اللاجئون السوريون بين الأزمات الداخلية اللبنانية ومستقبل الأسد (1)
الأربعاء 24/ديسمبر/2014 - 11:42 م
طباعة


مراسل بوابة الحركات الإسلامية - بيروت:
تفاقم الوضع السوري يلقي بظلال قاتمة على الشأن اللبناني، ويزيد من سخونة الأحداث استمرار الأزمة السورية دون حل سياسي، وتداعياته على لبنان من خلال تزايد أعداد المهاجرين السوريين، حيث وصل عددهم إلى مليون و200 ألف لاجئ مسجلين في المفوضية العليا لشئون اللاجئين، إلى جانب أكثر من 300 ألف غير مسجلين بعد، مما عمل على تعقيد الموقف، وتحمل المجتمع اللبناني لمشكلات عديدة غير مستعد لمواجهتها.
المتابع للشأن اللبناني يرصد تردي أوضاع اللاجئين السوريين، وتفاقم الأزمة تردي الوضع الاقتصادي في لبنان، في ظل تنامى أعداد اللاجئين السوريين، وكذلك اللاجئين العراقيين، إلى جانب الخلافات الداخلية اللبنانية نتيجة غياب منصب الرئيس، في ظل استمرار الفراغ الرئاسي، وعدم الاتفاق بين القوى السياسية على وضع حل لهذه الأزمة التي اندلعت منذ شهور، ولم تعرف طريقها للحل.

وبمجرد الوصول للأراضي اللبنانية يلاحظ الفرد معاناة المواطنين اللبنانيين من تزايد أعداد اللاجئين، وقفز عدد كبير منهم على فرص العمل المتاحة للمواطنين اللبنانيين، نتيجة رخص أجور السوريين مقارنة باللبنانيين، وهو ما عمل على شعور المجتمع اللبناني بأنه يسدد فاتورة الأزمات الإقليمية والدولية، وسط عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل سياسي للأزمة، وضعف القدرات المتوفرة للمنظمات الدولية ومنظمات الإغاثة الإنسانية.
وبالرغم من ضعف الموارد ونقص الإمكانات، يحتضن لبنان أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم، وبالرغم من نزوح مئات الآلاف من السوريين إلى تركيا والاردن ولبنان مرغمين نتيجة تردي الوضع داخل سوريا، يظل العدد الأكبر الفار منهم من جحيم النظام وداعش والجماعات الارهابية داخل الاراضي اللبنانية، ويعيش عدد كبير منهم في وحدات سكنية في مناطق مختلفة، وعدد أقل منهم في مخيمات غير قانونية، نتيجة عدم حصول المفوضية العليا لشئون اللاجئين على بناء مخيمات للسوريين، إلى جانب رغبة المفوضية في إدماج السوريين داخل المجتمع اللبناني، حتى ولو على عكس رغبة المجتمع اللبناني الذى لم يعد بقدرته تحمل وجود مزيد من النازحين، بل وصل الأمر إلى مخاوف زيادة أعداد الاجانب في لبنان نتيجة تزايد عدد السوريين والعراقيين والاثيوبيين والافارقة بشكل يبدو عليه شعور اللبنانيين بالأقلية العددية في بلدهم.

من جانبه يقف المجتمع الدولي وحده شاردًا، غير قادر على ضبط مسار الأزمة، فتارة يحاول مساعدة معارضي بشار الاسد، وخاصة المعارضة السورية، إلا ان فشل هذه المعارضة في تقديم رؤية بديلة، أظهرت اتجاها داخل الامم المتحدة لتدعيم صفوف الجيش السوري الحر، بعد أن صمتت الدول الكبرى والمجتمع الدولي على جرائم تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات التى عملت على نشر الفوضي، مما أظهر ميولا ايجابية لدى روسيا في جمع شمل مختلف الفئات المتنازعة لخلق حالة من الحوار، تتمركز على مشاركة المعارضة في الحكومة السورية، مع استمرار بشار الأسد في موقعه، بعد أن أصبح مجرد الحديث حول ابعاد بشار عن منصبه أمر غير قابل للنقاش بالمرة، حتى ولو على عكس رغبة الإدارة الأمريكية، التي تشعر بانتكاسة كبيرة في الأزمة السورية، نتيجة فشل كل محاولتها في الاطاحة بالأسد.
ويزيد من الفشل الأمريكي في المنطقة، تنامى نفوذ ايران في سوريا ولبنان، إلى جانب الدعم المستمر لحزب الله، وهو ما برز خلال زيارة على لاريحانى رئيس مجلس الشوري الايراني إلى لبنان، وفتح حوار مع مختلف الأطراف اللبنانية من أجل انهاء الأزمة اللبنانية، التى من شأنها أن تخلق جبهة لبنانية قوية تضاف للجبهة السورية لصد هجمات الجماعات الارهابية وضمان استمرار النظام السوري وعدم الاطاحة به، وهو ما يعني بقاء النفوذ الإيراني على المشهد بالشرق الأوسط.

أحمد فليطي
وبالتزامن مع هذه الأحداث، تتجه الأنظار إلى رئيس بلدية عرسال اللبنانية أحمد فليطي المكلف بمتابعة أزمة الجنود اللبنانيين المختطفين على يد ، وسط تساؤلات مختلفة بشان مدى جدية الحكومة اللبنانية في حل ازمة المخطوفين، بعد محاولات اهاليهم بالضغط على الحكومة اللبنانية والقادة المؤثرين في المجتمع.
ويعمل هذا الملف على تأجيج الصراع الداخلي في لبنان، فهو من تارة يؤثر داخليا بشكل كبير نتيجة ضغط أهالي الجنود المخطوفين على يد داعش على مختلف صانعى القرار في لبنان، وضرورة أن تقوم الحكومة اللبنانية بخطوات سريعة لإنقاذ حياة هؤلاء بعد مقتل اثنان منهم وتهديد الباقين، وعدم التلكؤ في ايجاد حلول للأزمة، وكذلك مخاطر استمرار تواجد عناصر حزب الله في الاراضي السورية، ومحاولة الدفاع عن هذه المنطقة حتى لا تقع في يد داعش والمسلحين.

تعقد الأزمة، وعدم التوصل إلى حلول سياسية للأزمة السورية، إلى جانب استمرار الأزمة اللبنانية وعدم قدرة الطوائف والقوى المؤثرة على نبذ خلافاتهم الداخلية من اجل التعجيل بانتخاب الرئيس لحماية البلد من الوقوع في فخ الفوضي والعنف، يعمل على اطالة أمد الصراع السوري، واستمرار الأزمة الداخلية في لبنان، وهو ما ينعكس بدوره في الايام المقبلة على مستقبل السلطة في لبنان، وضبابية المشهد السيسي بشأن انتخاب الرئيس.
ولكن ماذا عن الوضع داخل سوريا، وانعكاسات المشهد السوري على الوضع في لبنان بشكل خاص، وتأثيره على الشرق الأوسط بشكل عام، ومستقبل الحلول المطروحة، وموقف اللاجئين مما يحدث، ونزوحهم المستمر من داخل الاراضي السورية نتيجة تردى الأوضاع الأمنية والسياسية؟!! هذا ما سنلقي الضوء عليه لاحقًا.