بعد تغريده لأحد مقاتليه.. "تويتر" و"إينستاغرام" سلاح المخابرات لإسقاط "داعش"

الخميس 01/يناير/2015 - 03:03 م
طباعة بعد تغريده لأحد مقاتليه..
 
تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي من أهم الأدوات التي استخدمها القائمون على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابي في التجنيد والترويج لفكرهم ودولتهم المزعومة، إلا أنه عقب إعلان التحالف الدولي للحرب ضد تنظيم الدولة بدأ سلاح شبكات التواصل يُستخدم ضد مقاتلي تنظيم "داعش" عبر مراقبة حساباتهم من قبل الأجهزة الأمنية والمخابراتية في الدول العربية والغربية؛ من أجل مواجهة التنظيم على الأرض وتحديد مواقعهم باستهدافهم بغارات جوية.

المخابرات الكندية تخترق "داعش"

المخابرات الكندية
وكشفت تقارير إعلامية عن أحد مسئولي الاستخبارات الكندية، استطاع من خلال مراقبة للصفحات التابعة لمقاتلي تنظيم "داعش" على شبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها "تويتر"- أن يَستغل خطأ الجهادي النيوزيلندي والذي يُدعى أبو عبد الرحمن، من خلال تغريدة له على "تويتر" تحمل موقعه بالتفصيل في سوريا قبل أن يتم ملاحظتها من قبل أجهزة الاستخبارات المشاركة في التحالف الدولي لضرب "داعش" بسوريا والعراق.
خطأ أحد عناصر تنظيم "داعش" في سوريا، الذي أودى بحياته ومن معه من قبل مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا يوصف بأنه الخطأ الثمين للمخابرات، والتي استطاعت أن تستهدف مكان المقاتل وتؤدي بعشرات المقاتلين من التنظيم في إحدى الغارات الجوية.
وأوضح المسئول الكندي أن "أبو عبد الرحمن" كان دائمًا ما يذكر موقعه بالتحديد في سوريا عبر تغريداته على "تويتر"، والتي غالبًا ما كانت تشير لموقع اشتباكات أو مواقع صراعات عسكرية، إلا أن تلك المرة ذكر موقعه بالتحديد؛ الأمر الذي سَهَّل عملية تصفيته.
وكان "داعش" قد أمر أعضاءه بالتوقف عن إرسال التغريد والتدوين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا يتم التوصل لأماكنهم، غير أن هذا الأمر يبدو غير مرحب به من أعضاء "داعش"، خاصة الغربيين منهم.

المخابرات تطالب ببقاء حسابات "داعش"

المخابرات تطالب ببقاء
طالب العديد من المخابرات الأجنية والعربية بقاء حسابات مقاتلي تنظيم الدولة من أجل الوصول إلى معلومات عن التنظيم وأماكن تواجدهم ليكون عاملا مساعدا في إسقاط تنظيم "داعش"، فقد ذكر موظف من إحدى شركات وسائل الإعلام الاجتماعي الكبرى، لموقع "ماشابل"، بأن مسئولي الاستخبارات الأمريكية طلبوا من شركته عدم إغلاق حسابات داعش، على الرغم من المحتوى الدموي المنشور في هذه الحسابات في كثير من الأحيان. وقال الموظف، الذي اشترط عدم ذكر اسم شركته: "المخابرات الأمريكية تفضل الإبقاء على هذه الحسابات، بدلًا من إغلاقها".
السبب في هذا؛ هو أن المسئولين في الاستخبارات الأمريكية يراقبون حسابات داعش، في محاولة لجمع المعلومات عن هذه المجموعة، نقاط قوتها، تكتيكاتها، وشبكاتها. "وسائل الإعلام الاجتماعي هي واحدة من العديد من المصادر التي يرصدها المحللون الأمريكيون من أجل تقييم وضع داعش".
وبدوره، قال جيسون هيلي، وهو أحد الأعضاء المؤسسين لأول وحدة حرب إلكترونية في البنتاجون، ومدير مبادرة فن الحكم لمجلس الأطلسي: "سواء كان من المنطقيّ أن يكون هناك محاولة لقمع هذا النوع من التواصل بحيث لا يمكن لهذه المجموعة نشر رسالتها أم لا، الأصدقاء في المخابرات يريدون دائمًا أن تبقى هذه القنوات من التواصل مفتوحة لهذا التنظيم".
داعش هي أول جماعة إرهابية دولية تبنت وسائل الإعلام الاجتماعي كجزء حيوي من هُويّتها. عندما لا يكونون في ساحات القتال، يغرد مسلّحوها إلى ما لا نهاية. يتبادلون صور الأسلحة التي سيطروا عليها، ويغردون على تويتر حول خطط معركتهم.. في الواقع، حضورهم على وسائل الإعلام الاجتماعي حيويّ للغاية؛ ولذلك، يعتقد الخبراء إمّا بأنهم ساذجون تمامًا بشأن عرض أنفسهم على هذه الوسائل، أو أن رسائلهم هي جزء من خطة لتضخيم قوة المجموعة وجعل أنفسهم أكثر جاذبية بالنسبة للمجندين المحتملين. كلينت واتس، وهو زميل بارز في معهد أبحاث السياسة الخارجية، قال لماشابل: "هؤلاء الرجال مشغولون جدًّا بالترويج لأنفسهم على الإنترنت. أنت على وشك أن تعتقد بأنهم جستين بيبر". وهو مُغَنٍّ كندي مقيم في أتلانتا له شهرة واسعة.
وبدوره، قال خبير الاستخبارات بيتر فان أوستاين، والذي كان يتابع داعش على تويتر، بأنّ حسابات المجموعة تكشف عن كمية معلومات مذهلة. وأضاف: "هناك الكثير من المعلومات التي يتم نشرها عن طريق حسابات داعش، والتي يمكن استخدامها إذا اختارت الولايات المتحدة في تحديد أهداف هجمات الطائرات بدون طيّار على سوريا أو العراق".
واستشهد أوستاين بمثال من قبل بضعة أسابيع، وينطوي على خمسة من مقاتلي داعش الذين ولدوا في بريطانيا، والذين دخلوا إلى تويتر للدردشة حول الاجتماع في أحد مقاهي الإنترنت في سوريا. وقال الخبير: "عندما لم يظهر بعض المسلحين الآخرين على النحو المتفق عليه في الدردشة، بدأ واحد من المقاتلين يشتكي للآخرين على تويتر كما لو أنهم في غرفة خاصة من غرف الدردشة".
الوصول إلى حسابات "تويتر" و"الفيس بوك" و"إينستاغرام" و"الواتس أب" لشخص ما قد يكشف أيضًا عن عنوان البريد الإلكتروني لهذا الشخص، وهو ما قد يؤدي إلى حصول المحللين على قوائم أسماء جديدة من أجل مراقبتها.

قراصنة ضد حسابات "داعش"

قراصنة ضد حسابات
تفاقم الصراع بين عناصر "داعش" وتويتر الذي انضم إليه قراصنة خلال الأسابيع الأخيرة. ورغم الاختلاف الأيديولوجي والسياسي تقوم مجموعة من القراصنة حول العالم باستهداف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في أحد أبرز الميادين التي ينشطون فيها.
فقد انطلقت حملات سرية قادها من جهات مختلفة قراصنة أمريكيون والجيش السوري الإلكتروني ومجموعة أنونيموس ومخترقو أنظمة إيرانيون يحتمل أن تكون لهم صلات بحكومة طهران، وفقا لتحليل أورده موقع ماشابل. ففي الولايات المتحدة هناك مخترقون للأنظمة مجهولو الهوية يزعمون أنهم أطاحوا بالعديد من الصفحات المرتبطة بـ"داعش".
وممن يقومون بالتصدي لـ"داعش" على الإنترنت أيضا الجيش السوري الإلكتروني SEA وهو مجموعة من مخترقي الأنظمة الداعمين للرئيس السوري بشار الأسد. ونقل ماشابل عن متحدث باسم المجموعة- رفض الكشف عن اسمه أيضا- أنهم يقومون بإرسال المعلومات التي يجمعونها عن "داعش" إلى الحكومة السورية عبر "قنوات موثوقة".
كما أن هناك مجموعة من مخترقي الأنظمة الذين يعتقد أن لهم علاقة بالنظام الإيراني، والذين زعموا مؤخرا أنهم أطاحوا بمواقع إلكترونية وحسابات على تويتر تابعة لتنظيم "داعش"، وأرسلوا معلومات إلى أنظمة استخباراتية عالمية أخرى عن "داعش"، وفقا لما نقل ماشابل عن علي رضا أنقائي، وهو باحث أمني يراقب مخترقي الأنظمة الإيرانيين، الذي أكد أن الإيرانيين يريدون التضييق على داعش ولا يأبهون بمن يقوم بهذا التضييق. وأشار أنقائي إلى أن الكثير من هؤلاء القراصنة الإيرانيين لهم علاقة بميليشيا الباسيج المدعومة من الحكومة الإيرانية.
وقد قام تنظيم داعش، من جانبه، بإطلاقة مجموعة تدعى "الجيش الإلكتروني لدولة الخلافة الإسلامية"، وقد زعمت أنها اخترقت وشوّهت العديد من المواقع الإلكترونية.
وقد وردت تقارير بأن قراصنة "الدولة الإسلامية" استولوا على حسابات لها صلة بمجموعة أنونيموس وغردوا بصور لهجمات، وفقا لفيديو نشر على حساب على يوتيوب في يوليو.
وقد ردت مجموعة أنونيموس في نهاية أغسطس على تلك العملية بعملية مضادة أطلقت عليها "OpIceISIS " لمواجهة داعش أيديولوجيا. وبالإضافة إلى التغريدات التي تهاجم التنظيم، تقوم أنونيموس بالإطاحة بمواقع تنشر دعايات إعلامية مؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية.

صحفي يخدع التنظيم

صحفي يخدع التنظيم
الأمر لم يتوقف عند أجهزة المخابرات والأجهزة الامنية بل كان للإعلاميين والصحفيين دور في الاحتيال على تنظيم "داعش" عبر توتير، فقد تمكن أحد صحفيي "تايمز" البريطانية من اختراق تنظيم "داعش" للاطلاع على كيفية جذبها للفتيات البريطانيات.
وتظاهر الصحفي أولا بأنه فتاة صومالية في السابعة عشرة من عمرها من عائلة فقيرة، ساذجة نوعا ما، تكثر من استخدام الوجوه الضاحكة (سمايلي) في محادثاتها وتكرر حروف العلة في رسائلها.
واستطاع الصحفي عبر التنكر في شخصية فتاة صومالية أن يحصل على معلومات ثمينة وغالية في التعرف على شبكة تجنيد الفتيات البريطانيات في لندن والمدن الإنجليزية لصالح التنظيم، والتعرف على الشخصيات التي تقوم بتمويل ذلك، وهو ما أسفرت عنه المغامرة الصحفية عبر شبكة التواصل الاجتماعي.
وتوصل الصحفي إلى أن هناك شخصا يُدعي "أبو العباس اللبناني"، ووعده "الفتاة" بتأمين سفرها إلى سوريا وإرسال مبالغ مالية عن طريق شركة "ويسترن يونيون" حتى تتمكن من شراء تذكرة طائرة للسفر إلى تركيا- بحسب الصحيفة- أوصاها بألا ترتدي النقاب أو الجلباب ولا تأخذهما معها في الحقيبة حتى لا تثير الشك.
وعند مرحلة معينة أراد اللبناني إرسال رسائل مشفرة لا يستطيع نظام الهاتف الذي تستخدمه الفتاة (عائشة) استقبالها وتطلب الأمر استخدام هاتف أكثر تطورا.
وطلب اللبناني من عائشة أن تشتري هاتفا جديدا، فقالت له: إن هذا سيثير الشكوك؛ لأن عائلتها فقيرة، فتطلب الأمر إدخال فتاة أخرى (فاطمة) تملك هذا الهاتف، في اللعبة.
ووصف التقرير لقاءات سرية في لندن مع أشخاص كان يفترض أن يستلموا المبالغ المرسلة عبر شركة "ويسترن يونيون" لتحويل الأموال، ومراقبة فريق من الصحيفة لهم.
وجرى تتبع الهاتف الذي يستخدمه اللبناني، وتبين أنه هاتف متصل بالقمر الصناعي، مما يجعل احتمال كونه فعلا داخل سوريا كبيرا، وفق الصحيفة.
وأضاف التقرير أن الفتاة عائشة طلبت منه أن يرسل لها صورة، فوصلت إليها صورة رجل ملثم يحمل رشاشا.
وقال اللبناني لعائشة إنها وفاطمة ستتزوجان من اثنين من المجاهدين، وفي حال رغبتا في البقاء معا يمكن أن تتزوجا من نفس الشخص، كما فعلت غيرهما من الفتيات، وفق التقرير. من جانب آخر، كشفت عازفة الغيتار البريطانية سالي جونز، التي اعتنقت الإسلام والتحقت بداعش في سوريا للمراسل "ضلوعها في تجنيد الفتيات".

رغم التحذير المقاتلين لا يستغنون عن "توتير"

رغم التحذير المقاتلين
وكانت قيادات تنظيم "داعش" حذرت مقاتليها من استخدام شبكات مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أسمائها وأنواعها، ووضع التنظيم مراقبة شديدة على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وأصبح "تويتر" وغيره ممنوعا بعد أن كان إلى وقت قريبٍ يمثل الوسيلة المفضلة لدى التنظيم لنشر مقاطع الفيديو والرسائل المختلفة الترويجية والدعائية والتعبوية.
وتقوم "الحسبة" أو الشرطة الدينية بمراقبة حضور أعضاء التنظيم على شبكات التواصل، أكثر من اهتمامها بالاستقامة والالتزام الأخلاقي، وذلك بعد أن دعا التنظيم رجاله إلى تفادي "تويتر"، الذي يبدو أنه تسبب في ثغرات أمنية كثيرة للتنظيم منذ بداية الحملة الدولية ضده. 
ولم يكتف التنظيم بالشرطة الدينية بل وزع كتاباً إرشادياً باللغة العربية على مقاتليه، يتضمن تعليمات مفصلة حول كيفية التخلص من البيانات الخلفية "ميتا داتا" من المحتويات المنشورة عبر الإنترنت، ونوّه الدليل الكتاب أيضاً إلى أن الأمر يشمل ملفات "بي دي إف" و"وورد" والملفات المصورة. كما أطلق التنظيم أيضاً حملة عن طريق "هاشتاج" بعنوان "حملة التكتيم الإعلامي"، ويطلب فيه من المقاتلين التوقف عن تبادل رسائل عبر موقع تويتر، تتضمن أسماء أو مواقع، والحرص على عدم نشر صور لأفراد تسمح بتحديد هوياتهم. 
ولكن فيما يبدو أن الأمور لا تسير على ما يرام في التنظيم، مع أخطاء يقع فيها مقاتلوه وتعتبر صيدا ثمينا للأجهزة المخابرات التي تنتظر كل معلومة وكلمة وحرف يغرد بها مقاتلو "داعش" لتضيف إليهم معلومة جديدة يستطيعون من خلالها تحقيق أهداف ضد التنظيم.

الحرب الإلكترونية

الحرب الإلكترونية
فيما يبدو أن الحرب الإلكترونية بين "داعش" وأجهزة المخابرات ستستمر طويلا، مع بقاء جميع حسابات مقاتلي التنظيم على شبكات التواصل الاجتماعي لتكون كنزا قويا لأجهزة المخابرات للحصول على معلومات من التنظيم عبر التغريدات التي يقوم بها أعضاؤه؛ مما يستطيع تحقيق أهداف التحالف الدولي بقوة ضد التنظيم، كما حدث مع "أبو عبد الرحمن" وشبكة تجنيد الفتيات ببريطانيا، وستبقي الحرب دائرة ليكون سلاح شبكات التواصل الاجتماعي أحد أهم أسباب سقوط "داعش" كما كان أحد أسباب الترويج له.. فلمن ستنحاز الحرب؟

شارك