الجزائر ..السلفيون يكفرون ساسة ومثقفين !!

السبت 20/ديسمبر/2014 - 08:53 م
طباعة الجزائر ..السلفيون
 
عاد مجدّدا خطاب اللاتسامح والخطاب التكفيري ليطبع علاقة الجزائريين فيما بينهم، وعاد ما يعرف بـ  الدعوة والجهاد  والمتسلّقين لمقولة  الفرقة الناجية  ليزرعوا خطاب التّكفير، مستهدفين خصوصا المثقفين والسياسيين. وبات اللاتسامح أمام بعض الكتابات والتّصريحات لمحسوبين على اليسار بمثابة  الواجب الشرعي  لدّى بعض السلفيين، الذّين تطاولوا على بعض الجزائريين بتوزيع صكوك الجنّة أو التّكفير، رامين وراء ظهورهم، في ظلّ هذا الانحراف الخطير، أنّه لا يأخذ بالتجاوزات أو ما يسمى شرعا  المعاصي  لتكفير أيّا كان.

فتوى القتل وردود الأفعال

الشيخ عبد الفتاح
الشيخ عبد الفتاح حمداش زيراوي
حيث أفتى أحد الشيوخ الجزائريين السلفيين بهدر دم كاتب روائي جزائري (يؤلف باللغة الفرنسية) بسبب "إهانته للإسلام"، ما يثير جدلاً حاداً داخل البلاد. ودعا الشيخ عبد الفتاح حمداش زيراوي على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" السلطات الجزائرية إلى "تنفيذ حكم إعدام علناً" بالمؤلف الجزائري كمال داود. وجاءت هذه الدعوة بعد أن انتقد داود، خلال مقابلة على التلفزيون الفرنسي، العلاقة بين المسلمين ودينهم.
واتهم زيراوي، الذي يشن حملة على استهلاك الكحول واستحمام النساء بملابس السباحة على الشواطئ الجزائرية، الكاتب داود بـ"شن حرب على الله ورسوله والقرآن والقيم الإسلامية".

كمال داود
كمال داود
من جهته، أكد داود لوكالة فرانس برس أنه قدم شكوى في مدينة وهران الجزائرية ضد الشيخ زيراوي بتهمة "توجيه تهديد بالقتل" له، مضيفاً أن هذه القضية حركت عدداً من صفحات التواصل الاجتماعي الجزائرية، التي طالبت السلطات بوضع حد لمثل هذه التهديدات بالقتل، والتي تعيد للأذهان الحقبة السوداء من الاقتتال الداخلي التي مرت على البلاد في تسعينيات القرن الماضي، والتي قتل فيها عشرات المثقفين والأدباء على يد جماعات إسلامية متطرفة.
كان زراوي يرد على تصريحات أدلى بها الكاتب الجزائري كمال داود، صاحب رواية "ميرسو.. تحقيق مضاد"، خلال مشاركته في البرنامج الفرنسي "لم ننم بعد" على القناة الفرنسية الثانية، السبت الماضي، قال فيها إن "العربية ثقافة وموروث، والعروبة احتلال.. هي سيطرة، وعلاقة العرب بربهم هي من جعلتهم يتخلفون".
وحازت رواية كمال داود "ميرسو.. تحقيق مضاد"، على جوائز أدبية هامة، مثل غونكور ورونودو وموريالك وجائزة القارات الخمس للفرنكفونية، وترشح ضمن الأسماء الخمسة لجائزة الغونكور للرواية الفرنسية.

الصحافي مروان الوناس
الصحافي مروان الوناس
وأثارت تصريحات داود جدلا كبيرا في المشهد الثقافي في الجزائر، خاصة أنها تعيد طرح مسألة الهوية في الجزائر.
لكن صحافيين ومثقفين رفضوا الموقف المثير للشيخ عبدالفتاح زراوي، وقال الصحافي مروان الوناس مخاطبا زراوي "صحيح أن تصريحات الكاتب كمال داود قد يعتبرها البعض مستفزة رغم أنه ليس الأول ولا الوحيد ولن يكون الأخير الذي يدافع عنها، لكن هذا الاختلاف لا يمنحك سيف الحجاج كي تقطع به رقاب الناس، أو تصدر فتوى تدعو فيها إلى إزهاق روح، وهدر دم رجل لمجرد أنه قال كلاما قد يؤخذ وقد يرد".
وأضاف الوناس "ما نعرفه جميعا أن الإسلام يدعو إلى الحوار والنقاش الهادئ وبالتي هي أحسن، وليس بإطلاق دعوات القتل في حق من تختلف معهم، وأنت لست مفتي الديار ولا حارس القيم، وإن كنت داعية فعليك بالنصح ليس إلا، أما أن تتولى الإفتاء بإهدار دماء الأبرياء فأقول لك لا".
وقال الكاتب محمد علاوة حاجي إن "فتوى عبدالفتاح حمداش بتكفير الكاتب كمال داود وإهدار دمه ليست غريبة في ظل السياق العام، هي حلقة من سلسلة طويلة من ممارسات تراوحت بين الأقوال والأفعال".
وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها الشيخ حمداش فتاوى وبيانات مثيرة ضد كتاب وناشطين في الجزائر، حيث سبق أن كفر الناشطة أميرة بوراوي في حركة بركات المعارضة للرئيس بوتفليقة.

واسيني الأعرج

واسيني الأعرج
واسيني الأعرج
وقد كتب الأديب والمفكر الجزائري واسيني الأعرج على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي مقالة طويلة معلقا عل الحدث جاء فيها "محاكم التفتيش المقدس تستيقظ في الجزائر، على هامش تكفير الروائي الجزائري كمال داوود:
الساكت عن الحق شيطان أخرس. والصامت عن الجريمة، شريك فيها. بعد مقتلة دامت أكثر من عشر سنوات، وخلفت وراءها أكثر من 200 ألف ضحية، وقرابة الأربعين مليارا حولت إلى رماد، ها هي الآلة الجهنمية تطل برأسها من جديد، داعية كما عادتها التي لم تنسها أبدا، إلى التكفير والقتل، من خلال آلية من الجهل والعجز الفكري والتأملي. من الذي يمنح هؤلاء القتلة المتخفين، حق الإفتاء بقتل الآخرين الذين لا يوافقونهم الرأي؟ اعتمادا على دين إسلامي متسام، لكنهم جيّروا تأويلاته وفق شهواتهم المريضة. ما هو هذا الشيء العظيم الذي يتهدد الإسلام والمسلمين ليصل الشيخ؟ عبد الفتاح زيراوي، الحاكم بأمره، أن يخرج من الظل ليعلن جهرا بأنه يجب حرمان الروائي كمال داوود من جنسيته ومنعه من دخول الجزائر ومحاكمته وتطبيق الحد عليه. قتله. فجأة أخذ مكان الدولة وأفتى ضد كاتب لا أعتقد أنه يحمل أكثر من قلم وحاسوب صغير. نعم ما قاله كمال داوود عن العروبة وفلسطين والجزائر والدين وغيرها من الموضوعات التي أثارها في قناة فرانس2، دفعت الصحفيين الفرنسيين إلى وضعه أمام خياراته التي دافع عنها بطريقته، قابل لأن يناقش. قال سلسلة من الآراء ومن يتابع كتابات زوايا كمال داوود في الصحافة الجزائرية، والحادة جدا لا يستغرب رأيه. وهذا حقه. على الشيخ الحاكم بأمره أن يحمل قلمه ويكتب ويجادل كمال داوود بالتي هي أحسن، إن كان يملك ما يقوله، بدل الركض وراء التهم الخطيرة التي قد تقوده هو إلى السجن قبل إعدام كمال داوود لأنها مناداة صريحة وعلنية بالجريمة، التي يعاقب عليها القانون كجريمة."

بيان الروائي أمين الزاوي

الروائي أمين الزاوي
الروائي أمين الزاوي
أما الروائي أمين الزاوي فقد أصدر بيان( 17 ديسمبر الجاري) تحت عنوان "بيان الروائي أمين الزاوي في فتوى تكفير و هدر دم الكاتب كمال داود" نشر اليوم على صفحات التواصل الاجتماعي وتناقلته وسائل الاعلام المختلفة يقول فيه" هي الأصوات النكراء النكرة عادت لتعوي باسم الدين السياسي، في جزائر كنا نعتقد بأنها تسير بسلام نحو السلم و احترام الاختلاف و حقوق الإنسان، عادت هذه الأصوات النشاز مستثمرة كالعادة عفوية و بساطة  الثقافة الدينية لدى المواطن الجزائري الذي تربى في أحضان  ممارسة دين الوسطية و المحبة بعيدا عن  دين العنف و القتل و الترهيب.
ها هي الأصوات الفاشية ترفع من درجة خطابها، بتهديدها الكتاب و الفنائيين و الإعلاميين كي تفتح طريقا سالكا لمشروعها الفاشيستي و لتقبض سلطتها بثقافة الخوف على مجتمع لا يزال يحمل ندوب و جروح وأحزان البارحة غير البعيدة.
سطوب لثقافة الفاشيست.
سطوب لخطاب الكراهية
سطوب لتلويث الدين، دين الأجداد المتسامح، بثقافة متطرفة عمياء غريبة و مثيرة للفتنة و التقاتل.
نعم للوطن و للنشيد الوطني "قسما" الذي يرفض هؤلاء المتطرفون من سلالة الدين السياسي الوقوف له.
قرأت البيان الذي جاء في صورة فتوى  بحكم نهائي  أطلقها السيد عبد الفتاح حمداش الجزائري رئيس حزب يعيش حالة من  الكلاديستان السياسي  ضد الكاتب و الصحفي كمال داود و التي فيها و باختصارو بشكل علني يدعو و يطالب ب  =إعدامه= بعد تكفيره و تخوينه و تهويده لا لشيء إلا لأنه اختلف معه في الرأي و في مقاربة العالم و اللغة و التاريخ.
هل قرأ السيد عبد الفتاح حمداش السلفي  ما كتبه كمال داود، منذ عشر سنوات عن قضايا الفساد و المحسوبية و العمل و الثقافة و الحرية و الاقتصاد و المرأة و التعليم و البحث العلمي و الأخلاق  و المواصلات و الاتصالات و الأحزاب و الانتخابات و البطالة و الزطلة و الشباب و الحلم و زوارق الموت......؟؟؟
قد نختلف في بعض  التفاصيل مع الكاتب كمال داود و لكنه دائما كان مسكونا بالدفاع عن الحق في الحرية و الاختلاف و العمل و الكرامة و التقدم و الحداثة في بلد عاش فيه، و فيه درس، و في مدارسها تعلم اللغة الفرنسية التي يكتب بها و بإبداع مدهش، و التي من خلالها شرف الجزائر الثقافية و الأدبية بحصوله على عدة جوائز و تكريمات دولية. 
أمام فتوى السيد حمداش الدموية التي فيها يهرق دم كاتب يبدو أن الوضع أصبح خطيرا جدا من خلاله بدأت   تنتهك الحريات الفردية و الجماعية، يهدد الإبداع و الكل ساكت.
من خلال هذه الفتوى التي جاءت  باسم الدين الإسلامي و بعقلية داعشية أو نصروية ـ من جبهة النصرة ـ يريد هذا التيار وضع يده على الإسلام و مصادرة حق الآخرين فيه تفسيرا و ممارسة.

أمام هذا التفسير النازي و الفاسد للإسلام و الذي من خلاله  يطالب هذا المفتي المليء بالحقد والدموية  بسفك دم الكاتب كمال داود، علينا و بكل شجاعة نحن الكتاب و الإعلاميين و الجامعيين والفنانين أن نقف صفا واحدا ضد هذا السرطان الذي بدأ ينتج ثقافة الكراهية و يثير الفتنة بين أبناء هذا البلد الذي ما يزال يحفظ آلاما من عشرية دموية غير بعيدة و التي كانت كذلك لأن  الإسلام تحول فيها إلى  لعبة بين أيدي مغامرين سياسيين مهووسين بالسلطة و المال،  أمام هذا أدعو إلى:  :
1- تأسيس جبهة عريضة  من الكتاب الجزائريين بكل اللغات العربية و الأمازيغية و الفرنسية/  بكل الحساسية  الفكرية و الفلسفية و الجمالية حفاظا على حرية الإبداع  و دفاعا عن الثقافة العقلية: جبهة صلبة  لمواجهة هذا المرض السياسي الفاشستي الذي يريد إعادة محاكم التفتيش إلى الجزائر المعاصرة.
2- ما حدث  للكاتب كمال داود قد يحصل لنا جميعا، نحن الذين  في جبهة الإبداع و الكتابة، إذ ما  سكتنا اليوم عن ممارسة هذا التيار المريض سياسيا و دينيا و ثقافيا و  تركناه يستمر في لعبته الفاشية المتمثلة في  ممارسة ثقافة التخويف و الترهيب  سنجد أنفسنا بعد سنوات قليلة  فاقدين كل حرية إبداعية  وستكمم  أفواه المثقفين و سيضطر كل مبدع حر للبحث عن سماء أخرى يحتمي بها غير سماء الوطن، وطن المليون و نصف المليون من شهداء الحرية و التحرر.
3-   أدعو الأحزاب السياسية الديموقراطية و العلمانية و الوطنية الوقوف و بشكل واضح ضد مثل هذه الفتاوى، و ضد هؤلاء المفتنين في مجتمع جزائري بدأ يتعافى قليلا قليلا، و أن لا نقلل من خطورة مثل هذه الممارسات الفاشيستية و أن لا نسكت عنها.
4- يجب التنبيه إلى أنه:  كلما تدخل الفقيه في الإبداع فسد الدين و حرم الإبداع من خاصيته الأساسية التي هي الحرية، لذا أطالب الفقهاء بالابتعاد عن الشأن الإبداعي حتى لا يسيئوا إلى أنفسهم و إلى الدين و إلى الإبداع و إلى صورة الوطن.
5-  إذا ما سكتنا هذه المرة فستكون للمسلسل حلقات أخرى، كانت الحلقة الأولى منه كتاب جميلة بن حبيب ثم فيلم الوهراني لسالم إلياس و ها هو اليوم مطلب الإعدام يطال   الروائي و الإعلامي كمال داود، و بخطاب واضح، و سيظل  مسلسل  الفتاوى الدموية متواصلا إذا لم يوقف مخرجه و منتجه و مموله الفكري قبل المالي.
6-  إني أنبه إلى أن ممارسات فاشية مثل هذه الصادرة عن السلفي  عبد الفتاح حمداش لها مثيلات في التاريخ العربي و الإسلامي  القريب و البعيد، وقد علمنا هذا التاريخ أن مثل هذه الممارسات الشاذة في الثقافة و السياسة  لا تنتج سوى الفتن و تفكيك الدول و الترهيب و التهجير، لذا يجب اقتلاعها من الجذور و منذ البداية.
7-  على الدولة الجزائرية حامية الوطن و المواطنة بمؤسساتها المختلفة القضائية و السياسية و الثقافية و الأمنية  أن تضع حدا نهائيا  لمثل هذه التنظيم الإرهابي الذي كان البارحة  سببا في تهجير و هدر دم عشرات الآلاف من أبرياء الجزائر من المواطنين البسطاء و رجال العلم و المفكرين و الفنانين و رجال الأمن.
8- إذا كان هذا هو منظور هذا الحزب السلفي  ـ حزب السلفية الذي يتزعمه عبد الفتاح حمداش ـ لإدارة شأن الإبداع و المبدعين و هو في مرحلة لا يزال فيها ممنوعا أو غير مرخص له فما بالك كيف سيكون غدا عندما يصبح شرعيا لا سمح الله                                 أمين الزاوي
الجزائر العاصمة في 17 دسمبر 2014
وقد قال الكاتب كمال داود في تصريح لـ"الخبر": "سأمارس حقي كمواطن جزائري لا يملك جنسية أخرى غير الجزائرية، باسترداد حقي وحقوق كل من تضرروا مما حدث هنا في الجزائر، وباستعمال ما يتيحه لي الدستور والقوانين الجزائرية من حقوق". 

شارك