الأموال المنهوبة.. سلاح "داعش" في مواجهة خصومه

الأحد 04/يناير/2015 - 01:56 م
طباعة الأموال المنهوبة..
 
افتتح تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" أول مصرف خاص به لاستبدال النقود وإيداعها لتلافي انتشار العملة الورقية التالفة واحتواء أكبر كمية ممكنة من العملات الصغيرة.
 ويقوم العاملون بالبنك من أعضاء التنظيم باستغلال المواطنين واستبدال عملاتهم العراقية بالدولار بأسعار زهيدة وغير رسمية، كما أنهم يسمحون باستبدال العملة حتى مبلغ 25 ألف دينار كحد أعلى لكل مواطن يومياً.
ووعد التنظيم المواطنين بتقديم قروض للإسكان من دون فوائد ربوية على ألا تزيد على مليوني دينار عراقي في محاولة للترويج لعملة داعش، أو ما أطلق عليه التنظيم اسم الدينار الإسلامي من خلال سحب النقود العراقية والأجنبية واستبدالها في أكبر عمليات لغسيل الأموال في التاريخ الحديث.  
 وكشف عدد من تجار وأهالي قضاء القائم غربي العراق أنّ تنظيم "داعش" أبلغ جميع التجار وأصحاب المحال التجارية والأهالي بضرورة التعامل مع عملته الجديدة الخاصة بدل العملة الحكومية.
الأموال المنهوبة..
وأصدر تعليمات لجميع التجار وأصحاب المحال التجارية والأهالي في القائم ضرورة استبدال العملة المحلية الحكومية بعملة "تنظيم الدولة الجديدة"، وهي عبارة عن دنانير ودراهم (ذهب وفضة ونحاس)، في أسواق القائم. 
وعبّر تجار المدينة عن مخاوفهم من إجبار "داعش" لهم بتبديل العملة، مؤكدين أنهم سيوقفون أي تجارة بيع أو شراء خلال المرحلة القادمة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أنّ استبدال العملة فيما تم بالإكراه فإنه سيكون وبالاً عليهم.
 وأكد محمود عبيد الباحث بالمركز العراقي للدراسات الاستراتيجية أنّ "تنظيم داعش بعدما استنفذ جميع الأموال في المصارف الحكومية والأهلية التي سيطر عليها، والتي قدرت بأكثر من 800 مليون دولار وباع غالبية القطع الأثرية التي نهبها من المتاحف والمناطق الأثرية- بات يبحث عن مصادر تمويل جديدة له".
وأضاف أنّ "داعش تعطي مرتبات تقدر بمئات الألوف من الدولارات لعناصره فضلا عن شرائه للسلاح عبر المافيات وهذا جميعه يحتاج إلى أموال تغطي كل تلك النفقات؛ ولذلك لجأ لحيلة جديدة ابتدعها اسمها عملة "الدولة الإسلامية".
 طموح داعش لإنشاء اقتصاد مستقل لم يكن عشوائياً ولا وليد صدفة، فمدينة دير الزور السورية تم تأسيس ديوان للزكاة فيها، والذي تكمن مهمته في جمع أموال الزكاة ممن يستوجب تحصيلها منهم، كما أنه على أصحاب الأموال أن يدفعوا نسبة 2.5 في المئة عن كل 100 غرام من الذهب، أو ما يعادلها بالأموال، وحذر التنظيم المواطنين بأخذ أموال الزكاة منهم بالقوة في حال لم يقوموا بدفعها. 
الأموال المنهوبة..
تنظيم داعش يحاول بهذه الخطوة القيام بأكبر عملية غسيل أموال في التاريخ لمليارات الدنانير العراقية والدولارات الأمريكية المسروقة والتي كانت بدايتها مع نهب ما بين 400 إلى 450 مليون دولار من فرع البنك المركزي بالموصل، بالإضافة إلى ما ذكرته العديد من المصادر الاستخباراتية العربية والأجنبية من أن المليارات التي يحصل عليها التنظيم تأتي معظمها من تبرعات أثرياء الخليج العربي، الذين يزيد عددهم عن أكثر من 50 شخصية من السعودية، والعراق، والكويت وقطر والإمارات والبحرين وأموال الصداقات والتبرعات والزكاة وعوائد تحرير الأجانب المختطفين التي بلغت أكثر من 25 مليون دولار سنويًّا، وعوائد الموارد والسلع من الأماكن المسيطر عليها من مستشفيات، ومراكز تسوق، ومطاعم، ومرافق الكهرباء والمياه في هذه المناطق، وعوائد التهريب من النفط، والأسلحة، والآثار حيث تقدر العوائد اليومية من النفط المهرب ما بين 2 إلى 4 ملايين دولار والأتاوات والهبات من مؤيدي التنظيم والخائفين منه والجزية، وفرض الضرائب الشهرية على المؤسسات المحلية بحوالي 8 ملايين دولار وعوائد المنتجات الزراعية. 
الأموال المنهوبة..
تنظيم داعش قام بتطوير منظومته الاقتصادية في محاولة لخلق اقتصاد مواز للاقتصاد المحلي العراقي والسوري والاقتصاد الإقليمي الخليجي من خلال استحداث مصادر جديدة لتمويله على رأسها " لابتزاز" بفرض حوالي 8 ملايين دولار شهريا كطريقة للابتزاز النقدي ودفع ضريبة لصالحها من جانب الشركات المحلية، والتجارة في المخدرات والخطف وغسل الأموال من خلال أحدث الوسائل التقنية باتصالها بمنظمات المافيا العالمية في الوقت الذي تستبعد فيه التعامل مع الحركات الجهادية الثورية ذات الموارد المادية الضئيلة، مقارنة بالمافيا، واختطاف عشرات المواطنين الأتراك والهنود بحدود المناطق الواقعة بشمال غرب بغداد، ومطالبة الحكومة والسفارات بدفع فدية لإطلاق سراحهم، هذا بالإضافة إلى بيع الكهرباء من محطات توليد الطاقة بالمدن التي استولت عليها بشمال سوريا لصالح حكومة الأسد- بحسب ما يرى مراقبون.
ومع تقدم تنظيم داعش واستيلائها على مزيد من المدن، تزداد الغنائم التي تحصدها من المدن المختلفة على حسب ثوراتها، خاصة بعد هجومها على مصفاة النفط في "بيجي" التي تعد أكبر منشأة نفطية بالعراق ووضع مقاتلي داعش أيديهم فور دخولهم للموصل في أوائل يونيو من العام الماضي على مناجم الذهب، واستولوا على سبائك ذهبية تقدر بـ 430 مليون دولار.
بالإضافة إلى دورة غسيل الأموال للتنظيم الداعشي يستقطب التنظيم المقاتلين، من السوريين والأجانب، من خلال استخدام المال لإغراء المقاتلين الذين ينتشرون على أكثر من 35 في المائة من مساحة الأرض السورية، مما رفع حجم الإقبال على الانضمام إلى صفوفه؛ وهو ما سهل سيطرته على عدد كبير من المناطق السورية، ودفع ألوية عسكرية معارضة للقتال إلى جانبه، وأموال داعش المنهوبة هي خير وسيلة لاستقطاب المسلحين والمقاتلين الأجانب. 
رامي عبد الرحمن مدير
رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان
وأكد رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الرواتب المغرية التي توفرها «داعش» للمقاتلين، إلى جانب الخدمات وتمنحها فرصة استقطاب المقاتلين بما يتخطى تنظيمات أخرى تعاني من قلة الدعم وتتفاوت الرواتب الشهرية التي يمنحها التنظيم لمقاتليه، بحسب جنسياتهم وأن المقاتلين الأجانب الذين يُعرفون بـ«المهاجرين»، «يحظون بدعم أكبر من المقاتلين السوريين»، وأهمها الخدمات الاجتماعية لهم ولعائلاتهم، وتوفير المسكن لهم.
وكشف عن أن المقاتل الأجنبي يحصل على راتب شهري يبدأ من 800 دولار ويتصاعد بحسب خبرة المقاتل وعمره وتجربته، وأن المقاتل السوري يحصل على راتب قدره 400 دولار شهريا، فيما يبلغ راتب الموظف المدني في المحاكم وغيرها، 200 دولار شهريا، وأن تلك الرواتب، ليست وحدها ما يغري المقاتلين، فقد خصصت «داعش» لكل من مقاتليها بدل إعانة عائلية عن كل زوجة يبلغ 100 دولار شهريا، فيما تعطي المقاتل 50 دولارا بدل إعانة عن كل طفل. 
وأشار إلى أن المقاتلين السوريين يتقاضون 40 دولارا فقط عن كل طفل، بينما يحصل المهاجر على 50 دولارا، وأن عددا كبيرا من مقاتلي داعش تزوجوا أكثر من امرأة؛ مما يساعدهم على الحصول على مبالغ مالية أكبر.
وذكرت تقارير سورية أن مقاتلي «داعش» في ريف حلب، يتقاضون 600 دولار شهريا، بما يتخطى المقاتلين السوريين في الرقة، كذلك منح التنظيم المقاتلين المنضمين حديثا إلى صفوفه في دير الزور بشرق سوريا، رواتب مغرية تصل إلى 600 دولار، بعد إعلان مبايعة التنظيم، بالإضافة إلى إن داعش، خصّص جزءا من عائدات النفط في المنطقة التي أطلق عليها اسم (ولاية الخير)، لعائلات ووجهاء عشائر؛ بغية تجنب أي إشكالات مع العشائر من شأنها أن تقوض سلطة التنظيم وتمدده، وأن التنظيم استطاع استمالة بعض العائلات بالمال، لتأمين تمدده وتجنب حروب داخلية في مناطق وجوده".

شارك