أبو بكر شيكاو مجهول بدرجة إرهابي
الخميس 12/مايو/2022 - 09:20 ص
طباعة
حسام الحداد
إن كان هناك كلمة مرادفة للإرهاب في نيجيريا فستكون أبو بكر شيكاو، أو كما يدعونه أبو بكر شيخو، واسمه الحركي "دار التوحيد"، هو زعيم الإسلاميين من جماعة "بوكو حرام" النيجيرية، بعد أن كان نائبا لرئيس مؤسس الجماعة وأميرها، محمد يوسف ، حتى عام 2009، ونظرا لخطورته ودمويته في حصد مئات الأرواح في العمليات التي يستهدفها في كل مرة سواء من مواطني نيجيريا أو من العاملين في الهيئات الدولية، أدرجته الولايات المتحدة ضمن أكثر عشرة مطلوبين في قائمة الإرهاب.
نشأة مجهولة لإرهابي دموي
ولد شيكاو في جمهورية النيجر، بقرية "شيكو"، والتي يعيش سكانها من الزراعة وتربية الماشية، في شمال شرق ولاية يوب، ولكن ليس هناك تاريخ لميلاده وأن كان تقارير ترجح أنه يبلغ من العمر 34 أو 35 عاما، في حين أوردت تقارير أخرى أنه في الثالثة وأربعين من عمره، درس أبو بكر الشريعة واللاهوت، وعمل كمترجم لشركة متخصصة في التوحيد، ويجيد لغته الكانوري، والفولاني فضلا عن لغات الهوسا و العربية.
يعد أبو بكر شيكاو من الشخصيات المجهولة التاريخ للأجهزة الاستخباراتية، فلا توجد تقارير تدل على نشأته أو الأسباب التي دفعته للالتحاق بجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، والمعروفة أكثر باسم "بوكو حرام"، والتي تعني "التعليم الغربي ممنوع" بلغة الهوسا المحكية في شمال نيجيريا، وتضم عددا من الفصائل تختلف في أهدافها. وإن كان شيكو قائدا للفرع الاسلامي المتطرف والرئيسي في الحركة منذ عام 2009، عقب مقتل مؤسسها محمد يوسف.
كان شيكاو في الماضي خبير الأسلحة والرجل الثاني للجماعة حتى شهر يوليو 2010، حيث أعلن شيكاو بأنه قائد "بوكو حرام" وهدد بمهاجمة المصالح الغربية في نيجيريا. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر أصدر شيكاو بيانا ثانيا يعرب عن تضامن جماعته مع تنظيم القاعدة، مهددا الولايات المتحدة قائلا: "لقد نمت القدرات التشغيلية لبوكو حرام تحت قيادة شيكاو".
في 13 نوفمبر 2013 عرضت الولايات المتحدة الأمريكية مكافأة مالية قدرها 7 ملايين دولار، للقبض على شيخو، بعدما أدرجت في وقت سابق جماعة "بوكو حرام" كجماعة إرهابية، في حين عرضت الحكومة النيجيرية 50 مليون نايرا مكافأة لاعتقاله، ليكون شيخو الرجل الأكثر المطلوبين في نيجيريا.
ايدلوجية "بوكو حرام" الجهادية
تعد نيجيريا أرضا خصبة لنمو الأفكار والتيارات الإرهابية، خاصة في وجود 350 عرقا وأكثر من 250 لغة وما يزيد عن 150 ديانة، يشكل فيها المسلمون 60% من تعداد سكانها البالغ عددهم أكثر من 130 مليون نسمة، وهم يمثلون الأغلبية المطلقة في 19 ولاية في الشمال النيجيري من أصل 36 ولاية تتألف منها الاتحادية النيجيرية، ويمثل إقليم الشمال أكبر كثافة مسلمة حيث يشكلون فيها 95%، وبصدور القانون الفدرالي عام 1999 والذي يجيز للولايات النيجيرية إصدار قوانينها الخاصة، بدأت بعض الولايات الشمالية المسلمة تسير نحو أسلمة القوانين. وكانت ولاية زمفرة أول ولاية تعلن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في كافة مرافقها، وذلك أواخر يناير 2000.
تعتبر هذه الجماعة كل ما هو غربي منافيًا للإسلام جملة وتفصيلاً، وترى في النفوذ الغربي في المجتمعات الإسلامية أصل الضعف الديني لدى هذه المجتمعات؛ مما جعلها تصدر إعلانًا تعتبر فيه النظام المصرفي التقليدي والضرائب والقوانين والمؤسسات الغربية والتعليم الغربي، كلها أمورًا كافرة يجب على المسلمين تجنبها، كما أنها لا تؤمن إلا بالتعليم الذي يشبه نظام "الملالي" والحلقات الدينية. ولا تختلط بوكو حرام كثيرا بالمجتمعات الموجودة فيها، وتفضل الانعزالية بصفة عامة. وبشكل عام، فإن "فكر" جماعة بوكو حرام هو فكر تكفيري، حيث يؤدي أتباعها الصلاة في مساجد منفصلة، ويطلقون اللحى ويضعون على رؤوسهم أغطية حمراء أو سوداء. واستطاع البعد العرقي أن يلعب دورا كبيرا في تنامي حجم تنظيم بوكو حرام، حيث تتشكل نيجيريا من قبيلتين كبيرتين، هما الهاوسا في شمال البلاد، وأغلبهم مسلمون، وقبيلة الإيبو، وغالبيتهم من المسيحيين، وكثيرا ما تحدث اشتباكات دينية وعرقية بين القبيلتين.
ونظرا لأن ايدلوجية ترتكز "بوكو حرام"، على رفض كل ما هو غربي في التعليم والثقافة، ومع صدور القانون الفدرالي بدأت تنشأ الجماعة مستغلة العاطلين والساخطين من أداء الحكومة العاجز، وفقر وتخلف المواطنين من ناحية أخرى، وارتكزت عقيدتهم حول "الجهاد"، لتأسيس دولة إسلامية في نيجيريا حتى وان تطلب ذلك القوة المسلحة، والدعوة إلى التطبيق الفوري للشريعة الإسلامية في جميع الولايات النيجيرية، وليس تطبيق الشريعة في الـولايات الاثني عشرة الشمالية، كما أفتت بعدم جواز العمل في الأجهزة الأمنية والحكومية التابعة للدولة، لتتواجد المنظمة بأشكال مختلفة منذ أواخر التسعينات، ووفقا لتقارير الاستخبارات الأمريكية فإن هناك اتصالات، وتدريبات، وأسلحة بين "بوكو حرام" ومنظمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة الشباب بالصومال، وتنظيم القاعدة، والتي عززت قدرة بوكو حرام على القيام بالهجمات الإرهابية.
وأقامت الجماعة قاعدة لها في قرية "كاناما" بولاية "يوبه" شمال شرقي نيجيريا على الحدود مع النيجر. حيث ينسب إليها سلسلة من التفجيرات والهجمات التي شهدتها المناطق الشمالية الشرقية من نيجيريا.
دموية "بوكو حرام" في عهد شيخو
في عام 2010، قدم شيخو فروض الولاء والطاعة لتنظيم القاعدة، والذي أبدى بدوره استعداده لتقديم الدعم اللازم للجماعة في نيجيريا، خاصة في مجال تدريب الشباب أو المساعدة اللوجستية، لتعود "بوكو حرام"
بعد توقفها عام 2009، بالظهور مجددا عام 2010 بسلسلة من الاغتيالات. ومنذ ذلك الحين تشهد نيجيريا باستمرار تفجيرات وعمليات انتحارية.
استثمر شيخو خبرته في الأسلحة العسكرية استثمار شيطانيا، فأعلن في نفس العام 2010، أن جماعته تريد تطبيق الشريعة ولو بقوة السلاح، لتنتهج الجماعة منذ ذلك الحين العمليات الانتحارية والعبوات الناسفة التي تشبه تلك التي تستخدمها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
الأمر الذي أكده تقرير نشره مركز ستراتفور للدراسات الاستراتيجية الأمريكي، وحمل عنوان "الجهاد في 2012"، تواصل التهديد ذي المستوى المحدود"، ورصد التقرير التطور النوعي في مستوى العمليات و مستوى المجاهدين النيجريين، وتطور أنواع الأسلحة والحركات التكتيكية لعناصر بوكو حرام، مؤكدا أنّ عناصر الجماعة تلقوا تدريبات من تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، لتوسيع حضورها في نيجيريا وضرب عدد أكبر من المدن، في حين حذر بعض المحللين الأوروبيين من نشأة "قاعدة" إفريقية جديدة، تمتد حدودها وعنفها من الصومال إلى موريتانيا مرورا بنيجيريا. يعد وجود تنظيم "القاعدة" في المغرب الإسلامي ونيجيريا، بمثابة الدفعة القوية للمنظمة ودعما لحضورها بإفريقيا، خاصة وأنّ نيجيريا دولة نفطية هامة وقوة ديمغرافية ضخمة (نحو 154 مليون نسمة). كما أنّ الدعم اللوجستي والتقني الذي تقدمه القاعدة لـ"بوكو حرام"، سيمكنها من ضمان حضور أقوى داخل نيجيريا؛ لتشكل القاعدة مثلث "برمودا الدموي"، بتوحيد جهود وعمليات أفرعها بالصومال ونيجيريا، ويحقق التنسيق مع جماعة الشباب المجاهدين في الصومال وحركة "بوكو حرام" بنيجيريا، لتقلب المعادلات الأمنية في القارة السمراء رأسا على عقب.
ظهر شيخو في العديد من تسجيلات الفيديو، والتي تم نشرها على موقع يوتيوب، لإدانة الحكومة النيجيرية وتأثير الغرب والتهديد بهجمات جديدة، وفي 20 اغسطس عام 2013، أذاعت الحكومة النيجيرية مقتل شيخو في أحد غارات قوات الجيش واشتباكات مع عناصر جماعة "بوكو حرام"، ولكن في سبتمبر ظهر شيخو مجددا في فيديو ينفي خبر مصرعه ويتوعد فيه الحكومة النيجيرية باستكمال الأعمال الانتحارية ضد أهدافها وضد أهداف دولية حيوية بنيجيريا.
للمزيد عن جماعة بوكو حرام اضغط هناااااااا