الطائفة "الإسماعيلية" (الشيعة الباطنية).. 12 مليون شخص في 25 بلدا
الأحد 14/ديسمبر/2014 - 12:34 م
طباعة
علي رجب
مدخل
عقب تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام " داعش" على مساحات شاسعة من الأراضي في سوريا والعراق وإعلانها إعدام أحد أبناء الأقلية الإسماعيلية في سوريا بتهمة الردة وتمت عملية تنفيذ الحد أمام المواطنين ووضعت ورقة كتب عليها "هذا جزاء كل مرتد" بدأت تترد التساؤلات عن هذه الطائفة وأماكن تواجدها وأفكارها، خاصة وأن مدينة "السَلمية" التي تقع على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى الشرق من مدينة حماة في وسط سوريا، هي عاصمة الطائفة الإسماعيلية في سوريا والشرق الأوسط.. يبلغ عدد أبنائها حوالي 200 ألف في سوريا فقط وهي أحد الفرق الإسلامية المنحدرة من المذهب الإسلامي الشيعي وثاني أكبر جمهور الشيعة بعد الاثني عشرية، وقد استطاعت أن تطور نفسها بعد أن أحاطت بها بيئة معقدة من الصراعات السياسية جعلتها تاريخيًّا جماعة غامضة، وأظهرتها أفكارها ومبادئها لدى كثير من السنة والشيعة كجماعة هرطقة وباطنية، ولكنها الآن تعيش في مرحلة من الوضوح لتبدو كجماعة شيعية لا تختلف عن المسلمين السنة والشيعة اختلافًا جوهريًّا، وقد تأثرت مثل جميع المسلمين بالمؤثرات الصوفية والفلسفية السائدة.
النشأة
الإمام جعفر الصادق
مرت الإسماعيلية على مدى تاريخها بأحداث وتحولات كبرى أثّرت في مسارها الفكري وبنيتها الاجتماعية وعملها الدعوي والسياسي، ويحيط بنشأة الإسماعيلية وتاريخهم الخرافة والتشويه والغموض والسرية ولا زال التاريخ الإسماعيلي مجهولاً، وبالرغم من ذلك يعتبر أبناء الطائفة أنفسهم الجماعة الشيعية الرئيسية الثانية بعد الاثني عشرية.
بعد وفاة الإمام جعفر الصادق في عام 756م؛ كُرّست الإسماعيلية كجماعة شيعية مستقلة بأتباعهم الإمام إسماعيل بن جعفر، لتصبح سلسلة مستقلة من الأئمة من ذرية إسماعيل بن جعفر.
وادعت الفرقة الإِسماعيلية أن إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق قد نص على إمامة ابنه إسماعيل، إلا أنه مات في حياة أبيه وخلف ولداً يدعى محمد بن إسماعيل لم ينص الإمام على إمامته، ونص على إمامته ولده موسى الكاظم ومنذ ذلك الحين أعلن رجالات الإِسماعيلية مخالفتهم، وقالوا: إن الإمام محمد هو ابن إسماعيل وإن انتقالها إلى الإمام موسى الكاظم خلاف عمل مذهب التشيع.
بينما أرجع بعض المؤرخين انشقاق فرقة الإِسماعيلية إلى الاختلاف الذي حدث حول حياة إسماعيل ابن الإمام الصادق، وتضارب الآراء حول إمامته؛ فجمهور المؤرخين يقولون إنه مات في حياة أبيه سنة 138 وعمل عليه محضراً وأشهدَ الشهود لذلك، وقيل غير هذا، وفسر الإسماعيلي عارف تامر مسألة الإشهاد على وفاته بأنها عملية تغطية لستره عن أعين العباسيين الذين كانوا يطاردونه؛ بسبب نشاطه المتزايد في نشر التعاليم التي اعتبرتها الدولة العباسية منافية لقوانينها.
ويمكن إرجاع الاختلاف والاتفاق بين الإسماعيلية والاثني عشرية إلى النقاط التالية:
1- في مفهوم الإمامة بعد موت الإمام السادس جعفر الصادق؛ حيث رأى فريق من جمهور الشيعة أن الإمامة في ابنه الأكبر الذي أوصى له إسماعيل المبارك، بينما رأى فريق أخر أن الإمام هو أخوه موسى الكاظم لثبوت موت إسماعيل في حياة أبيه وشهادة الناس ذلك.
2- الجانب العرفاني والصوفي الذي يركز على طبيعة الله والخلق وجهاد النفس.
3- التمسك بجميع ما ورد في الشريعة الإسلامية من صلاة وحج وصوم وغيرها، وفيه يجسد إمامُ الزمان الحقيقةَ المطلقة، ويركز التيار الاثنا عشري الأكثرُ حرفِيةً على الشريعة وعلى سنن الرسول محمد والأئمة الاثني عشر من آل بيته باعتبارهم منارات إلى سبيل الله.
4- الإسماعيلية يتفقون مع عموم المسلمين في وحدانية الله ونبوة محمد ونزول القرآن المُوحى، وإن كانوا يختلفون معهم في أن القرآن يحمل تأويلا باطنا غير تأويله الظاهر؛ لذلك نعتهم مناوءوهم من السنة وكذلك بعض من الشيعة الاثني عشرية بالباطنية.
5- وتشترك الإسماعيلية مع الاثني عشرية بمفهوم الأئمة المنحدرين من نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وابنته فاطمة، ولكن انشق الإسماعيليون عن جمهور الشيعة الاثني عشرية عند الإمام السادس (جعفر الصادق) ومن سيخلفه من أبنائه. فجنح الإسماعيليون مع ابن جعفر الصادق الأكبر "إسماعيل" بينما تبنى الاثنا عشريون ابنه الأصغر "موسى الكاظم".
وبذلك يمكن اعتبار منتصف القرن الثاني الهجري هو بداية انتشار الدعوة الإسماعيلية، وعاش فيها أبناء الطائفة أكثر من قرن ونصف في تقية وسرية تامة وتحت مطاردة ورقابة السلطات العباسية .
وكان محمد بن إسماعيل يقيم أول الأمر في المدينة وأمعن أنصاره في التخفي ونشر الدعوة له سراً في عهد حكام بني العباس المهدي والهادي والرشيد، ولما ذاعت دعوته في خلافة الرشيد أيقن أن بقاءه في المدينة سيسهل على العباسيين مهمة تتبع حركاته والتخلص منه فرحل عنها شرقاً، وأخذ يتنقل بين البلاد الإسلامية فذهب إلى الري ثم انتقل إلى جبل دماوند القريب منها، واستقر هناك في قرية تدعى سملا أطلق عليها فيما بعد اسم محمد آباد نسبة إليه، ولما توفي محمد خلفه في الإمامة ولده (عبد الله) الذي بالغ في التخفي حتى أقرب أتباعه، وتابعه خلفاؤه في هذا في التخفي؛ لأن العباسيين كانوا يلاحقونهم للقضاء عليهم واستقر عبد الله بن محمد بن إسماعيل في سلمية بسوريا.
مزارا هاما لأتباع الطائفة الإسماعيلية -جبل اليمن
وكان أول انتشار واسع للإسماعيلية في اليمن فقد استطاع الإسماعيلي الحسين بن حوشب الملقب بمنصور اليمن أن ينجح في دعوته في اليمن، وأن يتغلغل في القبائل اليمنية فيركز فيها المذهب الإسماعيلي ثم يقودها باسم الإمام المستور فيفتح بها القلاع والحصون، ويسيطر على رقعة من الأرض، وأن يقيم أول دولة إسماعيلية سبقت الدولة الفاطمية الكبرى بنحو واحد وثلاثين سنة، ولم يقف ابن حوشب نشاطه على اليمن وحدها بل فرق الدعاة في البحرين واليمامة والسند والهند والمغرب ومصر، وكان آخر دعاته إلى المغرب "أبو عبد الله الشيعي".
خلال القرن الخامس الهجري دب الضعف والانحلال في صفوف الإسماعيلية فانشقت الحركة على نفسها وصارت فرقاً مختلفة، وقد حدث الانشقاق الأول سنة (411 هـ) عندما أعلن الحاكم بأمر الله بأن الجسد الإلهي قد حلَّ فيه ثم اختفى وربما مات مقتولا، فانفصلت الطائفة الدرزية عن بقية الإِسماعيلية لاعتقادهم بأنه لم يمت وأنه سيعود فهو الإمام المنتظر عند هذه الطائفة.
اتخذ زعماء الحركة الإِسماعيلية من سلمية في سوريا مركزاً للدعوة ونجحت دعوتهم فيها نجاحاً كبيرا، وكذلك في البصرة والكوفة من العراق، ثم في مصر وشمال إفريقية وبلاد الهند، واستمرت دولتهم في اليمن خمسة قرون حتى انتقال مركز دعوتهم إلى كوجارت واستطاع دعاة الفرقة النفوذ إلى صقلية وتاهرت ثم انقسمت الطائفة في عام 899م بخروج القرامطة، المجموعة التي رفضت الاعتراف بالخلفاء الفاطميين أئمة، فيما بعد.
وفي القرن العاشر الميلادي هاجر إمام الإسماعيلية "عبدالله المهدي" ليستقر في تونس ويؤسس فيها الدولة الفاطمية. وتمكن من بعده خلفاؤه من ضم شمال إفريقيا ومن ضمنها مصر وجزء من شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وصقلية وجنوب إيطاليا، وانتقلت عاصمة الدولة الفاطمية إلى العاصمة الجديدة "القاهرة".
وفي عهد الفاطميين تبلور المذهب الإسماعيلي في القاهرة واكتسب صفاته المميزة واكتمل بناؤه العقيدي. وحسب المذهب الإسماعيلي كان الخليفة الفاطمي الإمام هو الشخص الذي تجتمع له السلطتان الدينية والدنيوية للمرة الأولى منذ خلافة علي، وهو ما يتسق مع الرؤية الكلية للعقيدة حينذاك.
ويعتبر القائم بأمر الله الإمام والخليفة الثاني من زعماء الفاطمية، وقد تميزت فترة حكمه بالشدة وفرض الضرائب لتأمين نفقات الجيش حتى سببت هذه السياسة انتفاضة البربر ضده وقد قاد تحركهم أبو يزيد مخلد بن كيداد حيث استطاع أن يفرض قدرته على جنوب إفريقيا والقيروان، وعقب موت الإمام الثامن عشر المستنصر بالله سنة 487ھ (1094م) نشب خلاف في البيت الفاطمي بين من رأوا أن ابنه نزار هو الإمام حسب وصية أبيه، وبين من رأوا أن ابنه الآخر أحمد المستعلي بالله هو الإمام، وكان وكيل المستنصر القوي الأفضل شاهنشاه مؤيدا للمستعلي وأكثر الأطراف المتنازعة نفوذا؛ مما حسم الخلاف لصالح هذا الأخير فدعي إليه إماما تاسع عشر، وسُجن نزار ومات لاحقا في سجنه في الإسكندرية، وفر ابنه الهادي في أتباعه إلى آسيا الوسطى حيث نصره حسن الصباح، محدثين بذلك انشقاقا جديدا في الإمامة ما بين مستعلية ونزارية.
والنزاريّة (ربما في التقليد المتأخر) وحدهم لا يُقرِّون إمامة حسن بن علي؛ لذا فترتيب الأئمة عندهم ينقص واحدا عما هو معروف لدى باقي الفرق، بما فيها الفرق الإسماعيلية الأخرى مثل المستعلية، وأنهم يتتبعون تسلسل الإمامة في الفرع النزاريّ إلى علي عبر ابنه حسين حصرا.
وفي عام 524ھ (1130م) اغتال النزاريةُ منصور الآمر بأحكام الله بن أحمد المستعلي بالله؛ انتقاما لما يعتقدون أنه اغتصاب للعرش الفاطمي، ولم يكن قد سمّى خليفة، فاختلف البيت الفاطمي في مصر فيمن يخلفه، فرأى بعضهم أن الطيب أبا القاسم ابن منصور هو الإمام فعرفوا بالطيِّبية، بينما بايع آخرون الحافظ لدين الله ابن عم الآمر بأحكام الله، فعرفوا بالحافظية.
اعتقد الطَّيِّبِية بغيبة الإمام الطيب أبي القاسم، فكان هو إمامهم الحادي والعشرين والأخير، وهم اليوم البهرة، وقد تفرعوا لاحقا إلى بهرة داودية وسليمانية وعَلَوِيّة، بعد أن اختلفوا على هوية الداعي المُطلَق.
أما الحافظية فقد انتهت بسقوط الدولة الفاطمية على يد الأيوبيين في القرن الثاني عشر الميلادي بعد العاضد لدين الله؛ لذا فكل المستعليّة الباقية اليوم هم من الطَّيِّبِية.
بكريم أغا خان الرابع
وتمثل الإسماعيلية النزارية اليوم أغلبية الإسماعيليين، وهم يتبعون سلسلة من الأئمة تنتهي بكريم أغا خان الرابع، الإمام التاسع والأربعين للإسماعيليين، والمقيم في بومبي في الهند، وهو من مواليد عام 1936، وقد تخرج في جامعة هارفارد، وأسس معهد الدراسات الإسماعيلية في لندن، وجامعة أغا خان في كراتشي وجامعة آسيا الوسطى في طاجيكستان وكازاخستان، والمركز العالمي للتعددية في أتاوا.
وقد بدأت الإسماعيلية في عهد الأغا خان الثالث (1877–1957) تنهج نهجًا جديدًا في الانفتاح على العالم والمشاركة الاجتماعية والثقافية الواسعة؛ وتمثل ذلك في شبكة الأغا خان للتنمية القوة الرئيسية الدافعة للتنمية في المجتمعات الجبلية في آسيا الوسطى، في مجالات التعليم والصحة والتدريب والثقافة والفنون، وقد نمت الشبكة منذ أسّسها سلطان شاه الأغا خان الثالث على مدى قرن من الزمان، وهي اليوم أكبر وكالات التنمية الخاصة في العالم، وتعمل في أكثر من 30 بلدًا، ويوجد اليوم أكثر من 140 هيئة منفصلة تنتمي للشبكة، ويعمل فيها حوالي 58 ألف موظف وأكثر من 20 ألف متطوع يعملون بتفرغ كامل.
وفي المجال التعليمي تدير الشبكة أكثر من 300 مدرسة تخدم حوالي 60 ألف طالب، وهناك أيضًا جامعة الأغا خان في كراتشي وثلاث جامعات في آسيا الوسطى، وهناك أيضًا برامج أكاديمية وبحثية لتطوير التعليم في مختلف أنحاء العالم، وفي المجال الصحي تدير الشبكة سلسلة من المستشفيات والعيادات والصيدليات في عدة دول، وفي برامج التنمية العامة تساعد الشبكة في التنظيم الاجتماعي للقرى والتجمعات السكانية، وتطوير الأراضي الزراعية والطاقة الكهربائية، والاستثمار الاجتماعي وتمويل المشروعات الصغيرة والتنمية الريفية.
وفي مجال الثقافة والفنون تدير الشبكة مجموعة واسعة من مشروعات العمارة والفنون والتطوير المعماري والفني للمدن والحدائق والمباني وترميم المباني والآثار التاريخية، والتعليم المعماري.
وتنفق شبكة الأغا خان أكثر من 300 مليون دولار سنويًا على أنشطتها غير الربحية في التعليم والصحة والإسكان والثقافة والفنون.
ويقول عنها المؤرخ برنارد لويس: "إن الإسماعيلية تعني أشياء مختلفة في أمكنة وأزمنة مختلفة، وقد طورت الإسماعيلية كثيرًا من أفكارها استجاباتها".
وبالرغم من وجود أفرع للمذهب الإسماعيلي فإنه في الاستخدام المعتاد اليوم تدل تسمية الإسماعيلية على النزارية.
مصادر العقيدة عند الإسماعيلية
القرآن
هو مصدر التشريع الأول والكتاب الإلهي الوحيد الذي يعتبر الخارج عنه كافرا ومرتدا عن الإسلام، ومنه تنبثق كل العقائد الإسماعيلية الأساسية، وهو يحتوي على طبقات للمعرفة البشرية، وإن كان تفسيره يحتمل تفسيرا ظاهرا وآخر باطنا لا يمكن معرفته إلا للعلماء المختارين والأئمة.
البعث
هو يوم القيامة الذي يتم فيه محاسبة البشرية على أخطائها ومعاصيها وجرائمها.
الأرقام
لكل رقم دليل ديني معين، وللأرقام دلالة بالغة الأهمية حين يتم ذكرها بالقرآن، مثال الرقم 7: فهناك سبع سماوات وسبع طبقات للنار وسبعة أيام في الأسبوع والدنيا خلقت في ستة أيام، وهكذا...
الإمامة
تنطلق الإمامة من الإمام علي بن أبي طالب ولا تتوقف عند الإسماعيليين، بل يعتبرون أن هناك إماما لكل زمان وعصر، وهذا الإمام تتوافر فيه مواصفات العدل والزهد والشجاعة والحكمة والصدق؛ ولذلك يجب طاعته في كل أوامره.
الداعي المطلق
صلة الوصل ما بين التلامذة والإمام والذي يمرر المعلومات السرية بينهم.
الظاهر
هو ما ظهر من معاني القرآن والكلام الحرفي الذي يكون فهمه واضحا للجميع، والظاهر هو ما تخطه الكلمات الإلهية كأوامر للبشر، ويمكن للجميع ملاحظته.
الباطن
هو المعاني والحقائق الخفية الموجودة وراء الكلمات الإلهية في القرآن والكتب السماوية والتي لا يدركها إلا الأئمة العالمون، وهي تخفي حقائق الوجود المستورة خلف هذه الكلمات الإلهية، وتخفى على كل الناس ولا يمكن رؤيتها إلا بإذن الله.
العقل
يعد العقل عند الطائفة الإسماعيلية هو عامل التشريع الدنيوي الأساسي، فَإِنْ تعارض نص في الحديث النبوي أو القرآن الكريم مع مقتضيات العصر وتحدياته الطارئة، وَجَبَ التعديل ضمن تشريع قانوني بما يلائم المصالح الطارئة للمجتمع، مع عدم المساس بالجوهر التشريعي للنص القرآني أو النبوي، والتأكيد أن النص القرآني أو النبوي هو الأساس، والتعديل الذي يتم إنما يتم ضمن قانون خاص يمكن تعديله لاحقا في حال تغير الظروف.
الولاية
تعتبر الولاية مفهوما سياسيا وقياديا كالرئيس أو الملك أو السلطان، تجب طاعة الوالي أو الإمام على الحق، والثورة عليه وخلعه في حال كان ظالما أو معتديا أو متخاذلا، ولا يصح قيام دولة إسلامية أو قيام جماعة تتخذ الإسلام دينا لها إلا بوجود والي قائد مسئول عن مصالح هذه الجماعة كبرت أم صغرت، وتعتبر إقامة العدل وحفظ الأمن والرعية بالإضافة إلى باقي العبادات الإسلامية المتمثلة في الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد.
المرتكزات الفكرية
1- يعد الإمام المظهر الأول والمثل الأعلى، وللأئمة درجات ومقامات، ولهم صلاحيات محدودة لا يتجاوزونها وهي: الإمام المقيم والإمام الأساس والإمام المستقر والإمام المستودع .
2- إن للقرآن ظاهراً وباطناً وإن الاعتماد على الظاهر دون الباطن مخالف لروح العقيدة الإِسماعيلية .
3- اعتقد فرع منهم بأن أدوار الإمامة سبعة وأن الانتهاء إلى السابع هو آخر الدور وهو المراد بالقيامة، أما الإِسماعيلية التعليمية- وهي فرع آخر- فبدأ مذهبهم بإبطال الرأي وإبطال تصرف العقول ودعوة الخلق إلى التعليم من الإمام المعصوم، وأنه لا مدرك للعلوم إلا التعليم .
4- إن الأرض لا تخلو من إمام حي قائم، إما ظاهر مكشوف، وإما باطن مستور، فإذا كان الإمام ظاهراً يجوز أن تكون حجته مستورة، وإذا كان الإمام مستوراً لا بد أن تكون حجته ودعاته ظاهرين.
5- نفَوْا جميع الصفات عنه سبحانه وتعالي؛ لأن كل صفة وموصوف مخلوق، بل ذهبوا إلى نفي التسمية عنه وأنه لا موجود ولا غير موجود .
6- يقسمون العالم إلى اثني عشر قسماً مثله مثل السنة الزمنية، فالسنة مقسمة إلى اثني عشر شهراً، وسَّموْا كل قسم جزيرة، وجعلوا على كل جزيرة داعياً، وسموه داعي دعاة الجزيرة أو حجة الجزيرة .
7- ينبغي أن يكون المرشد قد بلغ حد الأربعين ولا يجوز لمن هو دون ذلك أن يفاتح أو يسلم إلى أحد المواعظ والإرشادات والهداية.
8- الوحي ما قبلته نفس الرسول صلى الله عليه وسلم من العقل، وقَبِلَهُ العقل من أمر باريه ولم يخالفه علم تؤالفه النفس الناطقة بقواها.
9- إن الله لم يخلق العالم خلقاً مباشراً وإنما أبدع العقل الكلي بعمل من أعمال الإرادة، وهو (الأمر)، وإن العقل الكلي محل لجميع الصفات الإلهية، وهو عندهم الإله ممثلاً في مظاهره الخارجية .
10- الجنة رمز إلى حالة النفس التي حصلت العلم الكامل ويرمز إلى الجحيم بحالة الجهالة .
11- إن الله تعالي لم يحكم على نفس قط بالجحيم الأبدي، ولكن النفس تعود إلى الأرض ثانية بالتناسخ إلى أن تعرف الإمام الموجود في العصر الذي عادت فيه وتأخذ عنه المعارف الدينية .
12- إن النبي صلى الله عليه وسلم انقطعت عنه الرسالة في اليوم الذي أمر فيه بنصب الإمام علي بن أبي طالب للناس بغدير خم .
13- ضرورة وجود الإمام المعصوم المنصوص عليه من نسل الإمام علي بن أبي طالب، والنص على الإمام يجب أن يكون من الإمام الذي سبقه؛ بحيث تتسلسل الإمامة في الأعقاب أي ينص الإمام الأب على إمامة أحد أبنائه .
14- على رأس الثلاثمائة تطلع الشمس من مغربها، وأوّلوا هذا بخروج المهدي، وقالوا: يكون بين محمد بن إسماعيل وظهور المهدي ثلاثة أئمة من أهل الستر .
15- الدعوة السرية وهذه الدعوة تنطوي على تعاليم تدريجية يتلقنها مريدو الاندماج في الجماعة على مراتب متتالية، وتبدأ هذه المراحل بدراسة دقيقة لنفسية من يراد دعوته.
فرق الإسماعيلية
تعد طائفة الإسماعيلية من أكثر الفرق والمذاهب التي تعرضت للتفكك والتقسيم؛ ولذلك نجد أكثر من فرقة للطائفة منها.
1- المستعلية "البهرة"
ويُسمّون الإسماعيلية المستعلية أو الطيبيين نسبة إلى المستعلي الفاطمي، وخضعت الجماعة المستعلية لقيادة سلسلة من الدعاة المقيمين في اليمن، ثم تحولوا إلى الهند في العام 1539، وقد حافظت البهرة- كما صارت تسمى- على ثقافة ذات نزعة طقوسية تقليدية مميزة، وعلى تماسكها كجماعة اتصفت بالفكر التحديثي.
وقد شهدت البهرة حالة من الصعود في القرن التاسع عشر بفضل الحماية البريطانية لهم، وانتقل مقر قيادتهم إلى مومباي، واندمجوا بعد الاستقلال مع المسلمين الهنود، وآثروا البقاء في الهند على الهجرة إلى باكستان، والإمام الحالي للبهرة هو الداعي الثاني والخمسون محمد برهان الدين الثاني، وتركز البهرة على الهوية الفاطمية، ويستلهمون حضارتها وطابعها المعماري، وهم يشكّلون اليوم طبقة واسعة من التجار (البهرة تعني التاجر) والمهنيين في الهند.
وينقسمون إلى:
أ- البهرة السليمانيين أو المكارمة والتي اتبعت خطًا مختلفًا من الدعاة بدءًا من الداعية السابع والعشرين في سلسلة دعاتهم في العام 1597م، ويتركز معظمهم اليوم في منطقتي نجران في السعودية وفي حراز في اليمن، ولهم وجود في الهند.
ب- البهرة العلويون الذين اتبعوا خطًا مستقلاً من الدعاة بدءًا بالداعية التاسع والعشرين 1631، ومقر قيادتهم اليوم في مدينة فادودارا الهندية، وداعيهم الحالي هو طيب ضياء الدين وهو الداعي الرابع والأربعون في خط الوراثة، وأكثرهم يعملون في التجارة ولديهم مكتبة تضم 450 مخطوطة إسماعيلية، ولا يكادون يختلفون عن البهرة الداوديين في شيء.
2- السبعية
أحيانا ما يستخدم لفظ السبعية للدلالة على الإسماعيلية في عمومهم لاختلافهم مع باقي الشيعة على الإمام السابع، إلا أن السبعية تدل على الأخص على جماعة الإسماعيلية الذين آمنوا بأن محمد بن إسماعيل الملقب بالمكتوم هو الإمام الغائب، أي المهدي الذي سيظهر يوما ليقيم الدعوة، أي أن محمد بن إسماعيل عند السبعية- وفق هذا الاصطلاح هو آخر الأئمة ولا يعترفون بأحد بعده.
وعاش محمد بن إسماعيل جُلَّ حياته متخفيا- أي في الغيبة الصغرى- اتّقاءً لشر العباسيين الذين كانوا يسعون لاكتشاف هوية الإمام لقتله لإخماد ثورة العلويين كما كانوا ينعتون شيعة عليّ كلّهم، وكان على الإمام المستور أن يتواصل مع جمهور الشيعة عبر رجل لا يَعرِف سواه هوية الإمام هو الداعي، توالى على وظيفة الداعي أربعة رجال هم الوافي أحمد، ثم خلفه ابنه التقي محمد، ثم خلفه ابنه حسين الملقب الزكي عبد الله، ثم خلفه ابنه عبد الله بن حسين. على مر التاريخ الإسماعيلي، لعب الدعاة دورا بالغ الأهمية في توجيه حركة الدعوة والإمامة.
وبعد اختفاء محمد بن إسماعيل- بموته على الأرجح- اعتقد أغلب الإسماعيلية أنه غاب الغيبة الكبرى، وهي العقيدة التي أوصلت إلى ظهور القرامطة لاحقا، بينما قبلت فئة منهم موت الإمام محمد بن إسماعيل واتصال الإمامة في نسله وهم من شكلوا نواة الفاطميين.
وبالرغم من أن الإسماعيلية ينتسبون إلى إسماعيل بن محمد إلا أنه في التقليد الفاطمي، وهو التقليد الأقدم الذي تفرعت عنه كل الفرق الأخرى غير السبعية حسب التعريف أعلاه، فإن ابنه محمد يعد هو الإمام السابع وتيار السبعية انتهى من العالم مبكرا وانضوى أتباعه تحت الفرق الإسماعيلية الأخرى، ولم يعد أحد يؤمن بهذه العقيدة اليوم.
3- القرامطة
استقر أغلب الإسماعيلية الذين آمنوا بغيبة محمد بن إسماعيل في السلمية في سوريا، وانتشرت دعوتهم في الأهواز حيث اعتنقها رجل يدعى حمدان بن الأشعث على يد حسين الأهوازي، ولُقب حمدان بقرمط وأخذ يدعو مع زوج أخته عبدان إلى قرب ظهور المهدي وشرع بالاستعداد عسكريا لنصرته عندما يظهر، فانتشرت الدعوة واجتذبت المزيد من الشيعة.
وعندما جهر عبيد الله المهدي أنه الإمام وخرج من دور الستر عارضه قرمط، إلا أنه تاب وانضم إليه داعية له بعد مقتل عبدان، مع هذا احتفظت الحركة القرمطية باسمها، وانتهز القرامطة اضطراب السلطة في بغداد إثر ثورة الزنج واجتاحوا شبه الجزيرة العربية في ثورة عارمة قمعها العباسيون لاحقا، وطالت آثارها شمال إفريقيا.
4- الدروز الموحدون
بدأت الدرزية كتيار فكري في المذهب الإسماعيلي متأثرة بالفلسفة اليونانية والغنوصية، نابذة بعض العقائد التي كانت سائدة في ذلك الوقت. وقد تأسس على يد حمزة بن علي بن أحمد الذي كان متصوفا وفقيها إسماعيليا فارسيا، وعندما قَدِمَ إلى مصر وبدأ يدعو إلى مذهبه نال تأييد الإمام السادس عشر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمرالله، ولاحقا أصبح الحاكم ذاته شخصية محورية في فكر الموحدين، وبعد اختفاء الحاكم بأمر الله أعلن الداعي بهاء السموقي انتهاء فترة الإمامة وإغلاق الدعوة.
وبالرغم من أن الحاكم قد أعدم الرجل الذي نُسبت إليه العقيدة وهو أنوشتكين الدرازي بسبب غُلوّه، وبالرغم من أن الدروز ذواتهم يعدونه مهرطقا، غير أنهم ظلوا يُنسبون إليه، وإن كانوا هم يسمون أنفسهم الموحدين.
لاحقا تطورت عقيدة الدروز على نحو يختلف عن باقي الفرق الإسماعيلية والإسلامية عموما بحيث أصبح من المختلف عليه بين مقارني الأديان؛ كون الدرزية تنضوي تحت الإسلام أم أنها خرجت عنه لتصبح دينا مستقلا.
5- المباركيون
كان العلويون، يصطفون الإمام وفق مبدأ "الرضا من آل محمد" أي من يرتضيه المسلمون من نسل الرسول محمد عبر ابنته فاطمة الزهراء وزوجها علي بن أبي طالب، ولم تكن الإمامة وراثية، إلا أن الواقع كان يجري بأن يكون الإمام الجديد ابنا للإمام السابق وإلى أن تنحصر الإمامة عمليا في أبناء حسين بن علي، وكل ذلك أدى أحيانا إلى نزاعات بين جمهور الشيعة، مثل ذلك الذي كان قد انتهي بانشقاق الزيدية عندما اختلفوا على الإمام الخامس.
وكانت جموع الناس قد شهدت موت إسماعيل بن جعفر الصادق، في حياة أبيه. إلا أنه بعد موت جعفر الصادق بن محمد ادعت جماعة أنه كان قد أقام لابنه إسماعيل جنازة وهمية أعلن فيها موته لإبعاد نظر العباسيين عنه، وأن إسماعيل الملقب بالمبارك لم يكن قد مات وقتها وإنما كان قد احتجب وأقام الدعوة في الستر.
وقبلت فئة من الشيعة أن إسماعيل كان قد مات، وأن الإمامة مع ذلك ينبغي أن تكون لا في موسى بن جعفر الأخ الأصغر لإسماعيل بل في محمد بن إسماعيل الذي كان على اتصال بواسطة داعيهِ بالمباركيين (الإسماعيلية) وأغلبهم كان موجودا في الكوفة.
ومن فرق الإسماعيلية الأغا خانية والداودية والسليمانية والعلوية.
التوزيع الجغرافي
يمتد في وجود الإسماعيلية في أكثر من 25 دولة، ويُقدّر أتباعها بحوالي 12 مليونًا، يتواجد معظمهم في آسيا الوسطى وجنوب آسيا وإيران والصين، وشرق إفريقيا (كينيا وزنجبار) وسوريا واليمن، ولهم وجود ضعيف في أوروبا والقارة الأمريكية وفي كندا نتيجة الهجرة.
ويتركز معظم الإسماعيلية في الوقت الحاضر في شبه القارة الهندية وباكستان وأفغانستان وسوريا تحديدا في السلمية ومصياف وبعض قرى طرطوس، وفي جنوب وشرق شبه الجزيرة العربية في اليمن ومنطقة نجران جنوب المملكة العربية السعودية، وفي شرق إفريقيا
كما يذكر أغا خان الثالث، إمام النزارية في مذكراته المنشورة أن الإسماعيلية في عصره تتواجد في بعض المناطق من صعيد مصر، امتدادا للوجود الإسماعيلي في مصر منذ العصر الفاطمي وبعده.
كما ذكر شمس الدين الدمشقي الذي عاش في العصر المملوكي في القرن الثامن الهجري في مصنفه "نخبة الدهر"، عند حديثه عن بلدة أصفون القريبة من الأقصر أنه وجد بها "طائفة من الإسماعيلية والإمامية وطائفة من الدرزية والحاكمية".
أبرز المناطق الجغرافية التي يتواجد بها طائفة الإسماعيلية
أ- سوريا
يقول ديك دوز المتخصص في الشيعة: إن حياة الإسماعيليين السوريين في التاريخ الحديث تغيرت بهجرتهم من الجبال المطلة على شرق المتوسط إلى السهول الداخلية في منتصف القرن التاسع عشر بعد سلسلة من الصراعات الطويلة مع العلويين، ثم باعترافهم بالأغا خان الثالث إمامًا لهم، وهم اليوم يمثلون واحدًا في المائة من السكان في سوريا.
وقد اندمج الإسماعيليون في برامج التحديث والتعليم في سوريا، وصاروا الأكثر علمانية في المجتمع السوري، وكان ذلك منسجمًا مع توجهات الأغا خان الثالث، وفي ظل الأغا خان الرابع أُعيد تنظيم الجماعة الإسماعيلية حسب الدستور الإسماعيلي (1986)؛ حيث أصبح هناك مجلس وطني وهيئة للطريقة والثقافة الدينية الإسماعيلية.
ب- آسيا الوسطى
يمتد الإسماعيليون في جبال بامير وهندوكوش، والتي تشمل اليوم ستة بلدان: أفغانستان والصين والهند وباكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان، ويقيمون بشكل أساسي في بدخشان المقسمة بين أفغانستان وطاجيكستان، ولهم وجود في ولاية بغلان الأفغانية.
وقد انتشرت الدعوة الإسماعيلية في آسيا الوسطى (خراسان وما وراء النهر) منذ نهاية القرن التاسع الميلادي، وكان للإسماعيليين حضور مؤثر في البلاط الساماني وفي الصراع والتنافس بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية في أواخر القرن التاسع عشر جرى اهتمام بحثي ومعرفي (استشراقي) كبير بالمنطقة، وأُعدت دراسات ومسوحات كثيرة حول بامير والإسماعيليين، وبدخول البامير في الإمبراطورية الروسية عام 1895 تحرر الإسماعيليون من اضطهاد الأغلبية السنية.
ولكن تقسيم مناطق الإسماعيليين بين الدول غيّر كثيرًا في علاقات الجماعات وبنيتها الاجتماعية؛ ففي الحقبة الشيوعية أُعيد تنظيم المناطق والسكان في مجالس وإدارات مختلفة اختلافًا كبيرًا عن بنية القيادة والإدارة الإسماعيلية على مدى القرون السابقة، وأُعيد أيضًا بناء القيادة الدينية؛ حيث اختيرت سلطة دينية موالية للسوفيت، وكان للموقف الشيوعي العدائي من الدين دور في ملاحقة شيوخ الإسماعيليين ونفيهم، بل والقتل أحيانًا كما حدث لسيد يوسف عليشو الذي قُتل أمام أتباعه المريدين، ولكن القيادات التقليدية للجماعات الإسماعيلية استعادت دورها في نهاية الثمانينيات، وشاركت بفعالية في التطورات السياسية التي أفضت إلى استقلال طاجيكستان.
وفي أفغانستان كان الإسماعيليون في بدخشان الأفغانية يتعرضون لاضطهاد سني، ولكن تحسنت أحوالهم في الحقبة الشيوعية (عكس ما حدث لهم في الشيوعية السوفيتية)، وزادت مشاركتهم السياسية في الجهاز البيروقراطي للدولة (93-94)، ثم استعادت الإسماعيلية حضورًا قويًا منذ أوائل التسعينيات، وأقامت شبكة الأغا خان سلسلة من المشروعات التعليمية والاجتماعية، وبدأت تتشكل من جديد فرص لإحياء الهوية الدينية
ج- الصين
يشكّل الإسماعيليون في مقاطعة سنجيانغ الصينية امتدادًا لبدخشان وطاجيكستان، وقد بدأت الإسماعيلية بالانتشار هناك على يد الشاعر الإسماعيلي ناصر خسرو في القرن الحادي عشر الميلادي، وهم يواجهون تحديات عدة، فما زالت الثقافة الإسماعيلية في الصين شفاهية تمتد إلى خسرو، وتقيد السلطات الصينية الحريات والطقوس الدينية، وتُعيّن هي رجال الدين وتوظفهم وتمنحهم إجازات مزاولة عملهم، ولكن تحسنت الحال بدءًا بالثمانينيات؛ وأصلحت ورممت أماكن العبادة التي تضررت وأُعيد استخدامها لغاياتها الأصلية.
وتُعتبر الجماعة الإسماعيلية في الصين أقلية دينية وإثنية ولغوية وعِرقية، ويربطهم التاريخ بسكان المنطقة الإيرانيين، ويرتبط موروثهم الثقافي بالإسماعيليين الطاجيك والباميريين، وتشكّل السياسة الدينية الرسمية في الصين تحديًا للإسماعيليين، ويحتاجون إلى المواءمة والجمع بين مواطنتهم الصينية والحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية.
د- جنوب آسيا
بدأت الدعوة الإسماعيلية بالانتشار في جنوب آسيا (البنجاب والسند) في القرن الحادي عشر الميلادي، وكان يشار إلى تعاليم الإسماعيلية في الهند بمصطلح "الساتباث" أي: الصراط المستقيم، وعُرف الإسماعيليون بالساتباثيين أو الخوجة، وهو لقب فارسي يعني: السيد أو المالك، ويبدو أنه في مجتمع طبقي ومتعدد الأديان والطوائف مثل الهند كان ثمة حاجة لهُويّة طبقية وطائفية، وكان للإسماعيليين أيضًا جماعات أخرى غير الخوجة ذات الطابع التجاري، مثل: اللوهانيين، وتأثر الإسماعيليون في الهند بالتقاليد والأعراف الهندية، مثل حظر زواج الأرملة وحرمان النساء من الميراث.
وبمجيء الأغا خان إلى الهند في القرن التاسع عشر بدأت سلسلة تقاليد وصراعات تجري داخل الطائفة الإسماعيلية، وكان للمحاكم البريطانية دور حاسم في تحديد الإطار القانوني لهوية الخوجة، وقد لاحظت الإدارة البريطانية- كما يقول ويلفريد (كتاب الإسلام في التاريخ الحديث)- أن المجتمعات المسلمة عمومًا تؤكد مفهوم الاقتداء بالممارسة الطقسية أكثر من الاقتداء بالعقيدة، باعتبارها المعيار الذي يقرر الممارسة الإسلامية الصحيحة.
وبعد الاستقلال قامت دولة باكستان على أساس الهوية الإسماعيلية، وبرغم أن القائد المؤسس لباكستان محمد علي جناح هو إسماعيلي من "الخوجة" فإن باكستان اتجهت بعده نحو ممارسات دينية وثقافية زادت من حدة الاختلافات الدينية والمذهبية.
وهناك تواجد إسماعيلي في شمال باكستان (شيترال وجيلجيت) وهو امتداد للإسماعيليين في بامير وهندوكوش، وقد هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى أنحاء أخرى في باكستان؛ بسبب العداء السياسي وتدفق جماعات البشتون، وقد جرت هجرات واسعة للإسماعيليين جنوب الآسيويين بسبب الصراعات والبحث عن حياة وفرص أفضل، وتعد كراتشي اليوم أهم تجمع للإسماعيليين في آسيا.
أهم الشخصيات
محمد علي جناح
يتواجد بالطائفة الإسماعيلية العديد من الشخصيات المهمة منها الرئيس المؤسس لباكستان؛ محمد علي جناح، محمد برهان الدين، الفخري عبد الله، ضياء الدين، وموفق طريف، وعدد كبير من العلماء المشهورين في التاريخ الإسلامي، مثل: ناصر خسرو، وابن سينا، والفارابي، والرازي، بالإضافة إلى أئمة الإسماعيلية ومنهم الأغا خان الثالث رئيس عصبة الأمم في الثلاثينيات، وابنه أغا خان الرابع سفير باكستان في الأمم المتحدة، واختير ابنه صدر الدين مفوضًا ساميًّا لشئون اللاجئين في الأمم المتحدة، وإسماعيل أغا خان، أمير الطائفة الإسماعيلية الراحل ووالد الأمير الحالي، وحسن الصباح وأغا خان الأول وأغا خان الثاني.
أغا خان الرابع
هو كريم أغا خان الذي ولد في 13 ديسمبر 1936 م... يقيم بفرنسا ولديه أربعة أبناء هم زهراء ورحيم والحسين ومحمد علي، وتعمل زهراء على التنسيق بين مؤسسات الإمامة للتنمية الاجتماعية، أما رحيم فيضطلع بنفس المسئوليات ولكن من ناحية التنمية الاقتصادية.
نشأته
نشأ في جنيف، وقضى معظم طفولته في نيروبي بكينيا وأسرته شديدة الثراء، ولديه أخت غير شقيقة وهي ياسمين ابنة ريتا هيوارث وتولى مقاليد الإمامة عام 1957م خلفا لجده السير سلطان محمد شاه أغا خان قبل تخرجه من جامعة هارفارد في عام 1959 م، وحصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ ويتقن اللغة العربية والإنكليزية والفرنسية.
ويعد الزعيم الروحي للإسماعيليين في العالم ويزعم أن نسبه يعود إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام عبر صهره الإمام علي بن أبي طالب زوج فاطمة رضي الله عنها.
وهو الإمام التاسع والأربعون للمسلمين الشيعة الإماميين الإسماعيليين بالوراثة.