمال العسكرية والأمنية وسفك دماء السوريين.
ثانيا: الذين ينادون بوحدة الأراضي السورية والمحافظة على مؤسسات الدولة.
ثالثا: الذين وقفوا ضد التدخلات الخارجية في سوريا.
رابعا: الذين لم يكن لهم أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع أطراف خارجية.
هذا التعريف يخرج ايضا جماعة الاخوان السوية من الحوار "السوري/السوري"، وفي ظل تصنيفها كجماعة ارهابية، ومشاركها في الصراع المسلح يخرجها من الحوار.
المشهد الآن:

فيما يبدو أن جماعة الإخوان طرف غير مرحب به من قبل جميع أطراف الأزمة السورية والأطراف الراعية للحوار، كما أن ثقلها بالساحة السياسية السورية يجعلان تواجدها أمرًا بعيدًا في ظل إدارتها السيئة للمعارضة في الخارج.
فغياب الإخوان عن الحوار لن يؤثر على نجاحه، في ظل وجود رفض لعدد من أطراف الصراع للجماعة، وهو ما يشير إلى أن عودة الإخوان للساحة السورية بات أمرًا صعبا.