حسن نصرالله المتناقض.. بين قتل السوريين.. وتكفير الإرهابيين

السبت 10/يناير/2015 - 01:07 م
طباعة حسن نصرالله المتناقض..
 
في الوقت الذي يشارك حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، في قتال الثوار بسوريا، يرى أن الجماعات التكفيرية هي أكثر من أساءت للإسلام، في تناقض واضح لمواقفه، حيث إنه اعترف من قبل أن عددًا من مقاتلي الحزب يشاركون في القتال في سوريا، متعهدًا بالنصر في معركة سوريا، قائلا: "نحن صناع انتصارات معركة سوريا"، وكأنه يناضل في البلاد.

تكفير الإرهابيين

تكفير الإرهابيين
الغريب أن نصرالله حذر من سيطرة ما أسماه "التيار التكفيري" على المعارضة السورية خلال الأشهر الماضية، ومحاولتهم السيطرة على محافظات سورية بمحاذاة حدود لبنان، قائلًا: نعتبر أن سيطرة الجماعات التكفيرية على محافظات سورية حدودية موازية للبنان، بمثابة خطر كبير على كل اللبنانيين، وهي ليست خطرا على حزب الله أو الشيعة، بل على العيش الواحد في لبنان.
على الرغم من غموض مواقف نصرالله تجاه العناصر الإرهابية الذي يقودها في حزبه ضد ثوار سوريا، فإنه شارك في عدد من المعارك إلى جانب النظام السوري، وأشهر تلك المعارك هي معركة القصير، وعلى إثر ذلك تم نشر تقرير دولي يتهم حزب الله بارتكاب جرائم حرب في سوريا.
الجدير بالذكر أن لجنة التحقيق الدولية، كانت اتهمت في وقت سابق حزب الله، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا في تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان الذي تحدث عن تورط أطراف مسلحة إقليمية في الصراع السوري على أساس طائفي.
واتهم التقرير الصادر عن لجنة التحقيق الدولية في أحداث القصير، ميليشيا حزب الله بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.
وأوصى التقرير بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسئولين عن الجرائم.
وفي الوقت ذاته لم يخف حزب الله تورط مقاتليه في الحرب على سوريا، وخاصة في معركة القصير على الحدود اللبنانية.
وقال حسن نصرالله في أحد خطاباته بأنهم باقون في سوريا ما دامت الأسباب قائمة، قائلا: قتلى الحزب في سوريا لم يتجاوز 250 قتيلًا وقد ذكرت تقارير أن هناك ما يقارب 1000 قتيل للحزب في سوريا.

تناقض مواقفه

تناقض مواقفه
في خطوة غير متوقعه، رأى حسن نصرالله أن الجماعات الإرهابية، أساءت إلى الإسلام أكثر من الكتب والرسوم والأفلام التي أساءت إلى النبي محمد، على مر التاريخ.
واعتبر نصرالله ان أحد أسباب انتشار خطر هذه الجماعات هو التسهيلات وتأشيرات الدخول التي حصلوا عليها من بعض الدول، في إشارة إلى الغرب، قائلا في خطاب القاه بمناسبة ذكرى تأسيس جمعية خيرية تابعة لحزبه: "في هذا الزمن أصبحنا بحاجة ماسة إلى الحديث عن الرسول بسبب سلوك بعض الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تنسب نفسها إلى الإسلام وإلى رسول الإسلام ورايته".
وفي تصريحاته أشار نصرالله إلى كتاب "آيات شيطانية" لمؤلفه سلمان رشدي الذي أصدر آية الله الخميني فتوى بإهدار دمه (1989)، وإلى شريط الفيديو "براءة المسلمين" الذي نشر على الإنترنت (2012) وأثار حركة احتجاجات عالمية في دول ومجتمعات إسلامية تطورت إلى حوادث دامية، والى الرسوم الكاريكاتورية التي نشرت في صحف أوروبية عدة (2005)، بينها "شارلي إيبدو"، وتناولت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان نصرالله أدان هذه الرسوم بشدة. 
وتابع نصرالله: "عندما تقطع الرءوس وتشق الصدور وتلاك الأكباد وترتكب المجازر ويذبح الآلاف في دقائق وساعات ويصور هذا للعالم.. عندما يقتل الناس في اليمن وفي غير اليمن لأنهم يحيون مولد رسول الله، وفي نظر هؤلاء أن هذا كفر وخروج عن الدين. هل يصح أن يقدم هؤلاء أنفسهم على أنهم مدافعون عن رسول الله؟". 
ومن اللافت في تصريحات نصرالله، أن العوامل التي ساعدت على بروز هذه الجماعات، حجم ونوع الممارسات القاسية والمنفرة والمتوحشة وامتدادها الجغرافي في سوريا والعراق ولبنان وباكستان وأفغانستان واليمن وكل أنحاء العالم، مشيرا إلى أن النوبة وصلت الآن إلى الدول التي صدرت هؤلاء الإرهابيين إلينا وأعطتهم الفيزا وقدمت لهم التسهيلات، وهذا كان متوقعا. 

الحرب على سوريا

الحرب على سوريا
يشارك "حزب الله" اللبناني، في الحرب السورية منذ ثلاثة أعوام بجانب القوات النظامية التابعة لبشار الأسد، كما اتهمت المعارضة السورية الحزب بالاشتراك في قتل الشعب السوري، والسعي للقضاء على الثورة.
وترى أطياف سياسية لبنانية، أن مساندة "حزب الله" للنظام السوري، استدرج الحرب الأهلية إلى لبنان، كما طالبت الحكومة اللبنانية الحزب مرارًا بالانسحاب الفوري من سوريا، وتجنيب لبنان ويلات الحرب هناك.
وفى تصريحاته أكد نصر الله، أنه بعد أن استنزفت الحرب الأهلية السورية قواها وانتزعت منها شرعيتها واخترقتها المخابرات الإسرائيلية وابتعد عنها حلفاؤها التقليديون تبدو أيام جماعة حزب الله اللبنانية المجيدة عام 2006 عندما خاضت حربا مع إسرائيل بعيدة أكثر من أي وقت مضى.
وقال: أصبحت جماعة حزب الله تحت ضغط لم يسبق له مثيل بسبب دعمها لحرب الرئيس السوري بشار الأسد على شعبه. 
وأضاف: فقدت الجماعة المئات من مقاتليها منذ بدء مشاركتها في الحرب. 
ورغم هذا فإن أكبر خسارة لحقت بجماعة حزب الله في سوريا هي سمعتها، ومع مقتل مئات الآلاف في سوريا عن طريق التجويع أو التسمم بالغاز أو البراميل المتفجرة- لوحظ تعاون حزب الله المباشر مع الأسد.
 وتعهد حزب الله منذ سابق بالدفاع عن "كل المقهورين" بما في ذلك السنة لكن ما تشهده سوريا يوضح تناقض وازدواجية جماعة حزب الله.
وببساطة فبعد رؤية حزب الله يقتل السوريين السنة ينظر السنة الآخرون بعين الريبة إلى ادعاء الجماعة بالإحسان.

حزب الله وإيران

حزب الله وإيران
تدهورت في المرحلة الأخيرة العلاقات بين حزب الله وحركة حماس، حيث ابتعدت حركة حماس السنية عن حزب الله، ولم يبد حزب الله استعدادا لفتح جبهة شمالية أثناء الحرب بين إسرائيل وحماس في الصيف الماضي.
ويعتبر حزب الله من الجماعات المقاتلة ولها أجندة خاصة يقودها نصرالله، وكسبت الجماعة الأصدقاء من مختلف التوجهات السياسية بسبب عدائها لإسرائيل لكن استهدافها للمسلمين الآن يجعلها محل سخرية وانتقاد من العالم العربي. 
 وفي ظل عدم تقبل حزب الله للسخرية تشعر الجماعة بعدم ارتياح شديد للتشكيك في هوية تضفيها على نفسها كوصي أبوي ورع للبنان.
وتلطخت هوية حزب الله السياسية اللبنانية بسبب حمل الجماعة للسلاح لتنفيذ السياسة الخارجية لإيران من خلال القتال نيابة عن الإسلام، وقبل الآن كان شبه الاستقلال الذي تحظى به الجماعة يمنحها المرونة للدخول في ائتلافات في بيروت.
ومع الهجوم الذي يشنه عدد من سياسيي لبنان، تجاه حزب الله- قد يتحول الأمر ضد الجماعة في المرحلة المقبلة.
وفي مواجهة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والذين يهددون شمال شرق لبنان ومع تنامي أعمال العنف الطائفي في الداخل فإن السياسة اللبنانية تتخذ شكل هويات طائفية صارخة على نحو أكبر وجنون أكثر حدة. ورغم آمال حزب الله في أن تحفز قوتها العسكرية التحالفات داخل لبنان فإنها تعلم أن التفوق عليها في الدهاء خطر حقيقي.

حزب الله وعلاقته بالموساد

حزب الله وعلاقته
تشير بعض التقارير العالمية إلى أن مجموعة أخرى من رجال حزب الله انكشف أمرها في الآونة الأخيرة، وتبين أنها تعمل لدى جهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد، ولا شك أن هذا الأمر قد أثار القلق والغضب داخل القيادة التنفيذية لحزب الله.
وعلى الرغم من كل ما سبق فلا تزال أمام حزب الله، آمال على تحقيق أغراضه، فمع حرص الإدارة الأمريكية الشديدة على إبرام صفقة مع إيران فمن غير المرجح أن تشجع الولايات المتحدة على المناورات السياسية ضدها.
في هذا السياق يقول نصر الله: "مثلما دافعنا عن حدودنا في الجنوب ندافع عن بلدنا وحدودنا مع سوريا، وكثيرون من الذين عارضونا بدءوا يغيرون مواقفهم، وما أعددناه للصهاينة لم يتأثر أبدًا بكل ما نقوم به في سوريا، ولم يؤثر ذلك على خططنا وأسلحتنا لمواجهة الصهاينة".

شارك