حركة "بيجيدا" بين التأييد الشعبي والرفض الحكومي

الأربعاء 24/ديسمبر/2014 - 06:30 م
طباعة حركة بيجيدا بين التأييد
 
حركة بيجيدا بين التأييد
انتقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الحملات التي تقوم بها حركة "بيجيدا" Patriotische Europäer gegen die Islamisierung des Abendlandes (PEGIDA". والتى تظهر نفسها بأنها حركة مدنية برجوازية ليبرالية رافضة للعنف، وبهذه الصورة تنجح في حشد الكثير من الناس.  وقالت ميركل، عقب لقائها مع رئيس وزراء بلغاريا) في برلين، إنه على الرغم من أن حرية التظاهر مكفولة في ألمانيا، "إلا أنه ليس هناك مكان هنا للتحريض على الآخرين والتشهير بهم"، خاصة فيما يتعلق بحملات تستهدف أشخاصا قدموا إلى ألمانيا من دول أخرى.
 وأكدت ميركل ضرورة أن يحرص كل من يشارك في المظاهرات التي تنظمها حركة "بيجيدا" على ألا يتم توظيفه من قبل آخرين. يأتي ذلك على ضوء اعتزام أنصار حركة "الأوروبيون الوطنيون ضد أسلمة الغرب" أو ما يعرف إعلاميا بـ "بيجيدا" تنظيم مظاهرة مساء الاثنين في مدينة دريسدن الألمانية. في حين يعتزم تحالف "دريسدن للجميع، من أجل دريسدن منفتحة على العالم" تنظيم مظاهرة معارضة.

غالبية الألمان يخشون تنامي تأثير الإسلام

غالبية الألمان يخشون
وقد أفاد استطلاع للرأي نشرته صحيفة "بيلد" الألمانية أن "أكثر من نصف الألمان يخشون من تنامي تأثير الإسلام في البلاد. وتبين من خلال الاستطلاع الذي أجراه معهد "إينزا" بتكليف من صحيفة "بيلد" واسعة الانتشار أن ثلاثة من كل خمسة أشخاص تقريبا (58%) يوافقون على عبارة "أخاف من التأثير المتزايد للإسلام في ألمانيا". وقالت صحيفة "بيلد" يوم الخميس (18 ديسمبر 2014) إن نسبة 45.7 في المائة من 243 ألمانيا ذا أصل أجنبي شملهم الاستطلاع يشاطرون مواطنيهم الألمان هذا القلق في حين أكد 28 في المائة من إجمالي 2017 شخصا هم كل من شملهم الاستطلاع لا يخافون من هذا التأثير. ورفض 56 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع مقولة "الإسلام لا يمثل خطرا على ألمانيا" في حين أيدها 26 في المائة من المستطلعة آراؤهم. غير أن 54 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أجابوا بالنفي على السؤال الذي جاء في الاستطلاع: "هل أنت مستعد للمشاركة في مظاهرات حركة "بيجيدا". وبيجيدا هو اختصار لاسم "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" وهي حركة جديدة في ألمانيا تناهض التواجد الإسلامي في أوروبا.
من جانبه قال هاينر غايسلر، الأمين العام الأسبق للحزب المسيحي الديمقراطي الذي ترأسه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إن المظاهرات التي تنظمها حركة "بيجيدا" ضد الإسلاميين محقة على الأقل جزئيا، مؤكدا على أن "بيجيدا ليست خطرا على مجتمعنا". ورأى السياسي الألماني المخضرم (74 عاما) أن متظاهري بيجيدا لا يتظاهرون ضد الإسلام بل ضد إساءة استخدامه لتبرير جرائم غير إنسانية وأنها " محقة في خوفها تماما." وقال غايسلر: "لقد حان الوقت للتعامل بشكل أكثر حزما ضد الإسلاميين وداعميهم في ألمانيا".

الإسلام السياسي والدفع لمعاداة المسلمين بأوروبا

الإسلام السياسي والدفع
ومع تزايد عدد السلفيين، تزداد المخاوف من تصاعد الكراهية ضد الأجانب في ألمانيا وأوروبا، مع خروج حركة "بيجيدا" المعادية للأجانب في شرق ألمانيا وربما لعبت ممارسات الميليشيات الإرهابية لتنظيم "الدولة الإسلامية" في الشرق الأوسط في الأشهر الماضية دورا في إثارة شعور الخوف من أسلمة الغرب. "رغم أن تلك الأحداث تقع في مكان بعيد جدا، إلا أنها حاضرة في كل مساء، حيث يسمع الناس في وسائل الإعلام أخبار ما يقوم به المتطرفون الإسلاميون من إرهاب. وهاذ ما يثير مخاوف الناس ويقلل من قدرة تمييزهم بين الإسلام كدين وبين استغلاله لممارسة أعمال العنف"، كما يقول رئيس البرلمان الألماني السابق فولفغانغ تيرزه من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في حديثه مع راديو "دويتشلاند فونك. بالإضافة إلى ذلك تساهم الأخبار التي تتحدث عن عودة الجهاديين الألمان في القتال في العراق وسوريا واحتمال التخطيط لأعمال إرهابية في البلاد، في تصور حدوث مخاطر ملموسة قد تهدد الأمن الداخلي.
وفي سبتمبر الماضي أثارت ظاهرة " شرطة الشريعة" جولة جديدة من النقاش الساخن، حيث جابت دوريات أطلقت على نفسها اسم "حراس الآداب" شوارع مدينة فوبيرتال بغرب ألمانيا وطالبت الشباب بضرورة ترك الخمر والقمار. إنها ظاهرة فريدة من نوعها وحدثت مرة واحدة فقط، إلا أنها شكلت عملا استفزازيا وتركت انطباعا لدى بعض الألمان بأن ظاهرة أسلمة ألمانيا آخذة في النمو.

رفض الأحزاب التقليدية

رفض الأحزاب التقليدية
لكن ذلك لا يبرر دوافع كل المشاركين في تظاهرات حركة "بيجيدا". فغالبية المشاركين في تلك التظاهرات لا يهتمون بموضوع الإسلام والمسلمين، كما يوضح الباحث في ظواهر الحركات الاحتجاجية ديتر روخت في حديثه مع راديو "دويتشلاند فونك" ويضيف: "هناك خلفية معروفة ومنتشرة منذ أكثر من عشر سنوات في معظم الدول الغربية والتي ترتبط بشعور الخوف من المستقبل، وهناك الخوف من الانزلاق إلى مستوى الفقر بسبب فقدان فرص العمل". ويؤكد الباحث روخت في حديثه على أن حركة "بيجيدا" تبدو للوهلة الأولى وكأنها ظاهرة جديدة، لكنها تستخدم أسلوب المظاهرات من أجل السلام في كل يوم اثنين للاحتجاج ضد النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية سابقا. ويتابع روخت أن القاسم المشترك بين مظاهرات السلام آنذاك وبين مظاهرات حركة "بيجيدا" الجديدة هو أن المشاركين في التظاهرات فقدوا الآن الثقة بالسياسات التقليدية السائدة.
 جدير بالذكر أن حركة "بيجيدا" أثبتت نجاحها واستمرارها في مدينة دريسدن فقط. فالحركات المماثلة لها في دويسلدورف وبون فشلت في حشد كبير للتظاهرات، حيث لم يشارك فيها سوى بضعة مئات من الناس. إضافة إلى ذلك تجري بالتزامن مع مظاهرات "بيجيدا" الأسبوعية دوما مظاهرات مضادة لها والتي تبدو أكبر حجما وعددا من في كل مدينة تجري فيها التجمعات مقارنة مع تظاهرات الحركة.

شارك