حماس وإيران.. وعلاقات "المنفعة"
الجمعة 12/ديسمبر/2014 - 09:25 ص
طباعة


تلتقي"حماس" وإيران بمصالح متبادلة، فمن جهة تحتاج إيران لـ"حماس"، ليس فقط كما يروج إعلاميا كورقة ضغط في وجه إسرائيل، بحكم أن "حماس" لديها منظومة عسكرية قادرة على إقلاق إسرائيل بضربات موجعة بيدٍ "حمساوية" موجهة من صانع القرار القابع في طهران، لاسيما أن "حماس" ترفض عملية "السلام"، وتتبني المقاومة كخيار استراتيجي ومنضوية تحت لواء ما يسمى بـ"الممانعة" بزعامة إيران. وما "حماس"- والحالة كذلك – إلا يد إيران الضارية في خاصرة إسرائيل الجنوبية. وتحتاج "حماس" إلى إيران كرافعة وسند في مواجهة جبهتين تنظر إليهما “حماس” كعدوين وهما: إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية ومن ورائها حركة “فتح”. وفي الوقت الذي وجدت "حماس" نفسها محاصرة والأبواب العربية موصدة أمامها، وفي الوقت ذاته تستفيد السلطة الفلسطينية وحركة “فتح” من الدعم العربي، تحرم “حماس” من هذا الدعم بعد فوزها الكبير في الانتخابات التشريعية الثانية في يناير 2006. لذا تجد “حماس” أن علاقتها مع إيران وسورية مهمة لها لكي توازن علاقة السلطة الفلسطينية وحركة “فتح” مع أطراف عربية كمصر والسعودية. لذا تصبح إيران مهمة بالنسبة إلى “حماس” كي تتكئ عليها وتستقوي بها في إطار صراعها الداخلي وكذلك لمساومة محور ما يسمى بـ “الاعتدال” العربي، خاصة أن هذا المحور قاطع “حماس".
في الحقيقة أن الدعم الإيراني لـ"حماس" ليس هذا هدفه، أي إقلاق إسرائيل وتشكيل نتوء يوخز خاصرتها كالنصل المسنونة، واختراق المجال الحيوي لإسرائيل، فالهدف أعمق وأشمل من ذلك، لاسيما أن “حماس” لا تشكل رافعة لإيران ولا مصدر قوة يمكن أن تتكئ إيران عليها في حال وصل التناقض إلى ذروته مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في ما يخص المسألة النووية، بل إن الدعم الذي تحتاجه إيران أكبر من قدرات “حماس” أو أي تنظيم فلسطيني آخر.
فلإيران أهداف استراتيجية كبرى من جراء دعمها لـ”حماس”، أبعد من استعمال الأخيرة كورقة كما يروج. فلإيران دور إقليمي تسعى إليه بما يتواءم مع إمكانياتها وقدراتها كدولة محورية في المنطقة، لذا فهي ترى نفسها تستحق دورا إقليما متميزا وإن لم يعترف بهذا الدور فستعمل على انتزاعه عنوة.
وعليه، فإن أي دور لأية دولة في منطقة المشرق العربي لا بد أن يكون العبور إليه من خلال البوابة الفلسطينية، ودعم إيران لـ”حماس” يهدف إلى الدخول لهذه البوابة التي ستفتح آفاقا لها في المشرق العربي كون القضية الفلسطينية هي "قضية العرب الأولى". "فقضية فلسطين واستمرار الاحتلال والغطرسة الإسرائيليين هي بوصلة القيادة الإقليمية. شئنا أم أبينا، مللنا من القضية أم لم نمل، طالت أم قصرت، برزت قضايا وحروب أخرى «تنافس» على ترؤس الأجندة الإقليمية أم لم تبرز، تظل قضية فلسطين (طالما لم تحل) هي الباروميتر الذي يحكم من خلاله الرأي العام وغيره على أهلية ودور وموقع هذا البلد أم ذاك” (خالد الحروب، حتى لا يصل جدار غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية، الحياة، 27 ديسمبر 2009).
وهذا ما تقوم به تركيا، فـ”التشدد التركي حيال إسرائيل لقي استحساناً جماهيرياً، ونخبوياً عربياً ولو من الباب العاطفي والشوق العربي إلى قيادة عربية أكثر جرأة في مواجهة الإذلال المتواصل الذي تمارسه إسرائيل حيال الفلسطينيين والعرب”
وبالتالي إن الدعم الإيراني لفلسطين من خلال “حماس” ما هو إلا تعبير رمزي ليس إلا. ومن هنا فالدعم الإيراني-كما تريد إيران- لـ”حماس” أصبح رمزا دالا على مقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة، ورفض الهيمنة الأمريكية، والدفاع عن القضية الفلسطينية، والقدس، والشعب الفلسطيني المغبون، كل ذلك له مكانته المقدسة لدي العرب والمسلمين، وبذا تحصل إيران على المكانة التي ستجنيها من جراء ذلك.

وهكذا فإن الدعم الإيراني لـ”حماس” ما هو إلا تعبير رمزي تريد إيران أن تظهر من خلاله بأنها رمز يدل على القوة والعظمة الإيرانية، لأنها تسير بخط مناقض لاتجاه المشروع الصهيوني، وهو أمر مرغوب عند الشعوب العربية. وتريد إيران أيضا أن تظهر من خلال هذا الدعم أنها حاملة المشروع “النضالي المقاوم والممانع” ضد الوجود الصهيوني والشيطان الأكبر، وحامية حمى القدس والملة، في وقت خذلان النظام العربي، من تقديم أي دعم للمقاومة وتعزيز صمود الفلسطينيين. وتصبح إيران-والحالة كذلك- رمز “المقاومة” والصمود في المنطقة، مقابل تراجع واستسلام وتخاذل النظام العربي. ورمز التحدي والقوة، مقابل الرضوخ والضعف، ورمز الجرأة والمبادرة والفعل، مقابل الجبن والبقاء كطرف مفعول به.
وبالتالي تكتسب إيران رصيداً وأهمية في الشارع العربي حين يبدو أنها تتبنى “قضية العرب الأولى” التي تخلت عنها الأنظمة العربية والتفتت لقمع شعوبها. في الوقت الذي تبدو فيه طموحات إيران النووية رامية عموماً لأن تصبح لاعباً رئيساً على الساحة الإقليمية وتتبوأ لقيادة العالم الإسلامي(أم القرى بالتعبير الإيراني) على نطاق أوسع. وهذا ما يفسر ميل الشارع العربي إلى إيران، وهو ميل ليس حبا في إيران بقدر ما هو تأييد لها كتعبير رمزي أيضا مبعثه الشعور بالغبن في عالم يتجاهل العرب وقضاياهم، في عالم يناصر الأنظمة العربية التسلطية ويغض الطرف عما تفعله بالشعوب التي تتحكم بها، في ظل مجتمعات عربية مكبوتة، مهانة، محتقرة، وأمراض تنخر في أحشائها
والهدف الآخر من الدعم الإيراني لـ”حماس”، هو تجسير الفجوة بين المصلحة القومية الإيرانية وأيديولوجيا الثورة الإسلامية المتجسدة في النظام الحاكم(الثيوقراطي). إن السياسة الخارجية الإيرانية تأسست على ركيزتي المصلحة الوطنية والأيديولوجية الإسلامية داخل إطار الإرث الإمبراطوري التاريخي ضمن أفق للتطلع للعب دور الدولة الإقليمية المهيمنة. والفكرة الرئيسية هنا أن أحد المرتكزات الرئيسية للسياسة الخارجية الإيرانية- كما ينص الدستور الإيراني- هو الدفاع عن المستضعفين والعداء للمستكبرين، والدفاع عن وحدة الأمة الإسلامية. المشكلة هنا أن السياسة لا تعمل ولا تتحرك من منطلقات أخلاقية ومبدئية، فالسياسة هنا هي فن الممكن، وهي تقوم على أساس المصلحة أولا وقبل كل شيء. وهذا صحيح فجميع الأنظمة تتعامل مع الأحداث والصراعات والخلافات السياسية من منظور المصلحة السياسية، وأن مصالح الأمن هي أكثر ما يحرك الدول، ويستنهض هممها، لذا فإن الدول تهتم أشد الاهتمام بالمحافظة على قواتها وتعزيزها. وبالتطبيق على إيران التي تحاول أن تجمع بين مصلحتها القومية وإيديولوجيتها الإسلامية، نجد في سياستها الخارجية الكثير مما يخالف هذه الرؤية، أي إيديولوجيتها الإسلامية، فالعراق وأفغانستان يمثلان الدليل الناصع على ذلك . لذا تكون فلسطين أو بالأحرى “حماس” والمنظمات الفلسطينية الأخرى التي تتلقى الدعم الإيراني، حلا لهذا الإشكال. فمن خلال دعمها لـ”حماس” تؤكد إيران التزامها الإيديولوجي(العقدي) تجاه القضية الفلسطينية، ويشكل ذلك الأنموذج لنشاطها المرتكز على البعد الإسلامي للصراع. وهكذا تثبت إيران أنها ملتزمة بمرجعيتها الدينية في أهم قضية إسلامية ألا وهي القضية الفلسطينية. وبذا تعطي لنفسها الحق في الاعتراض على كل من يدعي أن ما يحرك سياستها هو مبدأ مصلحي أناني فقط منزوع من أي بعد إسلامي عقدي، فبدعمها لـ”حماس” تثبت إيران العكس.
جدلية الدولة والأمة في فكر الإمامين البنا والخميني:

في أواخر 2010 أُرسل عبر البريد الالكتروني إلى نشطاء «حماس» في قطاع غزة وإلى أعضاء مختارين من الجماعة في الضفة الغربية وغيرها، كتيب مكون من ثلاث وأربعين صفحة باللغة العربية، عنوانه: "«الإخوان المسلمون» والثورة الإسلامية في إيران". وتمثل هذه النشرة الجديدة أهم محاولة جرت حتى الآن لربط التعاون المتنامي بين حركة «حماس» ومعلميها الإيرانيين، إلى الانتماءات الدينية أكثر من النفعية السياسية. والفكرة في جوهرها هي أن جماعة «الإخوان المسلمين» -- حيث «حماس» هي فرعها الفلسطيني -- هي شريك طبيعي لإيران حيث تشاطر معها مجموعة مشتركة من القيم ورؤية مشتركة لإحياء الخلافة، رغم الانقسام الذي يفصل تاريخياً السنة عن الشيعة وغالباً ما يضعهم ضد بعضهم البعض.
والعنوان الفرعي للكتيب هو "جدلية الدولة والأمة في فكر الإمامين البنا والخميني"،
مؤلف الكتاب هو الدكتور أحمد يوسف إن سمعته كـ "معتدل" هي التي جعلت تصريحاته الأخيرة مثيرة للاهتمام وذات مغزى على حد سواء. وقد أوضح أن اعتماد «حماس» على إيران ليس زواج مصلحة عرضي كما يدعي قادة آخرون في الحركة في كثير من الأحيان، لكنه شراكة حتمية ترتكز على التطلع المشترك لـ "الدولة الإسلامية" الربانية المثالية. ويتهم "السلفيين والوهابيين في الخليج" وكذلك حكومات خليجية لم يذكرها بالاسم بالمسئولية عن الفترات الطويلة من التوتر الحاد بين جماعة «الإخوان المسلمين» والجمهورية الإسلامية على مر السنين، وعلى هذا النحو يشير إلى أن صداقة إيران اليوم هي أكثر أهمية بالنسبة لـ «حماس» من الدعم السعودي، ورغم أن دعم إيران لنظام الأسد في سوريا -- الذي سحق التمرد المسلح لجماعة «الإخوان المسلمين» هناك عام 1982 -- قد أضاف إلى العداء المتبادل بينهما إلا أن يوسف يقول بأن إيران و«حماس» لديهما سجل حافل من التعاون، وقاعدة راسخة من المعتقدات الدينية المتشابهة، وإن لم تكن متطابقة بالضرورة.
نقاط يوسف الرئيسية وتاريخ العلاقة بين إيران وحماس:

يقول يوسف إنه بعد إلغاء الخلافة العثمانية عام 1924، كان تأسيس جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر من قبل الشيخ حسن البنا عام 1928 و"انتصار" الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 أهم حدثين في التاريخ الإسلامي الحديث. وتهدف جماعة «الإخوان المسلمين» - التي هي منظمة دولية - إلى إقامة دولة إسلامية، وقد أنشأت الحركة الخمينية بالفعل أول دولة إسلامية حديثة، مخالفة بذلك المعتقد الشيعي التقليدي بأن الدولة الإسلامية يجب أن تنتظر عودة ظهور المهدي، إن كل من البنا والخميني قد رأى الدولة الإسلامية ليست كغاية في حد ذاتها ولكن أداة لتحقيق رسالة الدين. ويخلص يوسف إلى أن :"هناك مساحة واسعة مشتركة بين الرؤيتين تشكل أساساً متيناً لاعتبار إيران -- الدولة -- نقطة انطلاق نحو الدولة الإسلامية العالمية"، ورغم تحفظات جماعة «الإخوان المسلمين» حول بعض جوانب النموذج الإيراني، منها على سبيل المثال أن الفارسي فقط هو من بإمكانه أن يصبح رئيساً -- ينصح يوسف بالتغلب على تلك الاختلافات بقوله: "إنها فرصة كبيرة لتطبيق قواعد الشريعة... ولا مفر من التغلب على الصراعات بين السنة والشيعة.... وهذه الصراعات لا تصل إلى حد التناقض الديني". وعلاوة على ذلك، يوصي يوسف القارئ "بأن لا يرى (هذه الصراعات) عائقاً أمام إقامة وحدة إسلامية مبنية على أسس مشتركة ومتفق عليها تتعلق بطبيعة النظام". وعن الاختلافات بين السنة والشيعة يوصي بـ "ترك قضايا الفقه ومسائل الأحوال الشخصية جانباً لكي يتمكن الناس من التعامل معها وفقاً لمذاهبهم الخاصة".
ووفقاً ليوسف فإن العلاقات الفاترة بين إيران وجماعة «الإخوان المسلمين» -- وهي نتاج أربعة عشر قرناً من التناحر السني الشيعي -- ينبغي، على أقل تقدير، أن تستعيد دفئها السابق. ويتتبع يوسف بداية التفاعل بين الاثنين حتى جهود جامعة الأزهر في 1948-- التي شارك فيها كل من البنا وآية الله محمد تقي القمي -- لجسر الخلافات بين المذهبين السني والشيعي. ويشير أنه في عام 1954 رحب «الإخوان المسلمون» في كل من القاهرة ودمشق بقائد حركة "فدائيي الإسلام" الإيرانية نواب صفوي، الذي أعدم لاحقاً من قبل الشاه. ويُذكِّر يوسف أيضاً جمهوره بالاتصالات بين البنا وآية الله كاشاني الذي أيد رئيس الوزراء المعادي للغرب محمد مصدق في أوائل الخمسينات من القرن الماضي لكي يثبت أن تحالفاً كان قد بدأ بالفعل في التشكل في تلك المرحلة المبكرة، ويشير إلى أن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي كان نفسه قد ترجم كتابات سيد قطب -- أحد زعماء جماعة «الإخوان المسلمين» الذي تم شنقه في النهاية من قبل الرئيس جمال عبد الناصر -- من العربية إلى الفارسية. ويُعتبر قطب على نطاق واسع الأب الروحي للجهادية الحديثة كما تتمتع تعاليمه بشعبية خاصة بين أعضاء «حماس». ويقول يوسف أن علاقة «الإخوان المسلمين» مع إيران قد عانت من نكسات خطيرة منذ الدعم الأولي الذي أظهره «الإخوان» للثورة الإسلامية. ومن بين الأسباب التي عددها كانت الحرب بين العراق وإيران، وهزيمة «الإخوان المسلمين» في سوريا، والدعاية السلفية ضد الشيعة "الكفار" وإيران.
ويؤكد يوسف أن مرحلة جديدة من بناء الجسور قد بدأت في السنوات الأخيرة، لأن إيران وجماعة «الإخوان المسلمين» لديهما مواقف متشابهة حول المشكلة الفلسطينية وترفضان أية تسوية مع إسرائيل. وتعارض كلتيهما أيضاً الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط وتدعمان قضايا المسلمين في أماكن أخرى مثل البوسنة. كما خففت إيران من نبرة خطابها الشيعي الطائفي للتأكيد على دعواتها للوحدة الإسلامية، وبالتالي تساعد على نزع المخاوف بأنها كانت تسعى للسيادة على المسلمين الآخرين. وتقوم كل من إيران بوصفها جمهورية إسلامية، وجماعة «الإخوان المسلمين» من خلال استيلائها على السلطة في دول عربية وإسلامية آسيوية في المستقبل، بدعم قضية "جمهوريات القرآن والسلطان".
الدعم الإيراني لحماس:

نقلت صحيفة "التلغراف" البريطانية، في تقرير لها 02-06-2013 أعده مراسلها في غزة ونشرته على موقعها الإلكتروني، عن أحد القيادات السياسية لحركة حماس، أن إيران قطعت ما يصل إلى 15 مليون جنيه إسترليني شهريا في تمويلها لحماس عقابا لها على دعم الحركة للثورة في سوريا.
وأفاد التقرير أن التعاون العسكري بين الحليفين السابقين قد توقف أيضا، لتنتهي بهذا فعليا العلاقة الدافئة، بعد أن كانت طهران تقدم الأسلحة، الخبرة التقنية والتدريب العسكري لمقاتلي حماس.
وأرجع كاتب التقرير "القطيعة" بين الحركة وإيران إلى رفض حماس أن تنصاع للخط الإيراني الملزم بدعم بشار الأسد في حربه على الثورة السورية.
وقد وصف غازي حمد، نائب وزير الخارجية في حكومة حماس، العلاقات مع إيران بصراحة في مقابلته مع مراسل صحيفة "التلغراف" البريطانية في غزة، بأنها "سيئة" قبل أن يضيف: "دبلوماسيا، لا بد لي من استخدام كلمات أخرى".
وردًا على سؤال حول التمويل الإيراني، أجاب قائلا: "أستطيع أن أقول إنه ليس كالسابق، ولا أستطيع أن أعطيك المبلغ بالتحديد. فقدنا كثيرا لدعمنا الثورة السورية".
"لا أستطيع أن أنكر أنه منذ العام 2006 دعمت إيران حركة حماس بالمال والعديد من الأشياء الأخرى، ولكن الوضع اليوم ليس كالماضي. لا أستطيع أن أقول إن كل شيء طبيعي". وأضاف: "لا أستطيع أن أقول إن هناك تعاونا عسكريا".
ونقل كاتب التقرير عن الدكتور عدنان أبو عامر، أستاذ مساعد في العلوم السياسية في جامعة الأمة بمدينة غزة، أن إيران أعطت حماس ما يقدر بحوالي 13 إلى 15 £ مليون جنيه استرليني شهريا بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في العام 2006، أي ما يكفي لتغطية ميزانية إدارتها للقطاع.
وأضاف أن طهران لا تزال ترسل "كمية ضئيلة" للحفاظ على العلاقات وتسويق دعمها للقضية الفلسطينية، لكن جميع أشكال العلاقات قُطعت عمليا.
وكان التعامل مع مكتب حماس في طهران، قبالة الشارع الرئيس في المدينة، منذ أمد طويل، يتم على اعتبار أنه سفارة مستقلة، أما اليوم فما عاد لحماس ممثل دائم هناك.
"كان الدعم الإيراني للأسد قبلة الموت للعلاقة"، كما قال الدكتور أبو عامر، المقرب من حماس. وأضاف: "لقد فقدت حماس بسبب الخلاف (حول الموقف من الثورة السورية) الدعم الإيراني لها، ماليا وعسكريا، وحتى الآن لا أحد قد عوضه".
هكذا رأى المحللون التقارب "الحمساوي الإيراني"..
وفقًا لمحللين فإن تلك الأسباب وغيرها تدفع حماس للبحث عن حليف آخر لها .

من جانبه يرى هاني حبيب الكاتب والمحلل السياسي أن ما يشاع حول نقل مقر قيادة حماس لإيران يظل في إطار الشائعات حتى تصدر تصريحات رسمية من قبل إيران أو حماس .
وأشار حبيب في حديث خاص لشبكة PNN أن التصريحات الأخيرة لقيادات حماس بعودة علاقتها الطيبة مع إيران تشير إلى أن نقل مقرها لطهران ممكنا .
وأضاف حبيب أن تردي علاقة حماس بجمهورية مصر جعلها تتوجه لتلقي الدعم المالي والسياسي والأسلحة من إيران إلا أن الأمور لا تزال غير مرسومة وربما الأيام القادمة ستصبح أكثر وضوحًا .
أما بشأن قطر قال حبيب أنها باتت محرجة من احتواء قيادة حماس لديها بعد توتر العلاقات بينها وبين دول الخليج ومصر إثر موقف الدول من الإخوان المسلمين.
محلل إسرائيلي: جزء من الصراع بالشرق الأوسط ..
يرى المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أن "عودة العلاقات بين حماس وإيران لا تأتي بهدف إظهار دعم إيران لأيديولوجية حماس بالذات، وانما تشكل جزءًا من الصراع السياسي الواسع حول التأثير في الشرق الأوسط".
ويضيف أن القطيعة المصرية لحماس، وما تتعرض له الحركة من اتهامات في بعض دول الخليج، تعزز عودة حماس إلى أحضان إيران.
ويشير إلى ما أعلنته إيران نهاية الأسبوع، عن استعداداتها لاستقبال خالد مشعل، بعد قرابة عامين من القطيعة الكاملة بين الطرفين.
وحسب رأيه فإن قطر هي التي تقف وراء تجديد العلاقات بين إيران وحماس، ويشير الكاتب إلى تدهور العلاقات المتواصل بين مصر وحماس منذ بدأ الجيش المصري بتدمير الأنفاق وفرض الحصار على قطاع غزة وحظر حماس قانونيًا وتجميد ممتلكاتها في مصر، بعد اتهامها بالتعاون مع حركة الإخوان المسلمين ضد المصالح المصرية، وكذلك اتهامها بأنها ساعدت مرسي وقادة الحركة في بداية انقلاب 2011 على الهرب من السجون المصرية، وكذلك اتهامها بالمساعدة على قتل 19 ضابطًا مصريًا في آب 2012.
كانت قطر قد سارعت قبل عامين إلى محاولة مساعدة حماس في التغلب على أزماتها الاقتصادية، وأعلنت تبرعها بمبلغ 400 مليون دولار للتطوير في غزة، لكنه تم صد هذا التبرع بعد تدهور الأوضاع بين مصر وقطر على خلفية دعم قطر للإخوان المسلمين، وبقيت تركيا هي الوحيدة التي تدعم حماس حاليا.
ويقول هرئيل إن عودة حماس إلى إيران يمكنها أن تضع إسرائيل ومصر أمام تحديات جديدة، خاصة أن أيًا منهما لا تملك تأثيرًا على سلوك حماس في غزة، ورغم أن طرق الوصول إلى غزة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية والمصرية، إلا أن إيران ستسيطر على أحد مراكز القوى التي يمكنها التأثير على نطاق سيطرة السلطة الفلسطينية، والأهم من ذلك التأثير على التزام حماس باتفاقياتها غير الرسمية مع إسرائيل، ولكن العودة إلى أحضان إيران قد تحتم على حماس التراجع عن موقفها من القيادة السورية، وبذلك تقر بفشل عودتها إلى الحضن العربي الذي توقعت منه احتضانها بعد وقوفها ضد النظام السوري، والواضح ان ما تتعرض له حماس من حصار مصري بسبب موقف مصر من الإخوان المسلمين أساسًا، جعل حماس تبحث عن مكانها خارج الدائرة العربية.
الطريق مغلق أمام حماس:

من جانب آخر قال الكاتب والمحلل السياسي من غزة "طلال عوكل"، إن وجود حماس بقطر كان خيارًا مؤقتًا لها، خاصة أن حماس في الآونة الأخيرة شعرت بأن قطر محرَجة أمام دول الخليج بسببها، ما دفع خالد مشعل لطلب نقل مقر إقاته لكن قطر رفضت ذلك .
وأشار عوكل في حديث خاص لشبكة PNN ، إن نقل مقر حماس لإيران سيؤدي إلى إعادة بناء العلاقة مع إيران وحزب الله، وسيترتب على حماس أن تجد طريقة للتوفيق بين علاقتها معهما وعلاقتها بسوريا التي ربما ستعود ولو بعد حين، خاصة أن الأوضاع السورية تجري لصالح النظام السوري.
وأوضح عوكل أن حماس تعاني أزمة في علاقتها بالأوضاع الإقليمية كمصر والسعودية، مشيرًا إلى أن الطريق إلى الدول السابقة الذكر مغلق أمامها، فليس لها خيارات أخرى إلا إيران بانتظار أي تطورات جديدة.