المسيح يولد في خيمة المهجرين والإرهاب حاضر في رسائل البطاركة لعيد الميلاد

الثلاثاء 23/ديسمبر/2014 - 05:54 م
طباعة المسيح يولد في خيمة
 
الخميس القادم يحتفل المسيحيون الغربيون بعيد ميلاد المسيح، وكما اعتاد رؤساء الكنائس منذ أقدم العصور أن يكتبوا رسائل حول حدث العيد- تعد نوعا من التذكير بالأحداث وتتعرض أيضا للواقع المعاش، وتتم قراءة بعضها في قداس العيد وقد رصدنا في هذا التقرير آثارا واضحة لإرهاب داعش على رسائل الآباء البطاركة في عيد الميلاد المجيد. 
ففي رسالة البطريرك فؤاد الطوال بطريرك القدس للكاثوليك اللاتين في عيد الميلاد قسمها إلى قسمين: قسم بعنوان "أسعد الأوقات" ذكر فيه زيارة البابا فرنسيس للأردن ورسامة بعض الشباب كهنة وإقامة مؤتمر للعائلة، أما "أسوأ الأوقات" فجاء فيها: 
"من أسوأ الأوقات التي مرّت علينا خلال هذا العام، كانت أعمال العنف الكثيفة وردات الفعل العدائية، كانت أشدُّها الحرب المدمرة وسفك الدماء في غزة. عانت غزة خلال الأعوام الستة الماضية من ثلاث حروب متتالية، راح ضحيتها الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وجرح عشرات الآلاف، ناهيك عن الدمار واليأس اللذين خلفتهما هذه الحروب… وتقع مسئولية إيجاد حلّ لهذه المسألة على عاتق القادة السياسيين، الإسرائيليين والفلسطينيين. عظيمة هي أيضاً المسئولية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي، الذي يجب أن يساعد الطرفين على مساعدة أنفسهما، وأضاف من ناحيتنا ندين الحرب على غزة ونشجب نتائجها المأساوية: القتل والتدمير؛ لكننا نُدين في الوقت عينه أيّ شكل من أشكال العنف العنصري والديني والانتقام الذي يطال الأبرياء، كقتل الأفراد وهم يصلون في كنيس أو الهجمات التي تستهدف المساجد. في أسبوع واحد قام رؤساء الكنائس المسيحية في الأرض المقدسة بزيارة الكنيس اليهودي في هار نوف، لإدانة الفعل الوحشي الذي وقع هناك، كما زاروا أيضاً المسجد الأقصى للمطالبة باحترام الوضع القائم منذ زمن طويل .. واحترام حرمة المكان. لسوء الحظ، شهدت مؤخراً مدينة القدس الشريف سيلاً من الدماء والدموع. إننا لا نريد اشتعال حرب دينية في المدينة المقدسة، فدعوتها هي أن تكون مدينة للسلام والتعايش السلمي بين أصحاب الديانات".

مأساة اللاجئين

مأساة اللاجئين
جاء في الرسالة: "لمسنا أثناء زياراتنا الرعوية في الأردن حجم المأساة التي يعاني منها مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والعراقيين. آلاف العائلات فقدت منازلها وعملها وأحباءها وأقاربها. ومن المحزن رؤية الأطفال هائمين في الطرقات وهم يتمرّغون على التراب في المخيمات. وإلى جانب المأساة اللاإنسانية التي تغطّي الشرق الأوسط بالدماء وتمزقه إلى أشلاء، يفاجئنا عدد الشباب الأوروبيين الذين يتبنون الأيديولوجيات الراديكالية، ويتوجّهون إلى جبهة القتال في سوريا والعراق. من جانب آخر، نحن شهود على قيام كثير من القادة العرب والمسلمين بإدانةٍ وشجب أكثرَ وضوحاً لأيديولوجية داعش الدينية المتطرفة".
وأضاف البطريرك فؤاد وسط جميع مشاكلنا ومعاناتنا هذه، "نذكر بامتنان التضامن الذي يظهره الكثيرون من الأشخاص والمنظمات والمؤسسات والدول، بتقديمهم المساعدات المادية والمناصرة السياسية لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي.
إن الاحتفال بميلاد المسيح هو وعدٌ بالرحمة والمحبة والسلام للكثيرين في معاناتهم ومحنتهم، ولمن يرون حياتهم محطّمة، وآمالهم مكسرة، وسط صراع يدور في دائرة مفرغة وكراهية تعصف من كل جانب. نتمنى لجميع مؤمنينا في الأرض المقدسة، وأصدقائنا في جميع أنحاء العالم، والحجاج الأحبّاء، عيد ميلاد مبارك، وعاماً جديداً مليئاً بالسلام والصحة الجيدة".

الربيع المنتظر

الربيع المنتظر
أما رسالة المطران كريكور أوغسطينوس كوسا مطران الأرمن بالإسكندرية فطلبت تقوى الله بما يحدث في المنطقة العربية حيث قال: 
"فليكُن فينا من الحبّ بعضنا مع بعض ما في المسيح صاحب هذا العيد. فالحفاظ على تنوعنا ووحدتنا هو الطريق الذي لا طريق غيره لإنقاذ بلادنا وشرقنا والعالم من الحروب والإرهاب. ولا شك أن طفل المغارة يرنو بعين حبّهِ في هذا اليوم الأغر إلى البلدان العربية التي تعيش اليوم تحولات تاريخية خطيرة. هو الذي أراد أن يولد فقيراً في إسطبلٍ حقير، والذي قبِل فيما بعد أن يحمل صليب الفداء حبّاً بكل إنسان، لا بد أن يقول لنا ولإخوتنا من حولنا- على تنوع أفكارهم ومعتقداتهم ومواقعهم- اتّقوا الله وارفعوا يد الحقد والبغض وكفّوا عن القتل وابتروا الحرب وازرعوا السلام لأنكم أبناء الله". وأضاف المطران كريكور قائلا: "المسيح المولود في مذوّد هو الرجاء المستعاد للبشرية، وهو الذي يمنحنا قوة العمل في سبيل الخلاص، فلا تضعف في الدرب قِوانا ولا نستسلم لليأس ولا للإحباط. إنه الربيع الحقّ المطلُّ على العالم. ربيع الحبّ والتضامن والحرية والسلام، ولن يكون في الدنيا ربيع إلاّ بروحه ومحبّته، فاعطنا أيها الرّب يسوع، يا رجاء الآباء وانتظار الشعوب ونور الأمم، يا طفل المغارة ملِك السلام، أن نؤمن بربيع حبّكَ وسلامك ونعمل على نشره في الرّبوع وفي القلوب متذكرين قولك: طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون. ومن أمام المغارة التي وُلِد فيها السيّد المسيح نحييكم مهنئين بالعيد أنتم الذين بأرض الكنانة التي استقبلت الطفل يسوع وخلّصته من يد السفّاح هيرودُس القاتل. تعالوا نعيش معاً بتنوع جماعاتنا المسيحية والإسلامية، وبتنوع ثقافاتنا وتطلّعاتنا وآرائنا وخياراتنا السياسية والوطنية، جمال وحدتنا وتضامننا وترابطنا، ونبني معاً مصر الحديثة ذات قيمةٍ باستقرارها وإشعاع دورها في محيطها الإفريقي والعربي، وفي الأسرة الدولية.
نحييكم مع أطيب تمنيات الميلاد سلاماً ورجاءً، أنتم الذين في بلاد الشرق الأوسط وتمرّون في محنة الحروب والنزاعات وترسم أمام أعينكم وضمائركم استفهامات وتساؤلات عديدة حول المستقبل والمصير. عليكم وسط هذه الظلمات يسطع نور الله ومجده كما في ليلة ميلاد الرّب يسوع، فينتصر العدل على الظلم، والهدى على الضلال، والمحبّة والسلام على القوة والقهر؛ لأننا على يقين بأن قوة السيف لا بد أن تنكسر والغالب اليوم مغلوب غداً، وحضارة المحبّة تعلو على حضارة القتل والموت، وأن طفل المغارة الضعيف والمتواضع هو الأقوى بحبّه للناس وتحريره من كل نزوة تؤدي إلى ابتلاعهم في ظلام الغرق والموت.
إننا نتطلّع معكم، عبر تمنيات الميلاد والسنة الجديدة 2015، وإلى ولادة ربيع عربي حقيقي ربيع سلام ومحبّة واستقرار قائم على تعدّدية الأديان والديمقراطية وقبول الآخر بعيداً عن المصالح والسيطرة والاستغلال".

ميلاد المسيح في خيمة

ميلاد المسيح في خيمة
في الرسالة التي أطلقها لمناسبة حلول عيد الميلاد المجيد، قال البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك بابل للكلدان، إنه سيحتفل بقداس عيد الميلاد مع المهجّرين في خيمة وسط مخيمهم، ليعرب لهم عن قرب الكنيسة منهم واستعدادها لخدمتهم ومساعدتهم.
وجاء في رسالته بالعيد 
"إن أوضاع اللاجئين المسيحيين في العراق لا تزال مأساوية وحرجة، ولا يبدو حلا سريعا في الأفق. يعيشون في غرف صغيرة أو كرافانات أعدتها لهم الكنيسة والطيبون، لكنهم نفسياً قلقون على بلداتِهم وبيوتهِم ووظائفِهم ومستقبلِ أبنائهم، ويحتاجون بخاصة في عيد الميلاد هذا والسنة الجديدة إلى علامات مُطمئنة بأنهم ليسوا متروكين وحدهم، وليسوا منسيين؛ لذلك أطلب من جميع أخواتنا وإخواننا أن يصلوا من أجلهم لكي يُحافظوا على الشجاعة والأمل والثقة بالله أبيهم. إني أردت أن أحتفل بقداس عيد الميلاد معهم في خيمةٍ وسط مخيمهم لأعرب لهم عن قرب الكنيسة منهم واستعدادها لخدمتهم ومساعدتهم. نحن ممتنون جداً لجهود الصداقة والتقارب والتضامن العديدة من الداخل والخارج، فهم بحاجة إلى قلوب وأبواب مفتوحة تدعمهم في محنتهم. المسيحية ينبغي أن تبقى في هذه الأرض المباركة رسالة محبة وتسامح كما أرادها المسيح. ونحن مصرون على مواصلة محبتنا لجميع مواطنينا من دون استثناء والعيش معهم بسلام وأمان. إننا نشتاق إلى العودة إلى بيوتنا وبلداتنا ونتمنى تحريرها عاجلاً وتوفير الحماية لها. أرضنا تاريخنا وهويتنا، وهي لنا أرض ميعاد. كما نتمنى من صميم قلبنا أن يقوم في العراق نظام سياسي يؤمن حقوق جميع العراقيين ويصون كرامتهم ويحقق العدالة التي هي أساس السلام. هذا البناء الجديد لن يتحقق إلا من خلال التربية السليمة والتعليم المنفتح وتعزيز قيم العيش المشترك واحترام التنوع وحقوق الإنسان. أحبائي، في البشارة قال ملاك الرب لمريم: لا تخافي، وكذلك ليوسف، وفي الميلاد قال للرعاة: لا تخافوا، واليوم يقول لنا وسط محنتنا: لا تخف أيها القطيع الصغير. فلنجدد بالله إيماننا وثقتنا ببعضنا البعض وبكل ذوي الإرادة الصالحة بأن في قلب الألم والمعاناة ينبعث الأمل بفجر جديد. هذا ميلادنا وإيماننا".

شارك