بعد دعوة السيسي بإغلاقها.. قصة الوجود التكفيري على الإنترنت من "القاعدة" إلى "داعش"؟

الإثنين 12/يناير/2015 - 01:42 م
طباعة بعد دعوة السيسي بإغلاقها..
 
دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إغلاق المواقع التكفيرية والإرهابية على شبكات التواصل الاجتماعي، مطالبا الأمم المتحدة، بـ"اتخاذ إجراءات صارمة لإغلاق المواقع التكفيرية والإرهابية على شبكات التواصل الاجتماعي"ـ داعيا كافة دول العالم إلى "مكافحة الإرهاب".
فهناك المئات من المواقع على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى الصفحات والمواقع الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي التي تحمل أسماء لعشرات الجماعات الإرهابية والتكفيرية والمتشدد التي تهدد أمن وسلامة المجتمع في الداخل والخارج.
وتعد شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الجهادية والمتطرفة على الإنترنت من أهم أسباب انتشار هذه الأفكار وجذب وتجنيد الشباب والفتيات بمختلف أعمارهم، وهو ما تداولته الصحف والفضائيات الإخبارية على مدار الشهور الماضية، ومدى قوة هذه الجماعات في استخدام مواقع وشبكات الإنترنت في التجنيد والانتشار وتنفيذ العمليات.

البداية

البداية
كان تواصل الجماعات الإسلامية والمتشددة بالطرق التقليدية في بداية ظهورها عبر بداية الجهاد في العصر الحالي من خلال الحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي، وهو ما يعرف بمرحلة "الجهادية في أفغانستان"؛ حيث كانت تتميز بالمحدودية والمباشرة في تواصل التنظيمات الجهادية مع مناصريها والناس عبر الوسائل التقليدية مثل منابر المساجد والخطب والمنشورات والمجلات الورقية والأنشطة الاجتماعية مع المجتمعات المحلية.
ولكن عقب "أحداث 11 سبتمبر" في 2001، بدأت مرحلة جديدة من استخدام الجماعات المتشددة لوسائل الاتصالات الحديثة، هي الفترة التي تزامنت مع بدء انتشار الإنترنت حول العالم؛ حيث بدأت هذه الجماعات بإنشاء آلاف المواقع الإلكترونية العادية للتخاطب مع الناس، والتواصل عبر المنتديات الإلكترونية المغلقة، لتأتي بعدها المرحلة الأكثر نشاطا وحرية في التحرك لهذه الجماعات على الشبكة العنكبوتية وهي مرحلة "ما بعد الثورة السورية" والتي أفرزت ظهور تنظيم "داعش"؛ حيث تتميز هذه المرحلة بالاستخدام الكبير لشبكات التواصل الاجتماعي بكل أنواعها وبما تتسم به من انفتاح وانتشار. 
ولوصف الحجم الهائل والقاعدة الجماهيرية التي يمكن أن تستهدفها أي جهة كانت من خلال هذه المنصات، تظهر آخر الأرقام العالمية بأن عدد مستخدمي الإنترنت حول العالم اليوم أكثر من 3 مليارات نسمة، منهم أكثر من 120 مليون مستخدم عربي.
 كما تشير آخر الإحصاءات إلى أنّ عدد مستخدمي شبكة "فيسبوك" الاجتماعية يقدر اليوم بحوالي 1.23 مليار مستخدم، فيما يتجاوز عدد مستخدمي " تويتر" الـ500 مليون، كما وتخطى عدد مستخدمي تطبيق التراسل الفوري "واتس اب" الـ600 مليون مستخدم خلال العام الحالي. 
ووفقا للإحصاءات المنشورة من الاتحاد الأوروبي توضح ارتفاع معدلات استخدام الإرهابيين للإنترنت حيث بلغ عدد مواقع الإنترنت التي يستخدمونها من (12) موقعاً عام 1998م إلى أكثر من (5800) موقع في الوقت الحاضر، كما يشير مجلس وزراء الداخلية العرب إلى تزايد استخدام الإرهابيين لمواقع الإنترنت لتصل لأكثر من (720) موقع وصفحة في الوطن العربي، وهو ما دفع التحول في عمل الجماعات الإرهابية.
ويرى متخصصون في شأن الجماعات الإسلامية والجهادية، أن "تنظيم القاعدة" و"السلفية الجهادية" من أكثر الحركات الراديكالية استخداما واستغلالا لشبكة الإنترنت بشكل عام وشبكات التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، لبث أفكارها وتنفيذ أجنداتها ولاستقطاب الشباب إلى صفوفها بطرق مختلفة.
فالمعلومات المتوافرة تظهر أن تنظيم مثل "داع" الذي يقدر عدد أعضائه بحوالي 80 ألف مقاتل، استطاع خلال الفترة الماضية أن يستقطب حوالي ألفي جهادي من أوروبا أكثر من 80 % منهم استطاع تجنيدهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي. 
ومنذ بداية الظهور القوي للجماعات المتطرفة في مناطق متعددة في العراق والشام وعدد من الدول العربية والإسلامية عقب ثورات الربيع العربي، عملت هذه الجماعات المتطرفة على تعزيز تواجدها بقوة على وسائل الإعلام الاجتماعية، متفنّنا في بث رسائلها وفيديوهاتها وأفكارها عبر "يوتيوب"، و"تويتر"، و"إنستاجرام"، و"تمبلر"، وغيرها من أدوات الإعلام الاجتماعي. 

أبرز المواقع

أبرز المواقع
لأن الإنترنت ساحة وعالم رحب لاستقبال كل التيارات- كانت للجماعة المتطرفة وأصحاب الأفكار المتشددة والتكفيرية تواجد ملحوظ، لجميع المراقبين والخبراء ورجال الأمن في مختلف البلاد، ومن أبرز المواقع التكفيرية والمتطرفة على الإنترنت موقع منبر الإعلام الجهادي، المتخصص في نشر جميع بيانات وعمليات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، إلى جانب بعض التنظيمات الأخرى وعلى رأسها تنظيم أنصار بيت المقدس، ومن خلال هذا الموقع ينشر أبرز عمليات التنظيم ورسائل عدد من قياداته.
وهناك وكالة حق الإسلامية وهي وكالة تنشر كل ما يتعلق بالجماعات المتطرفة والمتشددة مثل "داعش" و"جبهة النصرة" وتنظيم القاعدة و"بوكو حرام" وأنصار الشريعة وأغلب التيارات الإسلامية الأخرى لكن بصورة مؤيدة لأفكار هذه الجماعات، وهناك شبكة الجهاد العالمي من أبرز الشبكات الجهادية التي تنشر أخبار وبيانات الجماعات الإرهابية في سوريا.
وهناك موقع "دولة الخلافة الإسلامية" وهو موقع متخصص في نشر أخبار وبيانات تنظيم "داعش" الإرهابي، وكل أخباره في الإنترنت، ويقوم عليه مجموعة عمل متخصص من قبل الجهاز الإعلامي ومؤسسة الاعتصام أحد أهم المؤسسات الإعلامية لـ"داعش".
وتعتبر المواقع شبكة العرين الإرهابية، إحدى المنتديات الجهادية التي تنشر صورًا وبيانات لعمليات تنظيم داعش في سوريا، بجانب بيانات لعدد من قيادات التنظيم .
 ويعد مركز المقريزي، الذي يشرف عليه هاني السباعي، ذو الأصول المصرية، والهارب في لندن، وينشر على هذا الموقع بيانات، تكفر الجيش والشرطة المصريين، وكذلك يكفر النظام ويحرض على العنف .
ويمثل منتدى شموخ الإسلام، يعد أحد أبرز المنتديات الجهادية التي تنشر جميع أخبار الحركات التكفيرية في سوريا والعراق، ومن أبرزها تنظيم داعش، وينشر أيضا بيانات التنظيمات الجهادية .
ويعد موقع "دابق" وهو يعد أول صحيفة إلكترونية ومطبوعة ناطقة باسم داعش باللغة الإنكليزية والعربية من أهم المواقع الإرهابية . ومن أبرز هذه المواقع أيضا "موقع إذاعة البيان" وهو الموقع الذي يبث الأخبار التي تتناولها إذاعة "البيان"، وهي الإذاعة التي تبث الأخبار الخاصة بداعش. وكان التنظيم قد أطلق الإذاعة في الأول من سبتمبر من العام الماضي، بمدينة الموصل العراقية الشمالية.
وهناك منبر التوحيد والجهاد وهو أيضا ينشر الأخبار المتعلق لجماعات الجهادية والتكفرية ويمثل نافذة لأخبار وبيانات الجماعات الإرهابية على الإنترنت.
ويعتبر منبر الجهاد أحد المنتديات التي تهتم بنشر كل أخبار تنظيم القاعدة في أفغانستان، ويعد من أبرز المواقع التابعة لهذا التنظيم، والتي تنشر أبرز الأخبار المتعلقة به في العاصمة الأفغانية "كابول" وراية الحق، من أبرز المواقع الجهادية التي تهتم بنشر أخبار تنظيم القاعدة في اليمن، حيث تنشر أبرز عملياته وبيانات قياداته. ومنتدى القوقاز أحد المواقع الجهادية التي تنشر جميع أخبار التنظيمات التكفيرية على مستوى العالم، لا سيما في داغستان، والشيشان، بجانب نشر أراء لقيادات التنظيمات الجهادية عبر هذا الموقع.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فقد تميز تنظيم "داعش" بإنتاجه خلال 2014 تطبيقا مجانيا خاصا للهواتف الذكية يقوم بنشر أخبار التنظيم عبر "تويتر"، حمل اسم "فجر البشائر"؛ حيث يقوم التطبيق بنشر التغريدات تلقائيا على حسابات المشتركين في الخدمة، وتشمل المواد المنشورة "هاشتاجات"، وروابط، وصورا، ومقاطع فيديو، وغيرها؛ حيث استطاع التطبيق ان يصل إلى مستوى بث 40 ألف تغريدة في يوم واحد.

مؤسسات إعلامية

مؤسسات إعلامية
المتابع للوجود التكفيري على الفضاء الإلكتروني يجد أن إدارة هذه المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي تأتي عبر مؤسسات إعلامية متخصصة يقوم عليها خبراء ومتخصصون بارعون في توصيل والتأثير على المتلقي من الشباب بمختلف أعماره.
فهناك مؤسسة «الفرقان»، التابعة لتنظيم "داعش"، والتي تعتبر أوسع ماكينته الإعلامية لتشمل مؤسسات إنتاج مرئي أخرى، مثل «الاعتصام» و«الحياة» و«أجناد»، ووكالة أنباء «البركة»، ومجلات بالعربية والإنجليزية مثل «دابق» و«الشامخة»، وإذاعات مثل إذاعة «البيان» في معقله بالموصل، وإذاعة أخرى ينوي إطلاقها في الرقة (شمال سوريا)، كما يحضر لإطلاق محطة تلفزيونية خاصة به، من غير أن يتنازل عن العمل في المدونات، أهمها مدونات باللغتين الروسية والإنجليزية، وترجمة الإصدارات الإعلامية إلى لغات أجنبية، مثل الألمانية والإسبانية.
ولا تزال الماكينة الدعائية لدى «جبهة النصرة»، محصورة بـ«المنارة البيضاء»، وإذاعة «فجر الجهاد». ونشرت مراسلين لـ«المنارة البيضاء» على طول الجغرافيا السورية، في القلمون بريف دمشق، والقنيطرة ودرعا وحلب ودير الزور شرقا، وفي حمص.
ويشير الخبراء إلى أن عنصر إعطاء التعليمات والتلقين الإلكتروني الذي يخطط له الإرهابيون، يعتبر سهلا، فالإنترنت يمتلئ بكم هائل من المواقع التي تحتوي على كتيبات وإرشادات تشرح طرق صنع القنابل، والأسلحة الكيماوية الفتاكة، وعند استخدام محرك البحث "جوجل" لعام 2005 للبحث عن مواقع تضم في موضوعاتها كلمات مثل "إرهابي" و"دليل"، كانت نتائج البحث ما يقرب من ثمانية آلاف موقع".
وتصدر أفلاما لعمليات بعد يوم على الأقل لحدوثها، تتضمن مشاهد حية، بعد خضوعها لعمليات المونتاج والميكساج، وإضافة المقاطع الصوتية. وكانت برزت أيضا في تصوير اعترافات رهائن لديها بطريقة سينمائية، وبثها في مواقع الإنترنت.
الباحث في قضايا الإرهاب – جي أم بيرجر، بأن تعقب نحوا من 3 ملايين تغريدة لداعش على تويتر، فوجد أن من يحركها أكثر من 7500 حساب يديرها التنظيم، مستخدما في ذلك هاشتاجات جهادية.

المواجهة

المواجهة
ولأن محاربة الإرهاب يجب أن تكون محكمة من كل نوافذه ومجالاته الإعلامية والتقنية والاجتماعية والثقافية، جاء دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للأمم المتحدة لإغلاق مواقع وصفحات ونوافذ الجماعات المتطرفة على شبكة الإنترنت، كما جاء قرار وزارة الداخلية السعودية مطلع مارس 2014 صريحا محددا واضحا، يضع الأرضية الأساسية لمحاربة هذه الموجة الجديدة من الإرهاب العالمي الذي أصبح يجتاح الدول العربية بفضاءاتها الواقعية والافتراضية، فسمى الجماعات الإرهابية بأسمائها، وجرم كل شكل من أشكال الدعم والتعاون والتأييد والتعاطف معها، ومن أبرز منصات الدعم والتأييد في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جاءت الفقرة الرابعة من القرار مباشرة صريحة "كل من يقوم بتأييد التنظيمات، أو الجماعات، أو التيارات، أو التجمعات، أو الأحزاب، أو إظهار الانتماء لها، أو التعاطف معها، أو الترويج لها، أو عقد اجتماعات تحت مظلتها، سواء داخل المملكة أو خارجها، ويشمل ذلك المشاركة في جميع وسائل الإعلام المسموعة، أو المقروءة، أو المرئية، ووسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، المسموعة، أو المقروءة، أو المرئية، ومواقع الإنترنت، أو تداول مضامينها بأي صورة كانت، أو استخدام شعارات هذه الجماعات والتيارات، أو أي رموز تدل على تأييدها أو التعاطف معها".
كما بدأت الولايات المتحدة حربا جديدة على شبكات التواصل الاجتماعي ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ففي ساحة معركة شبكات التواصل الاجتماعية، تتقصى وزارة الخارجية الأمريكية منذ ثمانية عشر شهرا عشرات الحسابات لجماعات إسلامية متطرفة، وتسعى إلى التوعية باللغتين العربية والإنكليزية مستهدفة الناشطين في البلدان العربية والغربية عبر "تويتر" وإلى نشر أشرطة فيديو وصور والروابط والتعليقات وترد أحيانا بحدة على الذين يتحدون أمريكا. وكانت الولايات المتحدة أنشأت مركز الاتصالات هذا في العام 2011.
ولخص مسئول كبير في وزارة الخارجية مجمل الوضع بقوله: "إنها حرب من آلاف المناوشات، وليست معركة كبيرة" ضد تنظيمي "داعش" و"القاعدة" ومن يدور في فلكهما.
وامتدادا لهذه الرؤية الحاسمة لمحاربة أساليب التجييش واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي كمنصة حشد وتأييد للجماعات الإرهابية، قام مجلس التعاون الخليجي بتشكيل جبهة موحدة لمواجهة هذه الآفة، عبر فريق عمل برئاسة الإمارات العربية المتحدة، للتنسيق بين الدول الخليجية لحصر الإشكالات المترتبة على وسائل الاتصالات، من إثارة الفتن والاضطرابات، واتخاذ موقف موحد بين الدول الخليجية، وفقا لما كشف عنه الشيخ فواز آل خليفة، وزير الاتصالات والتقنية البحريني، موضحا أن «الفريق الخليجي الذي يترأسه محمد الغانم مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات، قد أنهى دراسة حجم إشكالية مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت الشركات المزودة للخدمات بإغلاق بعض الحسابات في تلك المواقع، بينما ما زالت هناك حسابات بحاجة إلى استكمال الإجراءات القضائية، تمهيدا لإصدار الأحكام بحقها».

مَن يكسب الحرب؟

مَن يكسب الحرب؟
المطالبة بإغلاق مواقع الجماعات التكفيرية على الإنترنت، بالإضافة اتخذ قرارات ومراقبة من قبل الحكومات المختلفة ووجود قرار أممي من مجلس الأمن والأمم المتحدة سوف يسهم في إغلاق هذه الشبكات، لوقف واحجام الدعاية والترويج لهذه الأفكار عبر الفضاء الإلكتروني، مما يعتبر ضربة منظمة وفعالة لمواقع الجماعات الإرهابية وصفحاتها وتجهيزاتها الإلكترونية ستقلل وتضعف وتؤثر على تواصلها مع الجمهور. لكن حدوث هذا الأمر قد يؤدي بهذه الجماعات قد تؤدي إلى البحث عن بدائل أخرى في العالم الافتراضي وواقع الإنترنت وشبكات التلفزة، وقد تنتهج سياسة أخرى أكثر قوة وتأثيرا إذا لاحظت أنها فعلا تضررت بشكل كبير... فهل ستنج الحرب الإلكترونية في تحجيم الجماعات الإرهابية؟

شارك