اعتقال أمين "الوفاق".. حرب صقور النظام والمعارضة تهدد البحرين؟

الإثنين 29/ديسمبر/2014 - 01:59 م
طباعة اعتقال أمين الوفاق..
 
عادت الأوضاع للاشتعال في البحرين، بعض حالة من الهدوء لم تستمر طويلا مع إلقاء السلطات الأمنية بالمنامة القبض على أمين عام جمعية الوفاق الإسلامية الشيعية المعارضة الشيخ علي سلمان.

تصعيد شيعي مضاد

 تصعيد شيعي مضاد
عقب إعلان جمعية الوفاق البحرينية، اعتقال أمينها العام نظم آلاف من الشيعة البحرينيين احتجاجًا قرب العاصمة المنامة مطالبين بإقالة الحكومة ومجلس النواب (البرلمان)، وقال مدير عام مديرية شرطة المحافظة: إن "ما يقارب 2000 شخص شاركوا في مسيرة مرخصة"، غير أنه أضاف أن "المسيرة شهدت عدة تجاوزات ومخالفات قانونية، وعليه تم استدعاء أعضاء اللجنة المنظمة، وإخطار النيابة العامة"، ولم يحدد المسئول الأمني طبيعة التجاوزات والمخالفات، فيما قالت "الوفاق": إن "المشاركين في المسيرة التي كانت من المنظمين الرئيسيين لها رفعوا شعارات تنادي بالديمقراطية".
ودعا ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير جماهير الشعب البحريني للنزول الغاضب إلى بلدة البلاد القديم (مسقط رأس الشيخ علي سلمان).
وأضاف موقع الائتلاف بأن هذه الدعوة تأتي بعد الجريمة الحمقاء التي ارتكبها النظام الخليفي باعتقاله لسماحة الشيخ علي سلمان (أمين عام جمعية الوفاق).
والأمر لم يتوقف عند الظاهرات، فقد أصدرت الحوزات العلمية في البحرين بياناً اعتبرت فيه اعتقال الشيخ علي سلمان، خطوة بعيدة كل البعد عن الحكمة السياسية واللياقة الإنسانية، وهي إهانة كبرى لكل شعب البحرين واستخفاف بعزته وكرامته.
ورأت في البيان الذي وقعت عليه حوزة السيد جواد الوداعي، حوزة الغريفي، حوزة الغدير للعلوم الإسلامية وحوزة الإمام زين العابدين بأن "اعتقال سلمان والتشكيك في وطنيته وإخلاصه لهذا الوطن لطعن في وطنية كل حر وشريف في هذا البلد"، داعية إلى "الإفراج عنه".
وأعلن العلماء الدخول في اعتصام مسجد الإمام الصادق بالقفول، وسط العاصمة المنامة، تنديداً باعتقال أمين عام جمعية "الوفاق" الوطني الإسلامية.
الأمر لم يتوقف عند مظاهرات عدد من الشيعة في البحرين، بل امتد إلى تحذير من قبل جمعيات ومؤسسات ومراجع شيعية، فقد شددت "الوفاق" الممثل الأبرز للمعارضة الشيعية على "أن استهداف سلمان هو مغامرة خطيرة وغير محسوبة وتعقد المشهد السياسي والأمني في البحرين"، وطالبت بضرورة "الإفراج الفوري" عن أمينها العام واحترام العمل السياسي ووقف استهدافه.

9 اتهامات لأمين الوفاق

9  اتهامات لأمين
استدعي سلمان، للتحقيق في مكتب (99) المعروف، بإدارة التحقيقات الجنائية، وهي المرة الأولى التي يبيت فيها سلمان في السجن منذ انطلاق انتفاضة 14 فبراير، وبعد 20 عاما من انتفاضة التسعينيات، التي كان أبرز رموزها الشابّة.
الاعتقال والتحقيق مع "سلمان" يأتي بعد يومين فقط من عقد المؤتمر العام لجمعية الوفاق، الذي يتوقّع أن يقطع الطريق أمام محاولات السلطات تجميد عمل الجمعية، وفقا لقرار محكمة بحرينية بتعليق أنشطة "جمعية الوفاق"، في 28 أكتوبر الماضي ولمدة ثلاثة أشهر.
دار التحقيق، بحسب المحامي عبد الله الشملاوي، عن خطب الشيخ منذ العام 2012، ووجّهت له اتهامات تسعة: التحريض على كراهية نظام الحكم، والدعوة لإسقاطه بالقوة وتحبيذ الشباب بأن الخروج على النظام جائز شرعا، وإهانة القضاء والسلطة التنفيذية، والتحريض على بغض طائفة من الناس، والاستقواء بالخارج وبث بيانات وأخبار كاذبة من شأنها إثارة الذعر والإخلال بالأمن، والمشاركة في مسيرات وتجمعات تتسبب في الإضرار بالاقتصاد.
التحقيق مع "سلمان" يأتي أيضا بعد استئناف المعارضة في البحرين حراكها على الأرض مجددا، عقب 3 أشهر من فرض حظر رسمي على التظاهرات.. لم تتوقّع السلطات بالطبع خلاف أن تدعو القوى السياسية إلى مسيرة جماهيرة مجددا، ولكن يجب أن لا تتوقّع المعارضة، أن تستمر قواعد اللعبة كما هي، فما بعد الانتخابات، ليس كما قبلها.

الأسرة المالكة بين الإصلاحات والمخاوف

 الأسرة المالكة بين
فيما يبدو الأزمة السياسية الحالية التي أدت إلى اعتقال أمين عام الوفاق المعارضة، يأتي عقب سلسة من الإخفاقات في الحوار بين المعارضة والنظام الحاكم في البحرين مع اتهامات دائما بوجود أيادي ودعم خارجي للمعارضة، خاصة من قبل إيران .
فقد كان هناك تصور للإصلاحات داخل الأسرة المالكة يقوده النائب الأول لرئيس الوزراء وولي العهد الأمير سلمان بن حمد (45 عاماً)، فيما يقود الشيخ خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، وجهة المعسكر الرافض للحوار والإصلاحات. 
ويكمن الخلاف في رغبة ولي العهد في إجراء إصلاحات سياسية على نطاق لا يؤيده بتاتاً الشيخ خليفة، والذين ينظرون إلى الشيعة على أنهم عرضة للنفوذ الإيراني ويعتبرون التنازلات لهم علامة ضعف.
ويري محللون أن الأوضاع في البحرين تثمل مرحلة جديدة في الصراع بين قطبي الصقور داخل الأسرة المالكة والمعارضة البحرينية، في ظل تراجع دور الحمائم في الفريقين، وهو ما يعتبرون اعتقال أمين جمعة الوفاق هو محطة قد تكون الفصل الأخير في صراع الصقور والحمائم في صفوف المعارضة والنظام البحريني ليعطي المجال لعودة الحوار بين حمائم النظام وحمائم المعارضة مع سقوط. 

إيران حاضرة في المشهد

إيران حاضرة في المشهد
التخوف البحريني من دعم وتدخل إيراني في الشأن الداخلي، ليس من باب فراغ، بل إن هناك العديد من الأوضاع والحقائق التي تشير إلى وجود مساعي إيرانية من أجل بسط أوراق وضغط في اللعبة السياسية والمصالح التي تنتهجها حكومة طهران بالمنطقة.
فقد أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، عن القلق إزاء ما وصفته بـ"تصعيد السلطات في البحرين وحلفائها الإقليميين والغربيين (لم تسمهم) لممارساتهم المبنية على النهج الأمني" ضد المعارضين.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "ارنا" عن الدائرة العامة للدبلوماسية الإعلامية في وزارة الخارجية الإيرانية، مساء الأحد، أن تصريح المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية جاء إثر "تزايد الضغوط والقيود علي الجمعيات القانونية والشخصيات السياسية والدينية في البحرين". 
وقالت "أفخم": إن "مثل هذه الممارسات إنما تؤدي للمزيد من تعقيد الظروف"، داعية المسئولين في البحرين لـ"اتخاذ إجراءات لبناء الثقة بغية توفير الأرضية للحوار الجاد بين الحكومة والشعب بدلاً عن اتخاذ توجهات مكررة".
ما صرح مرجعي شيعي متشدد في إيران في أكتوبر الماضين يؤكد مخاوف الأسرة الحاكمة في البحرين من استخدام شيعة بالبلاد كورد ضغط، فقد قال علي سعيدي، مندوب مرشد الجمهورية الإيراني علي خامنئي: إن "العمق الاستراتيجي لإيران يمتد من البحرين والعراق حتى اليمن ولبنان وشواطئ البحر المتوسط وحتى أمريكا اللاتينية".
ونقلت وكالة "فارس" للأنباء التابعة للحرس الثوري عن سعيدي تأكيده، خلال ملتقى دعاة هيئة الأوقاف والشئون الخيرية بمدينة قم اليوم الخميس، أنه "على إيران أن تحافظ على عمقها الاستراتيجي في هذه المناطق بكل ما لديها من قوة".
كما ظهر في المشهد السياسي البحريني، زعيم التيار الصدري في العراق السيد مقتدى الصدر، منددا باعتقال "سليمان"، قائلا: "إن نبأ اعتقال أمين عام "الوفاق" الشيخ علي سلمان كان ذا وقع وصدمة كبيرة"، معتبراً اعتقاله تكميماً للأصوات المعارضة "وهذا لا يعني إلا الظلم والدكتاتورية بعينها".
ونصح الصدر في بيانٍ له الجهات المختصة "بالإفراج عنه وإلا كان اعتقاله بدايةً لنهاية النظام الظالم وإنهاءً لمبدأ الحوار" على حد قولهن مطالبا الشعب البحريني وبإشراف من علمائه ومرجعياته بـ "الوقوف صفاً واحداً للتظاهر والمطالبة بالإفراج" عن الشيخ علي سلمان وكل المعارضين والمعارضات المعتقلين في السجون وفق البيان.

البحرين الآن

البحرين الآن
فيما يبدو أن الأوضاع مهدد بالاشتعال في البحرين، مع وجود معارضة متأهبة، وحكومة ترفض التفاوض سوي بطريقتها وشروطها الخاصة، واصبح اطراف الازمة في البلاد تميل التشدد، وتواصل المعارضة مع أطراف إقليمية يؤدي إلى سكب البنزين على الرماد ليشعل النار في البحرين، من شأنه تأزيم الحل بين المعارضة والسلطة بالبحرين، ومن شأن هذا تتعامل مع هذه الأطراف بكل حزم وعنف وخياراتها معهم مفتوحة من اعتقال وضرب وغيره.
ويبقى أن المكون الشيعي البحرين ليست كتلة واحدة أو رأي واحد، كذلك المعارضة البحرينية والتي لا تقتصر على جمعية الوفاق فقط أو الشيعة فقط، ولكن من يغلب طابع التشدد والتطرف من المعارضة البحرينية في الصراع مع السلطة ويترك كل الخيارات مفتوحة، فهؤلاء يشعلون النار في أنفسهم وفي الشيعة وفي العملية السياسية في البحرين ويسقطون المعارضة جميعها، وهو ما يجعل هناك مساحة اختلاف بين قوى المعارضة بشكل عام والشيعية بشكل خاص.
فيما تفضل قوى أخرى المقاومة السياسية والقانونيةـ وهؤلاء إن لم يكونوا قريبين من السلطة فهم ليسوا أعداء لها... لذلك يبقى عنوان المرحلة المقبلة في البحرين "البحث عن حمائم المعارضة والنظام من أجل مواجهة صقور الفريقين لإنقاذ البلاد من شبح الصراع والتمزق.

شارك