البشري..صاحب براءة اختراع ”الانتخابات أولاً“
الإثنين 20/يناير/2014 - 11:38 ص
طباعة
المستشار طارق البشري
المستشار طارق البشري
المستشار طارق البشري.. اسم لا يمكن إغفاله أو تجاوزه عند التوقف أمام ما جرى ويجري في مصر بعد رحيل المخلوع حسني مبارك، فالرجل صاحب براءة اختراع “,”الانتخابات أولاً“,”، أو ما يمكن تسميته خريطة طريق لمسار ثورة يناير حسب رؤية البشري.
تم تعيين البشري من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة في فبراير 2011 رئيسًا للجنة المعنية بتعديل الدستور المصري، التي أدخلت مصر في متاهات ومسالك خشنة وعثرات، ومنحنيات خطيرة، ليس آخرها الإعلان الدستوري للرئيس مرسي وما أحدثه من ردود فعل، وباتت البلاد بفضله على مشارف حرب أهلية.
طارق البشري.. حفيد شيخ السادة المالكية في مصر وشيخ الأزهر، وابن المستشار عبد الفتاح البشري، رئيس محكمة الاستئناف (توفي 1951)، عمه الأديب والصحفي والسياسي الراحل عبد العزيز البشري.. ولد البشري في الأول من نوفمبر 1933 بحي الحلمية بالقاهرة. تخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة 1953، وعين بعدها في مجلس الدولة حتى تقاعده في 1998، بعد أن تولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الدولة من أكتوبر 1993 حتى ديسمبر 1998، وتقلد رئاسة الجمعية العمومية للفتوى والتشريع.
شهدت مسيرة المستشار تحولات فكرية عميقة. بدت كتاباته ومؤلفاته الفكرية والتاريخية في صدر شبابه أقرب انحيازًا للفكر القومي بنكهة يسارية ناصرية. لكن كتاباته بعد هزبمة 1967 ذهبت في اتجاه الفكر الإسلامي، وكانت مقالته “,”رحلة التجديد في التشريع الإسلامي“,” باكورة كتاباته في هذا الاتجاه. ولعل البشري في تحولاته تلك لا يمثل حالة خاصة، فقد زلزلت هزيمة 1967 الكثير من ثوابت وقناعات ومواقف أفراد وجماعات.
ويبقى الشاهد الأبرز على “,”تحولات البشري“,” مؤلفه الأشهر “,”المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية“,”. في إصداره الأول أفرد فصلاً معبرًا عن الدور الوطني للأقباط والكنيسة المصرية، لكنه في الإصدار الثاني قدم “,”مراجعة“,”، أو قل “,”تراجعًا“,”، عما ذهب إليه من تقييم إيجابي للكنيسة والأقباط في مسيرة الجماعة الوطنية المصرية. وعوضًا عن ذلك الفصل أضاف فصلاً جديدًا عن دور جماعة الإخوان المسلمين في إطار الجماعة الوطنية، مقدمًا ما يشبه “,”الاعتذار“,” عن إغفاله دور الإخوان الوطني في نسخة الكتاب الأول!!
الرجل على مشارف الثمانين من عمره، لكنه لا يزال قادرًا على إثارة ما هو أكثر من الدهشة؛ إذ قاد اللجنة المعينة من المجلس العسكري لصياغة الإعلان الدستوري الذي تم الاستفتاء عليه في 30 مارس 2011، والذي مهد وسهل لجماعات وقوى الإسلام السياسي الهيمنة والاستحواذ على الكثير من مقدرات المشهد السياسي عقب الثورة!!
يعود المستشار ليكرر تراجعه (اعتذاره) عن ذلك الإعلان الدستوري، بعدما وصل إليه حال “,”الجمعية التأسيسة الأولى (المحلولة)، والثانية (المهجورة، إلا من رموز الإخوان والسلفيين). وهاهو، في موقف محمود له على كل حال، يتخذ موقفًا واضحًا وجليًّا، منكرًا ورافضًا ما خرج به الرئيس مرسي على شعبه وأسماه “,”إعلانا دستوريًّا“,”!!
ومع كل هذه التحولات، يبقى المستشار طارق البشري قيمة وقامة، قاضيًا.. ومستشارًا.. ومؤرخًا.. ومفكرًا.. لا يليق غض الطرف عن إسهاماته في كل هذه المجالات