ليبيا بين الترحيب الدولي بالحوار والتصعيد العسكري وتحالفات الإخوان

الإثنين 12/يناير/2015 - 09:20 م
طباعة ليبيا بين الترحيب
 
رحّبت حكومات كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بعقد جولة جديدة من الحوار السياسي بشأن ليبيا في جنيف خلال الأسبوع المقبل.
برنادينو ليون
برنادينو ليون
فقد  أشادت الحكومات الغربية الست في بيان لها بالجهود الهائلة التي يبذلها برنادينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ورحّبت بإعلانه عقد جولة جديدة من الحوار السياسي في جنيف في مطلع الأسبوع المقبل.
في وقت تسود فيه الفوضى ليبيا سياسيًا وأمنيًا، ففضلًا عن سيطرة الميليشيات المتشددة، هناك حكومتان وبرلمانان يتنازعان السلطة في البلاد التي دمّرتها الحرب الأهلية الطاحنة منذ 2011، وحثت الدول في البيان، بشدة الأطراف على الانخراط جديًا في هذه العملية، لوقف المزيد من التدهور في الأزمة الإنسانية التي يعانيها المواطنون الليبيون العاديون نتيجة للصراع المستمر، ولمنع المزيد من تآكل سيادة ليبيا وتدهور الوضع الأمني فيها.
وكان قد أُعلن في وقت سابق عن اتفاق الأطراف المتناحرة في ليبيا على إجراء جولة جديدة من مباحثات السلام في الأسبوع المقبل في العاصمة السويسرية جنيف. ولا تسيطر حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني، التي تحظى باعتراف دولي، على الأراضي الليبية كافة. واضطرت حكومة الثني ومجلس النواب المنتخب إلى الانتقال إلى مدينة طبرق الشرقية، بعد سيطرة مجموعات مسلحة على العاصمة طرابلس، التي توجد فيها حكومة وبرلمان آخران.

تجميد العمليات العسكرية:

تجميد العمليات العسكرية:
واقترح رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برناردينو ليون على أطراف النزاع تجميد العمليات العسكرية لبضعة أيام بغية إيجاد بيئة مواتية للحوار، وكثفت المنظمة الدولية على مدار الأسابيع الأخيرة من جهدها الرامي إلى جمع الأطراف المتناحرة في ليبيا على طاولة الحوار. لكن المواجهات المسلحة بين أطراف الصراع ما زالت مستمرة في مناطق متفرقة من الأراضي الليبية.
وأوضح بيان صادر من الأمم المتحدة أن الاتفاق على الجولة المقبلة للحوار جاء بعد مشاورات واسعة النطاق أجراها ليون، وطالبت الأمم المتحدة مختلف الأطراف بأن تضع "المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، ملتزمين بالمبادئ الديمقراطية لثورة 17 فبراير، التي وضعت نهاية لحقبة الزعيم الليبي معمّر القذافي عام 2011، وفي الختام، حذرت المنظمة الدولية من أن غياب الحوار سيفضي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية بالفعل في ليبيا.

تصعيد عسكري ليبي:

تصعيد عسكري ليبي:
وعلى صعيد آخر فقد كثف الجيش الوطني الليبي ضرباته الجوية والمدفعية ضد ميليشيات "فجر ليبيا" الموالية لجماعة الإخوان في جنوب غرب العاصمة طرابلس، وذلك في تطور لافت ترافق مع تزايد الحديث حول الاجتماع المُرتقب للحوار بين الفرقاء الليبيين المُزمع تنظيمه خلال الأسبوع الجاري بالعاصمة السويسرية جنيف، وشهدت مناطق جنوب غرب العاصمة الليبية طرابلس يوم أمس الأحد، اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة، بين قوات الجيش الوطني الليبي وميليشيات "فجر ليبيا"، تم خلالها دك مواقع تلك الميليشيات.
وبالتوازي مع ذلك، واصل سلاح الجو الليبي غاراته ضد مواقع الميليشيات المُتطرفة في جنوب غرب العاصمة طرابلس.

إخوان ليبيا والتوافق مع المقاتلين المتشددين:

وعلى الصعيد الآخر فإن الجبهة الليبية المقاتلة وجماعة الإخوان المسلمين يحاولان ترسيخ وجودهما من خلال إطلاق ما سمي بـ"الحرس الوطني" الذي يضم متشددين في صفوفه. وتكوين ما يسمى بـ"الحرس الوطني" سيساهم في تعميق الأزمة في ليبيا.
فقد قال محمد بويصير، المستشار السياسي لعملية الكرامة، التي يقودها اللواء خليفة حفتر ضدّ التطرف والإرهاب في ليبيا، إن المنطقة تشهد صراعا واحدًا لكافة الدول العربية بين الإسلام السياسي وبين الدول الوطنية، التي دافعت عن وجودها. وأضاف، في تصريحات إعلامية، أن الدولة الوطنية انتصرت في مصر، ونجحت سياسيا في تونس، واقتربت من النجاح في ليبيا، لافتًا إلى أن إخوان ليبيا يحاولون عرقلة المساعي الأممية الحثيثة لتفعيل مسار حواري بين الفرقاء الهدف منه إيجاد حلول عملية للأزمة المتفاقمة.
وأفاد أن هناك بعض الأطراف الشريكة في حكومة المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته تفضل الاتجاه نحو الحوار، حفاظًا على حقها في أن تكون شريكا في السلطة، على عكس الأغلبية الموالية للشق الإسلامي المتشدد داخل المؤتمر.
وأوضح أنَّ الإسلام السياسي المتمثل في الجبهة الليبية المقاتلة، وجماعة الإخوان المسلمين يحاولان ترسيخ وجودهما من خلال إطلاق ما سمي بـ"الحرس الوطني" الذي يضم متشددين في صفوفه حسب تقديرات العديد من المحللين.
واعتبر أن تكوين هذه القوة العسكرية هو مجرد تغيير للدروع التي يحملها هذا التيار، واصفًا المحاولة بـ"اليائسة"، مشيرًا إلى أن الإخوان في ليبيا ليسوا جزءًا من القوى المسلحة التنظيمية هناك.
ليبيا بين الترحيب
يُذكر أن المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته أعلن، عن إنشاء "حرس وطني" في البلاد يضم ما أسماهم بـ"الثوار" من جميع أنحاء البلاد.
وبحسب نص قرار المؤتمر، الذي أصدره في جلسة منذ أيام، "يتوجب على رئاسة الأركان تنفيذ القرار منذ تاريخ صدوره". كما نص على "تشكيل لجنة من المؤتمر تتواصل مع قيادات الثوار والمختصين والمهتمين وتقديمه للجنة التشريعية ليصاغ في شكل قانون يتيح لرئاسة الأركان سرعة تنفيذه".
ولم يتطرق نص القرار إلى طبيعة مهام "الحرس الوطني" وأماكن توزيعه ولا مستوى تسليحه في بلد يعاني من فوضى أمنية وسياسية عارمة، باستثناء تبعيته المباشرة لرئاسة أركان الجيش المنبثقة عن المؤتمر.
وقالت مصادر ليبية إن القرار هو بمثابة رد غير مباشر على إعلان رئيس مجلس النواب الشرعي صالح عقيلة، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، استدعاء الاحتياط العام لقوات الجيش الوطني الليبي.

عبدالله الثني يطالب بدعم دولي:

عبدالله الثني يطالب
وفي سياق متصل ناشد رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني المجتمع الدولي المساهمة في الحرب على التطرف الاسلامي والارهاب خصوصا من خلال رفع الحظر على السلاح للجيش الحكومي. ودعا في المقابل الى قطع امدادات السلاح عن الجماعات الإسلامية المتطرفة و"ردع" الدول التي قال إنها تدعم هذه الجماعات.
واضاف رئيس الحكومة التي تعترف بها الأسرة الدولية على "المجتمع الدولي المساهمة مع ليبيا في الحد من التطرف والإرهاب من خلال مساعدة الحكومة ومؤسساتها وعلى رأسها الجيش، برفع الحظر عن السلاح".
وقال الثني في لهجة لا تخلو من العتب إن "المجتمع الدولي صنف أنصار الشريعة في ليبيا ومواليها، كتنظيمات إرهابية، ويقود تحالفًا دوليًا للقضاء على هذه الجماعات في العراق وسوريا أما في ليبيا فإنها عبر جيشها تقاتل وحيدة هذه الجماعات ولم تتلق أي دعم".
وأضاف "لدينا هاجس من تمدد وتسرب هذه الجماعات من العراق وسوريا إلى الأراضي الليبية جراء تضييق الخناق عليها هناك"، في اشارة إلى مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" الذين قد يلجأون الى معاقل المتطرفين في ليبيا هربا من ضربات التحالف الدولي.
وأكد الثِني أن "واجب الدولة حماية مواطنيها من الجماعات الارهابية بشتى الطرق ومنها القوة، كل دول العالم تنتهج ذات الأسلوب عندما تواجه خطر مثل هذه الجماعات .
لكنه أكد حرص الجيش على عدم إلحاق الأذى بالمدنيين قائلا "لولا حرص الجيش، لكانت العمليات العسكرية انتهت منذ فترة".
ليبيا بين الترحيب
وتابع ان "سلاح الجو لا يستهدف المدنيين" لافتا الى ان "العمليات العسكرية للجيش الليبي تتوافق مع الأعراف و القوانين الدولية وتأتي في إطار مكافحة الجماعات الإرهابية".
واعتبر أن "التخوف الذي تبديه بعض منظمات حقوق الانسان الدولية من السلاح الجوي الليبي قد ينم عن قصور في فهم ما يجري في البلد خصوصا فيما يتعلق بإلحاق الضرر بالمدنيين".
وحول العمليات العسكرية في درنة (شمال شرق) معقل الجماعات الإسلامية المتشددة، أشار الثني إلى أن "الجماعات المتطرفة تأخذ هذه المدينة وسكانها رهينة وتمارس عليهم ابشع انواع الارهاب والتطرف".
وقال إن "المتطرفين غالبيتهم من أبناء المدينة والمناطق المجاورة، وهناك من انضم اليهم من خارج ليبيا من التنظيمات الإرهابية والجيش أعد خطة لتحريرها وفك المعاناة عن أهلها".
لكنه قال إن "الهاجس الأكبر للحكومة والجيش هو الحفاظ على أرواح السكان وضمان عدم تعرضهم للخطر أثناء عمليات الجيش، وبالتالي فإن العملية تتم بحذر شديد نظرا لحساسية الموضوع".
وفيما يخص الحوار الليبي المرتقب الذي أعلنت الأمم المتحدة أنها سترعاه الأسبوع المقبل في مقر الأمم المتحدة بجنيف، قال الثني إن "الحكومة تدعو منذ تشكيلها وبكل قوة إلى الحوار الوطني، وناشدت كافة الاطراف الابتعاد عن لغة السلاح في التعامل مع الخلافات السياسية".
وأضاف "نحن كحكومة لكل الليبيين سنساهم في أي حوار جدي من شأنه إنقاذ الوطن بين مختلف الفرقاء، باستثناء الجماعات التي رفعت السلاح في وجه الدولة ومؤسساتها، فهولاء لا مكان لهم على طاولة الحوار ما داموا لم ينصاعوا لشرعية الدولة".
كما أوضح الثني أن حكومته "تعمل بكل طاقتها للحفاظ على معدل إنتاج النفط باعتباره المورد الوحيد للميزانية"، مؤكدا أن هذه الحكومة "تسعى للإيفاء بالتزاماتها من العقود المبرمة مع الشركات المستوردة للنفط".
وأعلن دون مزيد من التوضيحات عن "وضع آلية يتم من خلالها توريد عائدات بيع النفط للمصرف المركزي الشرعي".
ويؤيد نواب قاطعو البرلمان، ميليشيات "فجر ليبيا" التي شكلت حكومة موازية متعاطفة مع الإسلاميين برئاسة عمر الحاسي، بعد سيطرتها على طرابلس في أغسطس الماضي، وإعادتها إحياء "المؤتمر الوطني العام" الذي انتهت ولايته مع انتخاب مجلس نواب جديد في يونيه.
لكن البرلمان المعترف به من الأسرة الدولية قضت المحكمة الدستورية مطلع شهر نوفمبر الماضي ببطلان تعديل دستوري أدى لانتخابه، ما زاد من تعميق المشكلة وإحراج المجتمع الدولي، كما وضع البلد أمام حكومتين وبرلمانين يتنازعان الشرعية وسط انتشار كثيف للسلاح والمليشيات المسلحة.

شارك