تنامى دور الجماعات المتطرفة المسلحة يعقد المشهد السوري والأزمة الليبية
الجمعة 11/أبريل/2014 - 08:15 م
طباعة


تداعيات الأزمة السورية وتنامي دور الجماعات المتطرفة المسلحة، إلى جانب تصدر مجموعات راديكالية المشهد الليبي كانا محل اهتمام مؤتمر "العالم العربي نداء الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية"، الذي اختتمت فعالياته مؤخرا بمكتبة الإسكندرية، حيث تباينت وجهات النظر ما بين هيمنة الجماعات الراديكالية على ثورة الشعبين السوري والليبي، والتدخل الواضح لبعض الدول العربية والغربية في هذا الأمر؛ مما عمل على جنوح الثورتين السورية والليبية إلى أمور ثانوية لم تكن ضمن المطالب التي خرج من أجلها ملايين المواطنين السوريين والليبيين.
ومن جانبه قال الناشط الفلسطيني سلامة كيلة: إن الانهيار الاقتصادي هو المحرك الأساسي للثورة في سوريا، مثل غيرها من الدول العربية، وإنه في ضوء وصول الثورة إلى سوريا بعد الثورات في تونس ومصر واليمن والبحرين وليبيا- فرض أن ينتقل التدخل الخارجي من مرحلة الالتفاف على الثورات بإبدال الرئيس إلى دفع الأمور نحو حرب طائفية طاحنة؛ من أجل وقف هذه الموجة؛ لهذا صبت كل التدخلات في مصلحة تشويه الثورة ودفعها لكي تتوافق مع الخطاب الإعلامي الذي بثته السلطة منذ البداية، والذي ركز على أن ما يحدث ليس ثورة، وإنما محاولات من مجموعات سلفية مسلحة ودعم من جماعة الإخوان المسلمين، في محاولة لإسقاط النظام العلماني وحامي الأقليات، وهو المر الذي أدى إلى تعقيد الصراع وإحداث دمار وقتل لمئات الآلاف من الشعب السوري.
شدد كيلة على أن النظام السوري قرر حسم الصراع بكل عنف ووحشية، كما أن المعارضة ظلت في قوقعتها بعديا عن الحراك، وانقسمت على ذاتها، وشكلت عبئا على الثورة في الواقع، وأصبح الشعب يقاتل "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام": "داعش" التي هي صنيعة السلطة، وتغلغلت في المناطق التي انسحبت منها، وباتت تمارس دور السلطة في القتل واعتقال الناشطين المدنيين وتدمير الكتائب الشعبية المسلحة، كما اشتبك الشعب السوري مع جبهة النصرة أيضا التي أخرجت السلطة قياداتها من السجون بعد عام من الثورة؛ لكي تقيم "إمارة إسلامية" ومارست القتل والاعتقال، كذلك يقاتل الشعب السوري ضد الجبهة الإسلامية التي لا تختلف عن السابقتين سوى أنها تخضع للسياسة السعودية بشكل كامل، وبرغم السيطرة على مناطق مهمة في سوريا إلا أن القدرة العسكرية للثورة لا تستطيع حسم الصراع، خاصة بعد أن أصبح واضحا أن النظام مدعوم عسكريا ولوجستيا من إيران وروسيا، فهو يستمر بفعل قوة هؤلاء وليس بفعل قوته.
هذا ونوه كيلة إلى أنه لا بد من الإشارة إلى أن وضع الثورات في البلدان العربية يتسم بغياب البدائل وبالتالي بالعفوية الشديدة للثورات.
وركز كيلة على أن هناك حاجة لوقف العنف الذي تمارسه السلطة ووقف الصراع المسلح وتحقيق هدنة إلى أن يجري ترتيب وضع الجيش والكتائب المسلحة، وإطلاق سراح المعتقلين كافة والدعوة لعودة المهجرين إلى بيوتهم، وتعويض أهالي الشهداء وتحقيق الضمان الاجتماعي لهم، إلى جانب التأكيد على محاكمة كل الذين أصدروا قرارات قتل أو مارسوه‘ إلى جانب هيكلة الأجهزة الأمنية والقضاء والجيش.
الجماعات المسلحة والمشهد الليبي

على الجانب الآخر قال السنوسي بسيكري مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية: إن ليبيا شهدت تغييرا سياسيا لم يطح فقط برأس الحكم، بل أطاح معه بكل ما وجد من مظاهر الحكم ومقومات الدولة، ومن ثم شكل التغيير أكبر تحد أمام الليبيين وهم يتلمسون طريقهم لبناء دولة وتحقيق تطلعاتهم؛ وذلك لغياب الخبرة والافتقار إلى قدرات بناء المؤسسات، إضافة إلى تحديات تتعلق بتناقضات مجتمعية وانتشار السلاح بشكل كبير.
وقد شدد بسيكري على أنه تم اجتثاث نظام القذافي؛ لتحل محله منظومة جديدة تطورت بناء على ما قرره الإعلان الدستوري الذي تم إقراره من قبل المجلس الانتقالي المؤقت، والذي انبثقت عنه السلطتان: التشريعية والتنفيذية الحالية ممثلة في المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة، وجرت على أساسه انتخابات الهيئة التأسيسية المعنية بوضع مسودة الدستور، غير أن مسار التغيير شهد مرحلة حرجة حين طالبت تجمعات سياسية ونخبوية وشعبية المؤتمر العام بتنحيه، باعتبار انتهاء المدة المقررة له وفق المادة 30 من الإعلان الدستوري، في حين يرى المؤتمر وخلفه آخرون بأن المُدد المقررة في الإعلان الدستوري هي للاسترشاد وليست مُددا تنظيمية.
هذا وأكد بسيكري أن المرحلة الانتقالية شهدت تقلبات في موقف السلطة والرأي العام من الثوار، فمن موقف الاعتزاز والفخر والضغط الشعبي لتوفير الدعم المالي، تحول موقف قطاعات واسعة من المجتمع إلى النقد الشديد والدعوة لتصفية المجموعات المسلحة على أساس أنها أصبحت عائقا أمام بناء الجيش والشرطة، وتحول بعضها إلى مجموعات خارجة عن القانون متورطة في جرائم جنائية.
وقد شدد بسيكري على أن الأوضاع في ليبيا اتخذت منحى خطيرا في ظل ضعف أداء الحكومة، وفقدها مساحات من التأثير يوما بعد يوم بسبب هذا الضعف، مما يهدد بوصول الوضع إلى ما يحدث في الصومال والسودان وأفغانستان، بحيث تتحول السلطة أو جزء كبير منها إلى جماعات ومجموعات مسلحة تعتمد على مصادر تمويل مشبوهة، ليصبح المظهر الأكبر لهذا السيناريو هو إبطاء عملية الانتقال الديمقراطي وحتى وقفة كلية، ليصبح الروتين والطابع السائد هو حالة الفوضى بحيث يتعايش معها المواطنون، ويكيفون أوضاعهم المعيشية على أساسها لفترة طويلة.