المغرب.. بين قيادة التنوير الإسلامي والإرهاب

الثلاثاء 13/يناير/2015 - 07:25 م
طباعة المغرب.. بين قيادة
 
بن لادن
بن لادن
كان كثير من الباحثين يظنون أن حركة التنوير العربية – الإسلامية، سوف تأتينا من المغرب العربي، فبعد أن كان المشرق العربي هو مهبط الوحي، وأرض الإسلام، فإن المغرب العربي (الجزائر، المغرب، تونس) ستكون منبع حركة الإصلاح الديني، وحركة التنوير العربية، بعد أن كثر في الشرق رجال الدين الأصوليين (الأشاعرة الجُدد) يصولون، ويجولون، تساندهم مؤسسات دينية أصولية، وبعد أن كان المشرق منبع ومهد الجماعات الإسلامية المتطرفة كحركة الإخوان المسلمين، والجماعات الإسلامية الأخرى. ويكفي المشرق العربي، أن يخرج منه ابن لادن، وأنصار "القاعدة". في حين أن المغرب العربي قد ضجَّ وامتلأ بالمصلحين الدينيين العصريين (المعتزلة الجُدد)، وبمفكري الحداثة والتنوير العربي. فمن الجزائر، جاء إلينا محمد أركون، ومالك بن نبي، ومالك شبل، وغيرهم. ومن المغرب، جاء إلينا عبد الله العروي، وعبده الفيلالي الأنصاري، وطه عبد الرحمن، وكمال عبد اللطيف، ومحمد عابد الجابري.
العفيف الاخضر
العفيف الاخضر
ومن تونس خرج لنا الطاهر عاشور، والعفيف الأخضر، ومحمد وعبد المجيد الشرفي، ومحمد طالبي، وغيرهم.
ليقودوا هذه الحركة، بعد أن كانت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في المشرق العربي، متمثلاً بمصر وبلاد الشام. ولكل هذا أسبابه وعوامله المنظورة وغير المنظورة، ولكن، لا شك بأن الحرية الدينية، والحرية السياسية النسبية، وحرية التفكير، ونظام التعليم التقدمي بعد الاستقلال، وإصلاح التعليم الديني، وعلاقة المغرب العربي الثقافية المتينة بفرنسا، ووجود قادة سياسيين يؤمنون بالتنوير والحداثة، كانت من ضمن الأسباب، التي أسست للإصلاح الديني والتنوير العربي- الإسلامي في المغرب العربي. وهذا لا يعني عدم وجود مفكرين تنويريين معاصرين في المشرق العربي، من أمثال فؤاد زكريا، ومراد وهبة، وجورج طرابيشي، وعزيز العظمة، وهاشم صالح، ونصر أبو زيد، وعبد الحميد الأنصاري، وحسن حنفي، وصادق جلال العظم، وعلي حرب، وأحمد البغدادي، وغيرهم من الأحياء في المشرق العربي. ورغم هذا، فإن كم الكتابات والإصدارات التي يطلقها مفكرو المغرب العربي التنويريون أكثر بكثير، مما يقوم به مفكرو المشرق. 
ورغم كل هذا مازال المغرب العربي يخضع لرؤى وبرامج تلك الأحزاب الدينية المتطرفة خصوصا في المملكة المغربية حيث يسيطر حزب العدالة والتنمية الزراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين وتنظيمها الدولي على مقاليد السلطة في المملكة حيث يعمل حزب العدالة والتنمية المغربي، ذو الخلفية الإخوانية، على تحريك حركة التوحيد والإصلاح، ذراعه الدعوية، لتوظيف المساجد في خدمة أغراضه الحزبية، وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في الصيف القادم بالمغرب.
المغرب.. بين قيادة
فقد كثف عزيز رباح وزير النقل والتجهيز من تحركاته لتلميع صورته السياسية، حيث دأب على زيارة المساجد الموجودة في الأحياء الشعبية للبلدية التي يرأسها جنوب الرباط، لأداء الشعائر التعبدية والتي تتحول بعد نهاية كل صلاة عشاء إلى عقد لقاءات مع المواطنين، وهي خطة يصفها مقربون من الوزير بأنها "حملة انتخابية سابقة لأوانها"
ويعقد أنصار الرباح، الذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي، اجتماعات في باحات مساجد المنطقة، تنتهي بولائم يحضرها الموالون لحزبه، وتتخللها مواعظ دينية يتم فيها تمرير خطاب سياسي للرباح، يبرز فيه دور الحزب والإنجازات التي حققها في المدينة، من أجل استمالة المواطنين.
هذا ولم تخل لقاءات الرباح من "انتقادات لاذعة من طرف سكان الأحياء الشعبية والمهمشة"
وتتعارض حملة الوزير مع نظام المساجد الذي وضع حدوده العاهل المغربي الملك محمد السادس في ظهير (مرسوم) متعلق بتنظيم مهام القيمين الدينيين يمنع جميع المشتغلين في الحقل الديني، من ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي، أو اتخاذ موقف يكتسي صيغة سياسية أو نقابية، أو القيام بأي عمل من شأنه وقف أو عرقلة أداء الشعائر الدينية.

على صعيد محاربة الإرهاب

في إطار محاربة الإرهاب وتوجيه ضربات استباقية له، فقد صرحت الشرطة المغربية اليوم الثلاثاء انها "في إطار العمليات الاستباقية لمواجهة التهديدات الإرهابية، تمكنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، على ضوء تحريات دقيقة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني" من تفكيك خلية إرهابية من ثلاثة أشخاص ينشطون شمال المملكة في "تجنيد المقاتلين للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، وتم اعتقال الثلاثة في مدينة الفنيدق، شمال المغرب، حيث أعلنوا ولاءهم لزعيم ما يسمى بـ"الدولة الاسلامية" بسوريا والعراق، حسب الوزارة.
وأوضح البيان أن "التحريات أظهرت أن المشتبه فيهم، الذين كانوا على صلة وثيقة بأعضاء خلية إرهابية" أخرى تم تفكيكها في أغسطس الماضي "كانوا يشيدون بالأعمال الإرهابية والوحشية التي يرتكبها مقاتلو التنظيم الإرهابي".
وتابع إن "أحد عناصر هذه الخلية الإرهابية قام بتجنيد وإرسال شقيقه للالتحاق" بتنظيم الدولة الإسلامية حيث "لقي حتفه أواخر 2014".وسيتم تقديمهم إلى "العدالة فور انتهاء البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة"، بحسب البيان.
وقد أصدرت محكمة استئناف مدينة سلا، قرب الرباط، في 27 الشهر الماضي احكاما تراوحت بين البراءة وخمس سنوات سجنا بحق 12 متهما في ملفات منفصلة في قضايا لها علاقة بتجنيد مغاربة للذهاب الى سوريا والعراق.
كما أعلنت كل من مدريد والرباط منتصف ديسمبر اعتقال اربع نساء احداهن قاصر وثلاثة رجال في برشلونة وجيبي سبتة ومليلية الاسبانيين وكذلك في مدينة الفنيدق شمال المغرب على مسافة كيلومترين من سبتة، واتهموا بالعمل في شبكة تجند نساء لإرسالهن إلى الجبهة في سوريا والعراق.
ولا تخفي السلطات المغربية قلقها من التحاق أكثر من الفي مغربي، بمن فيهم حملة جنسيتين، بالجماعات الجهادية وخصوصا تنظيم الدولة الاسلامية.
وفي هذا الإطار، أقرت الحكومة في سبتمبر الماضي مشروع قانون استكمالا لقانون مكافحة الإرهاب، وينص مشروع القانون على عقوبات لكل من "التحق أو حاول الالتحاق بشكل فردي أو جماعي، في إطار منظم أو غير منظم، بكيانات أو عصابات، أيا كان شكلها أو مكان وجودها، ولو كانت الأفعال لا تستهدف الإضرار بالمغرب وبمصالحه".
ننتهي مما تقدم إلى أن المغرب يعاني كباقي الدول العربية والإسلامية من وجود تلك الجماعات الإرهابية والماضوية فالإخوان المسلمون وكل الحركات الإسلامية (الأشاعرة الجُدد)، أقرب للعامة من التنويريين المنعزلين، والمتقوقعين داخل كتبهم، وندواتهم، ومواقعهم المحدودة على الإنترنت. في حين تغلغلت الأصولية الإسلامية في صفوف السواد الأعظم من الناس، من خلال كل الوسائل الإعلامية المتاحة. وهم يخاطبون الناس بكلام سهل وبسيط يفهمونه، على عكس معظم التنويريين (المعتزلة الجُدد) الذين يترفعون عن الكتابة في الصحافة اليومية (صلاة الصبح كما أطلق عليها هيجل)، والاشتراك في البرامج التلفزيونية- وهي الطريق السريع إلى العامة.

شارك