هل ينجح الحوار " السني" الشيعي" في تخطي ألغام انتخاب رئيس لبنان المسيحي؟!
الأربعاء 24/ديسمبر/2014 - 08:48 م
طباعة

مع عقد ممثلين عن "تيار المستقبل" اللبناني و"حزب الله"، الثلاثاء، أول اجتماع في إطار الحوار الذي كان قد سعى إليه رئيس البرلمان، نبيه بري، لإخماد التوتر المذهبي في لبنان، من أجل إنهاء العديد من الملفات علي الساحة اللبنانية والعربية، وفي مقدمتها انتخاب رئيس للجمهورية الشاغر منذ انتهاء ولاية ميشال سليمان في مايو الماضي.
تضمنت جلسة البداية جزءًا من اتصالات ولقاءات تمت في عدد من العواصم العربية والإقليمية من أجل التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المعنية في الداخل، والأطراف المتداخلة في الساحة اللبنانية ولهما نفوذ بها، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية في ايران.
محاور اللقاء:

ولأن اللقاء الأول يمثل بداية لسلسلة لقاءات للتفاهم حول عدد من الملفات على الساحة اللبنانية والإقليمية بين تيار المستقبل ممثلا للقوى السنية بشكل عام وحلفائه في تيار 14 أذر، وحزب الله ممثلا للتيار الشيعي في لبنان وحلفائه بـ"8 أذر" جاء اللقاء ليعطي أمل لانهاء الملفات المعلقة في الساحة اللبنانية.
فقد اكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، رئيس حركة أمل الشيعية، أن طرفي الحوار أكدا "حرصهما واستعدادهما البدء بحوار جاد.. وفي إطار تفهم كل طرف لموقف الطرف الآخر من بعض الملفات الخلافية"، معربين عن حرصهم على "تنظيم الموقف من القضايا الخلافية والتعاون لتفعيل عمل المؤسسات".
وأضاف البيان أن بري شدد على ضرورة العمل على "حماية لبنان واستقراره"، لاسيما "في ظل التصعيد المتمادي على مستوى المنطقة نحو تسعير الخطاب الطائفي والمذهبي".
وتمثل أهم نقاط الحوار
- انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية
- تخفيف الاحتقان المذهبي والخطاب السياسي والإعلامي المتشنج
- دعم الجيش اللبناني و محاربة الارهاب
- تفعيل عمل المؤسسات من حكومة ومجلس نيابي
- دور حزب الله في الصراع السوري
فيما يري مراقبون أن هناك لاءات أربع تحكم الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، وهي لا بحث في ملف الرئاسة من دون التواصل مع العماد ميشال عون، لا تراجع عن مواجهة الإرهاب على الحدود اللبنانية السورية، لا حوار حول سلاح المقاومة ولا تراجع عن دعم المعارضة السورية.
ردود فعل عن اللقاء:

وفيما تبايت رود الأفعال حول اللقاء الأول الذي جمع مسئولين من تيار المستقبل وحزب الله، عن مدى نجاح الحوار في إنهاء الملفات العالقة في الساحة السياسية اللبنانية.
وفيما لفتت مصادر المستقبل إلى أن الحريري يعتبر أن الحوار مع حزب الله جزء من التماسك الوطني، وهو عنوان رئيسي لإيجاد نقاط مشتركة مع الحزب، بعيداً عن الملفات الاستراتيجية التي تفرّقهما، وفي مقدّمها الميدان السوري.
يقول عضو تيار المستقبل زياد القادري "على أمل أن يكون الحوار الذين ينطلق اليوم مع حزب الله بمثابة مقدمة لفتح آفاق التوافق الوطني لينهي الشغور في موقع الرئاسة ويسهم من جهة ثانية في خفض منسوب التوتر والارتباك في البلاد".
وأوضح المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، الحاج حسين الخليل، أن حزب الله لم يغيّر مواقفه منذ أكثر من ثلاث سنوات، فسياسة اليد ممدودة للشريك في الوطن، والدعوة إلى انتهاج الحوار مسلكاً لمعالجة قضايا البلد.
فيما تحدث أحد ابرز الساسة في لبنان وزير السياحة ميشال فرعون، عنن وجود تيار المستقبل وحزب اله ن قالا:" هناك أزمة ثقة بين الجانبين منذ سنوات، وفي الوقت نفسه يوجد توافق داخلي وإقليمي ودولي على حماية الإستقرار وخصوصا الأمن في لبنان والتشجيع على الحوار".
وشدد "فرعون" على "وجود مخاطر أمنية على جهتي الحدود اللبنانية والسورية، ومحاولة بعض القوى اللعب على الوتر المذهبي الطائفي ما يكفي لأن يحتم وجود خطوط تواصل دائمة بين حزب الله وتيار المستقبل بالرغم من كل الخلافات، مضيفًا "طبعا لن يشمل هذا الحوار أمورًا حكومية أو حتى تفاصيل أخرى لها صلة بالاستحقاق الرئاسي لأن الهدف هو إنشاء شبكة أمان أمام تفاقم الهواجس وليس استفزاز أي فريق آخر وهو ما قد يحدث إذا توسع الحوار الى قضايا أخرى".
النائب عن نائب الجماعة الاسلامية (فرع جماعة الاخوان المسلمين في لبنان) في البرلمان عماد الحوت ، استبعد توصل الحوار بين الطرفين الي ارضية توافق حول الانتخابات الرئاسية مع غياب المكون الاساسي وهو الطرف المسيحي يغيب عنه، إلا ان "الحوت" لم يشير للقاء ميشال عون وسمير جعجع عقب نهاية عطلة اعياد الميلاد، والتي لن تكون بعيدا عن حوار حزب الله وتيار المستقبل.
ويشير القيادي الإخواني إلى أن "الحوار قد يهيئ الأجواء بانتظار كلمة سر إقليمية تأتي برئيس للجمهورية لان الفرقاء اللبنانيين سلموا الموضوع لمرجعياتهم الإقليمية والدولية وينتظرون الضوء الأخضر".
"جعجع" و"الحريري" في السعودية :

قبل لقاء تيار المستقبل وحزب الله، كانت هناك لقاءات واتصالات دور في عواصم عربية وإقليمية من أجل التهدئة فقد سافر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى المملكة السعودية، وهي الثانية له في غضون شهرين، ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري الي الرياض من اجل التوصل الي انهاء الملفات العالقة في الساحة اللبنانية وفي مقدمتها ملف انتخاب رئاسة الجمهورية.
وأجرى جعجع لقاءات مع القيادة السعودية على جميع المستويات، حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز، ووزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله بن عبدالعزيز، اللقاءات كلها خرجت الى العلن وإلى الإعلام وأرفقت بإشارات التقدير السعودي لشخص جعجع ودوره.
الزيارة اعتبرها المراقبون تمثل جزءًا من دور رئيس حزب القوات اللبنانية في المرحلة المقبل التي يعاد فيها تحريك الملف الرئاسي اللبناني وتكون الرياض مركزًا لاتصالات ومبادرات دولية وإقليمية أكثرها وضوحا المبادرة الفرنسية المتحركة بين طهران والرياض وبيروت.
وتابع المراقبون ان زيارة جعجع الى السعودية في هذا الوقت وبهذا الشكل تشكل الارتقاء بالعلاقة من مرتبة صداقة الى مرتبة تحالف وتكريسا لدوره في موضوع رئاسة الجمهورية ليصبح أساسيا ومحوريا وموازيا لدور العماد عون.
فإذا كان عون بالنسبة لإيران وحزب الله ممرا إلزاميا وينبغي إرضاؤه وأن تكون له كلمة أولى في صنع الرئيس الجديد، فإن جعجع بالنسبة للسعودية والمستقبل له نفس الدور والموقع، وإذا حدث الانتقال الى مرحلة الرئيس التوافقي، فإنه ينتقل من صفة المرشح الى موقع الشريك في عملية اختيار الرئيس، وبذلك تكون الرعاية السعودية لجعجع بمنزلة تكريس لمعادلة مسيحية ثنائية تتحكم بمسار الانتخابات الرئاسية ومصيرها.
وفي سياق متصل التقى ولي الأمير سلمان بن عبد العزيز، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، مؤكدا وقوف بلاده الى جانب لبنان وشعبه واستمرارها في دعمه للخروج من أزماته، مشددًا على دعم الجهود التي تعزز وحدة اللبنانيين ووفاقهم الوطني .
ودعا الشيخ عبد اللطيف دريان المسيحيين في لبنان خلال زيارته الرياض أن يتجذروا في أرض وطنهم لأنهم جزء منه كما المسلمين.
ولفت إلى أن انطلاق الحوار بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" يعطي الأمل بالوصول إلى نتائج إيجابية في كسر الحواجز بين اللبنانيين والإسراع في انتخاب رئيس.
"لاريجاني" في لبنان:

لم تخرج أهداف الزيارة الخاطفة لرئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، للبنان، عن زيارة "جعجع" و"الحريري" إلى الرياض، فمن الجامعة اللبنانية، إلى مقر الرئيس نبيه برّي في عين التينة ولقاء الرئيس تمام سلام، للحوار حول القضايا اللبنانية وفي مقدمتها انتخاب الرئيس اللبناني وملف الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله.
التقى "لاريجاني" الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وتناول الحديث عن مكافحة الإرهاب والتكفيريين وتنظيم "داعش"، بالإضافة للحوار مع تيار المستقبل وانتخاب رئيس المهورلاية الشاغر، والملف السوري وغيرها من الملفات المنطقة.
وخلال مؤتمره الصحافي ببيروت، أشار لاريجاني إلى « بعض المشاورات التي جرت بهذا المجال وجرت معنا حول المسعى الفرنسي لحل مسألة الرئاسة»، مؤكداً أن «المسيحيين اللبنانيين هم المعنيون الأساس في هذه القضية، ويجب أن يضافروا جهودهم»، والمواكبة الإيرانية للمسعى الفرنسي لانتخاب الرئيس، إلى «وجود بعض المشاورات التي جرت في هذا المجال وجرت معنا حول المسعى الفرنسي لحل مسألة الرئاسة»، مؤكداً «دعم اي حل، ولكن القضية الأساسية، وما نريده هو أن تقوم الأقطاب السياسية بدورها في هذا المجال، وعلى المسيحيين في لبنان القيام بالجهد الأساسي في ملف الرئاسة».
"عون- جعجع":

ألقى "حزب الله" كرة انتخاب رئيس جمهورية للبنان إلى ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر، وحليفه في 8 آذار، مؤكدًا أنه يدعم رئيس التيار الوطني الحر، و"عون" حتى الآن يملك العقد والحل في ملف الرئاسة بالنسبة لحلفائه.
فحوار "تيار المستقبل- حزب الله" لن يكون عن لقاءات وحوار "ميشال- جعجع" أبرز الاسماء المرشحة للانتخابات الرئاسية اللبنانية، لن يكون منفصلًا عن حوار الرؤية الإقليمية "السعودية – ايران"، فكل الخيوط متداخلة ومتشابكة في لبنان، بالإضافة للتواجد السوري.
في الرابية، يجلس رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وحده على طاولة مطبخه. يحصي الأصوات المؤيّدة له بينه وبين نفسه: كتلته 22، والثنائية الشيعية 26، والمردة 4 والقومي والبعث 4، ويضاف إليهم النائبان طلال أرسلان ونقولا فتوش ليغدو العدد 58، ينقصه سبعة اصوات ليصبح رئيس لبنان من انتخاب البرلمان.
وفيما يتعلق بحسابات "جعجع" للرئاسة في معراب، يحصي رئيس حزب القوات اللبنانية ، فهنا كتلته البرلمانية "8 نواب"، ويضمن كتلة المستقبل 39 نائباً (المغترب الكبير عقاب صقر ضمناً)، والكتائب: سامر سعادة، إيلي ماروني، فادي الهبر، وهناك والمستقلون 4 نواب بالإضافة إلى عدد آخر من الحلفاء ليصبح عدد النواب الضامن لتصويت البرلمان اللبناني لانتخابه رئيسًا للجمهورية 58 نائبا ينقص جعجع سبعة نواب فقط، إن ضمن كل هؤلاء، ليفوز بالرئاسة بالنصف + 1.
وقال النائب اللبناني فادى كرم عضو كتلة حزب القوات اللبنانية إن "أى لقاء بين العماد ميشال عون رئيس تكتل التغيير والإصلاح والدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات سيتخطى موضوع انتخابات الرئاسة اللبنانية لأية ملفات وطنية ضاغطة كتحييد لبنان عن المشاكل الخارجية، والاستفادة من الوضع الحالي لإنقاذ الاقتصاد وتقوية المؤسسات الأمنية اللبنانية لا سيما الجيش".
ورأى كرم في تصريح صحفي، أن أول حل للملف الرئاسي يكون بخوض معركة ديموقراطية بين جعجع وعون تحت قبة البرلمان، ووصف انتقال عدوى الحوار من "المستقبل" و"حزب الله" إلى "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" بـ "الجيدة"، مضيفا أن "شيئا لا يمنع وجود تفاهم مع أي فريق سياسي والسعي لإلغاء الخطوط بين اللبنانيين وحتى الخط الأحمر الذى يرسمه حزب الله بينه وباقي الفرقاء السياسيين يجب إلغاؤه".
فيما أكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، أنه مرشح للرئاسة اللبنانية وأنه لن يتنازل أو يعطى صوته لأحد، مشددا في الوقت ذاته على أن التحضيرات جارية لعقد لقاء بينه وبين منافسه في الانتخابات رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
وتابع عون، إن الحوار مع جعجع لا يقتصر على موضوع رئاسة الجمهورية اللبنانية فحسب، بل سيشمل مواضيع أخرى، موضحا أن الوسيط بينه وبين جعجع هو من قبل القوات اللبنانية، رافضًا الكشف عن اسمه.
هل ينجح الحوار؟

يجمع السياسيون اللبنانيون على ان مسألة الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للبلاد وهو الموقع الذي بقي شاغرا منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في مايو الماضي يبقى صعبًا، في ظل تشابك العلاقات والمصالح والخيوط التي تحدد رئيس الجمهورية اللبناني في الداخل والخارج.
ويشير العديد من المتابعين إلى أنّه من المبكر حسم هوية الرئيس المقبل، طالما أنّ عنوان المرحلة المقبلة لا يزال غامضاً، فلا بدّ من ترقب الأحداث الدولية والإقليمية، والتأكد أن المطلوب استقرار الدولة اللبنانية، بدعائم قوية تقوم على أساس اتفاق متين بين مكوناته الأساسية، ما سيتطلب التنازل من الجميع من أجل الوصول إلى توافق، وهو ما سيوضحه طريق الحوار المليء بالألغام الداخلية والخارجة.