نفوذ الحرس الثوري في العراق بين "القلق الأمريكي" .. والتأكيد الإيراني

الأحد 28/ديسمبر/2014 - 02:10 م
طباعة نفوذ الحرس الثوري
 
يعتبر الوجود الإيراني في بلاد الرافدين أمرا واضحا وجليا في المعركة التي يخوضها الجيش العراقي والميليشيات الشيعية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
ولكن تصريحات "ماكين" وسقوط ضحايا للحرس الثوري تفتح المجال حول مدى نفوذ الإيرانيين داخل العراق، وسيطرتهم على مقاليد الأمور من خلال الميليشيات الشيعية التي تدعمها.

"جون ماكين" ونفوذ الحرس الثوري

جون ماكين ونفوذ الحرس
خلال زيارة له للعراق، أبدى السيناتور الأمريكي جون ماكين، مخاوفه من التأثير الإيراني وتغلغل الحرس الثوري الإيراني داخل العراق، وصعوبة تشكيل الجيش العراقي الذي يتطلب بناؤه وقتا طويلا.
خلال حديثه الصحفي بالعاصمة بغداد عقب لقائه رئيس الوزراء حيدر العبادي، أبدى السيناتور الأمريكي مخاوفه فيما يتعلق بإيران والحرس الثوري الإيراني (أقوى أركان المؤسسة العسكرية في إيران)، ووجوده في بغداد بشكل مخيف.
تصريحات جون ماكين لم تكن الوحيدة التي تحذر من الوجود الإيراني في بلاد الرافدين، فقد سبق أن اعتبر نائب مبعوث الرئاسة الأمريكية إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش "بريت ماكجورك"، أن "وجود ميليشيات إيرانية في العراق"، يسبب مشاكل لكل من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والمرجع الشيعي علي السيستاني، فضلا عن موقف بلاده من هذا الوجود .
وقال "ماكجورك" خلال شهادته أمام لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، بخصوص تطورات الحرب ضد داعش: "بعض الذي نراه الآن مما يتعلق بالميليشيات الإيرانية، ليس إشكالياً من وجهة نظرنا فحسب، ولكنه مشكلة بالنسبة للحكومة الجديدة وكذلك آية الله العظمى السيستاني، الذي تحدث ضد أي مجموعة مسلحة تعمل خارج هيكل الدولة العراقية".
وكان نائب رئيس أركان الجيش الإيراني العميد "مسعود جزائري"، رفض في وقت سابق التعليق على موضوع تنفيذ مقاتلات إيرانية لنشاطات عسكرية في العراق، إلا أنه أكّد عدم قيام بلاده بالتنسيق والتعاون مع قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة واشنطن.
وأعرب ماكين عن أمله أن توقع الحكومة العراقية الجديدة مع بلاده اتفاقية تضمن الحصانة لجنود بلاده؛ "لأن جنودنا يخدمون بفعالية ولا يستطيعون القيام بما في وسعهم بدون وجود اتفاقية".

الحرس الثوري في العراق

الحرس الثوري في العراق
إلا أن قيادات مجاهدي خلق التي تمثل المعارضة الإيرانية في الخارج، والتي لها وجود في العراق من خلال معسكر بالقرب من بغداد، حذرت المقاومة الإيرانية من التواجد المتزايد لعناصر فيلق القدس في العراق، الذي جاوز عددهم الـ7 آلاف شخص، معتبرة أنه انتهاك صارخ للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي.
واعتبر المجلس الوطني للمقاومة في بيان له، أن هدف إيران من هذا الحضور المكثف لعناصر الحرس الثوري، ليس محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، بل لتعويض الضربة القاسية التي تلقاها النظام جراء تنحية المالكي ولتثبيت سلطة خلافة ولاية الفقيه في العراق.
ونوري المالكي هو رئيس الوزراء العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي، عرف بولائه "الأعمى" للإيرانيين، وكادت البلاد جراء ممارسته الطائفية، خاصة ما ارتكب في حق أهل السنة، خلال فترة رئاسته للحكومة، أن تسقط في مستنقع حرب أهلية ثانية بعد الاحتلال العراقي (2003)، لولا ضغوط دول الجوار والمجموعة الدولية التي نجحت إلى حد ما في إعادة ترميم العملية السياسية في العراق.
وقد ذكرت المقاومة في معرض تطرقها للتدخل الإيراني العسكري في العراق، إلى وجود معلومات وثيقة من داخل النظام تؤكد أن عدد عناصر الحرس الثوري لفيلق القدس في العراق يصل إلى 7 آلاف شخص، وقد تم نشر العديد منهم في كل من محافظات بغداد وديالي وصلاح الدين، ومدن سامراء وكربلاء والنجف والخانقين والسعدية وجلولاء.
ولفت بيان المجلس الوطني للمقاومة، الصادر عن العاصمة الفرنسية باريس، إلى أن الإبادة الجماعية والتهجير القسري وسلب الملكية والاعتداء على المواطنين العراقيين- خاصة أهل السنة من قبل قوات الحرس الإيراني والميليشيات التابعة لهم تحت يافطة مكافحة داعش- من شأنها تأجيج نار التشدد والإرهاب في المنطقة بأسرها.
وتتهم الميليشيات الشيعية- كعصائب أهل الحق، وحزب الله في العراق، وفيلق بدر، الممولة إيرانيا- بارتكاب تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان، في المناطق العراقية ذات الأغلبية السنية بدعوى محاربة تنظيم داعش؛ الأمر الذي رفع من منسوب الاحتقان الطائفي في هذا البلد.
وما يزيد من عمق الشرخ الطائفي في العراق الوجود المكثف لعناصر الحرس الثوري الإيراني، يقودهم قاسم سليماني، حيث يتولى العمليات العسكرية بنفسه.
وجددت المقاومة الإيرانية تحذيرها في ختام بيانها من أن هذا التحرك الإيراني، بنشر عناصر إيرانية في العديد من المحافظات العراقية ليس إلا ضمانا للسيطرة على العراق، مستشهدة بارتكاب الميليشيات التابعة لإيران لعمليات تهجير جماعي وإبادة في حق فئة واسعة من الشعب العراقي.

التأكيد الإيراني

التأكيد الإيراني
الحديث عن الوجود الإيراني لم يتوقف عن الأمريكان أو المعارضة الإيرانية في الخارج، بل أكدت قيادات في الحرس الثوري الإيراني والجيش عن التدخل الإيراني، مع نشر صور لقائد فيلق القدس قاسم سليماني- عن تواجده وقيادته للمعارك في بلاد الرافدين، وهو ما اعتبره المراقبون تأكيدا على النفوذ والتواجد الإيراني في العراق.
ورغم أن طهران تزعم أن تدخلها في العراق، إلى حد الآن يقف عند حد تقديم الاستشارات وتدريب عناصر القوات العراقية، إلا أن مسئوليها لم يكفوا عن التصريح بأن إمكانية التدخل العسكري واردة.
ولعل آخر التصريحات تلك التي وردت على لسان وزير الدفاع العميد حسين دهقان حيث صرح في 20 من ديسمبر الجاري أن بلاده أعلنت صراحة أن العتبات المقدسة في العراق خط أحمر بالنسبة لها، مشددا على أنه "لو حاولت جماعة "داعش" أو أي جماعة مسلحة أخرى تهديد هذه المراكز المقدسة فستتدخل بلاده لحمايتها".
وقبله أكد نائبه رضا طلايي أنه "بموجب التنسيق الأمني بين بغداد وطهران، فإن القوات المسلحة ستتدخل في حال تعرض حدودنا أو معتقداتنا للاعتداء".
أكد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، من خلال المنبر الإعلامي الجهادي "الموقع الناطق بلسان داعش"، مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني "سردار حميد تقوى"، على يد مقاتلي الدولة الإسلامية.
وكتب خطاب، أحد أنصار داعش، تغريدة على "تويتر" قائلا: "بلد الحرس الثوري الإيراني يعلن رسميا عن مقتل أحد قادته سردار تقوى، في معارك بلد سلمت أيادي رجال الدولة الإسلامية".

الوجود الإيراني الآن

الوجود الإيراني الآن
أصبح اليوم النفوذ الإيراني في العراق قويا سواء الوجود العسكري من خلال قائد فيلق القدس والميليشيات الشيعية التي تدين بالولاء لولي الفقيه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامئني، أو النفوذ الاقتصادي والسياسي والثقافي، فالعراق الآن أصبح يصبغ بالهوية الإيرانية وليس الهوية العراقية، في ظل حالة استسلام تام من قبل العراقيين وخاصة في مناطق الأغلبية الشيعية، وهو ما يعقد المشهد العراقي ويجعل من الحديث عن إنهاء للنفوذ الإيراني مثل الحرث في الماء؛ ولذلك تدرك الولايات المتحدة الأمريكية ودول الجوار أن استقرار العراق أهم مفاتيحه في يد حكماء طهران وخاصة قيادات الحرس الثوري الإيراني.. فهل سيؤدي الوجود الإيراني في بلاد الرافدين مع الحرب علي "داعش" إلى تقسيم العراق أم استقراره؟

شارك