في مواجهة "أنصار بيت المقدس .. "الرباط الجهادية" في سيناء ترفض مبايعة البغدادي
الخميس 18/ديسمبر/2014 - 10:34 م
طباعة

كشفت الأحداث الأخيرة التي شهدها ملف الجماعات الإسلامية المنتشرة في شبه جزيرة سيناء الحدودية، والتي صعّدت من عملياتها ضد قوات الجيش والشرطة، بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، يوليو العام الماضي، عن ارتفاع مؤشر تصدع تنظيم "أنصار بيت المقدس"، ففي الوقت الذي يعاني فيه التنظيم الإرهابي الذي بايع البغدادي وغير اسمه إلى "ولاية سيناء"، من شدة الإجراءات الأمنية التي يجريها الجيش في سيناء، والتي حجّمت كثيراً من تحركات التنظيم، أعلنت مجموعة تابعة لـ"أنصار بيت المقدس" رفضها مبايعة زعيم تنظيم "داعش" أبوبكر البغدادي، بحجة مخالفتها أصول البيعة الشرعية.
اللافت للنظر أن التنظيم المنشق الجديد والذي سمى نفسه "كتيبة الرباط الجهادية" عمم بيانه على المواقع الناطقة بلسان تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أيمن الظواهري، والذي دخل أخيراً في خلاف واسع مع تنظيم "داعش"، إلى درجة تبادل الاتهام بالكفر بين الطرفين، والدخول في مواجهات مباشرة في دولتي سوريا والعراق، عبر ممثل القاعدة جبهة "النصرة" وتنظيم "داعش".
كانت السيطرة على الجماعات الجهادية المنتشرة في شبه جزيرة سيناء، التي أعلنها متشددون في أعقاب ثورة يناير 2011 إمارة إسلامية، محل نزاع بين التنظيم الأم للجماعات الجهادية (القاعدة) بقيادة أيمن الظواهري، والتنظيم الوليد الأكثر شراسة "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش"، بعدما رصدت قوات الأمن مساعي التنظيمين لبسط كل منهما نفوذه هناك.
مساعي التنظيمين الأكبر "القاعدة" و"داعش" لبسط الهيمنة على تنظيمات سيناء، وخاصة "أنصار بيت المقدس"، ربما حسمها إعلان الأخير مبايعة "داعش"، في صيف 2014، عبر بيان رسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، فضلاً عن تبرير القيادي في التنظيم أبو أسامة المصري البيعة بأنها جاءت على أسس شرعية، وهو ما اعترض عليه التنظيم الجديد المنشق، وقال إنه لا يتفق مع أصول البيعة الشرعية.
التحقيقات التي أجرتها نيابة "أمن الدولة العليا" أخيراً في محافظة الإسماعيلية القريبة جغرافياً من سيناء، مع سبعة متشددين تابعين لتنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، كشفت مساعي تنظيم "الدولة الإسلامية" بقيادة أبوبكر البغدادي لضم "أنصار المقدس" الذي تبنى أخيراً العديد من العمليات الإرهابية ضد قوات الجيش والشرطة في سيناء.

وأوضحت التحقيقات أن عدداً من عناصر تنظيم "أنصار بيت المقدس" المؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية، بدأ التواصل مع البغدادي لمبايعته، حيث تم الاتفاق على تمويل البغدادي للعناصر المنشقة عن "أنصار المقدس" مقابل مبايعتهم له خليفة.
ووسط هذه الأجواء، سعى زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لإعادة ترتيب أوراقه في سيناء مجدداً، في ظل اختراق "الدولة الإسلامية" للجماعات الجهادية، وكذا القبض على صاحب الكلمة العُليا على هذه الجماعات، شقيقه محمد الظواهري، حيث كشفت مصادر أمنية رصد اتصالات بين "القاعدة" وقيادات في "بيت المقدس" لإثنائهم عن خطوة مبايعة البغدادي.
القيادي السابق في تنظيم الجهاد، نبيل نعيم، قال إن "أنصار بيت المقدس" كان يتبع تنظيمياً "القاعدة"، لأن محمد الظواهري كان له نفوذ واسع في التنظيم قبل توقيفه أمنياً، موضحاً أنه بعد القبض على الظواهري ربما أصبحت الموارد غير كافية لذلك اتجه التنظيم إلى مبايعة زعيم "داعش"، إلا أن مجموعة أخرى ربما رفضت مبايعة البغدادي، وهي التي ظهرت حالياً، تحت اسم "الرباط الجهادية"
بيانات متناقضة

جدل البيعة قبل أن تحسمه المجموعة الأكثر قوة وعتاداً "أنصار بيت المقدس" والتي نفذت عملية "كرم القواديس" والتي استشهد على إثرها أكثر من 30 جندياً مصرياً، والتي اتخذت إجراءات تعزز من ذلك، مثل تغيير اسمها إلى "ولاية سيناء" بناء على قبول البغدادي البيعة، حيث قال البغدادي وقتها في بيان صوتي "قبلنا بيعة من بايعنا على أن تُغير كل جماعة اسمها إلى "ولاية" وتنسبها إلى المكان الموجودة فيه.
كانت جملة من البيانات المتناقضة، تم تداولها أخيراً، تُفيد بإعطاء "أنصار بيت المقدس" الناشط في سيناء، البيعة لزعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" أبوبكر البغدادي، حيث قالت صفحة تابعة للتنظيم المصري على موقع "تويتر" إنهم بايعوا البغدادي، ثم نفت صفحة أخرى البيعة، قبل أن تعاود الصفحة المنسوبة للتنظيم على "تويتر" بث مقطع صوتي على موقع "يوتيوب" جاء فيه تأكيد مبايعة التنظيم لـ"خليفة داعش".
الأحداث كشفت مدى الارتباك في صفوف التنظيم المصري، الذي يعد أخطر الجماعات الراديكالية في شبه جزيرة سيناء، وربما يكون السبب في ذلك كما قال بعض المتخصصين في شؤون الجماعات الإسلامية، إن تنظيم "أنصار بيت المقدس" يعاني "شتاتاً" بعد تضييق قوات الجيش الخناق عليهم، بالإصرار على إخلاء الشريط الحدودي، والتجهيز لعملية أمنية موسعة في سيناء.
في المقابل، اعتبر آخرون بيان البيعة صحيحاً، وأنه يعتبر بداية لتدشين علاقة للتنظيم المصري بـ"داعش"، وأن "بيت المقدس" لم يكن أمامه غير مبايعة البغدادي، بعد تجفيف منابع التمويل للتنظيم، مع حملة الجيش لإخلاء الشريط الحدودي مع قطاع غزة الفلسطيني وإسرائيل، كاشفاً عن تولي أشرف الغرابلي، قيادة التنظيم حالياً.
بيان الرباط

اللافت للنظر اعتماد تنظيم "كتيبة الرباط المجاهدة" التي أعلنت انشقاقها عن تنظيم "انصار بيت المقدس" وعدم مبايعة زعيم "داعش" البغدادي، على مرجع "الموجز في أحكام الإمامة" وهو للقيادي الجهادي حارث بن غازي النظري.
وكتاب الموجز يحدد شروطاً للإمامة اعتمد عليها التنظيم المنشق، في رفضه مبايعة البغدادي، اللافت للنظر إلى أن كل المواقع الجهادية التي تتبع تنظيم "القاعدة" أخذت تعمم بحث" النظري" في محاولة لإقناع الجماعات المسلحة بعدم مبايعة البغدادي.
بيان كتيبة الرباط الجهادية، لم تختلف صياغته عن بقية البيانات الأخرى، حيث حدد في البداية موقفه من قوات الجيش والشرطة، والذي قال بكفريتهم، فضلاً عن اعتماده على اللغة العاطفية لكسب استعطاف أهالي سيناء، فيقول التنظيم المنشق في بيانه: "لا يخفى على الجمع المسلم ما يحدث من حرب شرسة على أبناء أهل سيناء الشرفاء، من الجيش الذي يقتلهم ويهجرهم".
وقال التنظيم إنه يسعى لبيان حقيقة ما قام به البعض من مبايعة جماعة "دولة الإسلام بالعراق والشام" خاصة في ظل ترويج البعض أن الجمع الجهادي في سيناء يخضع لركبهم وأن سيناء باتت ولاية تابعة لهم.
محددات البيان:
قال التنظيم المنشق: "نشهد ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وان الخلافة في ابو بكر يتبعه عمر يتبعه عثمان يتبعه علي ولا نفرق بين الصحابة الأخيار بل لهم الفضل وهم القدوة والمقتفى، ونؤمن بالله ونكفر بالطاغوت ونسعى لتحكيم الشريعة الغراء رافضين سواها من أنظمة ودساتير وضعية معلنين البراءة.
وأكد التنظيم على أن الجهاد في سيناء لا يقتصر فقط على أنصار "داعش"، بل ممتد إلى أبناء سيناء جميعهم، ولا تخضع لبيعة جماعة أو دولة، اما الراية فلا اله الا الله محمد رسول الله وأما البيعة فهي لله على أن ينصروا الحق والدين متمسكين بكتاب الله وسنة الرسول الكريم مقتدين بالسلف الصالح.
وحدد البيان توجهاته الجهادية حيث أكد أن العدو واحد والغاية واحدة، وهى تمكين شرع الله ورفع المظالم عن المظلومين ورد كيد المعتدين.
تحذيرات الرباط
وحذر بيان الرباط المجموعة التي بايعت البغدادي، من الغلو في الدين، داعين إياهم لاقتفاء أثر أهل العلم المخلصين، منتقدين كثرة البيانات التي وصفوها بـ"الرنانة" دون عمل واقعي.
وتابع التنظيم "عدونا واحد وهم اليهود الملاعين والصليبيون وعملاؤهم من جيوش المجرمين، فإياكم وتحويل العدو إلى قبائل وجماعات المسلمين، واعلموا أن كلًا يؤخذ منه ويرد إلا صاحب المقام الكريم".
ورفض بيان الرباط الإساءة لقياداتهم الروحية، في إشارة إلى قيادات تنظيم القاعدة الحاليين، فقال البيان: "أكرموا أصحاب السبق في الجهاد من شيوخ وعلماء بالإنصات لهم والاستماع لقولهم فخطابهم نتاج تجارب كثيرة وحروب مريرة، وإياكم والتطاول على أهل العلم والجهاد وجرحهم بلا بينة".
وشدد بيان الرباط على أنهم، لم ولن يخضعوا لبيعة البغدادي، كونهم لا يرون خلافته قد أقيمت بوجه شرعي، وخلت من مضامين شرعية مستوجبة لإقامة ذلك الأمر، وحذر من تجاوز تنظيم "أنصار بيت المقدس" الحدود الشرعية، وقال البيان: "لتعلموا بأنكم إخواننا لكم ما لنا وعليكم ما علينا بحق الدين والإسلام، اللهم إلا إن تجاوزتم الدين وحدتم عن الطريق المستقيم فديننا دونه الرقاب".
اللافت أن تنظيم "ولاية سيناء" لم يعقب بأية بيانات على بيان الرباط، وهو الأمر الذي برره البعض بأنه ربما يكون محاولة منهم للتواصل مع قيادات الرباط لرأب الصدع بينهم.
بيان الرباط بداية للصدام:

بعد بيان الرباط رجح خبراء في مجال الحركات الإسلامية من صدام مرتقب بين جماعات العنف في سيناء، وتحديداً بين تنظيمي "ولاية سيناء" الذي بايع البغدادي، وتنظيم "كتيبة الرباط الجهادية" الموالية لتنظيم القاعدة، على غرار الصدام بين "جبهة النصرة" الموالية للقاعدة، وتنظيم "داعش".
وقال مراقبون إن ظهور تنظيم |"الرباط" الذي أعلن رفضه مبايعة "داعش" يعد امتدادًا للصراع داخل ما يسمى "الحركة الجهادية العالمية"، وأن الصراع بين "داعش" و"القاعدة" سيستمر خلال سنوات.
من جانبه، قال أحمد بان الخبير فى شئون الحركات الإسلامية: إن ظهور بيان من مجموعة تتبع "أنصار بيت المقدس" أعلنت مبايعة "داعش" ثم خروج التنظيم لنفى ذلك، والعودة بتسجيل صوتى يعلن مبايعة داعش يؤكد أن هناك جناحين داخل هذا التنظيم، جناح يريد مبايعة داعش فيما يرفض جناح آخر هذه المبايعة.
وأضاف "بان" في تصريحات صحافية: "هذان الجناحان سيزدادان فى الخلاف خلال الفترة القادمة، موضحا أن فكرة المواجهة بينهما قد تحدث فى المستقبل ولكن ليس الآن".
وبعد إعلان جماعة "أنصار بيت المقدس" الإرهابية مبايعة (داعش)، فتحت تلك الخطوة باب التكهنات حول دواعيها ومدى تأثيرها على الوضع الأمني في مصر في المستقبل وعلى استراتيجية القاهرة في التعامل مع الإرهاب.
وبجانب حملات التضييق المصرية على أنصار بيت المقدس، يحمل إعلان الانضمام لداعش في طياته مخاطر على الجماعة الجهادية تعد بمثابة فرص للسلطات المصرية في قتالها ضد الإرهاب.
ويقول الخبير بشؤون الجماعات الإسلامية د. كمال حبيب، إن المخاطر في مبايعة أنصار بيت المقدس "تكمن في انضمامه لتنظيم إرهابي تحاربه نحو 70 دولة حول العالم، كما أنه سينطبق عليه قرارات مجلس الأمن، خاصة تلك المتعلقة بالتمويل وانتقال المقاتلين وملاحقتهم".
ورأى حبيب أيضا أن خطوة أنصار بيت المقدس من شأنها أن "تفقدها الحاضنة الإجتماعية باعتبارها تنظيما مصريا يدافع بالقوة عن وجهة نظر أو موقفا سياسيا بغض النظر عن صوابه أو خطئه، ما كان يدفع البعض للتعاطف معه والانضمام إليه".
وتابع موضحا "أما الآن فقد أصبحت الجماعة فرعا من تنظيم "دولي" وسينظر لمن ينتمون إليه باعتبارهم خونة للوطن".
محاولات إثبات صحة البيعة للبغدادي:
حاول ما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، إظهار التماس العذر لعوام الناس، تحت حجة جهلهم بالعلوم الشرعية، خاصة في الوقت الذي شكك فيه الكثير من صحة البيعة للبغدادي، حيث قال التنظيم: " نحن في زمن كنا نظن أن أحكام البيعة تغيب عن عوام الناس وهم في ذلك معذورون لأن طواغيت العصر وعملاء الاستعمار وطواغيت سايكس بيكوأخفوا الكثير من أحكام البيعة سواء في المناهج أوتحاشي التكلم عنها بإسهاب في الدروس التي تعلم منها هؤلاء".
وفي الوقت ذاته، قال التنظيم إنه، لم يكن يعلم أن جهل العوام بأحكام البيعة وشروطها عن كثير من العلماء الذين يدرسون العلم الشرعي، وزعم التنظيم أن هؤلاء العلماء يُدرسون العوام تلك الأحكام، التي وصفوها بـ"شواذ الأقوال" وأنها جاءت عن هوى ينم عن جهل وعدم انقيادهم للأحكام الشرعية الصحيحة.
ووصف التنظيم العلماء الذين ينكرون البيعة للبغدادى بانهم يشبهون "المعتزلة" التي أنزلت ما يحسبه عقولهم على الأدلة الشرعية.
البيعة عند تنظيم "داعش"
ويقول "داعش" إن البيعة تعني اختيار مجموعة من الناس ممن أسماهم التنظيم بـ"أهل الحل والعقد" لرجل من المسلمين طبقا لشروط معينة كي يكون إماما للمسلمين ويتولى أمر الأمة لجلب المنافع الدينية والدنيوية ودفع المضار عنها، وقمع الفتن وإقامة الحدود ونشر العدل بينهم وردع الظالم ونصر المظلوم
وتلزم إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة للإمام في غير معصية، في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعته الأمر وتفويض الأمور إليه.
وقال التنظيم أنه يأثم من يترك البيعة، معتمدين على حديث قال فيه النبي " من مات وليس في عنقه بيعة مات مِيتة جاهلية"، مؤكدين وجوب البيعة للإمام، حيث قال التنظيم: "الإمام الشرعي المتنصب تحت راية الحق بجماعة وشوكة تجب مبايعته والخروج من عهدة الواجب الشرعي، فإن لم يوجد وجب على الأمة أوعلى طائفة منها إيجاد الشوكة بالاجتماع على راية الحق وأن تنصب لها إماماً والا أثموا".
واحتج التنظيم، بقول الإمام الماوردي أن اختيار إمام للأمة واجب وفرض كفاية، فإذا ثبت وجوب الإمامة ففرضها على الكفاية كالجهاد وطلب العلم، فإذا قام بها من هومن أهلها سقط فرضها على الكفاية، وإن لم يقم بها أحد خرج من الناس فريقان : أحدهما أهل الاختيار حتى يختاروا إماما للأمة، كما احتج التنظيم باقوال الإمام ابن تيمية والجوينى.
"داعش" والطُرق الشرعية لتنصيب الإمام

قال تنظيم "داعش" إن أهل العلم اتفقوا على أن الإمامة تُنصَّب وفقاً لطرق ثلاثة:
1 - عن طريق بيعة أهل الحل والعقد من المسلمين لرجل يختارونه اكتملت في حقه صفات الأهلية المطلوبة للإمامة.
2 - عن طريق عهد الإمام لرجل من المسلمين من بعده، أولعدد منهم يختار منهم أهل الحل والعقد إماماً.
3 - عن طريق الغلبة والقهر بالسيف، عند حلول الفتن وخلوالزمان عن الإمام، وتباطؤ أهل الحل والعقد عن تنصيبه، فيشرع وقتها لمن تغلب بسيفه من المسلمين ودعا للبيعة وأظهر الشوكة والأتباع أن يصير أميراً للمؤمنين، تجب طاعته وبيعته ولا يحل لأحد منازعته.
وقال بيان التنظيم أن أهل الحل والعقد هم العلماء وسائر وجوه الناس وأهل الرأي، والحكمة الذى يتم بهم اختيار الامام، ولا يشترط لصحه البيعة موافقة جميع أهل الحل والعقد، فلقد تخلف عن بيعة عمر أحدهم وتأخر عن بيعة أبي بكر على بن أبي طالب ولم يقدح هذا في صحة البيعة، وقال التنظيم إن الإمام الجويني نقل إجماع العلماء على عدم اشتراط إجماع أهل الحل والعقد فقال: "مما يقطع به أن الإجماع ليس شرطاً في عقد الإمامة بالإجماع - الغياثى، وقال النووي: "أما البيعة فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس ولا كل أهل الحل والعقد، وإنما يشترط مبايعة من تيسر اجتماعهم من العلماء والرؤساء ووجوه الناس".
وحاول تنظيم "داعش" تحسين صورة زعيم التنظيم، وأنه الاختيار المناسب، حيث ناقش البيان الشروط الواجب توافرها في الامام الذى يختارونه.
فقال التنظيم إن من بين الشروط الواجب توافرها في الإمام عشرة أوصاف هي:
أن يكون قريشيا ذكراً، حراً، بالغاً، عاقلاً، مسلماً، عدلاً، شجاعاً، عالماً، كافيا لما يتولاه من سياسة الأمة ومصالحها. فإذا اختاروه على هذه المواصفات، فقد تمت البيعة له من قبل الأمة، ولزمهم طاعته، وتنفيذ ما أمر به، وترك ما نهى عنه، إلاّ إذا أمر بمعصية الله، فلا يطاع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف" متفق عليه.
ويبدو أن التنظيم لا يزال يروج بقوة لزعيمه، حيث قال إن البغدادي
قرشي الأصل، في وقت قال إن الإمام لابد وان يكون قرشيًا، لدى أهل السنة، التي وضعته شرطاً أساسياً في الامامة، معتبراً أن الذي قال بغير ذلك هم الخوارج والمعتزلة والأشاعرة، ويعتمدون على حديث النبي (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان).
وأكد التنظيم أنه لا يلزم أن يكون الإمام معروفًا لكل الناس، واحتج التنظيم على ذلك بقول الماوردي، في الأحكام السلطانية أنّ معرفة الإمام تلزم الكافة على الجملة دون التفصيل، وليس على كلّ أحدٍ أن يعرفه بعينه واسمه إلا عند النوازل التي تٌحوِجُ إليه.
"داعش" تُكفر من نكث بيعته للإمام:

وقال التنظيم أن حكم من نكث البيعة هو الكفر والردة، فقال التنظيم:
1 - من نكث بيعته فهو كافر ومرتد، باتفاق العلماء، وإن اختلفوا في عقوبته بحسب حاله وحال الأمة.
2 - وحكم من نكث البيعة على النصرة أو الجهاد أو السمع والطاعة والإمامة دون أن يصدر عنه ما ينافي أصل الإيمان فهو عاص مرتكب لكبيرة من الكبائر، لأنها نقض عهد، وقد توعد الله من نقض العهد، ولكنها تختلف حرمتها باختلاف موضوعها فأشدها حرمة نكث بيعة الإمام الشرعي على السمع والطاعة في غير معصية دون مبرر شرعي.
3 - أما حكم نكث البيعة على النصرة والجهاد فهي تأتي في ظروف استثنائية، فلذلك نكثها أخف من نكث بيعة الإمام.
مبررات "داعش" لتنصيب البغدادي :
وحاول التنظيم الدفاع عن تنصيب البغدادي بالقول، إن الحكم الشرعي في إعلان إحدى الكتائب الدولة الإسلامية، وتطبيق الشرعية الإسلامية، جائز، وقال التنظيم إن الإمامة سابقة عن البيعة، فما إن تعين السابق منهما استقرت له الإمامة وعلى المسبوق تسليم الأمر إليه والدخول في بيعته.
ودافع التنظيم عن بيعة البغدادي، بعدما قال البعض أنه لا يجوز بيعة البغدادي، لأن عمر رضي الله عنه قال: "من بايع رجلا دون مشورة المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا، أرجعها التنظيم إلى واقعة معينة، وهي أنه وصل لعمر رضي الله عنه ان فلانا يقول لو مات عمر لقد بايعت فلانا، فأراد عمر رضي الله عنه ان يبين ان البيعات لا تكن فلتة، أي فجأة (كما تسرع فلان الذي قال لو قد مات عمر لبايعت فلان) والشورى التي يقصدها عمر هي في حقيقتها بين أهل العقد والحل، اما بقية المسلمين تبع لهم في الاختيار وهذا ما عليه اجماع العلماء.
ختام
من كل ذلك يتضح، أن الجماعات الإرهابية، التي تزعم نصرتها للدين، وللشريعة، تلجأ إلى نصوص دينية، تأولها بحسب رغبتها، بغية تحقيق أهدافها الضيقة، فكيف يستخدم تنظيم "داعش" أيات قرأنية ونصوص شرعية، لتكفير الناس واستحلال دمائهم، في الوقت الذي يسعى فيه تنظيم "القاعدة" هو الأخر إلى دحض حجج تنظيم "داعش" بغية الحصول على بيعة التنظيمات الأخرى، التي قتلت الأبرياء وهدمت بيوتهم.
ولعل إدانت تنظيم "طالبان أفغانستان" للعملية التي قامت بها "طالبان باكستان" في إحدى المدارس، وأدت إلى قتل نحو 160 من الأبرياء، يعكس مدى لي تلك التنظيمات عنق النص لتبرير فعلها، حيث قال التنظيم انه يبرء من استهداف الأبرياء والمدنيين، في حين تبنت "طالبان أفغانستان" عملية استهداف إحدى الصالات الرياضية وادت إلى مقتل العديد.