مواجهة "داعش" على الأرض.. بين "المليشيات الشيعية" والرغبة الأمريكية؟

الجمعة 09/يناير/2015 - 02:08 م
طباعة مواجهة داعش على الأرض..
 
يبدو أن التدخل الأمريكي البري لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على الأبواب، وأصبح مسألة وقت مع حسم المسئولين والسياسيين الأمريكان مسألة التدخل، ويبقى التمهيد للعملية البرية. بدأت الولايات المتحدة الأميركية بتغيير خطابها السابق حيال إرسال قوات برية إلى العراق لمحاربة "داعش"، من استحالة إرسال قوات برية التي سيطرت على خطابات الإدارة الأمريكية في الفترة السابقة حتى في ذروة طلب العشائر في الأنبار تدخلاً أمريكياً لتحرير المحافظة، أصبح اليوم أمراً ممكناً شرط وجود أسباب استثنائية، ثم دعوة الرئيس الأمريكي بارك أوباما لمواجهة تنظيم الدولة بريا.

ماكين يطالب بتدخل بري:

ماكين يطالب بتدخل
رغم رفضه في وقت سابق التدخل البري في العراق لمواجهة "داعش" عاد عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، جون ماكين، لدعوة الإدارة الأمريكية، إلى ارسال قوات برية قتالية للمشاركة في الحرب ضد تنظيم "داعش" في العراق وسوريا. وانتقد السيناتور عن ولاية أريزونا (جنوب غرب) ورئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، الرئيس باراك أوباما، وحكومته قائلاً: "ليست لدي ثقة على الإطلاق (بالإدارة الأمريكية)؛ ليس لديهم استراتيجية لهزم داعش، إذا ما نظرت إلى داعش، فسترى خطراً في عودة هؤلاء الناس إلى أوروبا والولايات المتحدة، أو أي بلدان أخرى وارتكاب أفعال إرهابية".
 وأضاف: "هؤلاء مقاتلون أشداء ومتطرفون، ولقد أظهروا يوم أمس (يقصد في الهجوم على شارلي إبدو) أنهم قادرون على تنفيذ عمليات بشكل محترف جداً". وقال ماكين: "إن سياسة أوباما الخارجية تسببت في إيذاء المقاومة السورية"، مشيراً إلى أن "داعش" "تقتل عدداً أكبر من الجيش السوري الحر أكثر مما نقوم نحن بتدريبه؛ وذلك لكوننا نرفض إيقاف بشار الأسد وفرض منطقة عازلة" في سوريا. 
ماكين دعا كذلك في مقابلته إلى "وضع استراتيجية" مختلفة للتعامل مع "داعش"، لافتا إلى أن هذه الاستراتيجية تتطلب "تدخل الولايات المتحدة، ليس كما حدث من قبل (في حرب العراق وأفغانستان)، لكنها تتطلب حتماً قوات برية"، موضحاً أن هذه هي "الوسيلة الوحيدة لهزم داعش في المستقبل المنظور".
 ولوقت طويل، رفضت الولايات المتحدة دعم منطقة عازلة في سوريا وكذلك وضع فكرة الإطاحة برأس النظام السوري، بشار الأسد، عن طريق التدخل العسكري ضمن استراتيجيتها، وقام جون ماكين في الفترة الأخيرة برحلة مكوكية شملت العراق وأفغانستان وتركيا، التقى فيها قيادات من المعارضة السورية الذين تحدثوا إليه عن معاناتهم والمشاكل التي تواجههم في حربهم ضد النظام السوري.

حكومة الأنبار تدعو للتدخل:

حكومة الأنبار تدعو
سبق دعوة ماكين، للتدخل البري دعوة ومطالبة الحكومة المحلية في محافظة الأنبار غربي العراق في أكتوبر الماضي، بنشر قوات من التحالف الدولي على أراضي المحافظة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.. ويقول رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت: إن المجلس دعا مجلس النواب العراقي للسماح بنشر قوات من التحالف الدولي لإنقاذ المحافظة "التي باتت على وشك الانهيار والسقوط بيد داعش" على حد تعبيره. ويشير إلى أن القوات الدولية يمكن أن تتمركز في قاعدتين عسكريتين هما قاعدة "الحبانية" شرقي المحافظة وقاعدة "عين الأسد" وسطها، مؤكدا أن سقوط الأنبار بيد (داعش) يعني وقوع كل من بغداد وكربلاء وبابل في دائرة الخطر الإرهابي، وبين كرحوت أن الحكومة العراقية عاجزة اليوم عن دعم القوات الأمنية في المحافظة بسبب قلة الإمكانات "في الوقت الذي يحشد فيه تنظيم الدولة الاسلامية نحو عشرة آلاف مقاتل من سوريا والموصل لاحتلال الأنبار".
 موضحا أن أعضاء المجلس المحلي بحثوا هذه المطالب مع عدد من المسئولين الأمريكيين في بغداد ومع المنسق الأمريكي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية جون آلن.

الرغبة الأمريكية:

الرغبة الأمريكية:
بدت واضحة في المباحثات التي أجراها رئيس هيئة الأركان الأمريكية، الجنرال مارتن ديمبسي في بغداد وأربيل، والتي لم تكن غايتها الوقوف على تطورات الأحداث الأمنية، والاطلاع على نتائج ضربات "التحالف الدولي" الجوية، بل كانت تحمل غايات أبعد تهتم إدارة الرئيس باراك أوباما بالوصول إليها، وكشف الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن هناك احتمالاً لإرسال قوات أمريكية برية إلى العراق لمقاتلة تنظيم "داعش"، موضحاً أن هناك بعض الحالات قد تستدعي نشر قوات برية لمحاربة تنظيم الدولة، ومنها إذا استولى التنظيم على أية أسلحة نووية فسنقوم بإرسال قوات لقتاله، مضيفا: "جميع الخيارات مطروحة في ما يتعلق بمحاربة "داعش" في العراق وسوريا على حد سواء".
 ويوجد للولايات المتحدة نحو 1500 مستشار عسكري وأفراد أمن دبلوماسيين في العراق، وقال مسئولون كبار، في الإدارة الأمريكية، إنه بناء على المناقشات مع العراقيين يبحث المسئولون كيفية الاستفادة من المستشارين، وما إذا كان هناك ما هو أكثر يمكن القيام به في مجال التدريب. 
بدوره، أوضح وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هاجل، في تصريحات صحافية، أنه قد ينظر في طلب إرسال قوات برية أمريكية إلى العراق؛ من أجل المساعدة على تحديد الأهداف الأرضية التي تعتزم طائرات "التحالف الدولي" استهدافها، وذلك في حال قيام رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة بتقديم توصية بذلك.

شركاء أمريكا:

شركاء أمريكا:
لن تخوض الحرب البرية وحدها في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، بل ستسعى إلى إشراك دول وقوى أخرى في العمليات على الأرض، عبر عدد من الشركاء الإقليمين أو الدوليين، أو العشائر السنية في العراق والمعارضة المعتدلة في سوريا التي تسعى إلى تدريب 15 ألفا من عناصر المعارضة السورية خلال 3 سنوات- وهو عمليا حل غير واقعي في ظل استمرار الصراع اليومي بين الفصائل المسلحة في سوريا، والرغبة الشعبية من أبناء العشائر في العراق وسوريا لمحاربة التنظيم، أو عبر الاستعانة بقوى بعض الدول الغربية التي لديها قواعد قريبة من مناطق الصراع مع داعش مثل أستراليا وفرنسا، وبعض الدول في المنطقة أبدت استعدادا قويا للمشاركة، أو عبر مشاركة تركيا بقوات برية تدخل الأراضي السورية.
 ولكن تراجع تأثير الحملة الجوية يثير شكوكًا حول جدية واشنطن في المهمة، ويبدو أن الحلفاء باتوا يشككون في تبني واشنطن استراتيجية الاحتواء "containment"، أكثر منها حملة متعمدة، بالاضافة إلى أن عددا من الدول المشاركة في التحالف وفي مقدمتها السعودية والأردن والإمارات يرفضون المشاركة البرية لمحاربة التنظيم على الأرض، ويعتبرون أن دورا أكبر للعشائر والجيش العراقي سيكون أكثر فاعلية في مواجهة التنظيم.

الميليشيات الشيعية:

الميليشيات الشيعية:
تعتبر قوات الحشد الشعبي- وهي ذات أغلبية من الميليشيات الشيعية- إحدى أهم العقبات أمام التدخل البري من قبل قوات التحالف، لرفض هذه الميليشيات أي دور بري لأمريكا وقوات أجنبية في مواجهة" داعش"، وهو ما يعقد العملية البرية في الوقت الحالي، فقد وصف قيادات في قوات "الحشد الشعبي"، طلبات ديمبسي بالممهدة لـ"تحجيم" دور القوات، وترى هذه القيادات أن الجيش العراقي والحشد الشعبي قادران على تطهير المناطق من تنظيم "داعش" الإرهابي، والوضع لا يحتاج إلى تدخل قوات برية أمريكية التي تحاول أن تعرف أساليب وخطط "الفصائل الشيعية"، التي تقاتل مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر لا يقف عند ذلك بل هناك ضغوط من قبل قيادات الحشد الشعبي على رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، من أجل عدم السماح لأي قوات أجنبية وعلى رأسها قوات أمريكية بالتدخل البري، وأبلغوا العبادي بعدم استجابتهم لأي أوامر أمريكية عسكرية، وأن يكون عملهم مع القوات الأمنية العراقية فقط، وعدم إشراك القوات الأمريكية بأي معركة يخوضونها. 
ويرى مراقبون أن من ضمن العوائق الأخرى النفوذ الإيراني للحرس الثوري الإيراني، بقيادة قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وهو ما يوضح ويشير إلى أن عملية التدخل البري في العراق تحتاج إلى تنسيق أمريكي- إيراني، وهو ما يشير إلى صفقه يرجح أنها تتعلق بالملف النووي.

المشهد الآن:

المشهد الآن:
فيما يبدو أن هناك رغبة حقيقة من قبل إدارة البيت الأبيض، للتدخل البري رغم وجود مئات الاستشاريين العسكريين الأميركيين في الجيش الأمريكي لوضع خطط لمحاربة "داعش" ولكن النظرة الأمريكية للحرب على تنظيم الدولة الإسلامية بدأت تتحول إلى ضرورة التدخل البري، مع عدم تحقيق الغارات الجوية للتحالف النتائج المتوقعة، وهو ما يطرح تساؤلا حول مدى تغلب إدارة البيض الأبيض على العقبات التي تواجه التدخل البري وفي مقدمتها النفوذ الإيراني والميليشيات الشيعية، والرفض الرسمي العراقي، مع المعارضة السورية الضعيفة، والتغول للميليشيات السنية المتطرفة كـ"جبهة النصرة" و"أحرار الشام" وغيرهما، بالإضافة إلى إحجام دول ضمن التحالف على المشاركة البرية، يضع تساؤلات حول نجاح الرغبة الأمريكية في مواجهة "داعش" بريا؟

شارك