تظاهرات باريس ضد الإرهاب .. بين مشاركة عربية وتخوفات أوروبية

الأحد 11/يناير/2015 - 03:19 م
طباعة تظاهرات باريس ضد
 
في سابقة هي الأولي من نوعها، تحولت العاصمة الفرنسية باريس اليوم الأحد 11 يناير 2015، إلي ساحة مليئة بالمتظاهرين الرافضين للعملية الإرهابية التي شهدتها العاصمة منذ يومين بالهجوم المسلح على مجلة "شارلي إبيدو" سقط على إثرها 17 ضحيًا 

تظاهرة ضد الإرهاب

تظاهرة ضد الإرهاب
استقبلت باريس تظاهرة حاشدة وترتدي طابعا دوليا ضد الاعتداءات، قادة من جميع أنحاء العالم وأحزاب ونقابات ومجموعات دينية يهودية ومسيحية ومسلمة وجمعيات وشخصيات في باريس لتحويل هذه "المسيرة الجمهورية" إلي يوم تاريخي.
والجدير بالذكر أن  التظاهرة في البداية كانت مخصصة لتكريم ضحايا الهجوم المسلح  من قبل 3 جهاديين، وهؤلاء الضحايا هما رسامو الكاريكاتير في الصحيفة الأسبوعية الساخرة شارلي ايبدو الذين قتلهم الأخوان سعيد وشريف كواشي ثم شرطية قتلت الخميس، وأربعة أشخاص قتلهم اميدي كوليبالي الجمعة في متجر لبيع الأكل الخاص باليهود.
ونجحت الشرطة الفرنسية فى تصفية الأخوين شريف وسعيد كواشى منفذى الهجوم الإرهابى على الصحيفة، وكذلك أمادى كوليبالى منفذ اعتداء مونتروچ.

إدانة وترحيب فرنسي

إدانة وترحيب فرنسي
يذكر أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أكد أن فرنسا تشهد محنة بكل معنى الكلمة، وأن فرنسا تحت وقع الصدمة وما زالت عماية القبض على مرتكبى جريمة "شارلى ابدو" مستمرة، مضيفًا أن المهمة الاساسية حاليا هي ضمان أمن وسلامة المواطنين الفرنسيين.
 وطالب الشرطة الفرنسية بحشد كل الموارد لدرء المخاطر لطمأنة الفرنسيين بأنهم يعيشون فى دولة تلتزم القانون، قائلا: علينا تعزيز الوقاية من الاعمال الارهابية التى قد تتكرر ، فشهدنا بعض الأحداث الخطيرة مؤخراً.
 ودعا الرئيس الفرنسى الجميع المشاركة فى التجمع الوطنى اليوم الأحد في كل أنحاء البلاد "الجميع مدعو للمشاركة في كل أنحاء البلاد."
وترحب الرئاسة الفرنسية بهذه "التعبئة الدولية الاستثنائية" و"الوحدة الوطنية"، وفي الوقت نفسه تأكيد على انه "تجمع للشعب الفرنسي" قبل كل شىء.
وكانت في عام 1990 شهدت فرنسا تظاهرة شبيهه شارك فيها الرئيس فرنسوا ميتران آنذاك، عقب تدنيس مقبرة يهودية في كاربنتراس جنوب شرق فرنسا.
تجوب المسيرة اليوم بين ساحتي لاريبوبليك الجمهورية ولاناسيون الأمة في شرق باريس اللتين تفصل بينهما ثلاثة كيلومترات.
كان نيكولا ساركوزى الرئيس الفرنسى السابق ورئيس الحزب اليمينى "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، أكد أن الحرب قد أعلنت على فرنسا ومؤسساتها من قبل همجيين ينكرون الحضارة والقيم الإنسانية العالمية. 
وأضاف أن هذا الوضع المأساوى يحتم على كل منا احترام الوحدة الوطنية التي هي واجب علينا تجاه الضحايا، مؤكدا أنه على فرنسا أن تظهر قوية وحازمة لضمان أمن مواطنيها واحترام نمط حياتهم وحرية التعبير.

مشاركة عربية غير مسبوقة

مشاركة عربية غير
فى خطوة من رؤساء العالم لمؤازرة فرنسا، ورفض العمليات الإرهابية، تجمع قيادات من مختلف دول العالم، لرفع شعار "لا للإرهاب"، وسيستقبل هولاند قبل التظاهرة رؤساء نحو خمسين دولة أو حكومة في قصر الإليزيه.
يشارك ملك الأردن عبد الله الثاني وزوجته ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى باريس ليشاركوا إلي جانب الرئيس فرنسوا هولاند في التظاهرة، كما سيحضر الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالإضافة إلى رئيس الحكومة التونسية المنتهية ولايتها مهدي جمعة، ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد ووزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار وممثلون عن منظمات دولية وإقليمية.
ويمثل مصر في التظاهرة  وزير الخارجية، سامح شكري ، حيث أكد المتحدث باسم الوزارة بدر عبد العاطي، أن موقف مصر يعكس وقوفها إلى جانب فرنسا في هذا الظرف الدقيق، وإدانتها الكاملة للحادث الإرهابي الآثم الذي لا يمت للدين الاسلامي بصلة، منوها بما تتعرض له مصر من اعمال عنف وإرهاب وترويع المواطنين الأبرياء.
أضاف أن مشاركة شكري في مسيرة باريس تأتي تجسيدا لموقف مصر الثابت ضد الارهاب وضرورة تكاتف الجهود الدولية للقضاء علي هذه الظاهرة العالمية البغيضة، وفي إطار الرؤية الشاملة التي تتبناها مصر في مواجهتها ، والتي لا تركز فقط على التعامل الأمني والعسكري، وإنما ايضا تجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله، والتركيز علي الجوانب الفكرية والثقافية لدحض الأفكار الظلامية للتنظيمات الارهابية من خلال تعظيم دور الأزهر الشريف في نشر قيم ومبادئ الاسلام السمحة والوسطية والمعتدلة.
كما سيشارك في هذا التجمع رؤساء ثماني دول إفريقية وأهم القادة الأوروبيين من المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل إلى رئيسي الوزراء البريطاني والإسباني ديفيد كاميرون وماريانو راخوي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

تخوفات أوروبية

تخوفات أوروبية
جاءت ردود فعل الدول الاوروبية منددة بالحادث الإرهابي، تحسباً لوقوع هجمات مشابهة، لاسيما في دول أوروبا التي عقدت اجتماعات استخباراتية لمناقشة الأوضاع الأمنية.
وشددت بريطانيا إجراءاتها الحدودية وأمن المواصلات بعد اعتداء باريس، حيث كثفت اجراءاتها الأمنية عند أجزاء من الحدود، ومنها موانىء ونقاط سكك حديدية.
وقبل ذلك جاء رد الفعل الإسباني على الهجوم الأقوى، حيث رفعت مدريد درجة الإنذار لمكافحة الإرهاب درجة واحدة جاءت بعد تبادل للمعلومات مع باريس، وفق ما أعلنت الحكومة، وهو الإجراء الذي جاء بعد إجلاء نحو 300 شخص من مبنى صحيفة "ال باييس" في مدريد للاشتباه في طرد ثبت لاحقاً عدم خطورته.
ألمانيا والسويد والدنمارك عززت الحراسة الأمنية حول فنانين أثاروا الجدل سابقاً برسومات اعتبرها البعض مسيئة للإسلام، حيث ضاعفت سلطات كوبنهاغن الحماية حول مقر مجلة "يولندس بوستن" التي نشرت تلك الرسوم.
أما في كل من روما وبروكسل، فعقدت اجتماعات استخباراتية قررت فيها الإدارات الإبقاء على درجة تأهبها على حالها مع تعزيز الإجراءات الأمنية حول أهداف معينة.
في حين تلقى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، تقريراً ملخصاً من أجهزة الاستخبارات حول الوضع الأمني في بلاده دون اللجوء إلى رفع درجة الاستعداد الأمني.

الوحدة الوطنية ضرورة

الوحدة الوطنية ضرورة
معهد إيفوب لمجلة باري ماتش، أجرى استطلاعًا على الدعوة لهذه التظاهرة ومدى قبولها، حيث أكدت النتائج أن 97% من الفرنسيين يرون أنها برهنة على الوحدة الوطنية ضرورية.
وتتقدم المسيرة أسر الضحايا يليها هولاند وضيوفه الأجانب ثم الشخصيات السياسية الفرنسية، وتحضر كافة الأحزاب فيما عدا الجبهة الوطنية التي استبعدت رئيستها مارين لوبن مشاركة هذا الحزب اليميني المتطرف نظرا لاستبعاده من الاستعدادات للتجمع. 
وكانت ماري لوبين زعيمة الجبهة الوطنية "أقصى اليمين" أشارت إلى اتهام مباشر للمسلمين، وأن  المنظمات الإسلامية سارعت بدورها إلى إدانة الحادثة وحاولت الفصل بين مرتكبيها وبين المسلمين الحق من جهة، وبين الإسلام والإرهاب من جهة أخرى، ولكن ذلك لن يغير من الأمر شيئاً حسب اعتقادنا.
وقالت:  إن ما حدث في باريس مأساة لا تحمل في طياتها أي قيم إيجابية، اللهم إلا إذا استطاعت الحكومة الفرنسية استثماره في فتح حوار وطني شامل، بعيدا عن التجاذبات السياسية والانتخابية، حوار يكون قادراً على نبذ العنصرية والتطرف وتخفيف الضغط الإعلامي على المسلمين في فرنسا، ومراقبة الاعتداءات العنصرية على المهاجرين، ومعالجتها بطرق أكثر نجاعة وحزما.
وتشير التعبئة الكبيرة التي سجلت في المدن الكبرى غير باريس -- 700 الف شخص في المجموع حسب وزارة الداخلية الفرنسية إلى أن المشاركة ستكون أكبر في العاصمة.
وتوقع وزير الداخلية برنار كازونوف مشاركة "مئات الآلاف" بينما تحدث رئيس الوزراء مانويل فالس عن "ملايين".

تأمينات غير مسبوقة

تأمينات غير مسبوقة
يقوم ألف شرطي و1350 عسكريا آخرين بحماية المواقع الحساسة في العاصمة الفرنسية ومحيطها من مقار لوسائل الاعلام إلي أماكن العبادة ومدارس ومبان عامة وممثليات دبلوماسية.
وستكون التغطية الإعلامية أيضا استثنائية كما كانت طوال أزمة وصفت بأنها "11 "سبتمبر" الفرنسية.
كما تشهد المناطق تأهب أمني غير مسبوق، لتامين المشاركين، حيث أعلنت قيادة أركان الجيوش الفرنسية نشر مئات العسكريين الإضافيين في العاصمة والمنطقة الباريسية لتعزيز الآلاف من عناصر الشرطة المنتشرين في إطار خطة مكافحة الإرهاب التي رفعت إلى الدرجة القصوى منذ الأربعاء.
ويتوقع أن تكون هذه المسيرات استثنائية في حجمها وعدد الزعماء الأجانب المشاركين فيها وفق تقديرات الإعلام الفرنسي، ويتوقع مشاركة أكثر من مليون شخص في مسيرة باريس كما قدرت السلطات الفرنسية ووسائل الإعلام.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن المظاهرة ستكون غير مسبوقة، ويجب أن تظهر قوة وكرامة الشعب الفرنسي الذي سيهتف بحبه للحرية والتسامح.

الهجوم على صحيفة ألمانية

الهجوم على صحيفة
ومع كثرة العمليات الإرهابية في فرنسا، زادت مخاوف المسلمون في ألمانيا، الأمر لم يمر عليه أيام معدودة، وقام مجهولون فجر اليوم الأحد 11 يناير 2015، بإلقاء مواد حارقة على مقر صحيفة ألمانية قامت بإعادة نشر رسوم كرتونية كانت قد نشرتها في السابق صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية التي تعرضت لهجوم دموي على خلفية رسوم ساخرة تطال النبي محمد "ص"، وذلك في تطور يأتي بعد أيام من الرعب تعيشها فرنسا بسبب العملية وما تبعها من حوادث أمنية.
ووقع الهجوم في الساعة الثانية من فجر الأحد، وقد كان المقر المستهدف خاليا تماما، ما حال دون تسجيل خسائر بشرية في مقر صحيفة "هامبورغر مورغن بوست" وفقا لما نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني الرسمي.
واستهدفت المواد الحارقة قسم الأرشيف في الصحيفة، ما أدى إلى اندلاع النار فيه، ولم يتضح ما إذا الهجوم على صلة بحادثة شارلي إيبدو الفرنسية قبل أيام.
وكانت هامبورغر مورغن بوست" قد أعادت نشر بعض الرسوم الكاريكاتورية، ومنها ما يُظهر النبي محمد، على خلفية الهجوم على نظيرتها الفرنسية وما تبعه من أحداث أدت إلى مقتل 17 شخصا خلال ثلاثة أيام.
ونستخلص مما سبق، أن الفرصة اليوم أمام فرنسا، لمعالجة القضايا التي ساعدت على انتشار عناصر جهادية، بالأخص بعد وقوف العالم بأثره بجوارها، وعلى المفكرين معالجة قضايا الهجرة والمهاجرين، التي عن طريقها تندس عناصر تكفيرية، كما يجب تأمين الإجراءات الحدودية تحسبا لهجوم مثيل في الفترة القادمة.

شارك